برنامج الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخوللطالما بحث الإنسان على اختراع من شأنه محاكاة العقل البشري في نمط التفكير، وفي السابق كان الذكاء الاصطناعي حاضراً في أفلام وبرامج الخيال العلمي فقط؛ إذ أنه كان بعيد المنال عن الوصول إليه أو حتى توظيفه في الحياة اليومية، وفي هذا السياق اتّخذت الأفلام تلسيط الضوء على جوانبه الإيجابية والإنسانية المشرقة، ومرةً أخرى على الجوانب السلبية له والتي كانت تُظهر الذكاء الاصطناعي على أنه سلاحٌ مدمّر إذا تم توظيفه في خدمة الأشرار من المجتمع.
متى أصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة؟
اعتُبر عام 2018م النقلةً النوعية الكبرى للذكاء الاصطناعي؛ فقد تم توظيف الذكاء الاصطناعي على أرض الواقع فيه، وخرج في الأساس من وحي روايات الخيال إلى أن أصبح جزءأ لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع مرور الزمن أصبح الأداة الرئيسية التي تدخل في جميع القطاعات من أجل صالح المجتمع ككل.
الذكاء الاصطناعي في خدمة المجتمع
في ظل معاناة العالم من الأزمات الإنسانية المستمرة الناتجة عن الكوارث الطبيعية والكوارث التي يفتعلها الإنسان فإن للذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في مساندة القائمين على جمع علوم البيانات، وخبراء العلوم البيئية والمساعدات الإنسانية عن طريق المساعدة في إنقاذ الأرواح من خلال تحسين طُرق التنبؤ بحدوث الكوارث وتطوير وسائل التعامل مع الكوارث قبل وبعد وقوعها.
برنامج "الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض"
ساهمت شركة مايكروسوفت في حماية كوكب الأرض من خلال إطلاق برنامج "الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض" والذي يستخدم علم البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في هذه القطاعات الرئيسية: المياه، الزراعة، تغيّر المناخ والتنوّع البيولوجي.
هناك رؤية واضحة لبرنامج "الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض" على أنه سيكون مستعداً وقادراً على مواجهة التحديات المجتمعية وجعل المستقبل أفضل، ولتفعيل هذا البرنامج فقد تم اختيار القارة الأفريقية على أنها المكان الأمثل لتطبيقه على أرض الواقع ولمس تغييرات جذريّة للذكاء الاصطناعي هناك، فالتوظيف المبكر لأدوات الذكاء الاصطناعي في مجال الزراعة وغيرها يُسهّل عملية إدارة الموارد الطبيعية بالشكل الأمثل إضافةً إلى زيادة مستويات القوى العاملة.
أهداف برنامج "الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض"
إن الهدف الرئيسي من هذا البرنامج هو حماية كوكب الأرض باستخدام ما يُسمّى علم البيانات، وبما أن قطاع الصناعة له دور كبير في زيادة المشاكل البيئية المواجِهة للعالم في الوقت الحالي كتلوّث الأنهار والتربة، والاستهلاك العالي لموارد الغابات والأشجار، فقد توصّل العالم إلى الثورة الصناعية الرابعة التي خلقت الفرصة للتوصل إلى أفضل طريقة لإدارة البيئة في الوقت الحالي من خلال تسخير قدرات الرقمنة، وتغيرات المجتمع لإدارة وحل مشاكل البيئة للتوصل إلى ثورة في مجال الإستدامة بأقل حدٍ من التلوث.
واستثماراً لهذه الفرصة فقد أعربت شركة مايكروسوفت عن شراكتها مع ناشيونال جيوغرافك لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إعداد الابحاث التي من شأنها مواجة التحديات البيئية، وتأييداً لذلك فقد أطلقوا حديثاً برنامج "مِنح الإبتكار في الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض" وتم تقديم هذه المِنح لـ11 شخصاً من صنَاع التغيير بتكلفةٍ فاقت المليون دولار وذلك دعماً لمشاريعهم في تحسين القطاعات المستهدفة.
مُستحقي منحة "الابتكار في الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض"
من أبرز مسحتقي هذه المنحة هم:
سولومون هسيانغ
هو عالم أمريكي ركّز في أبحاثه على هجرة البشر في إفريقيا المُتعلقة بالمُناخ؛ وكان ذلك بالاستعانة بأكثر من مليون ونصف صورة جوية تاريخية كانت قد جُمِعت من قِبل القوات الجوية البريطانية والتي التُقطت من خلال طائرات التجسس خلال الحربين العالميتين بهدف مسح الدول الخاضعة لحُكم بريطانيا أنذاك.
وطبّق هسيانغ أبحاثه من خلال تفعيل أدوات الذكاء الاصطناعي على هذه الصور بعد رقمنتها، بهدف إنشاء خرئط الكثافة السكانية للأراضي الإفريقية ومقارنتها بمثيلاتها الحالية لفهم تأثير المُناخ على الهجرة داخل أراضيها على مر الزمن.
الدكتورة ميرسي لونغاهو
وهي عالمة أبحاث وتغذية في "المركز الدولي للزراعة الاستوائية"، وكان محور أبحاثها حل مشكلة سوء التغذية من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم البرنامج التشخيصي الخاص بها المُسمى بـ "نظام الإنذار المُبكر للتغذية"، ومبدأ عمل هذا البرنامج هو دراسة المعطيات في إفريقيا والتنبؤ بأزمات التغذية قبل أن تحدث، علماً بأن هذا النظام لا زال في مراحله الأولى.
كيتي أدوتش
وهي باحثة في علوم الحاسوب والجغرافيا، واستخدمت مهاراتها في كلاهما لمواجهة التحديات البيئية من خلال توظيف التكنولوجيا؛ فقد وظّفت مشروعها في خدمة " حديقة مورشيسون فولز الوطنية" في أوغندا، إذ أنها استخدمت أدوات الذكاء الاصطناعي لمعرفة التغيرات التي حصلت على سطح الأرض وقياسها خلال 10سنواتٍ مضت بهدف معرفة مدى تحضّر بنيتها التحتية وتطورها، وذلك دعماً لعمل الباحثين والمختصين في الحفاظ على بيئة المنطقة.
أهداف شركة مايكروسوفت
إن الهدف الرئيسي لها يقتضي على تقديم الدعم المادي والمعنوي للمؤسسات الخيرية وذلك تحسيناً لأداء عملها في زيادة التأثير الاجتماعي والبيئي لهذه المنظمات، ومثالاً على ذلك "مؤسسة بيس باركس" أحد المؤسسات الخيرية المدعومة من قبل مايكروسوفت والتي تهدف إلى تسهيل انخراط الإنسان مع المساحات البرية الشاسعة في إفريقيا بالشكل المناسب الذي يجعله أكثر تناغماً مع الطبيعة، كالحد من الصيد الجائر في مناطق جنوب إفريقيا.
اشتملت مساعدة مايكروسوفت لهذه المؤسسة الخيرية على إعطائها "منحة الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض" تعزيزاً لنظام المتنزهات الذكية، والسيطرة على ظاهرة الصيد الجائر باستخدام التقنيات الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال نشر كاميرات المراقبة الآلية الذكية والتي من شأنها رصد أي عملية صيد غير مشروعة من خلال تحليل لقطات الكاميرا.
الجوانب الإنسانية في توظيف الذكاء الاصطناعي
للذكاء الاصطناعي الفضل الكبير في تعزيز القدرات البشرية من خلال ابتكار أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من الحصول على استقلاليتهم وتمكينهم من الإنتاجية مثل:
- تطبيق "الذكاء الاصطناعي لمساعدة المكفوفين" المجاني والذي يقتصر عمله على وصف المشاهد المحيطة بالمُستخدم.
- دعم فئات المجتمع المُهمّشة من خلال إطلاق برنامج يعمل بالذكاء الاصطناعي معني على مساعدتهم لمعرفة حقوقهم الأسرية والمجتمعية لتوفير بيئة مجتمعية أكثر أماناً للضحايا المُعنفين أسرياً، وقد عمل هذا البرنامج على نشر الوعي لهذه الفئة في معرفة حقوقهم والخيارات المتاحة لدعمهم بالإضافة إلى أماكن تلقي المساعدة بسهولة.
نحن الآن في الوقت الأمثل لننظر إلى الذكاء الاصطناعي بعينٍ من الجِديّة التامة، وإعطاءه الدور الريادي الحقيقي في خدمة المجتمع الإنساني وإنقاذ كوكب الأرض من الخراب المتعاقب عليه بفعل سوء تطبيق وتوظيف الأدوت المناسبة لجعله مكاناً أفضل!