حرب غزة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال "التحديات والخيارات الصعبة"

بعد مرور أكثر من تسعة عشر شهرًا على العدوان الصهيوني على قطاع غزة، لم ينجح بنيامين نتنياهو في تحقيق أي من أهدافه المعلنة؛ لقد تمثلت أبرز نتائج الحرب في المجازر اليومية والدمار الواسع، مما أيقظ مشاعر العالم الإنسانية، وأعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية.
في المقابل، كسبت غزة بتضحيات شعبها ومقاومتها تعاطفًا عالميًا غير مسبوق، بينما تهاوت صورة الكيان الصهيوني أمام الرأي العام العالمي، بفعل ما ارتكبه من جرائم وقتل ودمار لم يرحم طفلًا ولا امرأة ولا شيخًا، بل طالت نيرانه الإنسان والحجر والشجر.
أعادت عملية طوفان الأقصى بالفعل تقديم القضية الفلسطينية للمشهد الدولي مجدداً، بخاصة أن الرأي العام انتفض لما جرى، وفي البداية كان مؤيداً للموقف الإسرائيلي، نظراً إلى السردية اليهودية التي لعبت الميديا الغربية، بخاصة في الولايات المتحدة، دوراً في تأكيد دعم الحق اليهودي ومساندة إسرائيل.
في ظل هذا العدوان المستمر والوحشية المنفلتة من كل القيود الأخلاقية، تتعقد الأزمة وتتسع الهوة، ويغدو الوصول إلى تسوية سلمية أمرًا بعيد المنال. هذا الواقع يدفع إلى البحث الجاد عن سبل واقعية لإنهاء الحرب العبثية. لقد أدّى تعنّت نتنياهو وإصراره على التصعيد إلى إدخال كيانه في مأزق عميق، كما فرض على المقاومة الفلسطينية تحديات مصيرية؛ فالهزيمة لأي من الطرفين تعني نهايته السياسية أو الميدانية، وهو ما يدركه نتنياهو جيدًا.

أبرز نتائج سياسة القوة المفرطة التي انتهجها الاحتلال.
1. تشويه صورة "إسرائيل" عالميًا وانكشاف زيف روايتها الإعلامية.
2. تصاعد الدعم الشعبي الدولي للمقاومة بسبب وحشية العدوان.
3. تحميل الاحتلال مسؤولية قتل الأسرى نتيجة القصف العشوائي.
4. مواجهة نتنياهو وحكومته تهديدات بالملاحقة القانونية كمجرمي حرب.
5. خسائر فادحة على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
6. تصاعد وعي بعض المستوطنين بحقيقة المشروع الصهيوني، ما قد يؤدي إلى هجرة عكسية.
عواقب تعرض المقاومة للهزيمة.
ستكون عواقب تعرض المقاومة للهزيمة وخيمة حيث سيتم:
1. تفكك بنيتها التنظيمية واغتيال أو اعتقال عناصرها.
2. تسريع مخطط التهجير القسري للفلسطينيين.
3. فرض سيطرة إسرائيلية كاملة على غزة، تمهيدًا لتهويدها.
وفي هذا السيناريو سيتمكن نتنياهو من تحقيق أهدافه الكبرى.
الأهداف الكبرى التي يسعى نتنياهو الى تحقيقها:
1. التطبيع الشامل مع الدول العربية والإسلامية.
2. بسط السيطرة الأمنية والسياسية على كامل الأرض الفلسطينية.
3. نشر مفهوم "السلام" وفق الرؤية الصهيونية.
4. طمس الهوية الفلسطينية ومحو مقوماتها الثقافية والدينية.
أمام هذا الواقع، يتضح السبب وراء إصرار المقاومة على الصمود؛ فهي الحاجز الأخير في وجه المشروع الصهيوني، والعقبة أمام فرض الهيمنة الكاملة؛ كما أن نتنياهو لا يسعى فقط لتحرير الأسرى، بل يطمح إلى كسر شوكة المقاومة بشكل نهائي وفتح الطريق أمام مشروعه التوسعي.
والآن بعد أكثر من 570 يومًا من الحرب، تبدو أدوات الضغط التي استخدمها نتنياهو ضد المقاومة قد استُنفدت، ومع تصاعد الغضب الشعبي العالمي، وخاصة في أوروبا، تتعزز احتمالات التوجه نحو حل سياسي، قد يُرغم الاحتلال على التفاوض. ويُتوقع أن يستند هذا الحل إلى توازنات تحفظ للمقاومة وجودها، وتمنح الاحتلال حالة من الهدوء المؤقت، مقابل محاولات لاحتواء المقاومة أو تحييدها.
الخلاصة:
نتنياهو اليوم في مأزق حقيقي ويسابق الزمن لحسم المعركة لصالحه؛ ومن هذا المنطلق، فإن دعم المقاومة وتعزيز صمودها واجب شرعي على الأمة العربية والإسلامية، وضرورة وطنية على جميع شرائح الشعب الفلسطيني وقواه الحية. فخذلان المقاومة أو الوقوف ضدها، سواء بالصمت أو بالتواطؤ، ينذر بانهيار السلطة الفلسطينية، ويفتح الطريق أمام تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين، وفرض الهيمنة الصهيونية الكاملة على الأرض والإنسان في هذه المنطقة.
ا
