"التعلم الذاتي: استراتيجيات فعّالة، مميزاته، تحدياته، وكيفية تحقيق أقصى استفادة

إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

"التعلم الذاتي: استراتيجيات فعّالة، مميزاته، تحدياته، وكيفية تحقيق أقصى استفادة

التعلم الذاتي Auto Didacticism أسلوبٌ مستحدث أخذ بيد الراغبين بالتعلم بأنفسهم نحو التمكين والتطوّر أكثر، فقد أصبحت الكثير من المصادر والطرق متاحة لك أكثر من أي وقتٍ مضى لتستغل وقتك في تعلم ما تشغف به وتشعر أنه حقًا طريقك للنجاح وتغذية معلوماتك، فإن هذه الطريقة قد حققت نجاحًا باهرًا في جعل الأفراد أكثر علمًا وأغزر معرفةً نتيجة التزامهم العميق بالتعلم وتطوير ذاتهم وجعلها أكثر انغماسًا بحب العلم.

في الحقيقة إن التعليم الذاتي في الوقت الراهن قد شهد إقبالًا مهيبًا مقارنةً مع السنوات الماضية، تحديدًا بعد اجتياح فيروس كوفيد-19 للعالم الذي تسبب بإغلاق أبواب المؤسسات التعليمية تمامًا أمام الطلبة، من هنا ألحّت الحاجة إلى عدم التوقف عن التعلم إطلاقًا؛ ما أسهم في تعميق جذور التعلم الإلكتروني والتعلم الذاتي على حدِ سواء، تحديدًا بأن هذه الجائحة لم يكن يعلم لها موعد لنهايتها بعد تصنيفها وباء.

مفهوم التعليم الذاتي Auto Didacticism

في البداية لا بد أن نكون صادقين بأن التعليم الذاتي لن يحل محل التعليم الرسمي نهائيًا، فإن لكل منهما اتجاه مختلف وضوابط وقواعد خاصة، لكن دعنا نركز اهتمامنا على التعليم الذاتي حيث يمنح المتعلم القدرة على الفهم والاستيعاب على طريقته الخاصة وبكل عمق، فإنك تكون قادرًا على محاورة نفسك وطرح الأسئلة عليها للمضي قدمًا نحو البحث عن الإجابة الشافية في أي مصدر من المصادر المتاحة لك

بالتالي فإن التعليم الذاتي مصطلح حديث التطوّر تقريبًا يشار به إلى الاعتماد على النفس في البحث عن المعلومة الدقيقة والوصول إلى الشرح الوافي لها من أي مصدر من المصادر المتاحة لك، فإنك بهذا الصدد تخرج عن النطاق الرسمي المألوف بالتعليم تمامًا لتتخذ منحى آخر في التعلّم بطريقة تراها أكثر تناسبًا معك.

إن المتعلم ذاتيًا يتجه إلى التعلم والاستفادة بطريقة فريدة تمامًا يعتمد بها اعتمادًا كليًأ على ذاته بالولوج إلى المصادر المختلفة، ويكون أكثر علمًا ومعرفةً بالطريقة الأنسب لتحفيز ذاته وتعليمها الانضباط الحقيقي، فإن جميع ما تقدم فعال جدًا في تطوير المهارات والقدرات.


اقرأ ايضا

    وقد تطوّر هذا المجال كثيرًا بالتزامن مع تطور التكنولوجيا، فإن دور تكنولوجيا المعلومات في التعليم الذاتي مهم جدًا؛ إذ ساهمت في توفير كم هائل من المصادر التي يمكنك العودة إليها للبحث عن المعلومة الدقيقة سواء المسموعة أو المرئية أو المكتوبة، كما أصبح الوصول إلى المكتبات الرقمية والكتب الإلكترونية ممكنًا جدًا من دفء منزلك دون الحاجة لاستنزاف الوقت بالذهاب إلى المكتبات والبحث بين رفوف الكتب.

    مهارات التعلم الذاتي

    إن ظهور الرغبة لديك بضرورة البدء بمرحلة التعلم الذاتي يعني أن تكون ملمًا ببعض المهارات التي يمكنها مساعدتك في تطوير ذاتك وتحفيزها على التعلم أكثر وبعمق، وتاليًأ أهم مهارات التعلم الذاتي التي لا بد من توفرها لديك:

    • توضيح الهدف والاهتمام

    الأوجب أن تكون أهدافك وتوجهاتك واضحة في التعليم الذاتي حتى تتمكن من معرفة وجهتك من الضروري اختيار مجال الدراسة على وجه الخصوص وذلك ليكون نطاق البحث والشرح لنفسك واضحًا، فإن العشوائية سيجعل الأمر صعبًا جدًا، ستشعر أنك تائه نسبيًا! لذلك على سبيل المثال إن كنت تتعلم في الجامعة العلوم البيئية، إلا أنك لك توجهات في معرفة العدالة الاجتماعية ودراستها بجانب ذلك؛ فإنك بهذا الصدد يمكنك الانخراط في مجال علم الاجتماع مثلًا.

    • تعزيز مهارة الانضباط الذاتي

    كثير منا نعاني من عدم القدرة على الانضباط الذاتي والتقيّد، لذلك فإننا بحاجة ماسة إلى تدريب نفسك على التركيز والتقيد بوقت محدد لتتمكن فعليًا من الإنجاز والتعلم، مثلًا حدد لنفسك وقت خلال اليوم لا يمكن التنازل عنه سوى للتعلم الذاتي، فإنك بهذا تكون قد منحت نفسك فرصة الجودة التعليمية الأعلى والانضباط والوصول إلى معارف جديدة، بالتلي تعزيز مستوى التركيز لديك.

    • التركيز على هدف واحد في كل مرة

    كما أخبرتك سابقًا فإن التشتت يولد لديك حالة من التشاؤم والرغبة بترك التعلم كاملًا، فإنك تشعر بالضياع لا محالة، لذلك كن حريصًا في هذه المرة على دراسة علم الاجتماع مثلًا حتى يكون تركيزك منصبًا عليه فقط دون التفكير بأمور أخرى، ثم الانتقال إلى هدف آخر بعد إنهاء الهدف الأول تمامًا وتأكدك من بلوغ القمة التي طالما حلمت بها.

    • استخدام أساليب التعلم المناسبة

    عندما تتخذ قرارك في التعلم الذاتي؛ فإنك ستلاحظ وجود الكثير من الأساليب المتاحة أمامك للتعليم، لكن لا بد من تحديد الأسلوب الأنسب بينها لتتمكن من التأقلم والتعامل معه بكل احترافية، فإذا كنت تشعر بأنك تفضل التعلم الذاتي الإلكتروني فإن الإنترنت متاح لك بكل بساطة، ويمكنك الاعتماد على الأجهزة الذكية للوصول.

    أما عند رغبتك باستخدام الأساليب التقليدية فإن المكتبات ومصادر التعلم المتداولة تقليديًا قد تكون أفضل بالنسبة لك، إن لم تكن من عشاق الإنترنت أو رافضي استخدامه، كما قد تكون الرغبة لديك مثلًا بتعلم لغة معينة مثل الألمانية؛ ولكنك لا تحبذ القراءة بالكتب الألمانية، بل تشعر بأن أفضل طريقة هي التواصل مع الناطقين بها.

    • التفكير خارج الصندوق

    من أهم مهارات التعلم الذاتي أن تكون قادرًا على تحرير أفكارك وإطلاق العنان لها لتأتي بكل ما يلبي احتياجاتك ويناسب اهتماماتك، لذلك لا بد من ملاحقة المعلومات والوصول إليها من مصادرها المختلفة لتتمكن من حل أي مشكلة قد تواجهك في الفهم، كما أن هناك عدة طرق غير المألوفة تفتح لك الآفاق لتتمكن من التعلم ذاتيًا منها الانضمام إلى غرف الدردشة عبر الإنترنت؛ ما يتيح لك الفرصة للتواصل مع أهل الخبرة في أي دولة في هذا العالم يشتركون معك بالاهتمام بمجالك.

    • التدوين وبناء خطط العمل

    لا تعتمد على ما تخزنّه في ذاكرتك حاليًا وتعتقد أنه دائم، بل ستصل إلى وقت قد يشعر به عقلك بالإرهاق قليلًا ما يدفعه لنسيان بعض المعلومات، من هذا المنطلق أنت ملزم بالإتيان بكراسة ورقية أو بناء ملف doc لتدوين المعلومات والبيانات المهمة التي تشعر حقًا أنها تحدث نقلة نوعية وإفادة عميقة لديك.

    تدوين المعلومات والملاحظات يجعلك أكثر قدرة على إدارة الوقت وتنظيمه والتعلم أكثر من أي وقتٍ مضى، بالإضافة إلى تنظيم الأفكار بكل احترافية.

    التعلم الذاتي في عصر المعلومات

    شهد التعلم الذاتي في عصر المعلومات تقدمًا ملموسًا لا محالة، فإن العقل المدرك يلاحظ مدى السهولة المطلقة التي أصبحت متاحة لنا في الوصول إلى مصادر المعلومات بأي شكل ونوع، وأينما كان موقعها في هذا العالم، إذ يمكنك أنت كمتعلم في الأردن مثلًا أن تصل إلى مكتبات إلكترونية في أمريكا دون أي تعقيدات، واستخدام المصادر والتعرف على محتواها دون تكبد مصاريف هائلة للسفر إليها.

    كما أن الأمر ليس بمجرد مكتبات وكتب إلكترونية فحسب، بل يمكنك استخدام المصادر الرقمية بأنواعها المرئية، المسموعة، المقروءة وغيرها الكثير مما يتاح لك، كما أنك تصبح أكثر مهارة وخبرة في استخدام مصادر الإنترنت عامةً، وتحفيز ذاتك على البحث والعمل.

    إضافةً إلى أن اختلاف اللغات لم يعد معضلة، إذ يمكنك ترجمة المصدر من أي لغة بالعالم إلى لغتك الأم في غضون ثوانٍ فقط.

    الفرق بين التعلم الذاتي والتعلم التقليدي

    هناك العديد من النقاط التي يمكن الوقوف عندها لتوضيح الفرق بين التعلم الذاتي والتقليدي، وتتمثل هذه الاختلافات بما يلي:

    • يتلقى المتعلم من أستاذه المعلومات فقط ويدرسها بعد شرحها له بعمق، علمًا بأن الأستاذ أو المعلم هو المسؤول عن الإتيان بالمعلومة من مصادرها وتبسيطها لك، بينما في التعليم الذاتي أنت المسؤول كليًا عن البحث عن المعلومة وشرحها لنفسك وحفظها.
    • من حيث الهدف، فإن التعليم الذاتي يسعى به الفرد لتعميق المعرفة وتوسيع نطاق المعلومات لديه دون الحاجة إلى الدرجات، علمًا بأن المحتوى اختياري حسب رغبته واهتمامه، بينما في التعليم التقليدي يكون المحتوى إلزامي ضمن خطة تعليمية متكاملة محددة من قبل الجهة التعليمية، ويسعى بها المتعلم إلى الحصول على درجات للانتقال للمرحلة التالية.
    • في التعليم الذاتي تتعدد مصادر التعلم والمعلومة أمامك؛ إذ تعتبر حرًا باختيار الطريقة التي تراها مناسبة لك في تعزيز المعرفة لديك؛ ما يحقق لك المتعة أكثر، بينما في التعليم التقليدي أنت ملزم بالتعلم حسبما يراه المعلم مناسبًا.
    • التعليم ذاتي غالبًا مجانًا إلا إذا اضطررت للاشتراك في دورات وورشات عمل مدفوعة، أما التعليم التقليدي فإنه مدفوع الثمن.

    مميزات وعيوب التعلم الذاتي

    الكثير من المميزات التي أثنى عليها رواد التعلم الذاتي، لكن لا يخلو الأمر من بعض العيوب أحيانًا، لذلك نود الإنصاف بالتعرف على كل منهما:

    المميزات

    • تكلفة التعلم الذاتي أقل أو مجانية أحيانًا مقارنةً مع التعلم التقليدي.
    • الأمر اختياري بحت؛ ما يجعلك تتجه نحو المجال الذي تفضله بكامل رغبتك.
    • ارتقاء الشعور بالقبول والمتعة والرضا لديك دون سخط نهائيًا.
    • الرغبة العارمة في أعماقك بالبحث عن المزيد من المعلومات دون تقييد.
    • التمكّن من التعرف على مهارات جديدة وتعزيز مستوى المعرفة.
    • وجود نطاق واسع من الطرق والأساليب والأدوات المتاحة لك في التعليم.
    • الوصول غير المحدود إلى مصادر المعلومات حول العالم.

    العيوب

    • غياب الأطر التي يمضي المتعلم بها في تعليمه، علمًا بأن ذلك قد يكون إيجابية أيضًا لدى البعض.
    • انعدام التواصل وملكة الحوار والنقاش مع الآخرين (المعلمين) فإن الأمر متكل عليك تمامًا.
    • في البعض الحالات لا يوجد أي دعم أو إرشاد للطريق الصحيح في بعض الأمور، لكن يمكنك تجاوز ذلك بالاتصال مع أهل الخبرة والمجال.
    • لا محدودية الوقت، فإن البعض ممن يعانون من انعدام الانضباط الذاتي لا يشعرون بتحقيق الإنجازات أبدًا.

    استراتيجيات التعلم الذاتي

    هناك العديد من الاستراتيجيات والمتطلبات الواجب توفرها لديك حتى تكون قادرًا على إنجاح توجهك في التعلم الذاتي، ومن أهم ما جاء في ذلك ما يلي:

    • استراتيجية التعلم المعزز بالاختبار، يشار لها ايضًا باسم استرجاع المعلومات Retrieval Practice، وتمتاز بأنها تمكن المتعلم من استرجاع ما تعلمه فعليًا اعتمادًا على اختبارات تحريرية تساعده على الإجابة بدقة، ما يساعده على تنشيط المعرفة وقدرته على الاسترجاع، كما قد يخضع فيها للاختبارات الموضوعية.
    • استراتيجية الممارسة المتداخلة Interleaved Practice، أسلوب واستراتيجية تأخذ بيدك نحو الدراسة لأكثر من موضوع في المادة الواحدة ومساعدتك على التركيز أكثر قبل أن تتخذ قرارك ببدء التعلم بمادة جديدة، وتمتاز بأنها من أفضل الطرق التي تصقل المهارات العقلية على نقل المعلومة واكتسابها وحل المشكلات المختلفة.
    • استراتيجية التفسير الذاتي التفصيلي Elaborative self-explanation، من الطرق والاستراتيجيات التي تمنح المتعلم فرصة لإثارة موجة من الأسئلة العميقة حول ما تعلمه؛ بالتالي يعتبر أسلوب ذكي لجعل الذاكرة أفضل وأكثر قدرة على التذكر.
    • استراتيجية الممارسة الموزعة، تساعد على تجزئة المعلومات وتصنيفها لتكون دراستها وتعلمها أسهل وأفضل.

    أساليب التعلم الذاتي

    تشير المعلومات إلى أن هناك العديد من أساليب التعلم الذاتي التي تلبي احتياجك، إذ يختارها المتعلم لتكون مناسبة له تمامًا وفقًا لظروفه وقدراته ومهاراته، ومن أهم أساليب التعلم الذاتي ما يلي:

    • أسلوب التعلم الذاتي بالقراءة: يكون من خلال الوصول إلى الكتب والمقالات وأي معلومة مكتوبة في مصادرها سواء تقليديًا أو إلكترونيًا، فإن هذه الطريقة الأكثر رواجًا عادةً.
    • التعلم الذاتي المرئي، بهذا الصدد يمكنك التعلم ذاتيًا اعتمادًا على الفيديوهات والمقاطع المصورة والبرامج ذات العلاقة، فإن البعض يشعر بأنها أفضل طريقة لترسيخ المعلومة لديه وفهمها.
    • التعلم الذاتي المسموع، من الأساليب الفعالة جدًا وقد تكون ضمن المرئي أيضًا، إذ يمكنك التعلم بهذه الطريقة بالاستماع للكتب الإلكترونية المسموعة، المحاضرات، ورشات العمل.
    • العلم الذاتي بالتجربة، في بعض المجالات التعليمية يكون خيار التجربة متاح جدًا لك، ما يجعلك أكثر إتقانًا واحترافية للمجال.

    كتب عن التعلم الذاتي

    في الحقيقة هناك كم زاخر من الكتب التي توفر لك الفرصة لبدء التعلم الذاتي والمضي قدمًا نحو المزيد من المعرفة والتعلم، ومن أهم هذه الكتب ما يلي:

    • كتاب التعلم الذاتي بالحقائب التعليمية للمؤلف عمر محمود غباين.
    • كتاب التعلم الذاتي في عصر المعلومات للمؤلفة أمل الأحمد.
    • التعليم الذاتي بالموديلات التعليمية .. اتجاهات معاصرة للمؤلف عبد الرحمن عبدالسلام جامل.
    • التكنولوجيا وتطوير التعليم للمؤلف عبد العظيم الفرجاني.
    • كتاب Teaching Elementary Students Through Their Individual Learning Styles: Practical Approaches for Grades 3-6
    • كتاب eaching Young Children Through Their Individual Learning Styles

    ختامًا، فإن التعلم الذاتي فرصة حقيقية لتطوير ذاتك وتحفيزها على الصعيد الشخصي والمهني، كما أنك ستكون أكثر تصالحًا مع نفسك وتعاونًا معها لتحقيق التقدم العلمي وتعزيز المخزون المعرفي لديك، لذلك اتبع استراتجيات التعلم الذاتي مع ضرورة التوجه لاختيار أفضل طريقة من الطرق المتاحة لك لتحقيق أعلى درجة من النجاح.

    المراجع

    A Guide to Autodidacticism: How to Become a Self-Learner

    The Rise Of The Autodidactic Millennial As Today’s Entrepreneur

    إيمان الحياري

    إيمان الحياري

    كاتبة محتوى تقني ومنوع

    كاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ