العمل التطوعي ثمرة بذور الخير في النفوس، أهم فوائده وأشكاله وآثاره على المجتمعات

العمل التطوعي مرآة تعكس أضواء الخير وحب الغير الساطعة من أعماق قيم الإنسان الصالح، حتمًا عندما تكون متطوّع ستكون لك رؤية إيجابية ونظرة مشرقة نحو توظيف طاقاتك وعملك للغير والمجتمع لخدمتهم دون مقابل مادي، فإن هذا أسمى معاني التعبير عن حسن ونبل الأخلاق.
أن تُقدم على خطوة مد يد العون للغير يعني أنك مقدام ومحب للخير، وينبع في أعماقك نهر من الإيثار والخصال الحسنة، مهما كان صغيرًا أو نوعه فإنك بجميع الأحوال إنسان صالح وجيد، تحديدًا لقيامك به طواعية دون إجبار أو إلزام أبدًا.
بادر دومًا لمساعدة من حولك وأصلح مجتمعك وبيئتك، واعمل الخير بأي شكل من أشكاله حسب مقدرتك، وللعلم أن العمل التطوعي لا يقتصر على المال فحسب؛ بل هناك عدة أوجه وأشكال له في حياتنا سنتعرف عليها في سطورنا أدناه، كما نود تعميم أهم فوائد العمل التطوعي على الفرد والمجتمع وآثاره العميقة.
تعريف العمل التطوعي Volunteering

العمل التطوعي أو تطوع هي مبادرة الإنسان لمد يد العون والجهد للغير في أي مصلحة أو خير يصب في تقدم المجتمع والأفراد، فإن الإنسان عادةً يقدم على إنجازه وممارسته طواعية دون إكراه أو إجبار إطلاقًا، فإن الدافع الوحيد الذي يجبره على العمل هو حب الخير وتفوقه على جانب الشر في النفس؛ لذلك فإن المواطن المتطوع يساهم في ازدها المجتمع ويعمق الإيجابية المطلقة فيه.
إضافةً إلى ذلك؛ فإن التطوع وسيلة فعالة لصقل شخصيتك نحو الخير وتهذيبها على حب ذلك اعتمادًا على المهارات، فإنك تكون حقًا مضحيًا بوقتك وجهدك ومهاراتك لمساعدة الآخرين وإحداث تأثير إيجابي في المجتمع، فإن هناك الكثير من الأسباب الكامنة خلف حب فئة كبيرة من الناس للتطوع منها تهذيب النفس، إنجاز شخصي، اكتساب خبرات جديدة، أو الشغف في قضية معينة وغيرها الكثير، لذلك لا بد من توسيع نطاق الحديث عن فوائد العمل التطوعي على الفرد والمجتمع وأثره.
فوائد العمل التطوعي على الفرد والمجتمع

فإن التطوع من الأعمال النبيلة التي تعود بالنفع أولًا على الأفراد والمجتمعات، وتعتبر بمثابة قوة فعالة تغرس جذور الإيجابية والاستدامة في المجتمعات، كما تعمق الروابط الاجتماعية بينهم، هناك العديد من الفوائد المحصودة من العمل التطوعي يمكننا الاطلاع عليها سويًا في السطور أدناه:
1. تعميق شعورك بالإيجابية والرضا أكثر
الكثير من المشاعر الإيجابية الجياشة تتدفق إلى أعماق أي متطوّع، منها الامتنان، هدوء النفس، الرضا والسعادة وتثمين جهود النفس بإنجازاتها، فإنه فاعلٌ للخير يقدم على تقديم المساعدة دون مقابل مادي أبدًا، فإن ذلك بحد ذاته يولد لديهم طاقة عالية من الحماس للانطلاق نحو المزيد من الأعمال التطوعية.
فإن المتطوع بطبيعته يحب أن يرى ثمرة جهوده الإيجابية في حياة الآخرين ليكونوا أكثر سعادة، وجعلها أكثر سهولة وبساطة وسلاسة.
2. التقرّب إلى الله من أهم فوائد العمل التطوعي في الإسلام
قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى" سورة المائدة، هل تحتاج لأكثر من هذا الأمر الإلهي للمبادرة في العمل التطوعي والفوز بالمغفرة والأجر؟ إن الإنسان المقدام والمحب للخير يبادر من تلقاء نفسه لعمل الخير، وغالبًا ما ينبثق الأمر من العقيدة الدينية الراسخة في أعماقه، حيث يعتبر أحد أنواع الصدقة التي يمكنك التقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى.
3. إسعاد الآخرين وتلبية متطلباتهم مطلب أساسي من التطوع
العمل التطوعي يأتي بتنظيم ومبادرة إما فردية أو جماعية لمساعدة الآخرين في تلبية مصلحة أو إتمام مطلب، فأن تقوم بذلك دون مقابل وبكل حب وسرور؛ يدل على صلاحك وارتفاع مستوى رضاك عن نفسك.
المتطوعون عادةً يقفون جنبًا إلى جنب للمساعدة في المجتمع، حيث يحققون مصالح فعلًا تعود بالمنفعة والفائدة على بيئتهم ومحيطهم، كما تسمو مكانتهم في النفوس أكبر.
4. تعظيم مستوى مهاراتك وقدراتك من الأعمال التطوعية
من الثمار التي تطرحها شجرة التطوّ تطوير مهارات المتطوع بأعلى مستوى، حيث يصبح قادرًا على العمل بروح الفريق بسهولة، ويقود المجموعات ويديرها بكل كفاءة وفعالية، إضافةً إلى التمكن من إدارة الوقت والعمل تحت الضغوطات وغيرها الكثير.
كما أنك إن تطوعت في أي عمل ستصبح أكثر انضمامًا واستفادة من البرامج التدريبية، منها الإسعافات الأولية، والتعامل مع تقنيات وتكنولوجيا المعلومات ذات العلاقة، وأيضًا الإدارة التنظيمية وغيرها، وبالطبع جميع ما تقدم يؤهلك للحصول على فرص عمل مثالية جدًا.
5. تعميق شعور الثقة بالنفس لدى المتطوع
يساعد التطوع بشدة على منحك شعورًا بالاعتزاز بالنفس والفخر والرضا عنها في تفاصيل حياتك اليومية، مجرد مد يد العون للآخرين ينمّي في أعماقك الرضا والرغبة بالمزيد من التطوع.
الأعمال التطوعية تعزز الثقة من خلال منح الفرد فرصة في إدارة مشاريع متعددة؛ حيث يتحمل خلال الحملة مهام إضافية والعديد من المسؤوليات، ما يجعلك تشعر بقيمتك الحقيقية وإيمانك بأنك قادر فعلًا على الإنجاز وتقديم العون.
6. توسيع نطاق العلاقات والصداقات القائمة على حب الخير والتطوع
هل يعقل أن يكون هناك أجمل من الصداقات القائمة على حب الخير للغير؟ أو أن يكون اللقاء والتعارف في ضوء الاشتراك بقواسمٍ نابعة من الإيمان الحقيقي بضرورة المساعدة، والنقاء، وإصلاح ما حولك وبذل جهودك في تلبيتها؟
ستتعرف خلال قيامك بالأعمال التطوعية على المزيد من الأصدقاء والزملاء تشتركون معًا في الخير والمساعدة، وذلك من أهم فوائد العمل التطوعي.
7. إضفاء معنى وهدف للحياة
إن كنت تشعر بأن في حياتك فراغ كبير؛ توجه للاستفادة فورًا من الأعمال التطوعية، فإنها تضع نصب عينيك العديد من الأهداف من خلال تنفيذ الأعمال الصالحة، ما يجعلك تعرف ما تحتاج في اللحظة الحالية، ومرة تلو الأخرى ستلاحظ أن قائمة أهدافك تطول وتتسع لتصبح شخصًا طموحًا.
8. إثراء السيرة الذاتية ومضاعفة فرص العمل لك
ذكرنا سابقًا أنه من فوائد العمل التطوعي تحسين المهارات وتطويرها، بهذه الحالة يصبح إثراء السيرة الذاتية مضاعفًا، حيث يتولد شعور لدى أرباب العمل بأن المتقدم شخص قادر فعلًا على تحمل المسؤولية، والعمل بروح الفريق، إضافةً إلى المصداقية في إنجاز المهام الموكولة إليه.
فقد أشار موقع ENHANCECV إلى أن المتخصصين في التوظيف يفضلون ما نسبته 82% من أصحاب الأعمال والخبرة التطوعية مقارنةً مع غيرهم، لإيمانهم بوجود دافع مجتمعي يبث فيه روح الحماس والعمل والقيام بالمهام الموكولة.
9. تعزيز النمو المجتمعي وجعله أكثر تقدمًا
من فوائد العمل التطوعي أنه يسد الثغرات قدر الإمكان في المجتمعات، والقدرة على توفير الموارد التي يحتاج إليها بإلحاح، خاصةً في تلك المجتمعات التي تمتاز بوجود منظمات وجهات تطوعية لها كيانها ووجودها مثل تكية أم علي، ومنظمة نحن وغيرها.
فقد قيل في وصف مكانة المتطوعين حسب منظمة نيو ساوث ويلز NSW بأن المتطوعين هم شريان الحياة في المجتمع الأسترالي، كما أنهم يضفون مساهمة غير عادية على حياة الأفراد.
10. بناء المهارات الاجتماعية وتوسيع شبكتها
يثمر العمل التطوعي أيضًا في جعل المهارات الاجتماعية أفضل، ليس مجرد بناء علاقات وصداقات فحسب؛ بل تشعر بأنك مرتبط بهذا المجتمع ومسؤول عن تلبية احتياجاته وسد الثغرات فيه؛ لذلك فأنت على أهبة الاستعداد للمبادرة فورًا عند شعورك بوجود من يحتاجك.
ختامًا، فوائد العمل التطوعي تترك بصمتها الواضحة في حياة المتطوعين والمجتمع ككّل؛ لذلك ستحصد نتائج مذهلة أخلاقيًا ومجتمعيًا وجميع المجالات، بادر لا تتوقف كن الأول دومًا في إسعاد من حولك وتلبية متطلباتهم؛ فإنك تملأ وعاء حسناتك وتحسن حياتك للأفضل حتمًا.
المراجع

إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوعكاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.