نحاول فى هذا المقال التأمل فى حياتنا اليوم، كيف أصبحنا؟ بماذا نشعر؟ هل بالفعل أصبحنا مجر آلات منتجة نبحث عن جني المال فقط وننسى أن نعيش تلك الحياة؟ ، دعونا نفكر معاً فى حقيقة الأمر حتى نصل لحلول ممكنة تساعدنا لعيش حياة أفضل.

أولاً: طبيعة حياتنا اليوم:
نواجه اليوم العديد من الضغوط الحياتية والمطالب المستمرة على مستوى الفرد والأسرة ، مما يزيد من الأعبار والمسئوليات المتعددة بالإضافة إلى أحلامنا الدائمة بتحقيق الثراء والسعي الدائم لزيادة الربح المالي لتوفير حياة أكثر رفاهية واستقرار وثراء، مما جعلنا دائماً نبحث عن العمل ونحاول القيام بالعديد من الاعمال المختلفة وفق تخصصاتنا ومؤهلاتنا العلمية والمهارات المختلفة لكل فرد، وبالطبع كان للتقدم التكنولوجي الهائل الذي نشهده اليوم دوراً بارزاً فى توفر فرص العمل المختلفة إلكترونياً ، والذي أتاح للفرد القدرة على القيام بأكثر من عمل فى اليوم ، ومحاولة شغل أوقات فراغه بالعمل ، وتعلم الكثير من المهارات للحصول على فرص عمل تحقق لنا الثراء الذي نحلم به

وكل ما سبق هو بالطبع سنة الحياة والطبيعة البشرية الباحثة عن كسب المال لتحقيق الرفاه الاجتماعي ولكن بالرغم من الفوائد المتعددة للعمل الدائم والمستمر والكامنة فى توفير المال والترقي الوظيفي وإثبات الذات وتحقيق الآمال والطموحات، إلا أن هناك العديد من السلبيات التي يمكن أن تلحق بالفرد والأسرة بسبب كثرة العمل اليومية والدائم والمستمر بهذا الشكل
ثانياً: أصبحنا مجرد آلات منتجة:
فمن منّا فى نهاية يومه وبعد عناء طويل من العمل والإرهاق الناتج عن بذل المجهود الذهني والبدني لم يشعر أنه قد أصبح آلة تعمل لتنتج أموالاً فقط، وتمضي الأيام يوماً بعد يوم دون ترفيه عن الذات وبدون أن يشعر الفرد أنه لايزال على قيد الحياة وأن هناك أشياء أخرى كثيرة يمكنه القيام بها غير العمل مثل التنزه، الخروج مع الأصدقاء ، الاهتمام بالشئون الأسرية، قضاء وقت ترفيهي مع الأسرة والشعور بالدفء العائلي ، حتى أبسط الأشياء ان يجلس الفرد بمفرده مستمعاً إلى ذاته، فحرمان الفرد من أي مما سبق يجعله يعاني من الشعور بالظلم فى هذه الحياة و أنه لا يستطيع أن يعيش حياته مستمتعاً بها وان العمر يمر دون فائدة سوى جني المال فقط، فقد يتسبب هذا الشعور فى كراهية العمل ذاته لأنه لم يعد لديه طاقة تتحمل هذا الكم من الضغوط الحياتية

وهذا لا يعني أننا نركز على الترفيه ونترك العمل أو العكس، ولكن يجب علينا محاولة التوازن بين الجانبين وذلك عن طريق محاولة تنظيم الوقت على مدار اليوم، فمعظم الأفراد ينشغلون بالقيام بمهامهم اليومية دون تنظيم مما يفقدهم القدرة على القيام بالعديد من الأشياء ويشعرهم بضيق الوقت وعدم توفر الوقت الكافي للقيام بالكثير من المهام التي يرغبون فى انجازها
ثالثاُ: مقترحات لحل المشكلة:
إليك عزيزي القارىء بعض المقترحات لحل تلك المشكلة:
- تنظيم ساعات اليوم فى "نوت بوك" خاص بك وتقسيم اليوم بين العمل و الرفاهية والجلوس مع الذات، الأصدقاء، الأسرة، الأبناء، أو أى شيء آخر ترغب فى فعله.

- استمع لنفسك ولروحك وحاول فهم ماذا ترغب فى فعله وماتحتاج إليه وأسعى لتحقيقه حتى يؤثر ذلك بالإيجاب على حالتك النفسية
- اجعل لديك يقين بأن لبدنك عليك حق، و انه كلما أعطيت نفسك فرصة للترفيه ولو نصف ساعة فى اليوم سوف يساعدك ذلك على القدرة على الاستمرار فى العمل والربح ، بل سوف يزيد لديك الحافز لتحقيق أهدافك المهنية.
- حاول تحديد أهدافك واحدة تلو الأخرى و ابدأ بالأهم فالمهم
- حاول إجبار نفسك على انجاز المهام اليومية التي قمت بتحديدها واعلم ان تنظيمك ليومك هو تنظيم لحياتك بأكملها
- حاول الحصول على المزيد من العمل ولكن دون ان يزيد حمله على كاهلك لدرجة التأثير سلباً على صحتك النفسية.

إذا حاولنا معاً تنفيذ تلك المقترحات ، فبالتأكيد سوف يقلل ذلك من التوتر الدائم الذي نشعر به والصراع الداخلى الناتج عن محاولة فعل العديد من الأشياء والقيام بعدد كبير من المهام، بل سوف يساهم فى قيامنا بنوع من التوازن بين العمل والإنتاج من جانب والرفاهية الاجتماعية وممارسة حياتنا الشخصية من جانب آخر
أعلم أن هناك صعوبة فى تنفيذ تلك المقترحات وخصوصاً عند البدء فى تطبيقها على أرض الواقع، وربما ينظر لها كونها غير مجدية ، ولكن الشعور سببه الحقيقي هو اليأس من القدرة على التغيير وأيضاً الحكم المسبق على الشىء قبل تجربته، فجميعنا نستطيع فعل كل شىء يرغب به ، وبكن يحتاج إلى إرادة ومثابرة
وبعد كل ما سبق، أدعو الله أن يوفقنا جميعاً ونستطيع تحقيق التوازن الفعلي فى حياتنا بين العمل الجاد و الحياة الاجتماعية والشخصية ، حتى لا نشعر بأننا أصبحنا مجرد آلات منتجة دون شعور .
المراجع
"التكنولوجيا وسوق العمل: كيف تؤثر التحولات التكنولوجية على فرص العمل" - Portal
Iltizam - Providing excellent customer service and helping to improve software infrastructure.
تصفح المرجع
Dr. Amira Mostafa
كاتبة مقالاتدكتورة أكاديمية ، تخصصي علم الاجتماع الاعلامي وهو تخصص دقيق يجمع بين دراسة قضايا الإعلام والمجتمع ، بكتب محتوي متعلق بكل ما يخص المجتمع العربي ويلمس مشاعر القارىء ويجاوب على أسئلته ويرشده فى حياته قائم على أسلوب علمي مبسط وشيق وجذاب يفهمه القارىء بسهوله ويسر ويخدمه يطور نفسه ويفهم الواقع من حوله