رمزية الشخصيات والأشكال في "غيرنيكا".. لوحة الحرب الأشهر لبيكاسو؟

عن لوحة "غيرنيكا"؟
- تاريخ الإنشاء: 1937.
- الأبعاد: 3.49 متر ارتفاع × 7.77 متر عرض.
- الموقع الحالي: متحف رينا صوفيا (Museo Reina Sofía) في مدريد، إسبانيا.
- الأسلوب الفني: مزيج من الكيوبيزم (Cubism) والسورياليزم (Surrealism).
- الوسائط: زيت على قماش.
#لوحة_"غيرنيكا" هي عمل فني معقد يعبر عن احتجاج قوي ضد الحرب، مستوحى من قصف مدينة غيرنيكا الباسكية في إسبانيا خلال الحرب الأهلية الإسبانية من قبل القوات الألمانية النازية بطلب من #الجنرال_فرانكو.
تحمل الشخصيات والأشكال في اللوحة رمزية عميقة تعكس الفوضى، الألم، والمعاناة الناتجة عن العنف. ولأن بيكاسو لم يقدم تفسيرًا رسميًا محددًا لكل رمز، فقد ترك المجال مفتوحًا للتأويل، مما جعل اللوحة موضوع نقاش واسع بين المؤرخين والنقاد.
تحليل أبرز الشخصيات والأشكال ورمزيتها:
1. الحصان:
• الوصف: حصان في وسط اللوحة، مثقوب برمح، يصرخ بألم مع فم مفتوح وعينين متسعتين.
• الرمزية: يُعتبر الحصان رمزًا للشعب البريء الذي يعاني من ويلات الحرب. بيكاسو نفسه قال إن الحصان يمثل "الشعب".
وقد يشير إلى القوة المكسورة أو الأمل الذي يُدمر تحت وطأة العنف، خاصة أن الحصان كان يُستخدم في المعارك تاريخيًا.
بينما يرى بعض النقاد أن فيه إشارة إلى الفرسان الأربعة في سفر الرؤيا (الإنجيل)، رمزًا للموت والدمار.
2. الثور:
• الوصف: ثور يقف على الجانب الأيسر، هادئ نسبيًا مقارنة بالفوضى المحيطة به.
• الرمزية: الثور شخصية متكررة في أعمال بيكاسو، وغالبًا ما يُفسر كرمز للقوة الوحشية أو الظلام. بيكاسو قال إنه يمثل "الوحشية والظلام".
وقد يرمز إلى الفاشية أو النظام الديكتاتوري (فرانكو وحلفاؤه) الذي تسبب في المذبحة.
أما في الثقافة الإسبانية، فإن الثور مرتبط بمصارعة الثيران، وقد يُظهر صمود إسبانيا رغم الدمار.
3. الأم مع طفلها الميت:
- الوصف: امرأة على اليسار تحمل طفلها الميت، تصرخ بألم وعيناها متجهتان للسماء.
• الرمزية: تُذكر بصورة "البيتا" (Pietà) في الفن المسيحي، حيث تحمل السيدة مريم ابنها يسوع بعد الصلب، لكن هنا بدون أمل الخلاص.
كما ترمز إلى معاناة الأمهات والأبرياء الذين يدفعون ثمن الحروب، وهي صورة عالمية للحزن والخسارة.
4. المرأة المحترقة:
• الوصف: امرأة على اليمين تخرج من نافذة، محاطة بالنيران، تصرخ وذراعاها مرفوعتان.
•الرمزية: تجسد ضحايا القصف الجوي الذي دمر غيرنيكا، حيث تُظهر النار الدمار الحقيقي للمدينة.
ويمكن أن تعبر عن اليأس والعجز أمام القوة المدمرة للحرب الحديثة.

5. الجندي المقطع:
• الوصف: جندي ميت أو مصاب في أسفل اللوحة، أطرافه مقطعة، يمسك سيفًا مكسورًا وبجانبه زهرة.
• الرمزية: يمثل هزيمة المقاومة أو الشجاعة العبثية أمام قوة الحرب الآلية (القصف الجوي).
كما يرمز السيف المكسور إلى العجز والانهزام، بينما الزهرة البيضاء قد تشير إلى بصيص أمل أو ذكرى السلام وسط الدمار.
6. المصباح الكهربائي:
• الوصف: مصباح في أعلى اللوحة، يضيء المشهد داخل شكل يشبه العين.
• الرمزية: قد يرمز إلى التكنولوجيا الحديثة (الطائرات والقنابل) التي جلبت الدمار، حيث أن كلمة "bombilla" (مصباح) في الإسبانية قريبة من "bomba" (قنبلة).
وبعض النقاد يرونه عين الله التي تشاهد المأساة دون تدخل، أو رمزًا للتنوير المدمر.
7. المرأة تحمل المصباح :
• الوصف: امرأة تمد يدها بمصباح زيتي من نافذة على اليمين.
• الرمزية: تُفسر أحيانًا كرمز للحقيقة أو الأمل الذي يحاول إضاءة الظلام، مقابل المصباح الكهربائي الذي يمثل التدمير.
ويمكن أن تشير إلى دور الفن (بيكاسو نفسه) في كشف الحقيقة عن فظائع الحرب.
ما هي الألوان المستخدمة:
اللوحة مرسومة بألوان الرمادي والأسود والأبيض فقط. وهذا قد يعزز الشعور بالكآبة والموت، وتُذكر بصور الصحف التي نشرت أخبار القصف.
وقد تجعل المشهد واقعيًا كتقرير صحفي، وتزيل أي إلهاء قد يأتي من الألوان الزاهية.
لماذا هذه الرمزية في لوحة غيرنيكا؟
• التعبير عن الفوضى والمعاناة: الأشكال المشوهة والمتداخلة (من تأثير الكيوبيزم والسورياليزم) تعكس الحالة النفسية لضحايا الحرب والاضطراب الكلي.
• رسالة عالمية: بيكاسو تجنب الإشارات المباشرة لأحداث غيرنيكا المحددة، مما جعل اللوحة رمزًا عالميًا ضد الحرب، وليس مجرد احتجاج محلي.
• التأثير الثقافي: استخدام رموز إسبانية مثل الثور والحصان يربط العمل بجذوره الإسبانية، لكنه يتجاوزها ليصبح صوتًا إنسانيًا شاملاً.
من هو بيكاسو؟

#بابلو_بيكاسو (Pablo Picasso): فنان إسباني (1881-1973)، رائد المدرسة التكعيبية وأحد أعظم رسامي القرن العشرين. اشتهر بلوحات مثل "غيرنيكا" و"الآنسات في أفينيون"، وعازف الغيتار المسن و المأساة وفتاة أمام المرآة وغيرها كثير.
أنتج بيكاسو أكثر من 20,000 عمل فني متنوع (رسم، نحت، خزف). عُرف بتعدد أساليبه (الفترة الزرقاء، الوردية، الكلاسيكية) وتأثيره العميق على الفن الحديث.
" نعرف جميعاً أن الفن ليس الحقيقة، إنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة".
الخلاصة:
الشخصيات والأشكال في "غيرنيكا" لا تحمل معنى واحدًا محددًا، بل تتعدد التفسيرات حسب السياق. بيكاسو نفسه قال: "ليس من وظيفة الرسام أن يحدد الرموز، بل على الجمهور أن يراها كما يفهمها." اللوحة تجمع بين الوحشية (الثور)، الألم (الحصان والأم)، الهزيمة (الجندي)، والأمل الضئيل (الزهرة)، لتعبر عن رفض الحرب وتأثيرها المدمر على الإنسانية. هذا الإبهام المتعمد هو ما جعلها أيقونة خالدة في الفن والسياسة.
إذا أعجبك المقال شاركه مع الأصدقاء، وإن هناك لوحات أخرى ترغب بالكلام عنها اكتب لنا في التعليقات.
يمكنك أيضاً قراءة:
إليزابيتا سيراني.. أشهر فرشاة في بولونيا وأحد أشهر فنانات العصر الباروكي اشتهرت برسم العائلة المقدسة
د. سامر سيف الدين
كاتبخبرة في التدريس الأكاديمي في كليات الهندسة والإعلام والتربية لأكثر من 22 عاماً في التعليم العام والخاص والافتراضي. مدير ومصمم عدد من مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، أذكر منها موقع أيقونات للشخصيات الملهمة والمبدعة، وصفحة كشف التزييف على الفيس بوك وعدة حسابات ومواقع أخرى