بقلم :أحمد ماهر العبد
جميع الحقوق محفوظة © 2025

في هذا العالم المتسارع، تصبح النفس هشّة تحت وقع الضغوط والتوقعات. ولكي تبقى النفس في حالة اتزان، عليك أن تتجنّب بعض السموم الهادئة التي تتسرّب إليك دون أن تشعر. إليك سبعة أشياء، إذا لم تنتبه لها، قد تنخر في قلبك وتهدم سلامك النفسي دون ضجيج.
مقارنة نفسك بالآخرين:
المقارنة تسرق منك فرحتك، وتجعلك تشعر دائمًا بأنك متأخر عن الركب. ما لا تدركه أن كل إنسان يسير في طريقه الخاص، يحمل تجاربه، ويدفع أثمانًا لا تراها بعينيك. حين تنظر لما لدى غيرك، تتجاهل ما فيك من نعم، وتُشعل نار النقص في داخلك. قارن نفسك فقط بذاتك القديمة، وكن ممتنًا لما أنت عليه الآن، مهما كان بسيطًا.
قل ما يؤلمك قبل أن ينفجر فيك:
الألم الذي لا يتم التعبير عنه لا يختفي، بل يختبئ في الزوايا، يتغذّى على صمتك ويخرج في أسوأ أوقاتك. تجاهل الحزن، الكتمان، وتبرير الأذى، يجعل النفس تنزف داخليًا. العلاج يبدأ بالاعتراف، بالكلمة، بالبكاء، وبالمواجهة. لا تخف من النظر إلى مرآة روحك، فكل جرح تمتلك الشجاعة للاعتراف به، يفتح لك بابًا جديدًا للشفاء.
العلاقات السامة:
ليست كل العَلاقات تستحق البقاء، ولا كل الناس يُسمح لهم بالبقاء قربك. هناك من يجعلك تشك في نفسك، من يطفئ نورك، ويُحملك ثقلًا ليس لك. الصحة النفسية تتنفس في بيئة آمنة، مليئة بالاحترام والمحبّة المتبادلة. لا تتردّد في الابتعاد، حتى لو كان الثمن هو الوحدة المؤقتة، فالوحدة أحيانًا أرحم من صحبة مؤذية.

المبالغة في إرضاء الآخرين:
العيش لإرضاء الجميع هو طريق مُرهق لا نهاية له. كلما قدّمت تنازلًا على حساب نفسك، كلما خسرت جزءًا من اتزانك الداخلي. لا بأس أن تقول "لا"، لا بأس أن تُحب نفسك أكثر. الحدود الصحية ليست أنانية، بل ضرورة لحياة متوازنة. إرضاء الآخرين على حساب ذاتك سيجعلك شخصًا غريبًا عن نفسك في النهاية.
جلد الذات المستمر:
كلنا نخطئ، كلنا نمرّ بلحظات ضعف، لكن المبالغة في تأنيب النفس تحوّلك إلى خصم شرس ضد ذاتك. ما حدث قد حدث، ودورك الآن أن تتعلم وتكمل، لا أن تجلد نفسك بلا رحمة. النفس مثل الطفل، تحتاج إلى الحب والتفهّم، لا العقاب. اغفر لنفسك كما تغفر للآخرين، فأن تكون إنسانًا لا يعني أن تكون كاملًا.
تجاهُل احتياجاتك النفسية:
الراحة ليست رفاهية، والحديث عن الألم ليس ضعفًا. التجاهل الطويل لمشاعرك واحتياجاتك النفسية يُحوّلك إلى قنبلة موقوتة. خُذ وقتك لتفهم ما يُتعبك، ما يُفرحك، ما يُقلقك. امنح نفسك لحظات من العزلة، التأمل، التعبير . كل لحظة تهتم فيها بنفسك، تُعيد ترميم جزء مكسور منك.
واخيرا، العيش في الماضي و القلق من المستقبل
التعلّق بما فات أو الخوف مما لم يأتِ بعد، يُسرق منك لحظة الحاضر الثمينة. الماضي وُجد ليُفهم ويُغفر، لا ليُسجن فيه، والمستقبل لا يزال تحت رحمة أفعالك اليوم. النفس تهدأ حين تركّز على اللحظة الحالية، على شمس اليوم لأن شمس الأمس قد غابت والشمس الغد لم تأتي بعد. لا تُفرّط في لحظة الآن، فهي الوحيدة التي تملكها حقًا.
خاتمة
الصحة النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة لنعيش حياة فيها نبض وصدق واتزان. تذكّر دائمًا أنك تستحق السلام، والطمأنينة، والحياة التي لا تحتاج فيها أن تتصنّع لتكون مقبولًا. كُن لطيفًا مع نفسك، فالعالم قاسٍ بما فيه الكفاية.
واختم كلامي ببيت الشعر
رويدك فالنفسُ إن ضاقتْ ستطفو،، فلا تُغرقْها في الناسِ إرضاءً وتفريطا
هذا البيت يذكّر بلطف النفس ويدعو إلى عدم إغراقها في هموم الخارج أو في محاولة إرضاء الآخرين على حساب الذات، وإلي مقال جديد إن شاء الله.
أحمد ماهر العبد...،

احمد ماهر العبد
كاتبكاتب مستقل متخصص في كتابة المقالات الأدبية والفلسفية التي تجمع بين العمق الفكري والبلاغة الأدبية. يتميز أسلوبه بالسلاسة والقدرة على إيصال المفاهيم المعقدة بشكل يسير وسهل الفهم. يكتب في مواضيع متنوعة تشمل التأملات الفلسفية، قضايا الوعي والمعرفة، وكذلك الأدب الكلاسيكي والمقارن، ويعتمد في مقالاته على رؤية نقدية للأفكار الإنسانية من منظور معاصر. تستند كتاباته إلى فلسفة البحث الدائم عن الحقيقة، مع التركيز على تقديم تحليلات نفسية وفكرية معمقة، تتناول قضايا الحياة والمجتمع من زاوية فلسفية ذات طابع إنساني. كما يولي اهتمامًا خاصًا بمجالات التكنولوجيا والتسويق الرقمي، حيث يقدم محتوى احترافيًا يمزج بين التفكير التحليلي والأسلوب الإبداعي، بهدف تبسيط المفاهيم التقنية وفتح آفاق جديدة للوعي الرقمي لدى القارئ العربي. يسعى من خلال مقالاته إلى تقديم نصوص تحفّز القارئ على التفكير، مما يساهم في إثراء الفكر العربي المعاصر بأسلوب بعيد عن التعقيد ويستهدف الوصول إلى أكبر شريحة من القراء.