التنمر المدرسي: تعريفه، أسبابه، وطرق علاجه
كاتبة محتوى تقني ومنوع
كثيرًا ما كانت أيام الدراسة مليئة بتفاصيل سعيدة وأخرى حزينة، البعض منا تعرض للاستهزاء أحيانًا حتى تحطمت مشاعرنا وجهشنا بالبكاء، لكن قد تمضي ونعاود الوقوف كأن شيئًا لم يحصل، لكن في بعض الأحيان كان بعض زملاؤنا يمرون بظروف نفسية صعبة نتيجة الاستهزاء بهم سواء على الشكل أو التصرف أو أيٍ كان، مع مرور الوقت ازداد الموضوع حدة حتى عُرف عالميًا باسم ظاهرة التنمر المدرسي المقيتة.
أذكر يومًا عندما واجهت زميلتنا تنمرًا واستهزاء وضحك هستيري من الطلبة عندما تلت المعلمة الدرجات لامتحانِ مادةٍ ما، تحديدًا أنها كانت الدرجة الأقل على مستوى الصف كاملًا، ولم يكن للأمر أثر سوى التدهور والوصول لمراحل أسوأ حتى بلغ بها الأمر التغيب معظم الأيام، وأخيرًا ترك مقاعد الدراسة والانتقال إلى مدرسةٍ أخرى لعلها تنسى تلك الضحكات المتعالية استهزاء بها.
نعم لم تكن تلك الطالبة الوحيدة في هذا العالم كما تعتقد هي تواجه ذلك، بل هناك ملايين الطلبة على مقاعدهم يكنون مشاعر الكراهية للمدارس والزملاء نتيجة التنمر المدرسي الذي يواجهونه، وهذا ما سنقف عليه في سطورنا التالية حول المفهوم، الأسباب، طرق العلاج والنتائج المترتبة على ذلك.
مفهوم التنمر المدرسي Bullying in Schools
خرج مصطلح التنمر المدرسي Bullying in Schools من كونه سلوك عدواني ليصبح ظاهرة مقيتة تتفشى بين أسوار المدارس بطريقة مخيفة، ويقصد به أي سلوك عدواني سواء باللفظ أو اليد أو الإيماءات أو أي لغة جسدية تشير إلى الاستهزاء والسخرية من التلاميذ الآخرين، وتترك لديهم ندبة نفسية سيئة في أعماقهم.
إذ يعتبر التنمر بالمجمل بأنه سلوك مرفوض قطعًا يترتب عليه نتائج سلبية وخلل حقيقي من المرة الأولى، وتحت هذا البند يقصد بمن يتأذى أكثر الشخص المتعرض للتنمر (المتنمر عليه)، لكن لا يخلو الأمر من وجود خلل خفي لدى المتنمر أساسًا؛ ما يترتب عليه مشاكل دائمة لدى الطرفين.
إذ يتجه المُتنمّر إلى استخدامه قواه العدوانية لتحقيق اختلال التوازن لدى الطرف الآخر سواء بالوصول إلى معلومات وتفاصيل محرجة أو الاعتماد على القوة البدنية لإلحاق الأذى والضرر بهم، كما أن تكرار السلوك بالتنمر على الشخص ذاته يعتبر مصيبة بحد ذاتها، وفي الحقيقة قد يكون التنمر تهديدات أو شائعات أو التهجم على الآخر قصدًا لفظًا وجسديًا وغيرها من الطرق.
اقرأ أيضًا: التنمر الإلكتروني: ظاهرة العصر الرقمي
أنواع التنمر المدرسي
تتخذ ظاهرة التنمر المدرسي العديد من الأشكال والمشاهد التي يمكن ملاحظتها بين زحام الطلاب، وتتمثل على النحو الآتي:
- التنمر اللفظي Verbal bullying: يعتبر التنمر لفظيًا عند الإلقاء بكلماتٍ مسيئة للآخر صراحةً منها محاولات الاستفزاز أو الإغاظة والسخرية، وإطلاق الألقاب والتنابز بها.
- التنمر الاجتماعي Social bullying: يتمثل هذا النوع بدعوة الآخرين لقطع علاقتهم بطالبٍ ما بعد نشر الشائعات عنه وتشويه سمعته، إضافةً إلى إحراجه بطريقة مؤذية أمام الجميع دون الاكتراث للأثر النفسي لذلك.
- التنمر البدني Physical bullying، الكثير من التصرفات المدرجة تحت هذا البند منها البصق، الضرب، تدمير أشياء الطرف الآخر، الدفع، الركل، الإيماءات الجسدية، قد تصل إلى الإيحاءات الجنسية.
اقرأ أيضًا: عن وسائل التواصل الاجتماعي
أسباب التنمر المدرسي
كشق المركز الوطني للإحصاءات التعليمية عن تفشي ظاهرة التنمر المدرسي في المدارس الأمريكية؛ حيث تصل نسبة تعرض الطلبة الأمريكيين من الأصول الأفريقية إلى أكثر من 25% للتنمر المدرسي عام 2016م، علمًا بأن النسب تتفاوت في ذلك بين الطلاب القوقازيين والآسيويين وتعتبر أقل إجمالًا، ومن أهم الأسباب والدوافع الكامنة خلف التنمر المدرسي:
- غياب احترام الذات، حيث يتجه الطالب المتنمر ممن يعاني من عدم احترامه لذاته إلى تعويض ذلك بإيذاء الآخرين والتعرض لهم، وذلك لتعزيز الثقة بنفسه اعتقادًا منه أنه أكثر قوة واكتمالًا بهذا.
- الثقة بالنفس المبالغ بها، في هذا البند يصل الأمر إلى حد التكبر والأنانية المزعجة، ما يجعله عديم الشفقة والتعاطف مع الآخرين؛ ويتجه فورًا إلى التهديد والتعامل بفوقية مع الآخرين.
- الحاجة للفت الأنظار وجرعة مضاعفة من الاهتمام، قد يتجه البعض من المتنمريّن إلى التنمر وإيذاء الآخرين بأي طريقة كانت من خلال إهانة الآخرين والتقليل من قيمتهم بطريقة مضحكة باعتقادهم الأمر طريف، ما يجعل الطلاب يتجمهرون حولهم أحيانًا فرحًا بالتنمر وأحيانًا خوفًا من توجيه التنمر لهم أيضًا، وعادةً ما يكون هذا النوع نتاج التفكك الأسري.
- محاولة إخفاء الضعف والانكسار من قِبل الطالب المُتنمر.
تأثير التنمر المدرسي
يترك التنمر المدرسي أثرًا عميقًا بل يمكن وصفه جرحًا عميقًا في النفوس، لذلك لا بد من الوقوف على الأثر السلبي الذي يتركه التنمر المدرسي بين صفوف الطلبة:
- كراهية الطالب للذهاب إلى المدرسة.
- تراجع القدرات التعليمية لدى الطالب.
- الدخول بحالةٍ من اضطراب القلق في مرحلة الطفولة.
- حالة من الاكتئاب في سن البلوغ والمراهقة.
- الانطوائية والرهاب الاجتماعي.
- الأعراض والعلامات الجسدية منها الأرق، فقدان الوزن، ألم في المعدة.
- محاولة الابتعاد وتجنب التواجد في أماكن تجمهر الطلاب.
ختامًا، فإن التنمر المدرسي مشكلة وظاهرة تتفشى أكثر في حال عدم اتخاذ الإجراء اللازم والتعامل معها بكل احترافية وذكاء، فإن هذا النوع يدمر نفوس أبنائنا الطلبة ويعزز لديهم الشعور بضرورة مغادرة مقاعد الدراسة، ما يضاعف الأثر السلبي على المجتمع ككّل، لذلك لنوقف التنمر منذ اللحظة الأولى.
المراجع
عن الكاتب
إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع