كيف تؤثر التكنولوجيا على قدراتنا العقلية
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولتمكنت التكنولوجيا من الهيمنة على حياتنا بعمق، حتى باتت تترك أثرًا ملموسًا وواضحًا علينا سواء كان على الصعيد النفسي أو الصحي أو العقلي! كم من المرات التي نسينا فيها أمورًا قمنا بها للتو، أو كلمات نطقنا بها من ثوانٍ حتى لم نتذكر ما قلنا.
ليس ذلك فحسب؛ بل قد أقف طويلًا أخبرك بأمرٍ ما وبعد برهة من الوقت ترفع أنظارك إلي وتسألني عما كنت أتحدث! نعم ذلك تحت تأثير التكنولوجيا مع الأسف التي استنزفت التركيز والكثير من القدرات العقلية، لكن لا يمكن نكران دورها الإيجابي في نواحٍ وأمورٍ أخرى لم تكن تتحقق دونها.
كيفية تأثير التكنولوجيا على القدرات العقلية
كشفت العديد من الدراسات بأن التكنولوجيا قد أثرت حقًا في مستوى القدرات العقلية والنفسية لدى الإنسان؛ حيث ترتب ظهور العديد من المشاكل منها التوتر Stress، الاكتئاب Depression، القلق وتشتت الانتباه نتيجة فرط استخدام التكنولوجيا وتحديدًا وسائل التواصل الاجتماعي Social Media التي باتت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
من أهم الجوانب التي تجلى فيها تأثير التكنولوجيا على القدرات العقلية ما يلي:
اقرأ ايضا
فرط التفكير والتوتر
حقًا أن التكنولوجيا قد سلبت قدرتنا على الراحة الفكرية بشكل ملحوظ؛ هل لاحظت يومًا أن يكون حان موعد النوم ووضعت رأسك على المخدة؛ لتنتفض فجأة وتفتح هاتفك الذكي أو اللاب توب لتبدأ بالبحث والاطلاع على أمرٍ ما شغل فكرك قبل النوم، فعلناها كثيرًا؛ ما يجعل النوم يتلاشى حتى تمضي ساعات.
كما قد يكون فرط التفكير إزاء ما قمت بنشره فعلًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتظار ردود الأفعال والتفاعل معه؛ ما يجعلك تراقب الهاتف كل ثانية حتى تشبع رغبتك.
من الجدير بالذكر أنك قد تدخل بحالةٍ من التوتر والاكتئاب نتيجة إبداء أحد الأشخاص رأيه بسلبية في ما نشرت، ويمضي الوقت بانشغالك وتفكيرك وتحليل الأمور؛ بالتالي توتر وقلة راحة، وهذا ما يحدث فعلًا تحت تأثير التفكير الزائد.
اضطراب النوم
يصبح العقل أقل قدرة على الاسترخاء والراحة والتوقف عن التفكير بجنون، لذلك ستكون أمام دوامة من الأرق وقلة النوم نتيجة الانشغال الفائض عن الحد لأفكارك، ومن المؤكد أن تفكيرك بهذه الطريقة يكون ناجمًا عن التكنولوجيا، سواء كنت تفكر بعميق بأي طريقة أفضل من طرق تحقيق دخل اضافي حتى أحسن حياتي المادية أو التفكير بأي أمر آخر له علاقة بحياتك ويرتبط بالتكنولوجيا.
بالتالي وداعًا للنوم ليلة تلو الأخرى؛ حتى تشعر بحالةٍ من الإرهاق والتعب، ليس مجرد التفكير، بل يكون العمل لساعاتٍ طويلة على اللاب توب سبب في اضطراب النوم والأرق.
إضافةً إلى ما تقدم؛ فإن إيقاعات الساعة البيولوجية في أجسامنا تتأثر بشدة في الأضواء المنبعثة من الهواتف والأجهزة الذكية سواء شاشات أو لاب توب، لذلك إبقاء هذه التقنيات حولك عند النوم يسبب قلق واكتئاب وتوتر.
سرعة الانفعال والاندفاعية
الكثير من الأشخاص أصبحت حياتهم قائمة بالدرجة الأولى على التكنولوجيا دون سابق إنذار؛ سواء إدمان ألعاب الفيديو أو تصوير فيديوهات ومقاطع لمنصات التواصل الاجتماعي في مساعٍ لتحقيق الربح من اليوتيوب أو التيك توك أو غيرها، بذلك يصبح التركيز والاهتمام بهذا المجال؛ ما يجعل محاولة لفت الانتباه لأي أمر آخر مستفز ومثير للعصبية.
إذا حاولت يومًا منع طفلك المدمن على ألعاب الفيديو؛ ستلاحظ ردة فعل جنونية تكاد تصيبك بحالةٍ من الذهول، فإنه لم يعد يحتمل فكرة أن يشغل تفكيره بآمرٍ آخر سوى الفيديو ما سبب له حالة من الانفعال والاندفاع ولم يتمكن من السيطرة على تصرفاته، وهذا ما يحدث معنا جميعًا بمختلف المجالات فعلًا.
وقد أشارت إلى ذلك إحدى الدراسات التي أجرتها NCBI سنة 2018؛ مؤكدة أن التكنولوجيا قد أثرت على الأطفال بأن أصبحوا سريعي الانفعال والانفجار لأتفه الأسباب، كما تحول الطفل الاجتماعي إلى انطوائي دون يشعر نتيجة البقاء ساعات طويلة على الهاتف، ما يجعل مسألة تكوين الصداقات صعبًا للغاية.
الإدمان التكنولوجي Addiction
نعم رغم ضخامة حجم الإدمان وارتباطه بالمخدرات؛ إلا أنه أجيز استخدامه بهذه الحالة نظرًا لكارثية الأمر؛ فإن إدمان التكنولوجيا ليس فقط جلوسًا صامتًا أمام الجهاز الذكي؛ بل أنك تقتل الذكاء والعلاقات الاجتماعية والاستقرار العقلي والنفسي دون رحمة.
الإدمان التكنولوجي يضعك أمام حالة هستيرية تتشابه مع إدمان المخدرات في حال انقطاع الإنترنت أو تلف الجهاز الذكي؛ ما يستدعي الأمر تدخلًا سريعًا لإيجاد حلول لتهدئة الإنسان.
أود إعلامك بأنه قد صنف ضمن الاضطرابات "اضطراب إدمان الإنترنت" والمشار له IAD، ويعد استخدام مرضي للإنترنت دون القدرة على الاستغناء نهائيًا، نعم تدهورت الأمور إلى هذا الحد.
تأثيرات التكنولوجيا على الصحة النفسية
البعض قد يقف مذهولًا أمام المصطلحات المستخدمة، إلا أنني أود العروج وإياك إلى تأثيرات التكنولوجيا على الصحة النفسية أيضًا، وتتمثل بما يلي:
أجريت دراسات متخصصة عام 2017 على عينة من مستخدمي الإنترنت من الفئة العمرية بين 19-32 عام حول ما يشعرون به إزاء استخدام التواصل الاجتماعي، وقد كشفت عن تفاقم الرغبة الملحة في العزلة الاجتماعية ثلاثة أضعاف من لا يستخدمونها.
فإن الإنسان بهذه الحالة يشعر بالراحة خلال التعامل مع الأجهزة الذكية لفترات طويلة مع صمت وتركيز، ما يجعله غير مؤهل للتواصل مع الآخرين أو أي أمر يلهيه عن ذلك حتى يصل إلى مرحلة مرضية.
تأثيرات التكنولوجيا على الصحة الجسدية
يزداد الأمر سوءًا حتى يصل إلى التأثير سلبيًا على الصحة الجسدية أيضًا، فإن ذلك يتجلى على النحو الآتي:
آلام العين وإجهادها
يشار إلى أن العين أيضًا من أكثر الأجزاء تأثرًا نتيجة استنزاف وقت طويل في الجلوس أمام الأجهزة الذكية بأنواعها، ما يترتب عليه تشوش الرؤية والإصابة بمشكلة جفاف العين، ويكمن السر في ذلك حسب مستوى سطوع الشاشة والمسافة بين المستخدم والشاشة.
آلام العظام والرقبة
يشعر الإنسان نتيجة الجلوس الطويل بصداع حاد وآلام تتسلل تدريجيًا إلى الرقبة والكتفين، ويأتي ذلك نتيجة الجلوس الخاطئ واستهلاك وقت طويل جدًا.
ختامًا، فإنه رغم ما حققته التكنولوجيا في حياتنا من إيجابيات وتوفير وسائل الراحة والرفاهية؛ إلا أنها مع الأسف سلاح ذو حدين؛ فإن الرفاهية لم تأتِ مجانًا، بل ندفع الثمن من الصحة العقلية والنفسية والجسدية مع مرور الوقت.
المراجع
إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوعكاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.
تصفح صفحة الكاتب