دلالات الألوان في الثقافات حول العالم
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولالألوان ليست مجرد ألوان فقط إطلاقًا؛ بل أنها معنى عميق جدًا له رمزيات تفوح منها رائحة الثقافات حول العالم باختلافها، واعتقاداتها، وإيمانها، فإن الألوان قد خرجت عن نطاقها لتكون رسالة ورمز يأتي إليك بالعديد بالمعاني التي أضفتها الشعوب على هذه الألوان على طريقتها الخاصة جدًا، حتمًا لم تأتِ دلالات الألوان في الثقافات حول العالم من فراغ؛ بل كان هناك أسرار خفية باتت تلوح بالأفق لتتجلى لنا ونعرفها.
الألوان في الفن والأنثروبولوجيا
ترتبط الألوان بعلاقةٍ وطيدة مع طريقة تفكير ورؤية الإنسان لما حوله، فقد ترسبّت في الأذهان والاعتقادات الطاغية عليها مجموعة من المسلمّات بارتباط كل لونٍ ودلالته على أمرٍ ما، ويأتي ذلك ليكون اللون طريقة جديدة لإيصال رسالةٍ ما وفكرة معينة يفهمها الرائي للون، ففي الثقافة العالمية يقترن اللون الأزرق بالسلام والحفاظ على الأمان ما يجعله محببًا ومريحًا بالمجمل؛ بغض النظر عن اعتقاداتك الخاصة وتمييزك لأي لون تفضل.
كما أن الثقافات الشعبية تترك أثرًا عميقًا جدًا في نفوس أبنائها لمعاني هذه الألوان، إذ قد تنبع رؤية الإنسان للألوان من إيمان البيئة المحيطة به بهذه الألوان وعلاقتها التاريخية والسياسية بالكثير من الأحداث؛ ما يجعلها دليلًا عليها، بذلك فإن الألوان تخرج من كونها تدرجات وألوان فقط لتصبح رمزًا لإيصال رسالة فكرية معينة للأشخاص على الصعيد السياسي والديني والتاريخي وغيرها.
دلالات الألوان في الثقافات حول العالم
تقترن رمزية الألوان بعلاقةٍ وطيدة مع الثقافات التي ترعرعنا في كنفها حتى بات الإيمان في نفوسها بأنها حقًا ترتبط نفسيًا هذه الألوان بتلك الدلالات، ولا يعتبر هذا الأمر حديث النشأة إطلاقًا؛ بل يرجع تاريخه إلى آلاف السنين ليكون رمزًا ودليلًا على أحداث لها علاقة بالحياة سواء على الصعيد الشعبي أو العالمي.
دعني أقنعك بذلك؛ تمكنت الملكة فيكتوريا منذ عام 1840 من إقناع العالم بأن اللون الأبيض يرتبط بالعرائس بالدرجةِ الأولى، وذلك بارتدائها فستان زفاف باللون الأبيض حتى أصبح أيقونة معتمدة ولا يمكن للعالم أن يقتنع بفستان زفاف بغير اللون الأبيض، إلا أن الشرق وتحديدًا الصين كان لها رأي مختلف؛ فإن اللون الأحمر معناه عروس بأبهى حلةٍ لها! فقد تمكن كل مجتمع من نشر القناعة وتحويلها ثقافة تؤمن بها الشعوب بدلالات هذه الألوان.
في الحقيقة لدي رغبة بالذهاب في رحلةٍ للكشف عن دلالات الألوان في الثقافات حول العالم:
اللون الأحمر : حياة وطاقة وحيوية
تؤمن الشعوب في العالم بأسره بأن اللون الأحمر متوّهج بالحب الجزيل والعاطفة المتأججة والحياة المفعمة بالحيوية، كما تنبعث من درجة سخونته طاقة تشير إلى الاندفاع نظرًا لاعتباره من درجات ألوان النار، لكن في الجانب الآخر فإن اللون الأحمر يشير أيضًا إلى العدوانية.
يعد اللون الأحمر من الألوان ثنائية المعاني؛ ما بين الخير والشر، إذ يدخل أيضًا تحت مظلة الألوان المقدسة للكثير من الشعوب المقترنة بعلاقةٍ وثيقة بالطقوس الدينية لديهم.
اللون الزهري: رمز الأنوثة والنعومة واللطافة
يقترن اللون الزهري بعلاقةٍ وطيدة مع الأحلام الجميلة والرومانسية، والحب وكل ما يمت للطافةِ بصلة؛ يعني الأنوثة مثلًا! فإن اللون الزهري يعد اللون الأفضل للفتيات إجمالًا، كما أننا حتى بمجرد التعبير نشير إلى أحلامنا بأنها وردية ما يجعل هذا اللون يرتبط بعمق مع النعومة، كما يقترن بطريقة جميلة بالأمومة والطفولة.
اللون الأصفر: لون السعادة والسرور وكل ما هو بهيج
توجهّت الكثير من العائلات في كندا والولايات المتحدة إلى جعل اللون الأصفر جزء رئيسي في أركان المنزل؛ وذلك حتى يكون مصدرًا للسعادة والبهجة، وفي تحليل اعتبار هذا اللون بهيجًا؛ فإن المفسرون قد أشاره إلى أنه الراحة والهدوء التي وصلت إليها أشعة الشمس بعد بهتان اللون الأحمر المتهيّج والعدواني؛ ما جعل اللون الأصفر ليشير في دلالات الألوان في الثقافات الشعبية إلى السعادة والراحة النفسية.
اللون الأزرق: شعاعٌ دافئ من السلام والأمان يتسلل خلف هذا اللون
هل شعرت بكمية الراحة والسلام العظيمة عند النظر إلى الصورةِ أعلاه وقد طغى عليها اللون الأزرق! السر يكمن في الراحة والسلام الذي تسلل إلى قلبك هو اللون بالدرجةِ الأولى وليس المنظر بحد ذاته، فقد عرف اللون الأزرق بأنه لون السماء العالية والبحار العميقة؛ فإنك بهذه الحالة على أعتابِ سلام داخلي عظيم ومذهل.
كما تشير دلالات اللون الأزرق في ثقافات الشعوب إلى أن اللون الأزرق أيقونة متكاملة في تعميق شعور العقلانية وتحسين جودة الارتباط بالمجمل، ومن الملاحظ غالبًا أن معظم الشركات والوكالات الحكومية تتجه إلى اعتماد اللون الأزرق لونًا رسميًا للزي الخاص بها.
اللون الأخضر: لون الغيرة والنماء والحيوية
العديد من الارتباطات والدلالات التي تقترن بعلاقة وثيقة مع اللون الأخضر؛ حيث يستدل به على الحياة والنماء والحيوية، وتحديدًا أنه لون الطبيعة التي تشير إلى الإنتاجية، لكن قد تمكن اللون من التحرر والوصول إلى مستوى آخر ليكون أيضًا لون الغيرة والحسد.
تجلى هذا التفسير في إحدى مسرحيات ويليام شكسبير التي أشار بها على لسان أحد أبطال مسرحية عطيل بسرد وصف وحش ذو عيون خضراء؛ فقد كان الاستدلال إلى الغيرة والحسد والحقد والبغضاء.
اللون الأسود: لون الحداد والموت والرعب
رغم مستوى الأناقة الطاغية على اللون الأسود بالمجمل واعتباره ملك الألوان، إلا أنه مصدر للرعب والقلق وأيضًا لون الحداد والموت، فقد آمنت الشعوب وتناقلت ثقافات وحضارات مضت وما زالت قائمة بأن اللون الأسود لا محالة يقترن بالموت.
في الحقيقة إن الألوان من الأحمر والأسود والأصفر وغيرها تتخذ تفسيرًا لدى كل شعب من الشعوب على طريقتها الخاصة،
ففي حين كانت الصين تؤمن بأن اللون الأصفر يرتبط بعمق بالملوك، فقد كان للمصريين القدماء رأي آخر بالنسبةِ للون الأزرق الذي كان مجرد ارتباط بالتعويذات، رغم أن الأصفر دليل الراحة النفسية والأزرق إشارة للسلام، إلا أن الثقافات تمكنت من تغيير المعاني.
ليس ذلك فحسب؛ فإن الغالبية العظمى من الدول تؤمن تمامًا بأن اللون الأحمر يشار به إلى الاندفاع والعاطفة والعدائية بحكم العلاقة الوثيقة بالدم، إلا أنه في الصين دليل على الحظ السعيد.
ختامًا، فإنه رغم دلالات الألوان في الثقافات الشعبية والعالمية والقناعة التامة لكل منها بالمعنى الذي تشير إليه، إلا أن هناك مسلمات شخصية لها رأي آخر أيضًا يطلقها الإنسان حسب الشعور النابع من أعماقه عند رؤية اللون، مثلًا أنا شخصيًا أشعر أن الأخضر فعلًا مريح نفسيًا رغم إيمان شكسبير بأنه دليل الحسد.
المرجع
إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوعكاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.
تصفح صفحة الكاتب