شموع الأمل والألم والقوة التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

آية رزق
كاتبة محتوى و مهندسة معمارية
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
1
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

هل تعلم القنابل المسيلة للدموع أن نتيجتها ليست دموعاً فقط ؟هل يعلم قاذف الصواريخ أن نتاج قذفه لن يكون قتلى وجرحى ودمار فقط ؛ بل أمل وقوة وصبر ليس له مثيلٌ على هذه الأرض؟

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

الحرب ألم ؛ لكنّ الفلسطينيون لا يتركون الأَمل ، والإبادة هدفها أن تنقرض أرواحهم الصامدة لكنّهم كالقيامة يبعثون كل يومٍ من جديد . نعم عانوا كثيراً وحدهم والعالم يُشاهد ، لكنَّهم أيضاً وحدهم يقاومون والعالم كلُّهُ يتعلم .

من هي مجدولين نصر الله ؟

مجدولين نصر الله هي مُصممة من أصل فلسطيني مقيمة في قطر ؛ حاصلة على شهادة الماجستير في التصميم متعدد التخصصات والتصميم الداخلي من جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر ، يجمع عملها بين التصميم المعماري وتصميم الأثاث والمنتجات، تركز على مفاهيم الفضاء المادي والتجربة الإنسانية وما يصاحبها من عقبات سياسية واجتماعية.

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

(1948)عنوان الحكاية.

أبدعت مجدولين نصر الله في صنع شموع مُلونة ومُعطرة تحمل ألوانها أرض وطبيعة فلسطين مُثبتة على حامل معدني مصنوع من قنابل الغاز المُسِيلة للدموع التي تم انتشالها من مدينة بيت لحم ونابلس وتشكيلها برمز مفتاح لتحمل رمز المقاومة الفلسطينية ( مفتاح العودة ).أطلقت نصر الله اسم 1948 على هذا العمل ليعبر عن قصة النكبة التي عاشها الفلسطينيون .

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

تحدثت مجدولين نصر الله عبر مقال نُشر بمجلة Dezeen المعمارية الفنية عن اختيارها عن رمز النكبة 1948 وقالت " إنه يتحدث عن نزوحنا القسري وحقنا في العودة إلى منازلنا وأرض أجدادنا ، لقد أخذت العديد من العائلات الفلسطينية مفاتيحها معهم عندما أُجبروا على النفي في عام 1948 ووعدوا بالعودة في غضون أيام أو أسابيع قليلة."

وقد استُخدم الرمز تضامناً مع الحرية الفلسطينية منذ النكبة التي تشير إلى النزوح الجماعي وطرد أكثر من نصف السكان العرب الفلسطينيين في حرب عام 1948 والتي تأسست خلالها دولة إسرائيل و بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين حوالي ستة ملايين.

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

تقول مجدولين التي انتقلت من الأردن - حيث عاشت عائلتها في المنفى - إلى قطر في عام 2000: "نطلق عليه اسم مفتاح العودة".

الرحلة الشَّاقة .

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

كرحلات أهل فلسطين الشَّاقة كانت رحلة هذه القطع المعدنية المُعاد تدويرها من قنابل الغاز المُسيلة للدموع؛ بالكاد تم صنع 100 نسخة فقط من هذه القطع حيث واجهوا الكثير من الصعوبات والمخاطر أثناء انتشالها من أرض مخيم عايدة للاجئين بشمال مدينة بيت لحم .

قام بتجميع القطع الفنان الفلسطيني أكرم الوعرة وهو الذي ابتكر أعمالًا فنية كثيرة من العبوات الناسفة والقنابل لسنوات .

أعاد أكرم الوعرة تشكيل العبوات إلى صفائح معدنية مسطحة ونظفها من أي آثار قبل إرسالها إلى منذر ؛ ومنذر هو عامل معادن مقيم في مدينة نابلس، والذي حول العبوات إلى حاملات شموع على شكل مفتاح باستخدام قالب مطبوع ثلاثي الأبعاد أرسلته إليه مجدولين نصر الله .

كان جمع العبوات وتحويلها عملية طويلة ومتعبة استغرقت أكثر من عامين .

كان على أكرم الوعرة أن يبذل عناية إضافية لتفكيك العبوات إلى صفائح بسيطة قبل أن تمر عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وفي نابلس كان الملاذ الأخير، حيث حاول منذر في الأصل استعادة عبوات الغاز المسيل للدموع بنفسه، ولكن في نابلس كانت العملية خطيرة وصعبة، ولم يتمكن من جمع ما يكفي .

تقول مجدولين : "أعتقد أن التحديات التي واجهتها خلال العملية، وخاصة جمع عبوات الغاز المسيل للدموع ونقلها عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية تضيف إلى قيمة حاملات الشموع لأنها تجسد واقع الحياة تحت الاحتلال".

الشموع فلسطينية .

استوحت مجدولين روح فلسطين وهي تصنع الشموع أيضاً؛كل شمعة تستحضر في لونها ورائحتها ذكريات فلسطين ؛ بتدرجات دقيقة وألوان تشبه أرض فلسطين بمناظرها الطبيعية الرائعة .
الأصفر والبرتقالي والأخضر والأبيض الأرجواني ؛ تدرجات تذكرك بأرضها حين تلتقي بغروب الشمس ،
أو تأخذك بين المباني القديمة والمساجد والكنائس والبحر والجبال .
أما رائحة كل شمعة يمكنها أن تعيدك إلى أشجار الزيتون والبرتقال والتين .
أو تجد فيها عبق المريمية والزعتر والياسمين .

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

من 1948 إلى 2023

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

بدأت مجدولين نصر الله العمل على مشروعها قبل الحرب الأخيرة بين إسرائيل وغزة، والتي أودت بحياة أكثر من 42 ألف شخص حتى الآن وشردت أكثر من مليوني شخص. تقول مجدولين :"

عندما كنت أعمل على هذا المشروع، كنت أفكر في نكبة عام 1948 والاحتلال المستمر لفلسطين. لم أكن أعلم أنني سأشهد شعبي يمر بنكبة عام 2023 على شاشة هاتفي".

وأضافت: "خلال الأشهر القليلة الماضية، أكملت هذا العمل بقلب مثقل. كانت هناك أيام عديدة لم أستطع فيها النظر إلى مشروعي، ناهيك عن إنتاج كل قطعة .

في أيام أخرى، كنت أذكر نفسي بالرسالة التي أحملها من خلال عملي - المقاومة. وأقوم وأستمر في العمل".

تم الانتهاء من المشروع كجزء من عام الثقافة قطر-المغرب 2024، وكان مدعومًا من زمالة الدراسات العليا لمكتبة المواد في VCUArts قطر.

قدمت نصر الله مشروعها في Liwan Studios في قطر خلال معرض Design Doha الافتتاحي، حيث عرض مبدعون فلسطينيون آخرون أعمالهم .

شموع الأمل والألم والقوة  التي صنعتها الفلسطينية مجدولين نصر الله.

" شموعي هي انعكاس لشعبي".

"إنهم يحترقون، ويقفون أقوياء وجميلين في نفس الوقت. آمل أن يتمكن الجمهور عندما يختبر مشروع 1948، من الشعور بطبقات الألم والأمل والقوة التي يحملها الفلسطينيون في داخلهم " مجدولين نصر الله .


آية رزق

آية رزق

كاتبة محتوى و مهندسة معمارية

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ