الذكاء الإصطناعي يؤدي إلى كسل الإنسان وضمور قدرات الإبداع

Nermin Yousif
كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

ضمور القدرة على الإبداع بسبب الذكاء الإصطناعيضمور القدرة على الإبداع بسبب الذكاء الإصطناعي

دراسات علمية خطيرة حذرت من توغل الذكاء الإصطناعي في حياتنا اليومية، والأنشطة البشرية بشكل عام. والإتجاه للإعتماد على الذكاء الإصطناعي جاء نتيجة النتائج المبهرة والسريعة لاستخدامه كالإنجاز في أداء المهمات بسرعة ودقة وإجراء المهام المتكررة التي كانت تحتاج لعدد كبير من العنصر البشري لأدائها ، واستخدامه في المواقف الخطرة كالصعود للفضاء الخارجي أو بناء على المرتفعات أو الغوص لمسافات عميقة بالمحيطات ، وهي مهام لا يستطيع أن يقوم بها العنصر البشري. ولكن الإنسان كعادته في حب الإستسهال لا يريد أن يستخدم الذكاء الإصطناعي في المهام الخطرة والتي لا يقدر على القيام بها ولكنه يستخدمها في أبسط تفاصيل حياته حتى يجعلها أسهل. وهنا يظهر التساؤل لماذا يريد الإنسان أن يجعل حياته أسهل مما هي عليه الآن؟ فالتكنولوجيا الحالية جعلت الإنسان يعيش حياة مرفهة لم يعيشها ملوك وسلاطين في عصور سابقة، ورغم كل ذلك لم يصل الإنسان أيضاً إلى الراحة والسعادة التي يشدوا إليها. فالتطور التكنولوجي والذكاء الإصطناعي لم يحقق السعادة للإنسان أيضاً.

مساوئ الإعتماد على الذكاء الإصطناعي

في حين أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تقليد الإبداع من خلال توليد الفن أو الموسيقى أو الكتابة بناءً على الأنماط الموجودة، إلا أنه لا يمتلك أصالة حقيقية أو القدرة على التفكير خارج الصندوق. تعمل المخرجات الإبداعية للذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على إعادة تجميع البيانات الموجودة مسبقًا، مما يحد من قدرتها على الابتكار الحقيقي، أو بمعنى أخر فالذكاء الإصطناعي لا يخلق ولا يُبدع ولكنه يأتي بكل ما تم إنتاجه من قبل بين يديك بسهولة، وإذا لم يكن هناك بيانات سابقة أو عملية إبداعية سابقة فلن يأتي لك بنتيجة، وينبهر الإنسان بسرعة ودقة البيانات التي أصبحت بين يديه دون النظر إلى مبتكر ومُدخل هذه البيانات وهو ( الإنسان المفكر ) أو بمعنى أدق ( العقل البشري )، وكل ما فعله الذكاء الإصطناعي هو استدعاء البيانات من مكانها فقط. أو بناء نمط شبيه للنمط الأصلي الذي أبدعه العقل البشري. فإذا تم الإعتماد على الذكاء الإصطناعي لن يتم تحفيز عضلات المخ المسئولة عن الإبداع وستصاب بالضمور، فهي خلايا وعضلات كعضلات باقي الجسد لن تنمو سوى بالتمارين كما ترى عضلات جسمك في الجيم والصالات الرياضية. فلا يجب على الإنسان أن ينبهر ويسعد برؤية أم كلثوم أمامه على المسرح من جديد، أو أن يرى أغنية لعمرو دياب يغنيها عبد الحليم حافظ ، فنحن هنا لسنا في مجال خدمة البشرية أو العلم ، بل نقوم باللعب والتسلية لإشغالنا عن ما هو أهم بل نقوم بالأخطر هو تسهيل الكذب والتزييف، ولن يُصدق أحدنا الآخر فيما بعد وتنشئ أزمة ثقة في كل ما يُرى ويُسمع. وأصبحنا بدلاً من استخدام الذكاء الإصطناعي في مجالات الأمن الغذائي والفضاء ومحاربة الأمراض والفيروسات، استخدمها الإنسان في التركيبات والفيديوز والريلز التي تملئ مواقع التواصل الإجتماعي. كما أن البشر لا يستطيع تطوير الذكاء الاصطناعي لأنه تقنية مبنية على حقائق وخبرات محملة مسبقًا. الذكاء الاصطناعي بارع في تنفيذ نفس المهمة بشكل متكرر، ولكن يجب علينا تغيير الرموز يدويًا إذا أردنا أي تعديلات أو تحسينات.

أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي هو الروبوت، مما يؤدي إلى إزاحة المهن وزيادة البطالة ، على سبيل المثال، كثيرًا ما تحل الروبوتس محل الموارد البشرية في شركات التصنيع في الدول الأكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية مثل اليابان. وهذا يتضح جلياً في التوظيف بالشركات بعدما كان موظف الموارد البشرية بمقابلة شخصية للمتقدمين للوظيفة ومن خلالها يقيم المتقدم للوظيفة من خلال بعض المعايير، فالآن يمكن لنظام ATS أن يفلتر السير الذاتية الواردة بالبريد للشركة ( يمكن الإطلاع بالكامل على كيفية عمل نظام ATS من هنا )

النظم التي تعتمد عليها الشركات في التوظيف وكيف تتطابقك سيرتك الذاتية معها | بقلم: Nermin Yousif | موقع نثري

النظم التي تعتمد عليها الشركات في التوظيف وكيف تتطابقك سيرتك الذاتية معها | بقلم: Nermin Yousif | موقع نثري

نظام ATS هو نظام تتبعه الشركات وأصحاب الأعمال لتصفية وفرز آلاف السير الذاتية التي تُرسل لهم بعد إعلان التوظيف لإختيار أنسبهم للوظيفة بدون جهد أو ضياع ...

اقرأ المزيد

دون إجراء مقابلات مما يُضعف فرصة المتقدمين للوظيفة في الحصول على عمل، وعلى الرغم من ما يوفره هذا النظام من وقت وجهد للشركات في تقييم المتقدمين وتوظيف الشخص المناسب إلا إنه يقلل فرص الراغبين في العمل، ويقلل فرص الأشخاص الذين لا يعرفون التعبير عن أنفسهم بالكتابة أو الورق ولابد من مقابلتهم شخصياً للتعرف على مهاراتهم، ويحرم موظف الموارد البشرية من قياس ردود الفعل المباشرة للمتقدم إذا وضعه في بعض المواقف لقياس مدى مهارته، فيفقد المتقدم الوظيفة رغم وجود مهارة لديه يعجز النظام الآلي عن اكتشافها بل هي مهارة تريد أن تُرى وتُحس. كما يُفقد موظف الموارد البشرية قدرته على فهم وإنتقاء الموظف المناسب فيما بعد على المدى الطويل بسبب إعتماده على الذكاء الإصطناعي مما يُفقده مهارة حسية وعقلية كانت تنمو طوال مدة عمله بالموارد البشرية . تفتقر أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الذكاء العاطفي، وهو القدرة على فهم المشاعر البشرية وتفسيرها والاستجابة لها بطريقة دقيقة وعاطفية، فالذكاء العاطفي يتضمن التعرف على عواطف الفرد وإدارتها، بالإضافة إلى التعاطف مع الآخرين والتعامل مع العلاقات الشخصية بحكمة وتعاطف. في حين أنه يمكن برمجة الذكاء الاصطناعي للتعرف على إشارات عاطفية معينة والاستجابة بطريقة محددة مسبقًا، إلا أنه لا يمتلك تعاطفًا حقيقيًا أو القدرة على التعامل مع المشاعر الإنسانية المعقدة. يمكن أن يعيق هذا القيد فعالية الذكاء الاصطناعي في الأدوار التي تتطلب حساسية عاطفية، مثل الاستشارة، أو الموارد البشرية، أو أي مجال تكون فيه التفاعلات بين الأشخاص أمرًا بالغ الأهمية. يمكن أن يؤدي غياب الذكاء العاطفي في الذكاء الاصطناعي إلى سوء الفهم، وانعدام الثقة، وعدم كفاية الدعم في المواقف التي تتطلب لمسة إنسانية عميقة ومتعاطفة.


اقرأ ايضا

    إن إنشاء آلة يمكنها محاكاة الذكاء البشري ليس بالأمر الهين. يتطلب الكثير من الوقت والموارد ويمكن أن يكلف الكثير من المال. يحتاج الذكاء الاصطناعي أيضًا إلى العمل على أحدث الأجهزة والبرامج ليظل محدثًا ويلبي أحدث المتطلبات، مما يجعله مكلفًا للغاية. وهذا يقودنا إلى اتساع الهوة السحيقة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، فالدول الغنية بالفعل يمكنها إنتاج أنظمة وأليات الذكاء الإصطناعي بينما الدول الفقيرة لن يسمح لها فقرها بذلك، مما ستُصبح تابعة ومستعبدة من الدول الغنية وهذا له تبعاته السيئة على الدول الغنية أيضاً على المدى الطويل، وعلى الدول الغنية والمتطورة أن تنظر إلى هذه التبعات التي قد تؤدي إلى إنهيارها، فالمجتمعات الفقيرة تثور على الأوضاع وتهرب للمجتمعات الغنية وتأتي إليها وهي مُحملة بالمرض والجهل والعنف مما سيضعف الدول المتقدمة تدريجياً. والتبعات السيئة لن تتوقف عند ذلك فقط بل أن شعوب الدول المتقدمة ستثور أيضاً نتيجة الأزمات الإقتصادية التي تشهدها الآن وارتفاع نسبة التضخم ، الأمر الذي سيجبرون به حكوماتهم على النظر في أولويات الإنفاق.

    الذكاء الإصطناعي يؤدي إلى كسل الإنسان وضمور قدرات الإبداع

    إن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي بداية من الأعمال اليومية العادية إلى اتخاذ القرارات المعقدة يمكن أن يؤدي إلى كسل الإنسان. ومع تولي أنظمة الذكاء الاصطناعي المزيد من المسؤوليات، قد يصبح الأفراد أقل ميلاً إلى تطوير مهاراتهم ومعارفهم، ويعتمدون بشكل مفرط على التكنولوجيا. يمكن أن يؤدي هذا الاعتماد إلى تقليل التفكير النقدي وقدرات حل المشكلات، حيث قد يذعن الناس لحلول الذكاء الاصطناعي دون التشكيك في صحتها أو استكشاف البدائل. وبمرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى قوة عاملة أقل قدرة وأقل تكيفًا مع التحديات الجديدة، مما يضعف الإمكانات البشرية والإبداع، الأمر الذي يضعف قدرة الإنسان على مواجهة المستجدات والتحديات القادمة . فإن خلق أجيال معتمدة على الإستسهال في كل أمورها يضعف قدرة هذه الأجيال على مواجهة الأمور الشاقة أو المعقدة والتي هي من بديهيات الحياة، وضمور هذه القدرات قد يؤدي إلى تدمير العنصر البشري بشكل عام. فلا تسمح أيها العقل البشري _ هبة الله لك التي ميزك بها عن غيرك من المخلوقات_ بأن يُفقدك الذكاء الإصطناعي أعز ما تملك ويُسلبك إرادتك. فالمُنقذ الوحيد من هذا المأزق هو استخدام الذكاء الإصطناعي فيما يخدم البشرية فقط في مجالاته التي صُمم من أجلها كالمعدات الزراعية والاستكشافات والألات الطبية وأبحاث الفضاء والمحيطات، كالبناء ومجالات البنية التحتية واستخدام الروبوتس في مهام يصعب على الإنسان القيام بها فقط يجب أن يتم تحجيم دور الروبتس والذكاء الإصطناعي بحيث يظل الإنسان هو المسيطر والمتحكم، فلا تتخلى عن سيادتك على الأرض.

    Nermin Yousif

    Nermin Yousif

    كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية

    كاتبة وصحفية خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً . خبرة 17 عاماً كباحثة إعلامية في إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري. البحث والتدقيق في التفاصيل من أهم مراحل عملي لإنجاز المقالات ، لدي سهولة في استخدام اللغة العربية وكلماتها البديعية في صياغة المقال لخدمة هدف المقال، وقدرة على ترتيب الأفكار بشكل جذاب يشد القارئ للمحتوى دون ملل أو تطويل. لدي خبرة في كتابة المقالات وسيناريو مسلسلات للكبار والصغار.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ