الحاسة السادسة بوصلة قرارات الحدس، ما بين الإيمان والتكذيب

إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع
نشرت:
وقت القراءة: دقائق
الحاسة السادسة The Sixth Senseالحاسة السادسة The Sixth Sense

الساعة الواحدة بعد منتصف الليل الملل يسيطر على الأجواء، بعد تقليب لا متناهي على أزرار ريموت التلفزيون؛ استقرت الأمور أخيرًا على قناةٍ تبث فيلم أجنبي "الحاسة السادسة The Sixth Sense"، لم يكن مجرد أحداث مرعبة تمر مرور الكرام أمامي، لا أتحدث عن الرعب الدفين خلف الأحداث؛ لكن حقًا بدأت أسترجع ذكريات كنت أشعر بأمرٍ ما ثم يحدث فعلًا، إلا أنه لم يكن متواصلًا؛ بل بمحض الصدف أو قد تكون تهيؤات ربما! وقد قادتني الأفكار حتى بدأت أفقد التركيز بكل شيء وأركز على هذه الحاسة؛ وكأنني أحاول الإثبات لنفسي بأنني ذات حاسة سادسة، لكن الأمر بلغ حد القلق والإرهاق الفكري لدي.

الحاسة السادسة صوت داخلي يطلق صافرات الإنذار

الحاسة السادسة بوصلة قرارات الحدس، ما بين الإيمان والتكذيب

الكثير من العبارات تتردد في حياتنا "قد شعرت منذ البداية بوجود أمر غير صحيح" عند وقوع معضلة أو مواجهة موقف صعب، لكن قد يكون البعض يكذب والآخر قد شعر حقًا، لكن دون أدنى شك أن في أعماقنا صوت داخلي خفي ينادي ليلفت انتباهنا إلى أمر ما قد يقع؛ لو أجبت هذا النداء قد تتفادى الكثير من الأمور لا محالة، كما هو الحال مع تلك السيدة التي كانت تجوب أرجاء المتجر وتحادث شقيقتها بالهاتف دون الانتباه لما يدور حولها؛ فقد تمكن أحدهم من سرقة مبلغ من المال مدسوس في جيبها الخلفي؛ لولا وجود الآخرين لوقعت السرقة لا محالة.

في الواقع إن الخلل عند السيدة يكمن بتشتت انتباهها تمامًا وعدم التركيز؛ لولا ذلك حتمًا ستشعر بأن أمر جلل يدور خلفها أو على الأقل شخص ما على مقربة منها بطريقة غير سوية يستعد لسرقتها؛ إلا أنها لم تمنح نفسها الفرصة للتركيز بما يحيط بها؛ بل منحته للمحادثات والهاتف فقط؛ لذلك تنحت الحاسة السادسة جانبًا.

تطوير مهارة الحاسة السادسة

قد يسخر البعض من شأن تطوير مهارة الحاسة السادسة باعتباره أمر خارج عن الإرادة، ولكن قد ازدادت قناعتي بذلك بعد أن تعمقت في تفاصيل أدلى بها أحد أحد ضباط الشرطة في مكتب التحقيقات الفيدرالي ومتخصص الأمن جافي دي بيكر في كتابه "هدية الخوف"، إذ أكد على أنه منح عمرًا إضافيًا في كثير من المواقف التي كان به موته حتميًا لو أكمل خطاه نحو قرار قد اتخذه؛ إلا أن الصوت الداخلي الخفي "الحاسة السادسة" كانت أجدر بالسيطرة على الموقف، منها أن منعته حاسته السادسة من اجتياح مبنى منفردًا للجري خلف مطلوب خطير؛ فقد أشارت إليه بالتريث قليلًا لأوان الدخول الجماعي، وبالفعل كان موته على بعد خطوات فقط.

فقد اعترف بيكر بأنه مهارات الملاحظة لديه كانت متواضعة جدًا، إلا أن تركيز الانتباه وتعظيم المدخلات الحسية جعل لديه ردود فعل فورية للاستجابة لأي حدس داخلي والذي غالبًا ما يكون صحيح.

تطوير مهارة الحاسة السادسة ممكن لديك إذا قررت الملاحظة والانتباه للأحداث حولك، ليس فقط فيما يتعلق بالخير والشر، وإنما بالأحداث عامةً، فإنها فرصة مثالية لتحليل الإيماءات ولغة الجسد لمن حولك، وأيضًا اللغة اللفظية صراحةً، فإن الكثير من الخفايا تختبئ خلف الجمل والعبارات التي قد نعتقد أنها جملة عابرة، لو دققنا النظر بها سنعلم بأننا نتخطى أمر ما بمجرد التعامل بطريقة صحيحة.

العقل الباطن والحاسة السادسة

يمكنك الاعتماد على العقل الباطن وما يمليه عليك؛ فإنه وسيلة مساعدة فعالة في تعزيز قدرتك على استكشاف الأحداث وخفاياها، فإن بعض اللقطات البسيطة تكشف تفاصيلًا عميقة، بدلالة المعلومات التي تمكن بيكر من الوصول إليها بوجود مطلوب خطير "أليكس" وإقامته في منزل سيدة ما خلال الحديث معها وطرح تساؤلات عنه، فقد كانت حركة وضع يدها على أسفل رقبتها من الخلف كفيلة بإعلامه بأنها كاذبة وأنه حاليًا في الداخل، إلا أن حدسه أعلمه بألا يطلب تفتيش المنزل الآن باعتباره وحيدًا بينهما وأن مصيره معروف، لكن كان الحل الأمثل الانتظار والتخطيط جيدًا لاقتحام المنزل برفقة إمداد أمني للتمكن من المجرم والسيدة والإيقاع بهما دون خسائر بالأرواح على الأقل.

كما أن العقل الباطن هو الأداة الفعالة في منحك شعور بالراحة لأمر ما من عدمه، سواء على صعيد علاقة صداقة أو العمل أو أي أمر آخر في تفاصيل حياتك، وقد ازدادت وتيرة الاهتمام بهذا الأمر تدريجيًا مع تطور العالم؛ حيث أصبحت الحاسة السادسة أكثر أهمية من أي وقت مضى، وخاصةً مع ازدياد النمو السكاني الذي وضعنا في دوامة حياة نواجه بها مئات الأشخاص بشخصيات وصفات وأخلاق متفاوتة؛ لذلك دقة الملاحظة والاستماع للعقل الباطن أمر مطلوب للغاية، وسيزداد الطلب عليه أكثر عامًا تلو الآخر.

كيفية تعزيز كفاءة الحاسة السادسة

جميعنا نشغف في توقع ما يمكن حدوثه لنتمكن من تفاديه قبل وقوعه إذا كان سيئًا، لكن ذلك ليس مستحيلًا؛ بل إن الأمر يتطلب جلسة صفاء مع النفس وعقد صلح مع العقل الباطن والإيمان بالسلام الداخلي حتى تكون مطمئنًا أنك لن تخدع نفسك أو تبدد شعور أنك مجرد قلق أو متوتر.

في عدةِ مواقف واجهتها شعرت بأنني أبالغ في تقدير الأمور حتى بلغت مرحلة الوسوسة؛ فقد أصبحت أحلل أتفه الأمور لكن ليس بالطريقة المرجوة أبدًا؛ فقد بات حتى انقطاع التيار الكهربائي عن منزلي يولد لي القلق والتوتر القهري بأن شيء ما سيحدث؛ وقد تبين لي لاحقًا أن شركة الكهرباء تقوم بإصلاحات في خط الكهرباء بالحي الذي أقطنه، بهذه اللحظات شعر أن العقل الباطن قد جعلني أعيش في لحظات قلق هدرت من عمري دون سبب؛ ما أثار موجة انعدام بالثقة بهذا العقل، لذلك دأبت أبحث بعمقٍ عن طريقة لتعزيز الحاسة السادسة؛ ولم أجد أفضل مما يلي:

التأمل

عندما جلست مع نفسي وأطلقت العنان لها بالتأمل؛ فقد تحسنت قوة الملاحظة وتقدير الأمور أكثر من أي وقتٍ مضى، أيقنت حينها أنها وسيلة مذهلة في منح العقل الباطن حالة من السلام الداخلي والهدوء الذي تعطشت له حتى أخرج من إطار القلق القهري، ولكن ارتفعت وتيرة الحدس لدي بشكل جيد وبالطريقة المطلوبة.

تركيز النظر

قد يكون الأمر غريبًا نسبيًا؛ إلا أن تركيز النظر على شمعة مضيئة في عتمة الليل سيوقد الأفكار وتحسين من العقل الباطن ذلك الجزء الذي يحمل على عاتقه الأفكار والمعلومات الخارقة للعادة والتي لا يمكن للعقل الواعي أن يلم بها والمسؤول عن الحاسة السادسة، فإن فئة كبيرة من أصحاب هذه الحاسة قد أكدوا بأن إطالة النظر دون رمش يجعل الأمر أفضل.

الصداقة مع الطبيعة

انطلق نحو الطبيعة حولك وتأمل خلق الله سبحانه وتعالى؛ فإن الطبيعة خلابة جدًا تجعلك قادرًا على التركيز أكثر، والتفكير والتأمل بشكل عظيم، ليس من الضروري تكبد مبالغ طائلة؛ بل يمكنك الانتباه لما يحيط بك مثلًا الجلوس لحظات سطوع الشمس ومراقبتها، أو التركيز مع الطيور التي تملأ الأجواء أنغامًا رائعة.

ختامًا، الحاسة السادسة أو الحدس رغم اعتباره أمر فطري لدى البعض، لكن لا يستحيل اكتسابه لمن لا يملكه، فقد أثبتت العديد من التجارب والدراسات بأن الإنسان العادي قادر على التحول إلى خارق لاكتشاف الأحداث وخفاياها، لكن نود التنويه بأن الحاسة السادسة لا تمت للتنبؤ والعلم بالغيب بشيء؛ فإن كل ما تراه في الأفلام مجرد سيناريوهات مكتوبة فقط، وإنما الحاسة السادسة مجرد تقدير الأمور التي نمر بها في الوقت الراهن ومساعدتنا على اتخاذ القرار بناءًا على الصوت الداخلي بالمضي قدمًا أو التوقف مثلًا.

المراجع

When Should You Follow Your Sixth Sense?

What Is 6th Sense And How Can You Improve It For A Better Life

إيمان الحياري

إيمان الحياري

كاتبة محتوى تقني ومنوع

كاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ