ثقافة “الترند”: بين التعبير عن الذات واتباع القطيع

youseef sobhy
كاتب
تاريخ النشر :
وقت القراءة: دقائق

في زمن السوشيال ميديا، أصبح مصطلح “الترند” جزءًا لا يتجزأ من يومياتنا. فيديو، صورة، تحدٍ أو حتى فكرة بسيطة قد تتحول في لحظات إلى ظاهرة عالمية. الكل يتحدث، يشارك، يقلد، أو يعارض. لكن السؤال الأهم: هل نواكب الترند كوسيلة للتعبير عن أنفسنا؟ أم أننا ببساطة نتبع القطيع دون وعي؟

ثقافة “الترند”: بين التعبير عن الذات واتباع القطيع

ما هو الترند أصلًا؟

الترند هو كل ما يشتهر بشكل سريع وواسع على المنصات الرقمية، مثل TikTok وInstagram وTwitter. قد يكون خبرًا، مقطعًا مضحكًا، رقصة، أغنية، أو حتى قضية اجتماعية. وهو يعكس نبض الناس وما يشدّ انتباههم، ولكن أحيانًا يُفرض علينا دون أن نختار.

بين وعي التقليد وفوضى الانجراف

ثقافة “الترند”: بين التعبير عن الذات واتباع القطيع

من الطبيعي أن يشارك الشباب في الترندات، خاصة تلك التي تحمل طابعًا فنيًا، أو كوميديًا، أو حتى إنسانيًا. لكن المشكلة تبدأ حين يتحول الأمر إلى "هوس جماعي"، حيث لا يجرؤ البعض على الخروج عن السرب، خشية أن يُتهموا بالتأخر أو “عدم المواكبة”.

في هذه اللحظة، يصبح الترند سجنًا ناعمًا، يقتل التميّز والفرادة، ويجعلنا مجرد أرقام في صف طويل من المقلّدين.

هل يمكن للترند أن يكون أداة وعي؟

ثقافة “الترند”: بين التعبير عن الذات واتباع القطيع

نعم، بالتأكيد. فبعض الترندات سلطت الضوء على قضايا حيوية مثل الصحة النفسية، التحرش، حقوق الإنسان، والتنمر. هناك شباب استخدموا الترند لصناعة محتوى ملهم، أو لمناصرة قضايا إنسانية. الأمر يعتمد على نية المشاركة، ووعي الشخص بما ينشر أو يشارك فيه.

في هذا الزمن السريع، حيث يتحول كل شيء إلى "ترند" في لحظات وينطفئ في لحظات، أصبح من السهل أن نضيع. ننساق خلف موجات جماعية، نتبنى أفكارًا لا نملكها، نضحك على أشياء لا تضحكنا، ونبكي لأشياء لم تصلنا فعلًا، فقط لأننا لا نريد أن نبدو مختلفين... فقط لأننا نبحث عن انتماء، حتى لو كان مؤقتًا، حتى لو كان مزيفًا.

ثقافة “الترند”: بين التعبير عن الذات واتباع القطيع

لكن ما لا يخبرنا به أحد، هو أن الاختلاف ليس عيبًا، بل هو جوهر الإنسان. وأن الوقوف لحظة تأمل وسط زحام "الترندات" لا يعني تأخرك عن الركب، بل ربما يعني أنك تسبقهم بخطوة نحو وعي أعمق.

ليس كل ما ينتشر يستحق المتابعة، وليس كل ما يتكرر يصبح حقيقة. أحيانًا، في سعيك وراء "الترند"، تفقد صوتك، هويتك، وحتى شغفك بما هو حقيقي فيك. بينما في التمهل، في الاختيار، في أن تقول "لا" لما لا يشبهك، هناك قوة لا تشبه سواك.

ثقافة “الترند”: بين التعبير عن الذات واتباع القطيع

أيها الشاب، أيتها الشابة، تذكّروا دومًا: أن لا بأس أن تشاهد الترند، أن تبتسم له، أن تتفاعل معه، لكن دون أن تسمحوا له أن يعيد تشكيلكم على صورته. أنتم لستم محتوى عابرًا في صفحة الغير، أنتم روايات متفردة تنتظر أن تُروى بأسلوبكم، بلهجتكم، بحقيقتكم.

ابنِ وعيك على أساس ثابت، اختر ما يليق بقيمك، وشارك فقط حين تشعر أن المشاركة تعني شيئًا لك، لا مجرد مجاراة للجموع. ففي النهاية، الناس ينسون الترند، لكن لا ينسون الشخص الذي تجرأ أن يكون نفسه وسط سيلٍ من المتشابهين.

ثقافة “الترند”: بين التعبير عن الذات واتباع القطيع

اجعل من وجودك في العالم الرقمي فعلًا له أثر، لا مجرد حركة مكررة. ولتكن أنت من يصنع الترند القادم، لا من يُبتلع فيه.

وإن لم تكن الترند، فلا بأس... كن نفسك، فهذا يكفي.

المراجع

الشرق الأوسط: تغطية شاملة لأخبار اليوم العربية والعالمية

الشرق الأوسط: تغطية شاملة لأخبار اليوم العربية والعالمية

الشرق الأوسط: صحيفة عربية دولية تقدم أحدث الأخبار عربياً وعالمياً، مع تغطية شاملة تشمل السياسة، الاقتصاد، الثقافة، والرياضة، وتحليلات معمقة تلبي اهتمامات القراء.

تصفح المرجع
youseef sobhy

youseef sobhy

كاتب

هاوي القارائه والكتابه

اقرأ ايضاّ