"ماردين" المدينة المعمرة منذ آلاف آلاف السنين و... "شبيهة القدس"!!!
"ماردين" المدينة المعمرة منذ آلاف آلاف السنين و... "شبيهة القدس"!!!
المقدمة:
في عام 1923، و بموجب معاهدة لوزان كانت مدينة ماردين مع المناطق الشمالية السورية التي تم ضمها إلى تركيا الحالية.
التسمية:
يرجع المؤرخون باسم المدينة إلى اللغة الآرامية أين يعني الحصن أو القلعة، و يرون أنها عرفت بهذا الاسم منذ عهد الامبراطورية الآشورية الحديثة، و لكن هناك منهم من يؤيد المؤرخ ياقوت الحموي الذي يرى بأن أصل التسمية يعود إلى تمرد أحد حكام المنطقة على الملكة زنوبيا التي قالت لما بلغها خبره: "تمرد مارد"، فرد: "تمرد ماردين، و ليس ماردا واحدا".
"تمرد ماردين، و ليس ماردا واحدا".
الموقع:
تطل مدينة ماردين على نهر دجلة جنوب شرقي تركيا؛ فهي تقع على ربوة مطلة على بلاد ما بين النهرين على ارتفاع منحها إطلالات شاملة رائعة. و تتميز هذه المدينة التي يعبرها طريق الحرير ببنيانها الحجري، و منازلها المتراصة في شكل مدرج.
في كتابه "رحلة ابن بطوطة" يقول الرحالة المغربي محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي المعروف ب" ابن بطوطة" : "وصلنا إلى مدينة ماردين، و هي مدينة عظيمة في سفح جبل من أحسن المدن، و أبدعها، و أتقنها، و أحسنها أسواقا، و بها تصنع الثياب المنسوبة إليها من الصوف المعروف بالمرعز (أي شعر الماعز)، و لها قلعة شماء من مشاهير القلاع في قنة (قمة) جبلها".
"وصلنا إلى مدينة ماردين، و هي مدينة عظيمة في سفح جبل من أحسن المدن، و أبدعها، و أتقنها، و أحسنها أسواقا، و بها تصنع الثياب المنسوبة إليها من الصوف المعروف بالمرعز (أي شعر الماعز)، و لها قلعة شماء من مشاهير القلاع في قنة (قمة) جبلها".
التاريخ (حضارات عبرت المدينة):
- السومريون
- البابليون
- الأنباط
- الآشوريون - السريان - الآرام
- الرومان
- البيزنطيون
- العباسيون
- السلاجقة
- الأرتقيون
- العثمانيون
اللغات المتداولة في ماردين:
و أنت تزور ماردين، تجد نفسك في متحف مفتوح إلى آلاف آلاف السنين تتعدد فيه اللغات بتعدد السكان ما بين التركية (اللغة الرسمية)، و العربية، و الكردية، و الآرامية.
الديانات المتواجدة في ماردين:
قد تكون "ماردين" شبيهة للقدس من حيث الهندسة، و البناء، و المعمار؛ فقد حكم الأرتقيون "القدس" قبل أن يحكموها من 1086م إلى 1096م. و لكن التشابه الذي تجاوز الهندسة، و البناء، و الفن، و الإبداع الأرتقي هو أن كلاهما مدينة للتعايش، و للتسامح، و للمحبة، و للسلام. لقد عاش في ماردين المسيحيون بكل الطوائف، ثم جاء الإسلام، و عاش فيها المسلمون على اختلاف مذاهبهم. يكفي أن سكانها لا زالوا يتحدثون لغة تعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد. إنها مدينة الإثنيات، و العرقيات، و التعايش بامتياز.
- المسيحية:
- كنيسة مارشمونة
- كنيسة أو دير الزعفران
- كنيسة العذ
- الإسلام:
- جامع الشهيدية
- جامع الريحانية
- الجامع الكبير
معالم سياحية في ماردين:
1- المدرسة القاسمية:
بدأ بناؤها في العصر الأرتقي و امتد إلى فترة آق قويونلس. تعتبر أكبر مبنى في ماردين حيث تتكون من طابقين و ساحة مفتوحة، و قد درست فيها عدة مجالات من العلوم كعلوم الفلك، و العلوم الطبية.
2- متحف ماردين:
قد لا تحتاج مدينة كماردين لمتحف! فهي متحف في حد ذاتها... و ربما، لمدن كماردين وجدت المتاحف...!
3- المدرسة الزنجرية:
و تعرف أيضا باسم المدرسة الزنكية، أو بمدرسة عيسى باي. بنيت عام 1835 للميلاد على يد آخر السلاطين الأرتقيين مليك نجم الدين عيسى بن مظفر داوود بن الملك صالح.
4- جامع أركولو:
يتجلى الطراز الأرتقي في هندسة و بناء هذا المسجد، و خاصة في زخرفة بوابته الخارجية الدقيقة و البديعة.
5- دير أو كنيسة الزعفران:
الذي يعرف أيضا باسم دير القديس مار حنانيا، و هو في الأصل معبد آشوري كان مخصصا للإله شمس! بعدها، قام الرومان بتحويله إلى قلعة، و هو من المعابد المسيحية القديمة التي ظلت مفتوحة إلى اليوم.
6- كهوف ميديات:
هي مدينة حقيقية من الكهوف المتشابكة أسفل المباني في بلدة ميديات التابعة لماردين.
الثقافة الماردينية:
تشتهر مدينة ماردين بفلكلورها الشعبي، و تشتهر أكثر بموسيقى و رقصة "الريحاني" التي أخذت اسمها من الريحان الذي يعتقد بأنه عندما ينشر عبق روائحه يلهم الناس لكي يبدأوا بالرقص. و تشتهر أيضا بالأواني، و بالمجوهرات، و بالأكسسوارات المختلفة التي تتميز بالتنوع و الإتقان.
*
هل كنت تعلم أن وديع حداد، والد السيدة "فيروز" -و اسمها الحقيقي نهاد حداد- ولد و عاش في مدينة ماردين قبل الهجرة إلى بيروت؟ صاحبة رائعة "زهرة المدائن" التي غنت للقدس، و لبيروت يعود نسبها لماردين.
الطبخ المارديني:
تشتهر مدينة ماردين بأطباقها المتميزة ك: الكيبة، و الإيروك، و الإيكببت... و يلاحظ أنها تتقاطع كثيرا مع الأطباق الشامية، دون إغفال القهوة المرة التي تعتبر العامل المشترك الأول بين المطبخ المارديني و المطبخ الشامي.
أعلام و شخصيات من ماردين:
- إسحاق أرملة: مؤرخ، و لغوي، و أسقف سرياني كاثوليكي.
- إغناطيوس إلياس الثالث: قديس الكنيسة السريانية الأرثوذوكسية.
- فخر الدين المارديني: طبيب و عالم.
- عبد السلام المارديني: مفتي حنفي.
- ماسويه المارديني: طبيب و صيدلي.
جامعة ماردين آرتوكلو:
تسعى جامعة ماردين آرتوكلو لأن تصبح إحدى الجامعات الأصيلة والمبدعة والرائدة عالميا في مجالات العلم، والثقافة، والفن، والتكنولوجيا من خلال استمداد القوة من القيم المحلية والعالمية.
الخاتمة:
ختاما.. قد تكون ماردين شبيهة للقدس، و قد لا تكون شبيهة لها إلى حد التوأمة... لكن ما هو متفق عليه هو أن "ماردين" هي الأخرى زهرة من زهور المدائن... وقفت قلعة و حصنا منيعا في وجه التاريخ؛ منعته من التحرك؛ منعت الحجر من التبعثر؛ منعت اللغة من الاندثار؛ منعت المشهد الإنساني من التفرق.. إنها ماردين.. المدينة المتمردة.
إن شهاب القلعة الشّهباء
الكلمات المفتاحية:
ماردين – القلعة – القدس – العمران - المدينة – سوريا – ما بين النهرين – دجلة – الآشوريون – الأرتقيون – العثمانيون - العرب - الأكراد – السريان – الآرامية – الكردية – العربية – التركية – المسيحية - الإسلام ...
