إعلان

مطلقات ولكن !

النور عادل
كاتب.. مؤلف..وروائي
وقت القراءة: دقائق

مؤشرات ما قبل تسونامي العائلة العربية القادم:

(عدد حالات الطلاق في مصر سجل 269.8 ألف حالة عام 2022، مقابل 254.8 ألف حالة طلاق عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 5.9%)

(7 حالات طلاق في السودان كل ساعة)

(100 ألف حالة طلاق في المغرب في 2023 )

(أما في المركز الأول في نسب الطلاق، فكان من نصيب الكويت، فبرغم انخفاض عدد سكانها مقارنة بمصر، ارتفعت نسبة الطلاق في البلاد إلى 48% من إجمالي عدد الزيجات، حسب إحصاء نشرته وزارة العدل الكويتية. وفي المركز الثالث والرابع، نجد أن كلا من الأردن وقطر، قد ارتفعت بهما نسب الطلاق إلى 37.2% و 37% على الترتيب.

وقد تساوت كل من لبنان والإمارات رغم الفروق الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة بينهما في نسبة الطلاق، فقد ارتفعت نسبة الطلاق في كلا منهما إلى 34%؛ وتلتهما كل من السودان بنسبة وصلت إلى 30%، و العراق بنسبة 22.7%، ثم السعودية بنسبة 21.5%)

ما الذي حدث؟


اقرأ ايضا

    مطلقات ولكن !

    سؤال حائر في فضاء المهتمين بعلم الاجتماع والمشتغلين بالعلوم الشرعية، حول ما أسباب هذا التوسونامي من الطلاق في الدول العربية، فلو قلنا أسباب إقتصادية فليست دول مثل قطر والامارات والكويت بذلك الفقر أو التصدع الاقتصادي مثل الذي في مصر أو السودان أو تونس والمغرب العربي عامة، ومع ذلك من ضمن القائمة في الصدارة. إذن ما السبب الأبرز الذي تحاشى كثير من الأقلام المعاصرة الإشارة إليه؟ أو ما الأسباب والدوافع غير المادية التي أدت لمفاقمة الأمر حتى تحول لظاهرة مقلقة بنسب مزعجة ليست عادية أو عابرة بحال بل في إزدياد مضطر.

    إليك سبب مباشر غير مطروق لكنه الأخطر في تصاعد نسب الطلاق في الوطن العربي؟

    المفاهيم النسوية نقطة نظام وتفهيم:

    مطلقات ولكن !

    نعم، بإختصار ومن غير مواربة المفاهيم النسوية التي غزت الأسرة المسلمة في عالم اليوم، هي أحد أهم أسباب طلب المرأة للطلاق حتى في ظل رخاء مادي واستقرار أسري. فالنسوية مثل السوس تنخر في عرش الأسر بليل بهيم في تلافيف عقل المرأة، وهنا لا بد أن نوضح بعض المفاهيم المغلوطة لحواء حول طبيعة العلاقة مع الرجل آدم.

    -اعلمي عزيزتي حواء، أنه ليس في الاسلام شئ إسمه مساواة مطلقة بين ذكر وأنثى، لذا لا تغرنك دعاوى المساواة وتتبنينها بكل قوة وحماسة حتى ولو كانت مشرعنة نظاميا في الدولة، فنحن لا زلنا مجتمعات وشعوب مسلمة تعتمد قول الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أكثر من غيره، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم.

    مطلقات ولكن !

    -اعلمي يا طيبة أن المساواة التامة بين الرجل والمرأة ليست متفقة مع الفطرة وان صوروا لك غير ذلك، دعيني أوضح لك ببساطة. تذهبين إلى السوبرماركت كل أسبوع، أسبوعين، تشترين كل أغراض البيت ومن يحاسب عليها، آدم، ليس تفضلا منه بل واجبا عليه ذلك، ما رأيك لو نلغي هذا الواجب وتشترون سويا مستلزمات البيت بل وحتى ثمن الفسح والترفيه والسفر وكل صغيرة وكبيرة، بل نبدأ بداية من قبل العقد، ليس هناك مهر فانت حرة مستقلة بحسب آراء النسوية، لذلك نسقط المهر ونزوجك هكذا بورقة قانونية تقول أنكم شركاء في كل شئ حتى في النفقة العامة واليومية. أرى أنك تمتعضين مني الان! حسنا لا بأس هذه هي الفطرة التي انت عليها ولو هيأ لك خيالك غير ذلك.

    -اعلمي يا كريمة، أن آدم ليس عدوك، ولا هو بند لك، بل هو والد، وأخ، وزوج، وخال، وعم...الخ فهؤلاء عزك وفخرك بين البيوت والمجتمعات والناس أجمعين، فلو أردت أن تكوني وحيدة، أو خيمة في العراء، فاكسري أوتادك ورددي مع قطيع ببغاوات الفيمنست (أنا حرة). وكأن بيديك القيد وانت ضمن عزك وداخل حصنك.

    إن من أكثر الأسباب التي تؤدي للطلاق رغم اليسار المادي، هو إحساس حواء الخاطئ بالندية لآدم، وهذا الإحساس وليد حالة القصف الاعلامي والضخ المستمر في وسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج التوك شو التي تصور لحواء أن العلاقة بينها وآدم يجب أن تكون الند بالند، وليس هناك رجل شرقي مسلم يقبل هذا اللهم الا لو كان في رجولته دخن. وليس بالأساس مطلوب أن تكون العلاقة ندية بينكما، فالعلاقة بينكما تكاملية، كل له دوره الطبيعي والوظيفي ومنزلته الاجتماعية المحترمة، فلا الأب بأفضل من الأم في رعاية أبناءه، ولا الأم أفضل من الأب في الانفاق على أبناءها وهم درجات في ذلك وشركاء لا غرماء.

    -الزوج أختي الكريمة، ليس بغارم لك، ليس مديون لك، إنما ملزم بالشرع قبل القانون بالانفاق عليك وولدك، وهناك المعروف بينكم، وهناك مراعاة العشرة والعهد والولد، فلا يعقل ولا يستقيم يا ابنت الأكرمين أن تسوء ظروفه أو يفقد وظيفته فتكونين انت والدنيا ضده في ردهات المحاكم، ولك الحق باللجوء للقانون في حال يساره وسعته مع بخله وتقطيره، هذا حق ودين عليه إن أبى، ولكنني هنا أتحدث عن كساد وفساد إقتصادي تضرب أمواجه الاقتصاد العالمي عامة، أتحدث هنا عن ملايين من أرباب البيوت الذين بعد جائحة الكوفيد 19 وجدوا أنفسهم من القمة إلى القاع، فهل يستقيم ويليق أن تردميه في قاع محنته بالحجارة ام تمدي له يد العون والمحبة وتقولي لي (انا معك يا رفيق العمر، لا تحزن).

    مطلقات ولكن !

    -اعلمي أن صديقات التواصل الاجتماعي لن يكونوا ناصحين لك ومشفقين على مستقبلك أكثر من زوجك رفيق دربك. وبعد خراب بيتك ستكونين انت مجرد رقم آخر في دفاتر إحصاءات المطلقات، وهن سينسونك.

    -(كائن مستقل)، ماذا تعني هذه العبارة التي غزت كثير من ألسنت النساء في الوطن العربي، كائنة مستقلة! أنا مستقلة، أريد إستقلاليتي، أود أن أستقل بحياتي...الخ إلى آخر معجم النسوية الجديد. تردد حواء هذه العبارات وهي تفكر من منطلق وعي جمعي نسوي متطرف، إذ لو تأملت حواء وضعها وعددت نعم الله عليها، لوجدت أنها في نعم لا تحصى، العائلة نعمة، السند نعمة، الزوج الصالح نعمة. وكل عائلة لها مشاكلها الخاصة وأسرارها التي تخفيها الجدران، لكن ماذا لو قرر كل فرد أن يستقل بغرفته، أو يستقل بعيشه، هل هذا هو الحل للمشكلة الأسرية القائمة أو المفترضة، هل الحل في النأي والابتعاد والعيش مع آخرين غرباء بدعوى طلب الاستقلال، للأسف كثيرات الان في المهاجر الباردة بعد أن تركن دفء العائلة وسخونة المشاكل الاسرية "الطبيعية" ظنا انهن سيجدن الأمان والراحة في الاستقلال بعيدا في بلاد الضباب، فكان البؤس والحزن والوحدة وقساوة الاغتراب هو المآل، كانت الخمر والمخدرات والانغماس في حياة الطين والبهيمية هي طرق الهرب من الواقع الجديد المستقل الموحش في مدن تموت حيتانها من الجليد على قول أديبنا الكبير (الطيب صالح).

    فقبل أن ترددي مقالات الغير فكري ماذا تعني وإلى ماذا تؤدي، وسلي نفسك هل تطيقين دفع الثمن أم ستعودين بعد سنوات خالية الوفاض طلبا لرضا والدين قد انتقلا للرفيق الاعلى وهم مكسورين منك، ولا تعرفين راضين أم ساخطين. وهل العمر يعود حتى لو كانا حيين؟ هل كسر الهجر خاصة في قلوب الوالدين أمر سهل. لا حول ولا قوة الا بالله.

    مطلقات ولكن !

    رسالة إلى الأسرة الكبيرة:

    إلى الأب

    إلى الأم

    إلى الأخوة

    إلى الأخوال

    إلى الأعمام

    إلى الزوج والرفيق:

    إتقوا الله في نساءكم، فإنهن عوان عندكم.

    إتقوا الله في حواء، في احترام رغبتها الزواج ممن تريد وتختار طالما على خلق ودين، إتقوا الله في احترام رأيهن طالما أنه لا يخالف الله ورسوله وكريم الأخلاق، لحواء رأي وكلمة لابد أن تحترم تماما مثل الابن. لا يعني أنها تريد الاستقلال أنها تريد المساواة دائما على كل حال، تريد حواء أن تشعر بأن لها كيان وسط العائلة والأبناء وهذه رغبة إنسانية طبيعية وسعي للتحقق والبروز وحرية التصرف، لابد أن تسمعوا لها وتحترموا وجهة نظرها، خاصة في مواضيع الدراسة والزواج، فهذه ليست ولا يصلح فيها الغصب بحال. فاتقوا الله في بناتكم وأكرموهن أكرمكم الله.

    رسالة إلى المجتمع الخارجي:

    مطلقات ولكن !

    مطلقة ليست عارا أو عيبا يا هداك الله. ولست انت أو انتِ من يحكم ويحاكم خلق الله، لا حق لكم في التعيير والتوبيخ والثرثرة عن المطلقة كجزء فاسد في المجتمع، لا تدري ما سبب الطلاق اصمت. لا تدري ما سبب المشكلة اصمت، لا تدري من المصيب أم المخطئ اصمت. إن أكثر ما يضرنا كمجتمعات عربية اليوم هو أننا نعشق الحديث في كل الأحوال وفي كل الظروف، فيما نعرف وما لا نعرف، نعطي أنفسنا الحق لنكون محللين سياسيين، ومنظرين اجتماعيين، وفلاسفة علم اجتماعي، بل وأحيانا نفتي حتى في الطب والقانون والأمن القومي حدث ولا حرج، وطبعا كلنا نفتي في دين الله بلا أدنى تردد ولا حول ولا قوة الا بالله.

    رسالة إلى أختي المطلقة:

    مطلقات ولكن !

    طلاقك من آدم ليست نهاية العالم، لا تأسي على ما فاتك خاصة اذا انقطع الرجاء وانعدم الأمل في الرجعة، واصلي مسيرك أختي، عيشي حياتك واحترمي قرارك يوم طلبته أو ألقي عليك، لن تتوقف الحياة بسبب رجل، حتى ولو أحببته يوما ما وأحبك، الحياة أكبر منه، والرجال غيره كثير. نعم، تزوجيمرة أخرى عسى توفقين مع غيره ولا تنتظرينه أن يحن ويعود إليك لو لم تكوني انت السبب في فراقك، كوني أميرة في حصن غير حصنه ودعيه يعرف لاحقا أي جوهرة قد خسر، وأي أميرة قد فرط فيها.

    ارفعي رأسك شامخا، ولا تهتمي ولا تلقي بالا للمجتمع المريض الثرثار، فانت مطلقة لا يعني أنك عاهرة، ولا يعني أنك كافرة، بل يعني أنك اخترت طريقا غير طريق ذلك الرفيق لتمضي إما مع نفسك أو مع رفيق اخر أفضل وأبرك وأرق وأحن، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

    مطلقات ولكن !

    المراجع:

    العربية الاخبارية

    إيندبندت عربية

    اريفيو نت

    الجزيرة نت

    pixabay

    النور عادل

    النور عادل

    كاتب.. مؤلف..وروائي

    ببساطة أنا شخص محب للكتابة والقراءة الحرة بصورة عامة إذ أجد فيها وعبرها متنفساً لمخاوفي وشكوكي وقلقي المزمن منذ وعيت الحياة. الكتابة بالنسبة لي ليست مصدر رزق أو باب شهرة، بقدر ما هي غرفة وحديقة خلفية أحب الدخول إليها كلما عصفت بنا أعاصير اليومي وانتشرت جحافل التضليل الحديث.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ