كيف تعود لنفسك في عالم يسرق انتباهك ؟

صورة

نعيش اليوم في زمن يطلب منا السرعة في كل شي، سرعة النمو، سرعة الإنجاز، سرعة الرد، سرعة اتخاذ القرارات... حتى مشاعرنا أصبحت تستهلك بسرعة ومع هذا التسارع الهائل أصبح العيش بوعي ليس فقط أسلوب حياة جميل، بل أسلوب ضروري لنحافظ على سلامنا الداخلي ونظل متصلين بالحقيقة البسيطة وهي أن الإنسان وجد ليعيش لا ليلاحق كل شي بدون شعور.

  • العيش بوعي... كيف نرجع لحياتنا قبل أن تفوت؟

عندما نعيش بدون وعي نصبح أسرى للعادة، للتوقعات، للمقارنة، ولضغط اللحظة، نصحو كل يوم ونكرر نفس اليوم الذي قبله دون أن نسأل أنفسنا "هل طريقتي في عيش حياتي الآن تشبهني فعلاً" أم أنها فقط تسير بي تلقائياً؟

الوعي هو القدرة على التوقف لحظة والنظر للداخل قبل الخارج، هو أن أرى نفسي قبل أن أرى الآخرين، وأن أفهم ما الذي أحمله في قلبي الآن، وأن ألاحظ أفكاري قبل أن تنفجر في تصرف أو كلمة أو قرار لا يشبهني.

  • لماذا نفقد وعينا بالحياة؟

لأننا نستهلك حياتنا كردود فعل بدل أن نكون في موقف قيادة، نسمح للمواقف أن تحدد شعورنا، ونسمح للناس أن يحددوا قيمتنا، ونسمح للسرعة أن تخطف تركيزنا، فنستيقظ بعد فترة لنكتشف أننا كنا نعيش على أوتوماتيك وليس بوعي.

أحياناً يصبح العقل مثل صفحة مليئة بالضجيج ضغط اجتماعي، مسؤوليات، خوف من الفشل، قلق من المستقبل، ومقارنة مستمرة، وهنا يبدأ الإنسان يفقد ذاته لا يشعر بلحظاته، لا يستمتع بإنجازاته، ولا يشعر بطعم الراحة حتى لو وصلت إليه.

العودة ليست قرار فجائي ضخم، العودة تبدأ من أشياء صغيرة جداً، مثل:

  • أن اتوقف ثانيتين قبل الرد على أي رسالة أو نقاش.
  • أن ألاحظ تنفسي عندما اشعر بتوتر مفاجئ.
  • أن أسأل نفسي "هل أريد فعل هذا الشي لأني احبه أم لأني لا أريد أن أبدو أقل من الآخرين.

الوعي يبدأ من سؤال داخلي بسيط "هل هذا يشبهني"؟

ومع تكرار هذا السؤال يبدأ الإنسان يسترجع نفسه، يهدأ من الداخل ويرى الامور بوضوح أكثر.

تطبيقات صغيرة للوعي في يومك

  • اشرب قهوتك الصباحية بدون هاتف دقيقتين فقط.
  • اذهب للمشي بلا موسيقى ودعي عقلك يتحدث معك.
  • اكتب كل ليلة شعور واحد فقط مررتِ به من خلال اليوم ليس كل شي فقط شعور واحد.

هذه التفاصيل الصغيرة تغير مستوى حضور العقل وتجعلك تعيش اللحظة بدل أن تمر اللحظات فوقك بدون إحساس.

  • الوعي لا يعني المثالية

الوعي لا يعني أن لا نغضب أو لا نحزن أو لا نتوتر، الوعي يعني أن نفهم سبب شعورنا وأن نقول لأنفسنا أنا حزين لأن كلمته كانت قاسيه وأنا قلق لأن الموقف يذكرني بتجربة قديمة أو أنا متوتر لأنني أحمل نفسي أكثر مما أقدر عليه، هنا يبدأ التغيير الحقيقي وهو فهم الذات الذي يجعلنا أهدى، أقوى، وأوضح في التعامل مع الحياة.

وفي النهاية العيش بوعي هو أن نرجع لمركزنا الداخلي، وأن لا نسمح للسرعة أن تسحبنا من أنفسنا، وأن نعيش يومنا بصدق ونسمع صوتنا الداخلي ونحترم لحظاتنا الصغيرة، لأن الحياة ليست سباقاً، بل رحلة والرحلة لا تصبح أجمل عندما نركض أكثر، بل عندما نتوقف أحياناً لنرى ماذا يحدث حولنا وفي داخلنا.

"الوعي ليس فكرة... الوعي أسلوب حياة يُمارس"