كيف يمكن للذكاء العاطفي تحسين علاقاتك ومهاراتك القيادية؟
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخوللم تعد العاطفة مجرد شعور مقتصر على أصحاب القلوب الرقيقة، فقد كانت في بعض المجتمعات انتقاد للشخص العاطفي الذي يتساهل مع الجميع ويعتبر لينًا للغاية إلى حدِ التهاون معه، لكن مع مرور الأزمان فقد تحولّ الأمر ليكون سمة إيجابية جدًا لدرجةِ التمتع بها يحتاج إلى ذكاء بحد ذاته، فإنك تتحرر من قيود المجتمع تمامًا لتصبح محط اهتمام كبير وذكي عاطفيًا بتعاملك مع محيطك بطريقة تعتمد كليًا على فهم من حولك وتوظيف عاطفتك في تفادي النزاعات.
لذلك رأى مصطلح الذكاء العاطفي Emotional Intelligence النور لأول مرة عام 1990م على يد كل من جون ماير John Mayer وصديقه بيتر سالوفي Peter Salovey، وقد كان جل اهتمامه ينصب على الذكاء العاطفي في القيادة، لكن توسع نطاقه ليشمل عدة مجالات حياتية في المجتمعات، وسنقف سويًا على ذلك في السطور القادمة.
ما هو الذكاء العاطفي؟
الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم وإدارة مشاعرنا ومشاعر الآخرين بفعالية، مما يمكننا من تعزيز العلاقات، اتخاذ قرارات أفضل، والتكيف مع الضغوط والتحديات. يتضمن الذكاء العاطفي مهارات مثل التعاطف، الوعي الذاتي، التنظيم الذاتي، والمهارات الاجتماعية، مما يساعد الأفراد على التواصل بشكل أكثر فعالية وتحقيق النجاح في مجالات الحياة المختلفة.
بينما يساهم الذكاء العقلي في النجاح الأكاديمي، فإن الذكاء العاطفي هو المفتاح لبناء علاقات قوية وتحقيق النجاح في التفاعلات الاجتماعية والمهنية. التوازن بين النوعين هو ما يمكن الأفراد من تحقيق إمكانياتهم الكاملة.
الفرق بين الذكاء العاطفي والذكاء العقلي (IQ)
الذكاء العقلي (IQ):
اقرأ ايضا
- يُقاس بالقدرة المعرفية ويعكس مهارات التفكير، التحليل، وحل المشكلات.
- يتم قياسه من خلال اختبارات قياسية تعكس الأداء الأكاديمي.
- يُعتبر مؤشرًا للنجاح في مجالات تتطلب مهارات عقلية، مثل التعليم والوظائف التقنية.
الذكاء العاطفي (EQ):
- يُعبّر عن القدرة على فهم وإدارة المشاعر الخاصة بك ومشاعر الآخرين.
- يشمل مهارات مثل التعاطف، التنظيم الذاتي، والوعي الاجتماعي.
- لا توجد اختبارات موحدة لقياسه، بل يتم تقييمه من خلال الملاحظات والتفاعلات.
- يُعتبر عنصرًا أساسيًا للنجاح في الحياة الاجتماعية والمهنية، حيث يعزز التواصل الفعّال وبناء العلاقات.
الذكاء العاطفي: مهارة بناء العلاقات والتفاعل الفعّال في جميع جوانب الحياة
أن تكون ذكيًا عاطفيًا يعني أن تسخر قدرتك وطاقتك على استيعاب عواطفك قدر الإمكان وتوظيفها بأسمى الطرق لإزالة التوتر من أعماقك، ما يجعلك قادرًا على توطيد أواصر التواصل مع الآخرين بكل فعالية والقضاء على أي تحديات قد تحول بينك وبينهم، بذلك فإنك تمضي نحو بناء علاقات راسخة ومتينة بكل كفاءة سواء على الصعيد العلمي أو العملي أو الشخصي، فإن مشاعرك هنا تخرج من نطاقها التقليدي وتصبح تنفيذ وعمل بالمشاعر.
كما يمكننا القول بأن الذكاء العاطفي مهارة عظيمة تسهل عليك معرفة ما تشعر به حقًا وتدير الأمور كما يجب أن تكون، فإنك تصبح شخص أكثر قدرة على التواصل وتحديد مدى تأثيرها على محيطك، وانطلاقًا من الأهمية الحقيقية التي عاد بها هذا النوع من الذكاء فقد اندمج أيضًا في نطاق الأعمال ليكون مؤشرًا قويًا للأداء والإنجاز تحت ضغط العمل، فقد أشار دانييل جولمان عالم النفس بأنه مهارة ومطلب أساسي للوصول إلى المناصب التنفيذية لا محالة، نظرًا لتمكن الشخص الذكي عاطفيًا من فض النزاعات بطريقة محببة ومقبولة للجميع والاستجابة مع المحيط بالتعاطف.
من تعريفات الذكاء العاطفي أيضًا أن تكون محكمًا يديك على مسألة التحكم بعواطفك وإدارتها بطريقة صحيحة لتسخيرها لبناء علاقات تواصل مع الآخرين، والتفاهم بكل فعالية، رغم الأهمية البالغة للتعبير عن المشاعر؛ إلا أنك بحاجة ماسة للتحكم والإدارة لها، أمسك العصا من المنتصف دون إفراط في التعاطف ودون بخلٍ أيضًا، بذلك فإن الذكاء العاطفي مهم جدًا للنجاح في الحياة.
علامات نقص الذكاء العاطفي
هل تعلم بأن ارتفاع وتيرة الصِدام والتوتر والصراع في موقع العمل يدل قطعيًا على وجود نقص في الذكاء العاطفي بين الموظفين، فإن سوء الفهم دليل قطعي على عجزك عن استيعاب العواطف بجميع أشكالها والتعرف عليها، ومن أهم علامات نقص الذكاء العاطفي أيضًا ما يلي:
- العجز عن إظهار العواطف والتعبير عنها.
- ازدياد حدة المشاكل والتوتر في المكان.
- رفض الاستماع للآخرين وعدم تقبل مخاوف الآخرين نهائيًا.
- اللوم الدائم للآخرين.
أهمية الذكاء العاطفي في حياتنا المهنية
ليس من الضروري أن يكون ذكائك الأكاديمي دليل قطعي على أنك ذكي عاطفيًا إطلاقًا! فإن الأمور مختلفة فيما بينها، بما معناه أن تكون من المتفوقين في مجالك دراسيًا وعمليًا لا علاقة له بأن تكون كفؤ اجتماعي، فإن القدرات العقلية IQ غير كافية للنجاح في الحياة في الوقت الراهن، إذ أصبحت الحاجة ملحة لوجود ذكاء عاطفي في جزء من أجزاء حياتك، لذلك أوضح لك مدى أهميته:
- تجاوز العقبات الاجتماعية والتعقيدات من هذا النمط في بيئة العمل المحيطة بك.
- تعظيم قدرتك على القيادة الناجحة وبث طاقة من التحفيز والحماس في نفوس الآخرين.
- التفوق مهنيًا واعتلاء مناصب أفضل.
- الكفاءة في إدارة التوتر والتحكم بالمشاعر بكل احترافية.
- القدرة على إدارة التوتر والمشاعر تحت مظلة الذكاء العاطفي يعود بالمنفعة الصحية عليك.
- الصحة تصبح أفضل نتيجة عدم التعرض لحالات ارتفاع ضغط الدم في حال تفادي التوتر والضغوطات اليومية.
- إدارة التوتر ركيزة أساسية في الذكاء العاطفي حتى تتمكن من السيطرة على زمام حالتك الصحية، لذلك تبقى أكثر شبابًا وبعيدًا عن متاعب الشيخوخة في حال تجنب الضغوطات النفسية والتوتر.
- الحفاظ على جودة الصحة العقلية والبقاء بحالةٍ جيدة بعيدًا عن الاكتئاب والقلق، فإن فهم وإدارة المشاعر توفر لك حالة من الارتياح والاستقرار النفسي.
- التمكن من بناء علاقات قوية ومتينة مع الآخرين تخلو من الحقد والكراهية والبغضاء، ما يجعل جودة حياتك العملية والشخصية أفضل.
كيفية تطوير الذكاء العاطفي
عامًا تلو الآخر نلاحظ أن أمورًا ثانوية أصبحت إلزامية وملحة للغاية، بما فيها الذكاء العاطفي الذي تحول إلى مصطلح رائج في المنظمات القائمة وتحديدًا الكبرى منها، فقد تجرد العمل من صورته التقليدية بأنه مجرد أوامر وإنجاز مهام وانتهى؛ فإننا حاليًا نعيش عصر مختلف تمامًا يحتاج لاستثمار الموارد البشرية بأفضل ما يمكن وتنميتها، من هذا المنطلق أصبح تطوير الذكاء الاصطناعي ضروري جدًا، وذلك باتباع ما يلي:
المهارة الأولى: إدارة وضبط النفس Self-management
إن إدارة الذات تعني أن تكون واثقًا بأنك تحكم قبضتك على عواطفك لتتمكن من اتخاذ القرار النهائي الصحيح عند بلوغك أقصى درجة من التوتر، بحيث تتأكد من عدم فقدان السيطرة على عواطفك نهائيًا والتمكن من التصرف بكل ذكاء ودراسة.
ففي حال طغيان الضغوط وسيطرتها عليك لا بد أن تكون أمام قرار بالتفكير بطريقة صحيحة أولًا وعدم الاستسلام للضغط والمونولوج الداخلي الذي يحثنا على الانفجار عند الضغط.
المهارة الثانية: الوعي الذاتي أو الإدراك الذاتي self awareness
الوعي الذاتي من المهارات التي لا يمكن تجاهلها نهائيًا فإنها مرآة عاكسة لمدى تأثرك بما مررت به في حياتك من تجارب، فإن كل موقف غضب أو حزن أو فرح مررت به يجعلك أكثر وعيًا للتعامل مع المواقف القادمة، فإنك تحتاج إن تنأى بنفسك عن عواطفك وفهمها بعمق وإمعان النظر بمدى تأثير مشاعرك وعواطفك على أفكارك وأفعالك.
المهارة الثالثة: الوعي الاجتماعي Social awareness
عند إتقانك مهارة الوعي الاجتماعي لتطوير الذكاء العاطفي؛ يعني أنك لست مضطرًا لانتظار الكلام والشرح المطول، بل ستكون أكثر نباهة لمعرفة الإشارات غير اللفظية الصادرة من الآخرين، فإنك تفسر هذه الإشارات والحركات والإيماءات بطريقة عميقة، فإنك تكون قادرًا حقًا على استيعاب ديناميكيات القوة ومختلف التجارب العاطفية ما يجعلك بمنتهى التعاطف واجتماعي في آن واحد.
المهارة الرابعة: إدارة العلاقات Relationship management
لا بد من الاهتمام بجودة العلاقات مع الآخرين بطريقة مثالية وجيدة، لذلك تعزيز طرق التعامل مع الآخرين وتطوير مهاراتك الاجتماعية يساهم في توطيد أواصر التعاون والعلاقات والتفاعل بينك وبين البيئة المحيطة، من هذا المنطقة لا بد من أن تتواصل مع الآخرين بمختلف الطرق سواء باللفظ أو غير اللفظ، فإن التواصل غير اللفظي له أثر عميق في نقل المشاعر والتحكم بها مع الآخرين، بما معناه إن لغة الجسد لديها قدرة خارقة على تحسين علاقتك مع الآخرين أو جعلها أكثر سوء.
ختامًا، فقد وقفنا سويًا على أهمية الذكاء العاطفي بالتفصيل ومدى تأثيرها على حياتك العملية والشخصية، ولذلك كان لا بد من اختبار مدى وفرة علامات هذا النوع من الذكاء لديك من عدمه بالوقوف على علامات نقص الذكاء العاطفي؛ ثم العروج إلى تبويب تطوير هذه المهارات لتكون إنسان أفضل.
إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوعكاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.
تصفح صفحة الكاتب