في طريقك إلى النجاح، إلى أي حد يمكنك التنازل؟ وهل هذا صحيح أم خاطئ ؟

مشاهدة فيلم " The Devil Wears Prada " أو " الشيطان يرتدي برادا" تجعل الشخص يتساءل عن مدى صحة التنازل عن الكثير مقابل التواجد القريب من الشخصيات الناجحة ، والتي يتهافت مئات الناس للاحتكاك بهم والبقاء بالقرب من نجاحهم البارز ، لكن الفيلم يجسد الناحية العملية من تلك الأمنية المكررة للكثير من الناس الذين يرونها فرصة ذهبية للنجاح في الحياة ، بغض النظر عن أي عقبات فإن استغلالها واجب ، لكن هل هذا صحيح دوماً؟
فيلم "الشيطان يرتدي برادا"

الفيلم يتحدث عن " ميريندا براسيلي " مديرة أهم مجلة للموضة العالمية في نيويورك ، ناجحة ومشهورة ومعروفة بصفات مميزة ليست كمثل أي شخصية أخرى ، وتميز الكوادر التي تختارهم حولها بعناية هو أحد أسرار النجاح الخارق لهذه السيدة الاستثنائية.
توفر شاغر لمحررة ومساعدة لميريندا في الشركة، وتقدمت لهذا الشاغر شابة صحفية اسمها " أندريا " ، عملية وجيدة في عملها كصحفية ولكن العمل بالقرب من شخصية مثل " ميريندا " ستكون أي مواصفات جيدة غير كافية له ، تعثرت كثيرا وتعلمت كثيرا في أثناء عملها تحت ضغط الشخصية الناجحة تلك ، وتواجدها بالقرب منها أخرج صفات استثنائية فيها هي أيضا لم تكن تعرفها، وذلك بسبب الدوافع المحاطة بها دوماً المتمثلة بأنك ستفقدين الوظيفة التي تحلم بها كل فتاة في أميركا!
خسرت شريكها في الحياة ومن ثم أصدقائها ، وشيئا فشيئاً بدأت تشعر أنها تفقد شيء من نفسها وروحها بسبب التألق الذي تصل إليه مع هذه الشخصية التي لا ترى سوى النجاح والطريق المؤدي إليه . وفي النهاية بعد حديث دار بين "ميريندرا" و "أندريا" حول الاختيار في الحياة ، أخبرتها "ميريندا " أنها تراها تشبهها، وستصل يوماً بسبب هذا التشابه، وأن هذه الخسارات على مدى الطريق طبيعية لأنها اختارت القمة، وفي نهاية الفيلم تتخلى "أندريا" عن الوظيفة وتترك كل هذا الألق الأخاذ خلفها.... قد يعد ذلك تلخيصاً بسيطاً للفيلم، ويثار السؤال ، هل فعلها صحيح؟
هو فيلم يثير التساؤلات في داخل عقلك!

استغرق مني التفكير في هذا الفيلم اليوم كله بعد مشاهدته، لأن الفكرة المطروحة به في غاية التعقيد إذا ما فكرت بها كقرار حاسم، أعني لو جاءك عرض عمل في شيء مشابه من ناحية النجاح والشهرة، فهل تتخلى عن الكثير مقابل الاحتكاك بالنجاح مباشرة؟
وجدت أنه لا يوجد نعم أو لا بشكل قاطع وكلا الإجابتين وارد، فكلا الأمرين صحيحين بالنسبة للقائل بما يتوافق مع تفكيره وطريقة حياته ورؤيته للنجاح من زاويته الشخصية ، فكما يقول صلاح أبو مجد المدرب الدولي ورجل الأعمال الناجح " كل شخص يرى النجاح بطريقته، أحدهم يرى النجاح بأنه توظف وتزوج ولديه طفل وحياة مستقرة، والآخر يرى أن يحقق ثروة تتخطى الملايين هو النجاح ، وكلاهما على صواب ! "
- لم قد يكون الجواب نعم ؟

إذا تحدثنا بواقعية ، فإن النجاح دوماً له ضريبة وهذا طبيعي، وطريق النجاح كلما كان واضح المسار أكثر فإن ضريبته ستكون أكبر قليلاً من الطرق الأخرى التي فيها الاحتمال أكثر من اليقين للنجاح المطلق، وبالتالي، أن تأخذ منك الوظيفة الناجحة أو القرب من شخصية ناجحة حريات وجزء أكبر من حياتك اليومية فهذا منطق، لأنك لتحصل على نتائج غير عادية لابد أن تقدم جهداً غير عادي.
والأمر المهم كذلك أن تكون هذه هي رغبتك المطلقة وليس جبراً عليك، لأنك وإن احتملت في البداية من أجل الحصول على النجاح فقط وكنت شخص غير مقتنع بذلك المجهود ، فسوف تتوقف في مرحلة ما كما بطلة الفيلم، لأن هذا الثمن الذي تدفعه في حياتها ليس مقابل ما تريد حقا، على عكس "ميريندا" ، هي تريد ذلك االهدف الذي تخسر من أجله أي شيء، ومستعدة لخسارات أكبر إن كان في سبيله.
- لم قد يكون الجواب لا ؟

النجاح أمر محبذ جدا ومهم للإنسان في جميع النواحي، ولكن أن يتجاوز المرء في الوصول إليه حدوداً قد لا يجدها البعض منطقية، فذلك أمر يخرج عن نطاق الوصول للنجاح ويدخل في نطاق مقدار التحمل ، أي يصبح أقرب للتحدي وإثبات الوجود منه للنجاح .
ليس خطأ، لكن بالمقابل ليس واجباً لإثبات صحة المقدرة، لأن الإنسان في سبيل كسب ذلك النجاح ما سيخسره قد لا يستطيع تعويضه أبداً في الحياة ، قد يخسر أشياء يراها المهووس بالنجاح أموراً بسيطة لكنها هي الحياة بذاتها، دونها ستكون حياتك مثل أي آلة عمل تعمل معظم ساعات النهار ولا إنجاز آخر تحتفي فيه سوى إتمام لوحة أعمال اليوم!
خاتمة ورأي شخصي
ربما كتبت الرأيين في الموضوع المطروح، لكنني إلى هذه اللحظة تراني أسأل نفسي : إن جاءت فرصة مماثلة في الجهد والتألق كتلك في المجال الذي أراه مهما (مجال النشر مثلاً)، هل سأرفض حينها أم سأقبل؟
حقاً إن الأمر يعتمد على عدة نواحي وأهمها تفكير الشخص في ذلك الوقت.
شاركوني آرائكم في الموضوع على صفحتي الشخصية على فيسبوك هنا ، إنني شغوفة جداً بمعرفة الآراء المختلفة ومناقشتها .
شكراً للقراءة.