كلام في سرك.. تعلمه أنت ويخفى على أعدائك

Nermin Yousif
كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية
تاريخ النشر :
وقت القراءة: دقائق
كلام في سرك.. تعلمه أنت ويخفى على أعدائك

خلطة النجاح هي الخلطة المستعصية التي لا يجيدها الكثيرون. كما إنها الخلطة التي ليس لها مقادير وطريقة عمل واحدة، فهي متغيرة وتعتمد على عدة عوامل يجب أن تتكاتف مع بعضها ليخرج طبقاً شهياً تتلذذ بالعيش فيه وتتمنى استمراره. لأن خلطة استمراره أيضاً مستعصية وتحتاج إلى ري مستمر كالنبات لكي لا يموت. يجب أن تعي تماماً عزيزي الساعي للنجاح أن الذي سنشرحه في هذا المقال ليس الوصفة الوحيدة للنجاح، ولن يتحقق النجاح الذي تنشده من إتباع الخطوات فقط، وإنما يجب أن تدرك أن النجاح في المقام الأول والأخير يعتمد عليك أنت في الأساس ، وما نحاول أن نفعله فقط هو إرشادك وإضاءة نقاط نور لديك تستطيع أن تبدأ منها.

خطوات النجاح في تحقيق الأهداف

أولى خطوات النجاح هي أن تبني عقلاً واعياً وشخصية ناضجة، حقيقة أن هذا لا يقع على عاتقك أنت فقط بقدر ما يقع على عاتق والديك، فإذا كان الوالدين على وعي كافٍ بمسئوليتهما تجاهك سيضعونك في البيئة المناسبة لبناء عقل واعي. فالأباء التي تتحدث مع الأبناء في الألعاب الإلكترونية وأخبار الفنانين وكرة القدم أبنائهم ليسوا كأبناء الأباء الذين يتحدثون معهم في السياسة والتاريخ ومجريات الأحداث والدين. فإذا أردت التعرف على ثقافة بعض الأطفال أو درجة وعيهم استمع إلى أحاديث أبائهم معهم. والأسرة التي لا تترك أولادها للألعاب الإلكترونية والتليفزيون وقتاً طويلاً ، غير الأسرة التي تتحدث مع صغارها في الأمور الهامة الخاصة بشئون الأسرة وكيفية تدبير أمور المعيشة أو مشاركة الصغار في شئون الأسرة والاستعداد للسفر وشراء مستلزمات البيت غير الأسرة التي تُبعد صغارها وتتولى هي كل الأمور. الأسرة التي تترك أبنائهم يستمعون لأحاديث الكبار وتعاملهم كشخص مسئول وتهتم بالتنزه ومصادقة البيئة وتنمية المهارات غير الأسرة التي تعزل أبنائها عن المشاكل والمسئوليات بحجة إنهم مازالوا صغاراً. كل هذا الإعداد يتم من الصغر وهي من صميم مسئولية الوالدين، ولكن إذا لم يكن هذا متوفراً، فالمسئولية تقع على عاتقك أنت وحدك أيها الساعي للنجاح مادمت تريد النجاح.

ثاني عامل للنجاح أن تحدد أهدافك، وهذا سينبع من نضج شخصيتك الذي تم في الخطوة الأولى، وعليك أن تقسم هذه الأهداف لأهداف صغيرة وأهداف كبيرة، فالأهداف الصغيرة هي خلية بناء الأهداف الكبيرة. فإذا كان هدفك السفر إلى بلد ما وترغب في تعلم لغة هذه البلد فهذا هو الهدف الكبير، أما بحثك اليوم عن أماكن دراسة هذه اللغة هذا الهدف اليومي الصغير ثم الإتصال بمركز التعليم الذي اختارته وتعرفت على المواعيد وذهبت لحضور الكورس والتزمت وذاكرت وسيرت على الخطة لتعلم اللغة في مدة معينة كل هذه الخطوات هي أهداف صغيرة.

ثالث عامل من عوامل النجاح ربط أهدافك ونواياك فيما يرضي الله عز وجل، وتتحرى التقوى في أعمالك وأن تستعين دائماً بالله في كل خطواتك وتلتزم بالدعاء مهما طال الأمر ومهما كانت العقبات.

رابع خطوة الكتمان ثم الكتمان ثم الكتمان.. لا تخبر أحد بأهدافك وخططك حتى أقرب الناس إليك، فالنفس البشرية تميل إلى التثبيط، والنفس البشرية لا تحب من هو أفضل منها، مهما بلغ تقوى الشخص أو إيمانه فهي طبيعة وفطرة، فأخوة سيدنا يوسف عليه السلام أبناء نبي ولكنهم حقدوا على أخوهم يوسف لمجرد أنه قريب من قلب أبيه وكانوا لا يزالوا لا يعلمون إنه سيصبح نبي. وكذلك أوصانا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بذلك وقال استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان. حتى إذا كنت تريد معلومة أو استفسار عن شئ ضروري لتحقيق هدفك، ليس من الضروري شرح هدفك للشخص الذي ستستفسر منه، ودائماً استشر صاحب الخبرة والتخصص وليس أي شخص لمجرد أنه صديق ، ولا تحاول أن تستشير صديق أو قريب لأنه سيستفسر عن ما يدور بتفكيرك وسيحاول معرفة أهدافك ولن يٌجيبك عن سؤالك لعدم خبرته ولإرجاعك عن الفكرة، ولن تستفيد شيئاً من دردشتك معه سوى إنك كشفت خططك له وأطلعته على أفكارك والتي غالباً إما سيثنيك عنها أو يضع لك العقبات ليجعلك تتكاسل عن السير في تنفيذها نتيجة تأثرك بحديثك معك. تذكر أنت كم الخطط والأفكار التي راودتك وأخبرت بها صديق أو قريب ولم تكتمل أو لم تنفذها بعد الحديث معه وستفهم ما أقصده تماماً. تلك الأفكار التي إذا كنت بدأت فيها حينها لأصبحت داخل حلمك الأن تجني ثمار ما زرعته. أعمل في صمت ، لا أحد يعلم كم الليالي التي قضيتها في تدبير أهدافك وخططك، وكم المعلومات التي بحثت عنها وكم خطوة مشيتها من أجل تحقيق هدفك، فهم لم يقضوا الوقت الذي قضيته في التفكير والتخطيط والتنفيذ ومواجهة العقبات، كل هذا لم يعيشوه، ويأتون في أقل من ساعة يهدموا كل ذلك إما بنظرة حسد غير مقصودة أو بإحباط أو بعدم معرفة أو بحقد مقصود، فلا تسمح بذلك.

خامس خطوة للنجاح هي الكتابة، يجب أن تكون أفكارك واضحة أمامك، لا تدع الأفكار في عقلك طائرة تصول وتجول في عقلك فتُنسى، بل دونها في الورق، فالكتابة توضح الفكرة وتضع مميزاتها وعيوبها أمام عينك ويُسهل الرجوع إليها في وقت إحتياجها، كما أن الكتابة تُفرغ الذاكرة للخطوات القادمة بدلاً من تراكمها وتكدسها.

سادساً: يجب أن تكون شخص استغلالي لأبعد الحدود، والإستغلال هنا أقصد به استغلال الوقت، تعامل مع الوقت على إنه الشخص الذي يمتلك مفتاح حياتك فيجب أن تستغله. الوقت هو أثمن ما يمتلكه الإنسان، فالشركات تعطيك مرتب مقابل وقتك في الوظيفة. يجب أن تستغل وقتك في تنمية ذاتك والعمل على أهدافك. فإذا كنت من الشخصيات الذين يقضون ساعة ونصف في مشاهدة مباراة كرة قدم، وبعدها ست ساعات مع استديو تحليلي لمباراة، وساعتان مكالمة هاتف مع صديق عن ذات المباراة فلا تتوقع النجاح، إذا كنت من الأشخاص دائمي التردد على دور السينما لمشاهدة أحدث الأفلام فلا تتوقع النجاح، إذا كنت ممن يقضون 24 ساعة على مواقع التواصل الإجتماعي لا تتوقع أن تكون شخص ناجح. وهنا بالطبع لا نقصد المنع من الترفيه عن النفس، فبالطبع يجب أن تحصل على الترفيه والراحة ولكن نقصد هنا من كان هذا أسلوب حياتهم الدائم مباريات كرة قدم وسوشيال ميديا وسينمات فلا تتوقع أن تكون ناجحاً بل ستكون عادي، ستكون أحدهم ممن يمرون في الشارع يسيرون مع القطيع.

سابعاً: الإتعاظ من تجارب السابقين، لأن هذا العامل يوفر عليك الوقوع بالخطأ والحساب الجيد قبل اتخاذ خطوتك القادمة.

ثامناً: لا تحيط نفسك بالمحبطين والشكايين الذين يداومون في جلساتهم على الشكوى من الظروف، فالوقت الذي يضيع في سماع شكواهم أنت أحق به في تنمية ذاتك أو حتى تصفية ذهنك، والتقوقع داخل منطقة راحتك لإعادة بناء طاقتك بدلاً من سماع ترهاتهم التي لا تزيدك سوى إحباطاً وتشاؤماً لن يغير من حياتهم أو حياتك شيئاً بل من الممكن أن يُتعسك ويُكئبك.

تاسعاً: وقتك الخاص بالترفيه عن نفسك هو وقت ضروري جداً لإعادة شحن طاقتك، وأفضل إمتاع أن تصفي ذهنك بالجلوس وحيداً أمام بحر أو في صحراء في رحلة سفاري، أو النزول للشوارع تتأمل، سماع قرآن، سماع موسيقى هادئة، الجلوس مع أطفال واللعب معهم، الخروج للحدائق والبعد عن الأخبار والصحف والسوشيال ميديا والتريندز.

حقائق يجب أن تعرفها عن النجاح

كلام في سرك.. تعلمه أنت ويخفى على أعدائك

يجب أن تدرك حقيقتين الأولى هي أن النجاح عملية تراكمية مستمرة وطويلة بمعنى إذا بذلت مجهود اليوم لن تحصل على النجاح غداً، فالرياضي الناجح يحتاج إلى سنوات من التدريب المستمر والشاق بالإضافة إلى النظام الغذائي المستمر أيضاً. والعلماء يحتاجون إلى سنوات من الدراسة والأبحاث والتجارب حتى يحققون النجاحات.

والحقيقة الثانية التي عليك أن تدركها هي وجود نسبة حظ قد تصل إلى 50% في تحقيق نجاحك، فمثلاً نشأتك في بيئة عملت على نضوجك فكرياً وعلمياً شئ ليس بيدك بل هو حظ، وأيضاً مقابلتك لشخص أو شريك حياة قد يغير مجرى حياتك إما أن يساعدك على النجاح أو يقودك إلى الفشل فهذا حظ. أو وجودك في بلد قوي به فرص متاحة ومفتوحة وتوفر تعليم وصحة بشكل جيد عكس وجودك في بلد ضعيف لا يسمح بالحرية وتقل فيه فرص العمل، فهذا حظ أيضاً، فكثيراً من المحاضرين يضربون الأمثال بنجاح بيل جيتس وجوبز ومارك زوكربيرج لتشجيع الشباب على النجاح ولا يضعون في اعتبارهم البيئة والبلد التي نشئوا فيها هؤلاء ، فأغلبهم من بلاد العالم الأول ويأتي المحاضرون بضرب هذه الأمثلة لشباب في دول العالم الثالث. وأيضاً الفرص، قد تصادف فرصة تساعدك على القذف بأحلامك بعيداً وقد لا تصادف.

حدث نفسك دائماً عن شكلك ووضعك بعد الوصول لأهدافك، تخيل نفسك بعد النجاح ولا تركز على أن النجاح هو الوصول للمال فقط وأن تصبح مليونيراً. فالأم تُفني حياتها في بناء أبنائها وجعلهم في المستقبل في أماكن مرموقة ، فنجاحها وثروتها ليست مالاً بل إنسان نافع لحياته ولمجتمعه. وكذلك العالم والطبيب والمفكر ومندوب المبيعات الناجح الذي يحقق أكبر معدلات بيع هو شخص ناجح بغض النظر عن المجال أو المال الذي يحصل عليه.

ونذكر مرة أخرى أن ما قدمناه هو مفاتيح وعوامل للنجاح إذا سرت عليها ستحقق النجاح بلا شك، ولكن الصبر والوعي مطلوبان في مشوارك الطويل للنجاح فلا تشعر بالملل من طول الرحلة، ولا تيأس من الصعوبات ولا تتوقف عن المحاولة.

Nermin Yousif

Nermin Yousif

كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية

كاتبة وصحفية خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً . خبرة 17 عاماً كباحثة إعلامية في إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري. البحث والتدقيق في التفاصيل من أهم مراحل عملي لإنجاز المقالات ، لدي سهولة في استخدام اللغة العربية وكلماتها البديعية في صياغة المقال لخدمة هدف المقال، وقدرة على ترتيب الأفكار بشكل جذاب يشد القارئ للمحتوى دون ملل أو تطويل. لدي خبرة في كتابة المقالات وسيناريو مسلسلات للكبار والصغار.

اقرأ ايضاّ