يتناول هذا البحث العلاقة بين الانتخابات النيابية والأداء الاقتصادي في مصر، خلال الفترة من 2015 إلى 2025، في ضوء التحولات السياسية والتشريعية التي عرفتها الدولة. ينطلق البحث من فرضية مفادها أن الانتخابات البرلمانية تُحدث تأثيرًا غير مباشر على السياسات الاقتصادية، خاصة في مجالات الإنفاق العام، الاستقرار المالي، وبرامج الحماية الاجتماعية.
تُعد المجالس النيابية أحد الأعمدة الأساسية لأي نظام ديمقراطي، إذ لا يقتصر دورها على التشريع فحسب، بل تمتد مسؤولياتها لتشمل الرقابة على أداء الحكومة، والمشاركة في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية. في مصر، تمثل المجالس النيابية أداةً محورية في توجيه السياسات العامة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها الدولة.
يُعد موضوع العلاقة بين الانتخابات النيابية والسياسات الاقتصادية من المواضيع الحيوية التي تستحق الدراسة، لا سيما في الدول النامية التي تشهد تحولات في بنيتها التشريعية والاقتصادية. وفي هذا الإطار، تُعد مصر نموذجًا مميزًا، حيث شهدت خلال العقد الأخير تغيرات جوهرية في بنية المجالس النيابية وآليات اتخاذ القرار المالي.
يشهد الاقتصاد المصري تغيرات ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، بالتزامن مع انعقاد دورات انتخابية جديدة للمجالس النيابية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت تلك الاستحقاقات الانتخابية تُحدث أثرًا ملموسًا على السياسات الاقتصادية والاستثمارات وثقة الأسواق.
تنطلق هذه الدراسة من فرضية أن الانتخابات البرلمانية لا تُمثل فقط استحقاقًا سياسيًا، بل تُمثّل أيضًا محفزًا لتحولات اقتصادية، قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، تؤثر على حجم الإنفاق العام، وهيكل الدعم، وثقة المستثمرين، وغيرها من المؤشرات الكلية.
تُعد العلاقة بين العمل النيابي والأداء الاقتصادي أحد محاور الاهتمام المتزايد في أدبيات الاقتصاد السياسي، لا سيما في الدول التي تمر بمراحل انتقالية في نظمها التشريعية والتنموية، والتي تواجه تحديات في تحقيق التوازن بين المسار السياسي والاستقرار المالي[1]. وفي هذا السياق، تشكّل مصر نموذجًا فريدًا يستدعي الدراسة، خصوصًا مع تراكم التغيرات في البنية الاقتصادية منذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، إلى جانب انتظام العملية الانتخابية البرلمانية في دورتين 2020/2015، 2025/2020، ودور المجالس النيابية في إقرار السياسات الاقتصادية والتشريعات المالية.
يسعى هذا البحث إلى تحليل أثر الانتخابات النيابية على الوضع الاقتصادي في مصر، من خلال استعراض دور النواب في تشريع السياسات الاقتصادية ومناقشة تأثير التغيرات في التمثيل البرلماني على متغيرات مثل النمو، والاستثمار، والإنفاق العام. كما سيتم التطرق إلى طبيعة العلاقة بين التحولات السياسية والاستقرار الاقتصادي خلال الفترات الانتخابية..
التحليل التطبيقي للسياق المصري (2015 - 20
شهدت المجالس النيابية المصرية بعد ثورة 2011 حالة من الانقطاع والتغير البنيوي، واستُؤنفت الحياة النيابية بانتخابات 2015، ثم انتخابات 2020. وقد أُقرّت خلال هذه الدورتين عدة قوانين ذات طابع اقتصادي، جدول (1):
وقد تبنّت المجالس النيابية نهجًا داعمًا للإصلاحات الحكومية بالتنسيق مع برنامج صندوق النقد الدولي، مع قلة حالات المعارضة البرلمانية التي أثّرت فعليًا في الصياغة النهائية للتشريعات.
تحليل الانفاق العام خلال السنوات الانتخابية
تشير البيانات الرسمية إلى تذبذب الإنفاق الحكومي وفقًا للمواسم السياسية. ففي عام 2015، بلغ الإنفاق العام ذروته (213 مليار جنيه) في الربع الثاني من السنة، وهو الربع الذي سبق الانتخابات النيابية.
📚 المراجع
TRADING ECONOMICS | 20 million INDICATORS FROM 196 COUNTRIES
View more than 20 million economic indicators for 196 countries. Get free indicators, Historical Data, Charts, News and Forecasts for 196 countries.
تصفح المرجع ↗بينما سجّل عام 2024 تراجعًا نسبيًا، على الرغم من اقترابه من استحقاق انتخابي، ما قد يُشير إلى تغير في نمط الاستخدام السياسي للإنفاق العام تحت ضغوط مالية.
📚 المراجع
يُبرز ذلك إمكانية وجود ما يشبه "دورة اقتصادية سياسية" محلية الطابع، خاصة مع توسّع الحكومة في برامج الدعم الاجتماعي، مثل "تكافل وكرامة"، قبيل الانتخابات.
📚 المراجع
واستنتاج ذلك يُظهر النمط العام وجود علاقة محتملة بين الفترات الانتخابية وزيادة الإنفاق العام، خاصة في السنوات التي تلي تغييرات سياسية أو تشريعية كبيرة. ومع ذلك، فإن هذه العلاقة ليست خطية دائمًا، إذ تتأثر أيضًا بعوامل مثل التضخم، الدين العام، والسياسات النقدية.
- تأثير محدود، ولكن ملحوظ للانتخابات النيابية على السياسات الاقتصادية: يتجلى ذلك في تغير نمط الإنفاق العام وبرامج الحماية الاجتماعية خلال الفترات السابقة للانتخابات.
- ضعف التعددية الاقتصادية داخل المجالس النيابية: رغم وجود خبرات اقتصادية بين النواب، إلا أن التأثير الفعلي في رسم السياسة الاقتصادية يظل مركزًا في الجهاز التنفيذي.
- غياب الاستراتيجية الاتصالية الاقتصادية من المجالس النيابية تجاه المواطنين: حيث لا تُقدم المجالس النيابية سردًا واضحًا حول أهداف السياسات الاقتصادية وآليات تنفيذها مما يقلل من الشفافية والمساءلة.
- البيئة السياسية المستقرة تعزز ثقة المستثمرين: لكن ما زالت هناك حاجة لإصلاحات تشريعية وهيكلية تُعزز دور المجالس النيابية كمحفّز للنمو الاقتصادي.
التمثيل النيابي المتخصص وثقة المستثمرين فى التشريعات الاستثمارية
يُظهر تحليل الخلفيات المهنية للنواب ضعف تمثيل التخصصات الاقتصادية، إذ شكّل النواب من خلفيات مالية أو اقتصادية ما لا يزيد عن 13–15% من إجمالي عدد الأعضاء في دورتي 2015 و2020.
📚 المراجع
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء – تحليل الخلفيات المهنية لأعضاء مجلس النواب 2015-2020 - Bing
Med intelligent sökning från Bing hittar du snabbt och enkelt det du söker, och du får belöningar.
تصفح المرجع ↗كما سُجّل تركّز ملحوظ للتمثيل في دوائر ذات طابع إداري أو قانوني. وهذا التوزيع قد يؤثّر على قدرة المجالس النيابية على تبنّي رؤى اقتصادية متكاملة وطرح بدائل تشريعية مدروسة للسياسات الحكومية.
تُظهر إحصائيات الهيئة العامة للاستثمار تذبذبًا في معدل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في سنوات الانتخابات، مثل انخفاضه إلى 5.9 مليار دولار في 2020 مقارنة بـ 7.7 مليار في2018.
📚 المراجع
هيئة الاستثمار المصرية – التقرير السنوي (2020). - Bing
Med intelligent sökning från Bing hittar du snabbt och enkelt det du söker, och du får belöningar.
تصفح المرجع ↗لكن تأثير الانتخابات لا يُعد العامل الوحيد، إذ تتداخل معه عوامل اقتصادية أوسع، كتعويم العملة، وأثر جائحة كورونا. مع ذلك، تؤدي الانتخابات المستقرة إلى تعزيز ثقة المستثمرين إذا ما اقترنت ببيئة تشريعية واضحة وشفافة.
📚 المراجع
The
The recent political upheavals in the Middle East and North Africa region have exposed growing concerns about conflict risk, political stability, and reform prospects .
تصفح المرجع ↗نوعية التمثيل النيابي وأثرها فى جودة التشريعات الاقتصادية
بالرجوع إلى مضابط الجلسات البرلمانية، يُلاحظ أن أغلب القوانين ذات الطابع الاقتصادي أُقرت بالأغلبية الساحقة دون تعديل جوهري، ما يعكس محدودية الحوار التشريعي المؤسسي.
كما تم رصد قلة استخدام أدوات المساءلة الاقتصادية كالاستجوابات أو طلبات الإحاطة في المسائل المالية، مما قد يعكس ضعفًا في فاعلية الرقابة البرلمانية الاقتصادية.
تُشير الأدبيات الحديثة إلى أن تكوين المجالس النيابية -من حيث الخلفيات المهنية والتعليمية للنواب- يلعب دورًا رئيسيًا في توجيه نوعية التشريعات الاقتصادية ومدى استجابتها للتحديات التنموية. فوجود كتلة نيابية تضم اقتصاديين أو خبراء ماليين يمكن أن يُسهم في دفع إصلاحات فعّالة وواقعية، بينما يغلب على المجالس النيابية ذات التمثيل غير المتخصص الطابع السياسي أو الشعبوي عند التعامل مع الملفات الاقتصادية.
وفي حالة المجالس النيابية المصرية، تُظهر نتائج التحليل النوعي لتكوينه خلال دورتَي 2015 و2020 أن عدد النواب ذوي الخلفية الاقتصادية أو المالية بلغ ما يقارب 13%، مقارنةً بنسبة أعلى للنواب من خلفيات قانونية أو إدارية. وهذا التكوين قد يحد من عمق النقاش الاقتصادي داخل اللجان النوعية، ويؤثر على جودة التشريع الاقتصادي.
ومع ذلك، يلاحظ محدودية تأثير الكتل المعارضة أو المستقلة في صياغة سياسة اقتصادية بديلة، وهو ما يُثير تساؤلات حول مدى التعددية في صنع القرار داخل المجلس النيابي.
ورغم أن المجالس النيابية المصرية شهدت إقرار حزمة من التشريعات الاقتصادية المهمة، إلا أن دوره لا يزال محدودًا من حيث المبادرة، والتحليل المستقل، والرقابة الكاملة على الأداء المالي، وهو ما يتطلب إصلاحًا مؤسسيًا وهيكليًا. كما أظهرت النتائج وجود مظاهر محلية لظاهرة "الدورة الاقتصادية السياسية"، إلا أنها تتأثر أيضًا بمتغيرات اقتصادية خارجية مثل التضخم العالمي وسعر الصرف.