من سلك طريقا يلتمس به علما؛ سهل الله به طريقا إلى الجنة
هذه مقولة رسولنا الكريم عن العلم، و له أقوال عدة يحث فيها العباد على طلب العلم بعدما اوحى له الله عز و جل ضرورة تعلم القراءة و الكتابة لترقى الشعوب و تزدهر الأمم، و الدليل على ذلك هو أول آية أنزلها الله تعالى على رسوله الأمي:
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} صدق الله العظيم

اهمية طلب العلم في الاسلام:
يدعو لطالب العلم من في السماء والأرض؛ وذلك لأنَّ طالب العلم يبقى في علاقة مفتوحة وشاملة مع الكون الهائل.
يُعادل طريق العلم منزلة الجهاد في سبيل الله.
يُعرّف العلم صاحبه بكيفية عبادة الله، وهو بذلك نور يُضيء طريق طالبه، وبالتالي يكون طريق حياته على علم وبصيرة.
يهتدي الناس بنور العالم في أمور الدنيا والدين
و تنبع أهمية طلب العلم في الإسلام مما يلي:
إعمار الأرض: تتمثل أهمية طلب العلم بعمارة الأرض، والتي لا تتحقق إلّا بمعرفة علوم الصناعة، والزراعة، والاقتصاد، والتجارة، وغير ذلك من العلوم التي تُعلي من همة الأمة والوطن.
الدفاع عن الشريعة والعقيدة، حيث تحتاج الامة الإسلاميّة إلى كلّ علم يهدف إلى الدفاع عن شريعتها ومنهجها سواء في الزمن الحالي أو في المستقبل.
الإعلاء من منزلة وقدر طالب العلم: إذ تزداد تلك القيمة من خلال طلب العلم النافع الذي يعم نفعه على جميع الأمة الإسلامية.
لذة طلب العلم:
يتميز العلم بلذته التي لا تُعادلها أيّ لذة من لذائذ الدنيا الزائلة، حيث يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: (في العِلْم بالأشياء لذَّة لا تُوازيها لذَّة؛ إذْ هو نوعٌ مِن الاستيلاء على المعلوم، والحَوْز له، ومحبَّة الاستيلاء قد جُبِلَت عليها النُّفوس، وميلت إليها القُلوب)، وتتعدد لذة العلم في أمور مختلفة، ومنها:
اللذة في مُطالعة الكتب.
اللذة في التصنيف والتأليف.
اللذة في معرفة أصول البشر و التاريخ.
اللذة في فهم لغة أخرى و التحدث بها.
اللذة في مناقشة متعلم و الاستمتاع بالفوز عليه.
اللذة في الإجابة عن أسئلة صعبة.
اللذة في تولي مناصب عليا في البلد بفضل دراستك و علمك و مجهودك الشخصي.
اللذة في النجاح في الامتحانات.. و ما أروعها من لذة، عندما ترى إسمك من بين الأوائل على قائمة الناجحين..

الرغبة في التعلم شيء مهم:
الطفل في زمننا هذا، يذهب إلى المدرسة مكرها، و كأن شيئا جذبه من سريره الدافئ في الصباح الباكر و ارغمه على الخروج في ذلك البرد لطلب شيء من العلم، فهو لا يعلم أن الاطفال في زمن مضى كانوا يحلمون بوضع أقدامهم على اعتاب المدارس، فهم لشدة الفقر و العوز، كانوا مجبرين على العمل و إعالة عائلاتهم و وضع بعض الطعام في صحونهم، و لم يملكوا ثمن كتاب أو كراس..
أما الآن فالوالدان يوفران كل لوازم التعلم، إلا شيء واحد فقط، و هو الرغبة في التعلم..
لذلك ترى الطفل يجر قدميه سائلا نفسه: لما علي ان أذهب إلى المدرسة؟..

فدور الأولياء أن يجيبوا على هذا التساؤل بحكمة موضحين سبب الذهاب إلى المدرسة بشكل مبسط و مقنع، ليذهب الطفل إلى مقاعد المدرسة منفتح العقل ليستقبل المعلومات من أستاذه بصدر رحب و همة عالية..
الندم بعد عمر الثلاثين:
كثير من الناس انسحبوا من مقاعد الدراسة طوعا، ظنا منهم ان الدراسة هي فقط حشو لمعلومات قد لا يحتاجها في حياته، ثم لجؤوا إلى أعمال حرة أو وظائف دنيئة أو التسكع في الشوارع، و لكن يأتي عليهم وقت ليكتشفوا بأنهم لا يستطيعون قراءة رسالة مبعوثة لهم، أو لا يستطيعون كتابة طلب وظيفة أو ملأ صك بريدي، لا يستطيعون المذاكرة لأولادهم و مساعدتهم على حل تمارين بسيطة، لا يستطيعون حتى التواصل مع الناس في مواقع التواصل الإفتراضية التي أصبحت شيء لا يمكن الإستغناء عنه في زمننا.. فيتملكهم الندم و الحزن و يتمنون لو ان الزمن يعود إلى الوراء ليتمكنوا من طلب العلم بقدر ما يستطيعون..

و هناك ايضا من أنهى دراسته الجامعية فقط ليتوظف و يملك راتبا شهريا لا يسد حاجياته و لا يقتني الكماليات التي أصبحت ضروريات في زمننا هذا مثل السيارة..
فيندم على كل دقيقة ضيعها في مشاهدة التلفاز أو النوم، او الخروج للعبث في الشارع تاركا وراءه مراجعة الدروس و الإجتهاد في الإمتحان لكي يتحصل على مركز بين الأوائل الذي يمكنه من النيل بأعلى المناصب و التحصل على أعلى الرواتب.. فيتمنى أيضا لو أن الزمن يعود به إلى الوراء ليصلح أخطاءه و يبذل جهدا أكبر..
مساندة ذوي الخبرة:
أتمنى من كل قلبي لو أن أهلي ساندوني في سنوات دراستي، و قدموا لي نصائح لكي لا أعيد أخطاءهم كإهمال الدراسة و التسارع إلى العمل في أية وظيفة، فطلب العلم لا يقتصر على الوظيفة فقط، بل يسمو إلى الحضارة و الإزدهار و التفوق و الخروج عن المألوف و الرحيل إلى دول متطورة بعيدا عن التخلف و الإنحطاط..
