الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المؤسسات حاضرًا ومستقبلًا

إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع
نشرت:
وقت القراءة: دقائق
الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المؤسسات حاضرًا ومستقبلًا

مرّت أعوام على السؤال المطروح على نخبة النخبة من رائدي الأعمال في الولايات المتحدة حول الذكاء الاصطناعي، فقد هطل وابل من التساؤلات حول ماهية هذه التقنية عام 2017م على مسامع 1500 رائد أعمال، إلا أن الإجابات كانت متفاوتة جدًا حول الفهم الأكيد لهذا الشيء ومستقبله وتأثيره على المؤسسات القائمة لديهم، فإن النسبة التي أعربت عن معرفتها بالأمر لم تتخطى 17% فقط! والآن اتخذ الأمر نقلة أو قفزة نوعية بشكل أصح حتى بات واضح المعالم للجميع، بل بدأ ماراثون التسلّح بالذكاء الاصطناعي لمواكبة آخر التطورات الطارئة على الساحة التقنية، ما استحق الأمر فعلًا في معرفة تأثيره على أداء ونجاح الشركات وما تواجهه من تحديات أيضًا.

الذكاء الاصطناعي في سطور

الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المؤسسات حاضرًا ومستقبلًا

الذكاء الاصطناعي artificial intelligence مصطلح ازدادت وتيرة تردده في الآونة الأخيرة؛ وذلك نتيجة الاندماج الحقيقي في الحياة العملية بعمق، فقد جاءت هذه التقنية الحديثة لتكون عنصرًا فعالًا ومؤثرًا في مختلف المجالات من خلال تذليل الصعوبات أمام عملية صنع القرار واتخاذه؛ والتي ترتكز بذلك أساسًا على إخضاع البيانات والمعلومات المتوفرة حول الشأن للتحليل والدراسة؛ بالتالي الخروج بتفاصيل دقيقة تسهل اتخاذ القرار الأنسب بين مجموعة القرارات المتوفرة.

وانطلاقًا من الدور العظيم الذي ساهم به الذكاء الاصطناعي؛ فقد توسع نطاق تطبيقه أيضًا على النطاقات الحكومية مثل الأمن القومي، الرعاية الصحية، في المحاكم ووزارة العدل وغيرها الكثير؛ حتى بلغ الشأن إلى قيام مدن متكاملة ترتكز بكامل وجودها على بنية تحتية ذكية تحت مسمى المدن الذكية Smart Cities.

ويجدر التنويه إلى أن الذكاء الاصطناعي مصطلح حديث النشأة يشار به إلى مجموعة من الآلات والتقنيات التي تمكن الذكاء البشري من تحفيزها بطريقته الخاصة حتى تكون قادرة على التفكير والتجاوب والمحاكاة للأنماط المعرفية التي يتكون منها الدماغ البشري.


اقرأ ايضا

    دور الذكاء الاصطناعي في تطور أداء المؤسسات

    الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المؤسسات حاضرًا ومستقبلًا

    خرج الذكاء الاصطناعي من كونه خيال علمي تتحدث عنه الأفلام والبرامج الثقافية التي جلسنا أمام التلفاز لمشاهدتها عن كثب قبل سنوات، ولم تعد الأمر مستحيل إطلاقًا؛ بل المستحيل غيابها عن مجالات الحياة في الوقت الراهن، لذلك حتمًا نلاحظ الدور الذي أداه الذكاء الاصطناعي بجدارة في تطور أداء المؤسسات والشركات القائمة في مختلف المجتمعات.

    أتمتة الأعمال

    ساهم الذكاء الاصطناعي في أتمتة المهام الموكولة إلى الموظفين وتحديدًا الروتينية، ما جعل الإنجاز أكثر سهولة وتوفيرًا للوقت، من الرائع أن توجهات الموظفين نحو الإنجاز الإبداعي والاهتمام به قد ارتفعت وتيرته بشكل ملحوظ؛ ما جعل الإنتاجية أفضل أكثر من أي وقتٍ مضى.

    لم يقتصر دور أتمتة الأعمال على ما تقدم فحسب؛ بل أن الرضا الوظيفي أصبح شائعًا، وقد جاء ذلك بعد مضي عهد من الزمن يشعر به الموظف بالاضطهاد في الكثير من المؤسسات، ليس ذلك فحسب؛ بل رصد الارتفاع بالانتاج بكفاءة عالية، وقلة الأخطاء وغيرها الكثير من الجوانب الإيجابية التي عادت بالنفع على أداء المؤسسات ما جعلها تزدهر أكثر.

    تسهيل عملية اتخاذ القرار

    اتخاذ القرارات decision-making عملية أساسية في مخطط سير عمليات المنشآت والشركات؛ إذ تظهر الحاجة لضرورة اتخاذ قرار ما بشأن خطوة تنوي المنشأة المضي بها قدمًا، ولذلك تتزامن الحاجة أيضًا إلى ضرورة وضع كل ما يتوفر من معلومات وبيانات ذات علاقة تحت التحليل والتدقيق اعتمادًا على جملة من الخوارزميات التي تمارس الذكاء الاصطناعي.

    وفي هذه الحالة فإن هذا النوع من الذكاء لديه قدرة خارقة في التعامل مع كمية ضخمة من البيانات بأقل وقت ممكن؛ بالتالي إنجاز المهام واتخاذ القرار بوقت قصير، بذلك فإن القرار يكون مبنيًا على الأدلة بالدرجة الأولى عوضًا عن الطريقة التقليدية التي تعتمد على الحدس أحيانًا.

    رفع مستوى الكفاءة والجودة وانخفاض التكاليف

    يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا فعالًا في تقوية نقاط الضعف في المنشآت بسرعة فائقة؛ إذ ذكرنا آنفًا أنه يحلل البيانات والمعلومات ويستخرج مواطن الضعف، بالتالي اتخاذ القرار في تعزيز موضع ما وتقويته ليكون أكثر كفاءة وجودة في الإنتاج، ما يعود بجزيل المنفعة على المؤسسة.

    هذا ويترتب على توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير أداء المؤسسة انخفاض التكاليف؛ وذلك لاكتشافه نقاط الضعف قبل مواجهة أي مشاكل مستقبلًا، ما يجعل التعامل والتنبؤ بالأخطاء ممكنًا، بالتالي تفادي الأخطاء.

    الذكاء الاصطناعي ونمو الأعمال

    لم يعد الابتكار والنمو السريع أمر مستحيل إطلاقًا! فقد تمكن الذكاء الاصطناعي من أخذ الشركات في رحلة على بساط الريح نحو تحفيز الابتكار وتشجيعه، والسرعة في تطوير المنتجات من خلال تبسيط العمليات وتسهيلها، ويجدر التنويه أنه يترك أثرًا في كل مرحلة وما يليها؛ فإن أتمتة المهام يوفر فرصة لرفع مستوى الكفاءة والجودة، ثم الانطلاق نحو الوصول السريع إلى الأسواق وطرح المنتجات؛ بالتالي نجاح وبيع وربح أعظم.

    دوافع التعامل مع الذكاء الاصطناعي وتوظيفه

    الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المؤسسات حاضرًا ومستقبلًا

    الكثير من الأسباب والدوافع التي تشجع الشركات على التعامل مع الذكاء الاصطناعي ودمجه في أعمالها، ونقف سويًا على الأهم بينها:

    التقليل من الأخطاء البشرية

    في الحقيقة لا بد من الواقعية أولًا أن البرمجة الدقيقة والصحيحة لخوارزميات الذكاء الاصطناعي هي السبب في الحيلولة دون الوقوع بالأخطاء عند اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام، فإن ذلك يساعد على استقطاب المعلومات والبيانات ذات العلاقة، ثم الشروع في مرحلة التحليل والخروج بالقرار الصائب بدقة متناهية.

    يمكن الإشارة إلى ضرورة التقليل من الخطأ البشري في مجال الطب وتحديدًا العمليات الجراحية؛ فإن الروبوت يكون أكثر دقة خلال تنفيذ العملية تبعًا للخوارزميات والأوامر البرمجية التي تم تزويده به دون زيادة أو نقصان.

    تضييق نطاق المخاطر

    تبذل المؤسسات قصارى جهودها إلى جعل المخاطر صفرًا عند استخدامها الذكاء الاصطناعي، وذلك للدقة المتناهية التي يمارسها في حل المشاكل، مثل تفكيك قنبلة مثلًا أو نزع الفتيل الخاص بها؛ فإن الأمر لا يستحمل الخطأ أبدًا نظرًا لخطورة الأمر؛ إذ قد يصل إلى تسجيل وفيات ودمار مادي وبشري، انطلاقًا من ذلك تحتاج الكثير من المواقف أن تكون نسبة الخطورة صفر.

    خدمة العملاء الذكية

    انتشرت في الآونة الأخيرة الدردشة المباشرة وخدمة العملاء اعتمادًا على تعيين روبوتات ذكية، وذلك لضمان الوفرة والتواجد 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، كما أن الروبوت الذكي يكون أكثر قدرة على توفير المعلومات نظرًا لاعتماده على مصادر بيانات ضخمة يستحضر منها المعلومة ويضعها بين يدي السائل.

    القضاء على الروتين

    تمكّن الذكاء الاصطناعي من التخلص من الروتين وتكرار المهام إجمالًا، ما جعل المؤسسات أكثر إقبالًا عليه مقارنةً مع الوقت الماضي، ويذكر بأن هذه النقطة يمكن إسنادها أيضًا إلى أتمتة المهام والخدمات.

    تحديات لا يمكن التغاضي عنها في الذكاء الاصطناعي

    لم يكن الذكاء الاصطناعي ذو طابع وأثر إيجابي دومًا، لذلك فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الضجر والتحديات والعوائق التي تقف عائقًا أمام اندماج المؤسسات به وتوظيفه، ولذلك نمضي سويًا نحو التعرف على بعض التحديات التي لا يمكن إلا تسليط الضوء عليها:

    تفشي البطالة

    من المؤسف أن اندماج الذكاء الاصطناعي في الأعمال والمؤسسات قد تسبب في تفشي البطالة؛ نظرًا لتوجهها إلى الاستغناء عن بعض الأيدي العاملة واستبدالها بآلالات روبوتات ذكية، من أبرز الأمثلة الحية على ذلك خدمة العملاء التي أصبحت الروبوتات موظفًا أساسيًا فيها.

    تكاليف باهظة

    رغم النتائج الإيجابية التي يحققها انخراط الذكاء الاصطناعي بالمؤسسات؛ إلا أنها في الواقع ذات تكلفة باهظة جدًا، إذ يتطلب الأمر تكاليف عالية لتوفير الموارد اللازمة والآلات المطلوبة، إضافةً إلى مواكبة آخر التطورات والتحديثات الطارئة على المجال وهذه الآلات.

    غياب الإبداع

    تتجه الآليات والروبوتات إلى إنجاز المهام الموكولة إليها حسب البرمجيات والخوارزميات المدخلة مسبقًا، ما يؤكد عجزها عن توسيع نطاق الابتكار والإتيان بكل ما هو جديد؛ أي أن التفكير محصور داخل الصندوق فقط، ويقتصر إنجازه على ما تولد لديه من خبرات سابقة فقط، أما الابتكار والإبداع فإنه غائب تمامًا.

    غياب العاطفة

    من المؤسف أن عنصر العمل بروح الفريق أمر غائب تمامًا عن تقنيات وربوتات الذكاء الاصطناعي، وذلك باعتبارها مجرد آلات تنبض بالأوامر البرمجية فقط تخلو من أي عاطفة، رغم التفوق في الإنجاز والأداء إلا أن غياب هذا العنصر مشكلة وتحدٍ بحد ذاته.

    مصطلحات الذكاء الاصطناعي لا غنى عنها

    يعد الذكاء الاصطناعي علم قائم بحد ذاته، ويرتبط به الكثير من المصطلحات والمفردات التي لا يمكن الاستغناء عنها في المسيرة العملية، ومن أهم مصطلحات الذكاء الاصطناعي:

    الذكاء الاصطناعي العام General AI

    من الأنواع أو المصطلحات الواجب الإيمان بها هو الذكاء الاصطناعي العام؛ والذي يعتبر قويًا بحد ذاته قادرًا على استيعاب الآلة واللغات المرتبطة بها بجدارة حتى يصار إلى تنفيذ المهام؛ ومن الجميل أن الخبرة المتراكمة هي الركيزة الأساسية في هذا السياق.

    تكثر الأقوال حول مضاهاة الذكاء الاصطناعي العام للذكاء البشري إجمالًا، وهناك توقعات ببلوغه مستوى التفكير كما في العقل البشري.

    الذكاء الاصطناعي الضيق Narrow AI

    رغم تسميته أيضًا باسم الذكاء الاصطناعي الضعيف؛ إلا أنه لا يقصد به سوءًا، بل اقتصار دوره على تنفيذ مجموعة من المهام وُجد لتنفيذها فقط، من أكثر الأمثلة شيوعًا حولنا أنظمة التعرف على الصور، وأيضًا المساعد الصوتي أليكسا، حيث وجدت هذه التقنيات لتنفيذ مهام محددة لا يمكن توسعها دون تدخل برمجي.

    الذكاء الاصطناعي الفائق Super AI

    من حسن حظ المؤسسات والأعمال وجود هذا النوع من الذكاء الاصطناعي؛ فإنه فتاك وهائل من حيث القدرة على الإنجاز والتنفيذ وإنهاء الأعمال، وأيضًا قد تصل الأمور لاعتباره مضاهٍ فعال للذكاء البشري؛ فأنت هنا أمام ذكاء اصطناعي فائق نظرًا لقدرته على التعلم والتطوّر دومًا، ويتجلى دوره بالدرجة الأولى في مجال الطب والتكنولوجيا.

    التعلم العميق Deep Learning

    مصطلح يقترن بالذكاء الاصطناعي يُعتمد عليه في معالجة البيانات وترجيحها للوصول إلى النتيجة المثلى، إذ يتضمن بنية شبكية عصبية تكنولوجية قادرة على محاكاة العقل البشري وتركيبته؛ ما يفتح الافق للتعلم.

    ختامًا، فإن الذكاء الاصطناعي رفيقٌ وفي في المستقبل لا بد من وجوده عند التوجه إلى تطوير الأداء والمهام، ولا بد من مواكبة آخر التطورات الطارئة أيضًا على التقنيات الحديثة لتحقيق فائدة مرجوة قدر الإمكان، الذكاء الاصطناعي عالمٌ أكثر من اعتباره علم بحد ذاته؛ نتعلم به يومًا تلو الآخر كل ما هو جديد.

    المراجع

    1. Impact of Artificial Intelligence on Business

    2. What Is Artificial Intelligence?

    3. Artificial Intelligence: What It Is and How It Is Used

    4. What is AI? Everything to know about artificial intelligence

    إيمان الحياري

    إيمان الحياري

    كاتبة محتوى تقني ومنوع

    كاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ