ترند الشيبسى و الذي منه ..كيف ولما وصلنا الى هنا؟
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخول
فتح كيس شيبسي والقاء به مكونات عشوائية من الدجاج المقرمش إلى الصوصات الحلوة والجبن و الزيتون والخضراوات والمعكرونة والنقانق وخلطهم معا، ثم يصبح الكيس جاهزا للأكل ظهر ذلك كترند جديد للأكل بشكل واسع فعلى ماذا يدلنا انتشار ترند كهذا.
ماذا بعد؟
الأشياء المطعمة بالنكهات لم تعد كافية فنحن بحاجة لتركيب هذه المكونات معا، فماذا بعد قلي الساندوتش المكون من الدجاج المقلي في الزيت واضافة انواع دجاج مختلفة ثم إضافة الدجاج مع اللحم والجبن والخضروات في ذات الشطيرة، ما تأثير إضافة عدة أنواع من الحلوى الغارقة بالسكر في طبق واحد وأكلها معا في ذات اللحظة؟
كيف سيقدم الطعام بعدما أصبحت طرق تقديم الطعام غير كافية حتى توصلنا لسكب الطعام على طاولة بلاستيكية وأكلها باليدين في المطاعم، نُطعم كما تطعم الحيوانات، ضاربين بكل معايير الرقي التي وضعناها بأنفسنا لأنفسنا عرض الحائط.
ما طبيعة العلاقة التي تربط الإنسان بنوع هذا الطعام؟
الأطعمة المصنعة مليئة بالنكهات التي تحفز الدماغ بشكل مفرط دون إشباع حقيقي.عند تناول ساندوتش نقانق مقلية مضاف إليها جبن ذائب، وصوصات حارة وحلوة معًا، تمنح إحساسًا قويًا باللذة بسبب تحفيز مراكز متعددة في الدماغ، لكن سرعان ما ينخفض هذا المستوى بشكل حاد، نتيجة الانخفاض السريع في مستويات السكر والدوبامين، فيشعر الشخص بمزاج سيء أو "اكتئاب خفيف"مما يترك الجسم في حالة خمول وإرهاق هذا يؤدي إلى:
- شعور بالفراغ أو الحزن المفاجئ.
- عصبية أو توتر بلا سبب واضح.
- دوار أو نقص التركيز.
- رغبة شديدة في النوم.
مما يجعل الشخص يبحث عن تجربة جديدة لرفع مستويات الدوبامين مجددًا و قد يحتاج الدماغ إلى كميات أكبر للحصول على نفس الشعور، مما يشبه إلى حد كبير إدمان المواد المخدرة، مما يخلق دورة من:
- الإشباع الفوري.
- العودة السريعة للشعور بالحاجة.
- السعي لإعادة الإشباع.
وبمرور الوقت سيستسيغ الإنسان هذه الكمية من السكر والنكهات ولن تصبح كافية له، تماما كما لم يعد تناول تفاحة كافى عند التحلية، اعتقد ان هذا فشل في إشباع اول احتياجات الإنسان الأساسية مما يدفعنا لسؤال لماذا نأكل؟!
هل تحول أكل الإنسان إلى وسيلة لإشباع الدوبامين ؟
مطاردة الدوبامين سمة انعكست في جوانب الحياة ، فأصبحت هي هدفا بذاته يٌطوع كل شيء لإشباعه بما فيها جانب الطعام، و لا نهاية لهذه المطاردة لا رادع خارجي لانحطاط الطرق التى يمكن أن يشبع بها الإنسان احتياجات منحرفة عن الطبيعة عندما تتجرد من كونها إشباع لاحتياج ما إلى أن تكون هي هدفا بذاته. فبدلا من إشباع احتياجنا للطعام بشيء من المتعة نتحول لإشباع المتعة بشيء من الطعام، حلقة مغلقة من إشباع فورى يُخِّلف منعطف من المزاج السيئ و الأمراض و الاحتياج الشديد الذى يُلبَّى بشيئ أكثر حدة لتصل لنفس مستوى الإشباع.
كيف ولما وصلنا الى هنا؟
يعكس الطعام الكثير عن ثقافات وقيم الشعوب، دول كالدول العربية مازالت الأطعمة في المناسبات الرسمية تُقدم في أطباق كبيرة جدا ليتشاركوا عدة أفراد بنفس الطبق، ومازالت المناسبات الهامة للأسر كنقل بيت جديد او استقبال مولود جديد يجب أن تٌكمل بمائدة كبيرة للأهل والأصدقاء من أفضل الطعام فهو جزء من الاهتمام بقيمة الجماعة والعلاقات الاجتماعية والأسرية.
وفي دول تُعلي قيمة المادية يكون الطعام بها مُنتج مصمم لإستهلاك أكبر قدر منه، طعام يعد في خمس دقائق لفرد واحد نظرا لعلو قيمة الفردانية.
كمية الطعام التي تقدم في مطعم فرنسى مختلفة تماما عن أي مطعم أمريكي مما يخبرنا عن معيار الشعوب في الحكم على الطعام الجيد، كلما ارتقى المطعم قُدم الطعام كقطعة فنية تٌضاف مكوناتها بمقدار دقيق.
تخبرنا اختياراتنا للطعام بعض من أفكارنا أذواقنا و أولوياتنا، تأثرنا بأفكار كالمادية والاستهلاك و الجمال و القيمة تنعكس على اختياراتنا اليومية البسيطة.
كيس الشيبسى ليس الترند الأول أو الأخير، فطالما كان الإبداع والابتكار يصل في تحضير الأطباق على مستوى العالم، الغرابة بالنسبة الي هو الإقبال على التجربة و استساغتها بهذا القدر من فئات ودول مختلفة،ما معيارنا لما هو جيد لإشباع احتياج أساسي لنا؟ ما مدى استشعارنا للجمال في الأطعمة وطريقة التقديم؟ وما أهمية قيمة كالجمال وسط عالم يضج بدوبامين؟
إن علاقتنا بالطعام اليوم تعكس سعيًا محمومًا وراء إشباع لحظي للمتعة والإثارة بأنواع وجودة طعام ليست فقط خالية من أي قيمة غذائية وحسب بل تدمر في صحة الإنسان على المستوى النفسي و الذهني و بالاستمرار على نفس المنوال فتغير عاداتنا الغذائية ستكبر كرة الثلج هذه حتى تبتلعنا جميعا.