المهارات الحياتية: لا تتطلب موهبة لكنها تجعلك عملة نادرة

الكاتب

KELTOUM AGOURRAME

متابعة

كاتبة

وأنا متوجهة إلى مكان العمل بدراجتي، طرأ على بالي سؤال ماذا لو لم أتعلم ركوب الدراجة، كم من الوقت سأضيعه وأنا في الطريق وهذا كله سيؤدي بي إلى التأخر عن العمل، وعن مهامي اليومية، إلى جانب شعوري بالتعب حتى قبل وصولي لمكان العمل. هذا السؤال جعلني أدرك أهمية تعلم الشيء وإتقان طريقة عمله، وهو ما نسميه المهارة.

وبتعلمنا لمثل هذه المهارات والتي نراها بسيطة، هو ما أحدث تغييرات كبيرة تدفعنا إلى توفير الكثير من الجهد والطاقة والوقت في حياتنا، كما تجعلنا نركز على أشياء أكثر أهمية وأكثر فعالية.

قس ذلك على كل الأشياء التي تعرفها، وتتقن كيفية عملها فسيارتك تمكنك من التنقل بسهولة وتختصر عليك الكثير من المسافة والجهد والوقت، ولولا توفرك على مهارة القيادة لما استطعت التنقل بسيارتك اليوم، ولمضى عمرك في صرف الكثير من الوقت والمال والجهد في انتظار وسيلة أخرى للنقل.

هذه المهارات التي نتعلمها في إطار مهارة القيادة لا تقتصر على ركوب الدراجة، أو قيادة السيارة فقط، بل إنها تشمل مهارات أخرى تجعل الحياة أكثر سهولة وأكثر توازنا. نتحدث عن مهارات مثل مهارة التواصل، ومهارة إدارة الوقت، ومهارة اتخاذ القرار، ومهارة التنظيم والترتيب، ومهارة الإنصات، وغيرها من المهارات التي أصبحت اليوم هي النواة الأساسية للإنسان في جميع العصور بمختلف أنواعها وأحداثها.

كل هذه المهارات التي نتعلمها تجعل حياتنا أسهل بكثير وتجعلنا أكثر فعالية وأكثر إنتاجية وتوفر علينا الكثير من الوقت والجهد والطاقة وتحل مشاكلنا، وتفتح لنا أبوابا جديدة للفرص والتعامل مع مختلف التحديات.

ما المقصود بالمهارات الحياتية وأين تكمن أهميتها؟

المهارات الحياتية: هي مجموعة من القدرات والخبرات التي تساعدنا على التكيف بشكل إيجابي مع المجتمع. إنها تعلمنا كيف نكون متوازنين، كيف نخطط لحياتنا، وكيف نحدد أهدافنا. إنها تشمل مهارات مثل إدارة الأولويات، حل المشكلات، اتخاذ القرار، التواصل، تعزيز الثقة بالنفس، تنفيذ العمل بإتقان، وإدارة أنفسنا ووقتنا.

المهارات الحياتية هي مفتاح النجاح في جميع مجالات الحياة، تساعدنا على التكيف مع تحديات الحياة اليومية، وبناء علاقات قوية وتحقيق أهدافنا. من خلال تطوير مهاراتنا الحياتية يمكننا أن نصبح أكثر ثقة وأكثر فعالية وأكثر نجاحا في جميع مجالات حياتنا.

وما هي بعض أنواع المهارات الحياتية؟

1-مهارة التخطيط: هي القدرة على تحليل الوضع الراهن، وتحديد الأهداف والغايات، وتحديد الخطوات والخطط اللازمة لتحقيقها، وتحديد الموارد والزمن اللازم ، بهدف تحقيق الأهداف والغايات بشكل وفعّال.

2-مهارة التواصل: مهارة التواصل هي القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر والاحتياجات بشكل واضح ومفهم، والاستماع الى الآخرين بشكل فعال، والرد بشكل مناسب، بهدف تحقيق الفهم المتبادل والتعاون والتفاهم.

3-مهارة حل المشكلات: مهارة حل المشكلات هي القدرة على التفكير النقدي والإبداعي، وتحليل المعلومات، وتطوير حلول مبتكرة، وتنفيذها بشكل فعال، وتقييم نتائجها، بهدف تحقيق حلول فعالة ومستدامة للمشكلات.

4- مهارة اتخاذ القرار: مهارة اتخاذ القرار هي القدرة على تحليل المعلومات والبيانات المتاحة، وتقييم الخيارات المتاحة، واختيار القرار الأفضل بناءً على المعايير والقيم المحددة، وتنفيذ القرار بشكل فعال، وتقييم نتائج القرار.

5-مهارة إدارة الوقت: مهارة إدارة الوقت هي القدرة على تنظيم الوقت بشكل فعال، وتحديد الأهداف والغايات، وتحديد الأولويات، وتخصيص الوقت اللازم لكل مهمة، وتنفيذ المهام بشكل فعال، وتقييم استخدام الوقت، بهدف تحقيق الأهداف والغايات بشكل فعال.

6-مهارة التفكير الإيجابي: هي القدرة على التفكير في الأحداث والظروف بشكل إيجابي ومثمر، وتحويل الأفكار السلبية الى أفكار إيجابية، وتقبل التحديات والصعوبات كفرص للنمو والتطور، بهدف تحقيق النجاح والرضا عن الحياة.

7-مهارة الإنصات: القدرة على الاستماع بإنصات الى الآخرين، وفهم ما يقولونه، وتحليل المعلومات التي يتم تقديمها، وتقديم ردود فعّالة ومفيدة.

8-مهارة الوعي الذاتي: هي القدرة على فهم وتقدير الذات، والاعتراف بمزايا ونقاط الضعف، والتعرف على الأفكار والمشاعر والاحتياجات الخاصة، وتقدير القيم والمعتقدات الشخصية، بهدف تحقيق التنمية الشخصية والنجاح في الحياة.

9-مهارة العمل الجماعي: هي القدرة على العمل مع الأفراد والجماعات والمجتمعات لتحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والصحية، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمتساوية، من خلال استخدام الأساليب والمهارات الاجتماعية والتنظيمية والسياسية.

10-مهارة الذكاء العاطفي:هي القدرة على التعرف على العواطف والمشاعر الخاصة والغيرية، وفهمها، وتحليلها، وتحديد كيفية التعامل معها بشكل فعال، وتحقيق التوازن بين العواطف والمشاعر والتفكير العقلاني، بهدف تحسين العلاقات الشخصية والمهنية والاجتماعية.

ما هي بعض الأمثلة من الواقع التي توضح أهمية المهارات الحياتية؟

لنفترض أن هناك شخصًا يُدعى "محمد" يعمل في شركة كمحاسب. محمد موهوب في عمله، لكنه يواجه صعوبة في التعامل مع الزملاء والعملاء بسبب قلة مهاراته الحياتية.

في يوم ما، طلب المدير العام من "محمد" تقديم تقرير مالي هام في غضون 24 ساعة. و"محمد" يعمل بجد لتحضير التقرير، لكنه يتعرض لضغط شديد بسبب الوقت المحدود.

في هذه الحالة، يمكن أن تساعد المهارات الحياتية "محمد" في التعامل مع الضغط والتوتر. على سبيل المثال:

مهارة إدارة الوقت: يمكن "لمحمد" استخدام مهارة إدارة الوقت لتحديد الأولويات وتخصيص الوقت اللازم لكل مهمة، مما يساعده في إكمال التقرير في الوقت المحدد.

مهارة التفكير الإيجابي: يمكن "لمحمد" استخدام مهارة التفكير الإيجابي لتحويل الضغط والتوتر إلى فرص للنمو والتطور، مما يساعده في البقاء هادئًا ومستقرًا تحت الضغط.

مهارة التواصل الفعّال: يمكن "لمحمد" استخدام مهارة التواصل الفعّال للتواصل مع الزملاء والعملاء بشكل فعال، مما يساعده في الحصول على الدعم والمساعدة اللازمة لإكمال التقرير.

باستخدام مهاراته الحياتية، يمكن "لمحمد" التعامل مع الضغط والتوتر بشكل فعال، وإكمال التقرير في الوقت المحدد، والحفاظ على سمعته كمحاسب موهوب ومستقر.

وسنعرض مثالا آخر تتجلى فيه أهمية المهارات الحياتية الأخرى، لنفترض أن هناك شخصًا يُدعى "مراد" يريد أن يفتح مطعمًا خاصًا به. ويحلم بفتح مطعم يعتبره العملاء أفضل مطعم في المدينة.

لتحقيق هذا الحلم، يحتاج " مراد" إلى استخدام مجموعة متنوعة من المهارات الحياتية، مثل:

-مهارة التخطيط: مراد يحتاج إلى تخطيط المطعم، بما في ذلك تحديد الموقع، وتصميم المطعم، وتحديد القائمة، وتحديد الموظفين.

- مهارة إدارة الوقت:مراد يحتاج إلى إدارة وقته بشكل فعال لتحقيق أهدافه، بما في ذلك إدارة الوقت اللازم لتحضير الطعام، وتحديد مواعيد العمل، وتحديد وقت الاستراحة.

- مهارة التواصل الفعّال: يحتاج مراد إلى التواصل بشكل فعال مع العملاء، والموظفين، والموردين، لضمان تقديم خدمة ممتازة وتحقيق أهداف المطعم.

-مهارة حل المشكلات: مراد يحتاج إلى حل المشكلات التي قد تواجهه، مثل مشاكل في الطعام، أو مشاكل في الخدمة، أو مشاكل في الإدارة.

-مهارة التفكير الإيجابي: مراد يحتاج إلى التفكير بشكل إيجابي لتحقيق أهدافه، وتحويل التحديات إلى فرص للنمو والتطور.

باستخدام هذه المهارات الحياتية، يمكن لمراد تحقيق حلمه، بفتح مطعم ناجح ويعتبره العملاء أفضل مطعم في المدينة.

هذه الأمثلة البسيطة تظهر بشكل واضح كيف يمكن للمهارات الحياتية المختلفة أن تساعد الفرد في تحقيق أهدافه وتحقيق النجاح في مختلف المجالات، فحتى الزواج ينجح بوجود مهارات مختلفة، فالإنصات لشريك حياتك سيجعله يحس بقيمته، مما يحسن درجة التفاهم والتعاطف بينكما، وهذا يدخل في إطار " مهارة الإنصات" .

في الختام عزيزي القارئ ، عزيزتي القارئة لا يمكن أن تصبح حياتك سهلة ويسيرة في غياب تعلمك للمهارات الحياتية، فكم من شخص نجح في دراسته لكنه فشل في علاقته الاجتماعية، وكم من شخص عبقري عاش حياته تعيسا، إن السر يكمن في الاتزان واتقان مهارات جديدة، فكلما ازدادت مهاراتك كلما أصبحت أكثر ثقة وتحكما في حياتك.