بانكسي فنان قدّم رسالته الفنية بطريقته الخاصة .. الفن الغرافيتي في أبهى حلة
كاتبة محتوى تقني ومنوع
ألقى بانكسي باللوحات الفنية والريشة خلفه ليتخذ من جدران الشوارع البالية لوحة له، فقد أصبحت ذات قيمة مليونية بعد أن كانت على حافة الانهيار ودليل قطعي الفقر الشديد في الأحياء، ولم يسعى للشهرة إطلاقًا! بل بقي متخفيًا تمامًا؛ إلا أن الشهرة لم تتركه وشأنه أبدًا حتى سلطت الأضواء عليه، وخطت نخبة كبيرة هذا الخطو للمضي قدمًا في نقل رسالةٍ ما إلى العالم بأبسط الطرق.
بانكسي فنان الشوارع
ذهول وانبهار أمام جدران بالية تحولّت إلى باهظة الثمن فقط بلمساتٍ من بانكسي، لم يعد الأخير يلقي بالًا لإرسال أي رسالة بالطرق التقليدية؛ بل وجه أنظاره لابتكار طرق جديدة ليخرج عن المألوف، بمجرد ما أنارت الفكرة في رأسه سرعان ما ينطلق لاقتناء الرذاذ والطلاء والتوجه إلى الجدار المعني بالفكرة والبدء فورًا بالرسم.
لم يبقى بانكسي مجهولًا كما أراد؛ فقد كانت الرسومات الغرافيتية على الجدران أنجح أسلوب على الإطلاق في لفت الانتباه إليه؛ فإن العيون باتت تترقب أكثر، لم يكن يستهدف فئة تشغف الفن أبدًا! بل كانت رسائله اجتماعية وثقافية تهم الشرائح جميعها، لم يطمح يومًا في الاندماج في أي معرض قط؛ بل كان تركيزه على المجتمع كما روبن هود.
بانكسي أيقونة في عالم الفن الغرافيتي من الجنسية البريطانية، تتضارب المعلومات حول ولادته في بريستول الإنجليزية عام 1974م؛ إلا أن المعلومات ليست مؤكدة نظرًا لندرة المصادر الغنية بالمعلومات حوله.
أشهر لوحات بانكسي
قدّم الفنان بانكسي كمًا زاخرًا من اللوحات المعبرة عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية وغيرها، إذ لم يترك بابًا لم يطرقه من خلال رسم اللوحات الجدارية، ولنقف سويًا على أشهر اللوحات وأفضلها التي لاقت رواجًا مذهلًا حول العالم:
لوحة تمزق نفسها - لوحة فتاة البالون
رسم الفنان بانكسي لوحة فتاة البالون باختياره الألوان المناسبة جدًا؛ وقد حظيت برواج واسع جدًا بين الجماهير حتى بيعت في المزاد العلني بمبلغ 1.4 مليون دولار أمريكي، ولكن سميت باللوحة التي مزقت نفسها؛ إذ انشطرت نصفين لحظة البيع بطريقة أثارت ذهول الحضور عام 2018م، ومع حلول عام 2021 عرضت للبيع مرة أخرى في مزاد علني حتى حققت سعرًا 14 مليون دولار أمريكي في دار مزادات سوثبيز.
تقترن هذه اللوحة ببث درجة عالية من التفاؤل والأمل في نفس الجمهور، حيث اعتبرت الأكثر شهرة وتفاؤلًا على الإطلاق منذ عام 2002م، وقد تعددت المطبوعات حول هذه الصورة بألوانٍ متفاوتة، وقد اتخذت لقب المطبوعة الأغلى سعرًا على الإطلاق في المزادات العلنية عبر الإنترنت.
اللوحة الجدارية PULP FICTION
استلهم الفنان الغرافيتي بانكسي لوحته الجدارية هذه من أحداث ومشاهد فيلم كوينتين تارانتينو الذي حطم الأرقام القياسية بالنجاح، إلا أن الفنان العظيم قد توجه إلى استبدال الأسلحة الظاهرة في المشهد بيدي ترافولتا وصامويل إل جاكسون بثمار الموز، فقد رسمها لأول مرة على جدارٍ موازٍ لمحطة مترو أنفاق أولد ستريد الموجودة في العاصمة البريطانية في لندن، وقد توجهت هيئة النقل في لندن إلى طلاء هذا الإنجاز الفني المذهل، وقد بيعت في المزادات العلنية بقيمة 160 ألف دولار أمريكي سنة 2020م.
لوحة بانكسي اضحك الآن Laugh Now
أبدع بانكسي الإيطالي بتقديم إبداع غرافيتي جديد حاملًا عنوان اضحك الآن، وقد وظف القرد هذه المرة في لوحته ليكون معبرًا عن التعبيرات الظاهرة على وجهه بأنه مستعبد، فقد ود الإشارة إلى الاضطهاد الذي يعاني منه الأشخاص في المجتمع؛ في اعتقادٍ عميق لديه وإيمان نابع بأنه سيكون هناك نهوض وثورة والتمرد على السلطة.
لوحة حب في الهواء LOVE IS IN THE AIR
من الرائع جدًا الوقوف على هذه اللوحة المذهلة التي حققت رواجًا ونجاحًا مذهلًا للغاية؛ فقد توجه بانكسي إلى رسم هذه اللوحة على الجدار القائم بين فلسطين وإسرائيل، فقد رسم رجل يرمي زهور عوضًا عن قنبلةٍ ما، علمًا بأن وجهه مغطى تمامًا غير معروف، ويستدل من هذه اللوحة المذهلة إلى الإشارة والرمز للحب والسلام وانتصاره على العدوان والصراع، وانطلاقًا من معناه وقيمته العميقة فقد شاعت طباعته على كفرات الهواتف والقمصان وغيرها الكثير.
لوحة Season’s Greeting
جاءت هذه اللوحة الجدارية لتنقل رسالة أخرى لمنطقة بورت تالبوت البريطانية الكائنة في ويلز، حيث يعكس بها المطالبة بالعيش في بيئة نقية خالية من الغبار الأسود والمنتجات الثانوية التي تنبعث من المصانع باعتبارها موطنًا لأضخم مصنع للصلب على مستوى البلاد؛ ما أربك الحالة التنفسية للسكان في المنطقة نتيجة اضطرابات ومشاكل؛ وذلك إثر ارتفاع مستوى الجسيمات إلى 9.68 ميكروغرام من الجسيمات/ متر مكعب، فقد جاءت هذه اللوحة لتطالب بضرورة الحصول على بيئة نقية وهواء خالٍ من التلوث.
تحديدًا مع اقتراب فترة العيد المجيد والاحتفالات برأس السنة، ليكون الاحتفال بأبهى حلة بالنسبة لهم.
لوحة العمل القسري Slave Labour
أشار بانكسي في هذا العمل الفني القدير إلى ظاهرة العمل القسري للأطفال في دولةٍ ما، وقد كشف عن حجم المساوئ والاضطهاد الذي يسلب براءة الطفل عند إجباره في الانخراط في سوق العمل، وقد رسم هذه اللوحة على إحدى جدران لندن عام 2011م.
حول فن بانكسي
من الرائع أن بانكسي قد خرج عن المألوف بجدارة؛ فقد تمكن من التعبير عن أفكاره وأفكار مجتمعه وعالمه بالرسم الجرافيتي، إذ حقق نجاحًا باهرًا في نقل رسالة عميقة خلف تفاصيل كل لوحة جدارية من اللوحات التي قدمها للعالم فوق أي جدار.
لم يترك رسالة سامية لم يتطرق لها؛ سواء الحب والسلام، التخلص من التلوث البيئي، القضاء على الظلم والاضطهاد، محاربة العمل القسري للأطفال وغيرها الكثير من الرسائل، لذلك فقد تمكنت حقًا من الاستحواذ على مكانة مرموقة في أعماق المزادات العلنية وتحقيق أعلى معدل من الأرباح المليونية من الدولارات.
ختامًا، فإن الأنظار تتجه دومًا نحو أفكار بانكسي ذلك الفنان المجهول للتعرف عليها، تحديدًا في محاولاته العميق بالوصول إلى رفع الأصوات المنخفضة وإيصالها إلى أعلى المناصب، ولم يقف الأمر عند هذا الحد أبدًا؛ بل ما زال يواصل خطواته نحو المزيد من الجدران لبث الرسائل السامية.
المراجع
عن الكاتب
إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع