رحلة زينب بنت الريف من فتاة اُمية لاستاذة جامعية

زينب سكر
مترجم
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
5
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

ارتأيت ان اكتب قصة نجاح اضنها ملهمة لمن يقراها، لانها في الواقع قصة نجاح امرأة اعرفها جيدا , افهي ليست مجرد قصة طموح بل كانت رحلة مليئة بالتحديات، الألم، والإصرار. انها قصة زينب بنت الريف العراقي الذي يقيد المرأة بان تفكر باي امل سوى الزواج والعائلة. انها قصتي انا.

رحلة زينب بنت الريف من فتاة اُمية لاستاذة جامعية

زينب بنت وُلدتُ في بيئة ريفية، رفضت أن تكون مجرد رقم في قائمة النساء اللواتي قيدتهن الظروف. لكنها قررت أن تصنع مستقبلها بيدها، رغم كل الصعوبات.

نشأت زينب في بيئة ريفية تحمل عادات وتقاليد تحتم على المرأة حياة خاصة تعيقها في ذلك الوقت من مجرد التفكير ببناء حلمها الخاص. انهت زينب دراستها الابتدائية وهي الأولى على مدرستها الريفية البسيطة, مع هذا طلب والدها منها ترك الدراسة لأسباب عديدة تتلخص في خوفه عليها من الخروج للعالم الخارجي الذي يحمل المجهول بين طياته لابنته الصغيرة.

بعمر الخامسة عشر عاما، تزوجت زينب بطلب من والديها لاول خاطب طرق الباب, وكانهم راوا ان ابنتهم هذه قادرة على تحمل مسؤولية الاعتناء بزوج وبناء اسرة بينما هي نفسها كانت طفلة لم ترتوي من نهر حنان الاسرة الاولى. وهنا جاءت الانتقالة الأصعب والأولى بالنسبة لها. الانتقال لمجتمع جديد حمل لها تحديات جديدة فرضت عليها, كون العائلة الجديدة تعود لمجتمع يختلف تماما عن بيئتها الأولى بل انه اصعب بمرات ومرات بالنسبة لبيئة الريف التي نشأت فيها. زينب الان تعامل على انها زوجة عليها مسؤوليات ومهام كانت كبيرة على فتاة صغيرة، لكنها قررت ان تبدي صلابتها منذ تلك اللحظة حيث انها عرفت انه لم يعد لديها أي خيار بديل, لذا قررت المضي قدما في رحلتها الجديدة.

وسارت عجلة الحياة, ليحملها البيت الجديد الكثير من الاعباء التي قد لا يتحملها حتى الرجال, فلقد كانت تتصدى لمتطلبات مطلوبة منها فضلا عن متطلبات خارجية عرفت في بيت اهلها انها من مسؤولية الرجال وليست فتاة بنت خمسة عشر عاما. مرت بضع سنين, وهي الان أم لأربعة أطفال، يتوجب عليها عزلهم عن واقع مرير قد يضيع فيه أبنائها لو تركتهم يختلطون مع اجوائه. فقررت فصلهم بعالم افتراضي حتى قبل ان تصل لنا وسائل التواصل الاجتمعاي الافتراضية التي نعرفها اليوم. بنت زينب جدار عازل من نسج الخيال وعلمت أولادها ان يصدقوا وجوده لتكون قادرة على حمايتهم من المجتمع المحيط. نجحت كثيرا في مهمتها لكن تبقى للقدر قرارته التي لايمكن لاحد منعه حدوثها, فابنتها الأولى مرضت في طفولتها بمرض صاحبها طوال الحياة، مما جعلها تعاني من تنمر مجتمع قاس لا يعرف الرحمة في نظراته وكلماته. وهو حمل جديد اثقل كاهل زينب وهي ترى ابنتها الكبرى عرضة للتنمر القاسي من الجميع، بل كانت تعيش هذا الألم معها، ومع هذا قررت ان تجابه تلك النظرات وتحاول تقديم شتى أنواع الدعم لتلك الطفلة من أجل أن تمنحها الحياة فرصة للعيش بكرامة.

رحلة زينب بنت الريف من فتاة اُمية لاستاذة جامعية

مع كل ما مرت به الطفلة الكبيرة زينب، لم يكن الاستسلام خيارًا بالنسبة لها. ولم ترضى بان تنسى حلما لها كان يرافقها,. فقررت زينب في سن الثلاثين أن تبدأ رحلة جديدة, حينما كبر ابنها الأكبر محمد ووصل المرحلة المتوسطة في دراسته التي كان متفوقا فيها بفضل تلك الام الحريصة على تعليم أولادها بشكل يومي رغم الظروف العائلية المحيطة بهم. رحلتها الجديدة هي قرارها بان تكمل دراستها مع أولادها الصغار.

قدمت للامتحان الخارجي للثالث المتوسط, فكان النهار من حصة تعليم أطفالها وامور بيتها, والليل حصتها هي في دراستها التي ضحك منها الكثير حينما سمعوا بها. نجحت زينب بتفوق لتنتقل للمرحلة القادمة, انها الثانوية ممضية ثلاث سنوات اخرى تدرس في مدرسة مسائية, فكانت تكمل عملها صباحا وتذهب لمقاعد الدراسة مساءا . وهنا تكللت المرحلة الجديدة بتفوق جديد, لتتخرج زينب الأولى على مدرستها. أكملت السادس العلمي فهي لم تقبل حتى بخيار القسم الادبي لتصر انها قادرة على عبور الأصعب فالأصعب. ، جاء تخصصها في الكلية بقسم اللغة الإنكليزية الذي كان من اختيارها, وهنا تحصل مرحلة ومغامرة جديدة في رحلتها , فقد وجدت زينب وظيفة حكومية اثناء دراستها الجامعية, فكانت تخرج صباحا لوظيفتها ومنها ظهرا لجامعتها وتعود ليلا لواجباتها البيتية. تفوقت زينب من جديد بمعدل عال في البكالوريوس مما دفع الجميع الان لتشجيعها لإكمال الماجستير, بعد ان كان ينتقدها الكثير لخطوة الدراسة المتاخرة.

رحلة زينب بنت الريف من فتاة اُمية لاستاذة جامعية

زينب اليوم حاصلة على شهادة الماجستير في اللغة الإنجليزية. وقد أصبحت بالإضافة لعملها الوظيفي أستاذة اكاديمية أيضا. تجاوزتُ كل الصعوبات، واستطاعت أن تكون رقما صعبا بين الناجحين وممن يستحقون ان ترفع لهم قبعة الاحترام والتقدير. لم يقتصر نجاح زينب عليها فقط, بل أصبحت قدوة لأبنائها أيضا الذين اصبحوا اليوم أطباء متميزين يخدمون مجتمعهم بعلمهم.

رحلة زينب بنت الريف من فتاة اُمية لاستاذة جامعية

واليوم، تحلم زينب بأن تؤسس معهدًا لتطوير المرأة وتعليم اللغة الإنجليزية، ليكون مساحة تحتضن النساء الطموحات، وتمنحهن الأدوات اللازمة لبناء مستقبلهن بأيديهن. فهي تؤمن أن التغيير لا يأتي من الظروف، بل من الإرادة التي تصنع الفرق. لتوصل رسالة مفادها: عزيزتي، لا تستسلمي مهما كانت الظروف من حولك، فنحن من نصنع مستقبلنا ونغير واقعنا نحو الأفضل.

زينب سكر

زينب سكر

مترجم

سيدة طموحة ذات ارادة من حديد

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ