الاستثمار في الذكاء الاصطناعي: هل هو فرصة أم فقاعة؟
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولشات جي بي تي أداة الذكاء الاصطناعي وصلت إلى 100 مليون مستخدم في اقل من 3 شهور بينما أسرع وسائل التواصل الاجتماعي نموا وهو تيك توك استغرق 9 أشهر وانستغرام 30 شهر، سرعة النمو هذه والانجذاب الكبير للأفراد على الذكاء الاصطناعي أدى إلى نمو اسهمه بشكل غير اعتيادي وأصبح هو حديث المستثمرين.
اندفاع المستثمرين تجاه الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أوصل أسواق الأسهم إلى مستويات ارتفاع قياسية جديدة في عام 2024، الارتفاع الهائل في أسهم شركات هذه التكنولوجيا أثار قلق المتشككين من أن السوق قد يكون في حالة ارتفاع مفرط أو ما يسمى في عالم الاستثمار بـ "الفقاعة".
لاشك أن الذكاء الاصطناعي Ai يعتبر نقطة تحول تكنولوجية وإن كان مزال في بداياته ويمكن أن يتطور أضعاف ما عليه الآن من حيث الأداء، لكن هل هذا يجعل الارتفاع غير الاعتيادي في أسهمه هو ارتفاع واقعي.
سواء كنت مستثمر أو غير مستثمر سيكون في مصلحتك أن تفهم واقع ومستقبل الاستثمار في الذكاء الاصطناعي هل هو فرصة أم فقاعة.
مفهوم الفقاعة في الاقتصاد
سوق الـ NFTs الذي ذاع صيته في عامي 2021 و 2022 وسجل مبيعات بالملايين بلغت 90 مليون دولار للوحة واحدة كأعلى سعر، هذا السوق حاليا لاتقدر قيمته حتى بـ 1 دولار، اتضح فيما بعد أنه كان مجرد فقاعة وانفجرت. الخطوة الأولى لتقييم الذكاء الاصطناعي كاستثمار هي فهم الفروقات بين السوق الصاعدة والفقاعة، عندما تنظر إلى الماضى يتضح لك بشكل سلس الفترات التي نمت فيها السوق بشكل صحي والفترات التي مرت عليه كفقاعة.
اقرأ ايضا
ودونا عما حدث مع NFT لأن اندثاره كسوق كان متوقعا جدا فإن الفقاعة الاقتصادية أكثر تعقدا وعمقا من ذلك، تبدأ الفقاعة الاقتصادية كسوق صاعدة يلاحظها المستثمرون كاتجاه ناشئ ذو مستقبل وهذا بالتأكيد يخلق قيمة لشركاته، يبدأ ما يسمى بحماس المستثمريم بضخهم أموال وشراءهم للأسهم وهذا بطبيعة الحال يؤدي لارتفاعها.
في حالة الفقاعة، يصل نمو الأسهم إلى مستوى غير صحي وغير منطقي بتاتا ويبدأ المستثمرون في الشراء لمجرد أن أسعار الأسهم ترتفع والدافع هو فقط تحقيق مكاسب وعدم تفويت فرصة هذا الارتفاع، ولايقتصر الأمر على صناعة معينة بل يمكن أن ينطبق على سوق متعدد الصناعات مثل ماحدث في لسوق الأسهم السعودي 2006.
هل الذكاء الاصطناعي سوق صاعدة
صناعة مثل صناعة السيارات غيرت شكل العالم ومثلت أكبر تحولي تاريخي، بدأت ثورتها في العشيرنات بأكثر من 2000 شركة تصنيع في الولايات المتحدة وقتها وقد أثارات ضجة مماثلة لضجة الذكاء الاصطناعي حاليا، لو تحمست كمستثمر حينها وضخيت أموالك في تلك الصناعة الواعدة كنت ستخسر جميع أموالك بحلول 1935.
لم يحدث الأمر مع السيارات بل حتى مع الانترنت في نهاية القرن الماضي حين انهوس المستثمرون في شركات تقنية المعلومات التي ستغير العالم بعدها حصلت فقاعة من ثم انهيار، فيما يسمى بـ فقاعة الدوت كوم 1995 الى 2000 Dot-com bubble.
لايعني أن صناعة ما سوف تحدث ثورة وتغير في المسقبل أنها ليست معرضة اقتصاديا لظاهرة الفقاعة، الأمر ليس قائم أو منطبق فقط على الفقاعات الوهمية وليس مستبعد أن الاهتمام الذي يحظى به الذكاء الاصطناعي حاليا من الممكن أن يصل إلى درجة غير صحية تعرض لانهيار مستقبلا.
ومع أنه واضح ما يمر به سوق الذكاء الاصطناعي أهو فقاعة أم نمو طبيعي، ولكن الأرقام التي تقول لك أن شركة إينفيديا رائدة شركات تكنولوجيا الـ Ai نمت قيمتها السوقية بنسبة 2500% خلال السنوات الأربعة الماضية، وفي احدى الأيام قيمة هذه الشركة زادت 184 مليار دولار في يوم واحد فقط.
في الأسبوع الماضي 08/24 مايكروسوفت أعلنت عن 100 مليار دولار استثمارات في الذكاء الاصطناعي هذا بعيدا عن الاستثمارات الضخمة خلال موجة الذكاء الاصطناعي الأولى، وبالفعل هذا هو ما ولّد الشكوك حول يحصل الآن، صندوق "إليوت مانجمنت" اعتبر أن هذه مبالغة كبيرة في تضخيم الذكاء الاصطناعي واتهم أنها فقاعة.
لكن دونا عن ذلك شركات عملاقة مثل مايكروسوفت وجوجل هي تعي جيدا ما تقوم به والاستثمارات الضخمة فعليا مبررة لأن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، شركات التكنولوجيا تعمل بكل جهودها على تنمية هذه التقنية عبر هذه الاستثمارات وفي القريب سوف تظهر تقنيات Ai متطورة وحديثة، لكن لا ننسى أن الصورة المستقبلية مشوهة ولايستبعد أن يحصل انهيار لهذا السوق مثل ماحصل مع الانترنت والسيارات.
هل نمو أسهم الذكاء الاصطناعي نمو صحي؟
بالنسبة للمستثمرين الذين يعتمدون على القيمة مقابل السعر هناك بالتأكيد سبب للقلق، منذ بداية عام 2023 وحتى 12 يوليو من 2024 ارتفع مؤشر S&P 500 بنحو 46%، وارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 75% خلال هذه الفترة، أما سهم شركة Arista Networks Inc المتخصصة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فقد ارتفع بنسبة 198%.
وارتفعت أسهم شركة Nvidia، المصنعة لرقاقات الذكاء الاصطناعي بنسبة 784% منذ بداية عام 2023، و قفزت أسهم شركة Super Micro Computer Inc المصنعة لمعدات الذكاء الاصطناعي بنسبة 1,008%.
وفي الوقت نفسه بلغ مكرر الربحية المعروف (P/E ratio) المتوقع لمؤشر S&P 500 حاليًا 21.4، وهو أعلى بنسبة 19.6% من متوسطه على مدى 10 سنوات والذي يبلغ 17.9، وفقًا لـ FactSet.
بينما وصلت نسبة مكرر الربحية المعدل دوريًا (CAPE ratio) -وهو مقياس طويل الأجل للتقييم يعتمد على متوسط الأرباح معدلة حسب التضخم خلال السنوات العشر الماضية- إلى 36.4، هذا الرقم لمكرر الربحية المعدل دوريًا يزيد عن ضعف المتوسط طويل الأجل لمؤشر S&P 500 والذي يبلغ 17.1، ويقترب من أعلى مستوى له على الإطلاق خارج فقاعة الدوت كوم.
آراء بعض الخبراء
يقول ديفيد بانسن، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة بانسن، إن هناك العديد من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكن فقاعة الدوت كوم أظهرت أنه حتى الشركات الكبرى نفسها يمكن أن تعاني من تقييمات غير واقعية.
إذ يقول: "النشوة في أسهم التكنولوجيا الكبرى في الأسابيع والأشهر الأخيرة هي أمر غير منطقي، ويبدو أن المستثمرين ينسون ما حدث في السنوات التي سبقت انهيار أسهم التكنولوجيا في عام 2000"، "مزيج أسهم التكنولوجيا وخدمات الاتصالات يشكل الآن ما يقرب من نصف القيمة السوقية لمؤشر S&P 500، وهذا أمر مرعب وبالتأكيد غير مستدام".
كيف سيخلق الذكاء الاصطناعي القيمة؟
من أهم الأسئلة هو كيف ستقوم شركات الذكاء الاصطناعي بتحقيق الإيرادات من خدماتها وبناء مصادر دخل مربحة؟ لتخلق قيمة لنفسها تعادل سعر السهم لأنه إذا لم يحصل ذلك فسيحدث لها انهيار حتمي.
لديك شركة Nvidia مثلا، من السهل تفسير سبب حماس المستثمرين وتدفقهم إليها مصادر دخلها قائمة الآن وهذا ما يخلق لها تلك القيمة، يحتاج عملاؤها إلى ترقية مستمرة لشرائحهم وخوادمهم وإلا فسيفقدون ميزتهم التنافسية، تغذي خدمات الترقية هذه نمو أرباح الشركة طالما أنها تحتفظ بمكانتها كشركة رائدة في صناعة أشباه الموصلات للذكاء الاصطناعي.
مقدمو خدمات الذكاء الاصطناعي، مثل Microsoft Corp و (MSFT) وAlphabet Inc و (GOOG, GOOGL) و Meta Platforms Inc (META)، يستثمرون مبالغ ضخمة من المال في بناء نماذج Ai خاصة بهم وترقية بنيتهم التحتية.
إذا تفاؤلنا في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمكن أن نقول أن هذه الاستثمارات الكبيرة تشبه الاستثمارات الضخمة التي قام بها مزدو خدمات السحابة خلال أوائل العقد الأول من القرن الحالي في هذه الخدمة، تلك الاستثمارات الآن تحقق أرباحًا كبيرة لشركات مثل Amazon.com Inc وMicrosoft.
في عام 2023، حققت خدمات أمازون السحابية AWS دخلا قدره 24.6 مليار دولار، وحققت شريحة السحابة الذكية من مايكروسوفت دخلاً قدره 87.9 مليار دولار في سنتها المالية الأخيرة.
ستكون شركات الذكاء الاصطناعي وصانعو أجهزة الذكاء الاصطناعي في مركز طفرة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والدخل العائد لها سيتضاعف أكثر من الاستثمارات التي يتم ضخها حاليا في هذه التكنولوجيا، والثورة في هذا المجال سترفع في النهاية الاقتصاد العالمي بأسره.
هل الذكاء الاصطناعي استثمار جيد مستقبلا؟
على الأقل في هذه المرحلة، يبدو أن أسهم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الكبرى لم تصل بعد إلى التقييمات المفرطة التي شهدتها فقاعة الدوت كوم.
مؤخرًا، قام بنك JP Morgan بمقارنة التقييمات وتوقعات النمو لشركات الذكاء الاصطناعي الرائدة، مع عمالقة قطاع التكنولوجيا في فترة فقاعة الدوت كوم لاستخدامها كمرجع.
واستخلص المحللون في JPMorgan إن هذا الانفجار في معدلات النمو والتقييمات هو ما يميز شركات الذكاء الاصطناعي الحالية عن تلك التي كانت موجودة في فترة فقاعة الدوت كوم، ورغم أن أسهم الذكاء الاصطناعي اليوم ليست محصنة ضد التراجع في الأسواق المالية فإن التوقعات العالية للأرباح تجعلها أكثر استقرارًا نسبيًا مقارنة بأسهم التكنولوجيا التي انهارت في مطلع القرن.
مع ذلك، القلق الأكبر بالنسبة للمستثمرين هو إذا ما كانت أسهم الذكاء الاصطناعي قد وصلت بالفعل إلى ذروتها، حيث أن الارتفاع الكبير في التقييمات الحالية يثير تساؤلات حول استدامة هذا النمو، علاوة على ذلك يؤدي أي تباطؤ في التقدم التكنولوجي أو ظهور تشريعات جديدة لتنظيم الذكاء الاصطناعي إلى هبوط كبير في قيمة هذه الأسهم.
لكن لو افترضنا أن الأسهم لم تصل لذروتها حاليا واستمر النمو إلى أن تبدأ التقنيات الجديدة بالظهور فسيكون النمو طبيعي جدا وسيحقق عوائد عالية على المستثمرين، يتفق الكثير من الخبراء بأن أفضل طريقة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي قد تكون من خلال الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين عملياتها بدلاً من تلك التي تطور هذه التكنولوجيا نفسها.