أكثر من مجرد فقدان الوزن.. استكشف العديد من فوائد الصيام المتقطع الغير شائعة
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولشهد الصيام المتقطع ارتفاعًا ملحوظًا في شعبيته في عالم الصحة والتغذية، وذلك بفضل تزايد الأبحاث التي تكشف عن فوائده الصحية المتعددة. فعلى الرغم من أن الصيام المتقطع غالبًا ما يُعرف بكونه استراتيجية لفقدان الوزن، إلا أن له فوائد أخرى تتعدى هذا الهدف الوحيد. فعلى الرغم من أن فقدان الوزن يعد جزءًا مهمًا من التأثيرات الإيجابية للصيام المتقطع، إلا أن البحوث الحديثة تشير إلى أن له تأثيرات عديدة على صحة الجسم والعقل، مما يشجع على اعتماده كأسلوب حياة صحي بشكل شامل.
في هذا المقال، سنستكشف الصيام المتقطع بعمق، حيث سنتعرف على الطريقة التي يعمل بها، وعلى أشكاله المتعددة، والطعام الذي يمكنك تناوله خلال تطبيق استراتيجية الصيام المتقطع، بالإضافة إلى الفوائد الصحية للصيام المتقطع، بعيدًا عن مجرد فقدان الوزن، حيث سنلقي نظرة على كيفية يمكن لهذا النهج الغذائي تحسين جودة حياتنا وصحتنا بشكل عام.
ما هو الصيام المتقطع؟
تركز العديد من الأنظمة الغذائية على ما تأكله، لكن الصيام المتقطع يدور حول وقت تناول الطعام. فمع الصيام المتقطع، أنت تأكل فقط خلال وقت محدد. حيث تظهر الأبحاث أن الصيام لعدد معين من الساعات كل يوم أو تناول وجبة واحدة فقط بضعة أيام في الأسبوع قد يكون له فوائد صحية.
وقد قام عالم الأعصاب في جامعة جونز هوبكنز، مارك ماتسون، بدراسة الصيام المتقطع لمدة 25 عامًا. فقال عنه إن أجسامنا تطورت لتصبح قادرة على البقاء دون طعام لعدة ساعات، أو حتى عدة أيام أو أكثر. في عصور ما قبل التاريخ، قبل أن يتعلم البشر الزراعة، كانوا الصيادين وجامعي الثمار يبقون لفترات طويلة دون تناول الطعام. حيث كانوا يستغرقون الكثير من الوقت والطاقة للاصطياد وجمع الثمار.
ويشير الخبراء إلى أنه حتى قبل 50 عامًا، كان من الأسهل الحفاظ على وزن صحي في الولايات المتحدة. حين لم تكن هناك أجهزة كمبيوتر، وكان يتم إيقاف تشغيل البرامج التلفزيونية في الساعة 11 مساءً؛ وبالتالي كان الناس يتوقفون عن الأكل وينامون مبكرًا. لكن مع توفر الإنترنت والتلفزيون ووسائل الترفيه الأخرى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، يظل العديد من البالغين والأطفال مستيقظين لساعات أطول لمشاهدة التلفزيون والتصفح عبر وسائل التواصل الاجتماعي وممارسة الألعاب والدردشة عبر الإنترنت. قد يعني ذلك الجلوس وتناول الوجبات الخفيفة طوال اليوم ومعظم الليل.
اقرأ ايضا
نمط الحياة الحديثة هذه يمكن أن يؤدي إلى زيادة السعرات الحرارية وقلة النشاط، مما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة والسكري من النوع الثاني وأمراض القلب وأمراض أخرى. بينما تُظهر الدراسات العلمية أن الصيام المتقطع قد يساعد في عكس هذه الاتجاهات.
خطط وأشكال الصيام المتقطع
يُعدّ من الضروري استشارة طبيبك قبل الشروع في نظام الصيام المتقطع. ومتى ما تمّ التأكد من موافقته، تصير عملية الصيام ذاتها أمرًا يسيرًا. فبإمكانك حينئذٍ اعتماد أسلوب يومي للصيام يحصر فترات تناول الطعام ضمن 6 إلى 8 ساعات فقط يوميًا. مثلًا، يُمكنك تجربة نمط الصيام 16/8، الذي يقتضي تناول الطعام على مدار 8 ساعات والامتناع عنه لمدة 16 ساعة.
على الرغم من أن هذا الأسلوب يُعتبر قابلًا للتطبيق على المدى الطويل بالنسبة لبعض الأشخاص، إلا أن دراسة بحثية لم تُصمم أساسًا لدراسة الصيام المتقطع أظهرت أن تحديد فترات تناول الطعام خلال اليوم لا يمنع زيادة الوزن بمرور الزمن ولا يؤدي بالضرورة إلى فقدان وزن ملحوظ. وقد بيّنت نتائج تلك الدراسة أن تقليل عدد الوجبات الكبيرة أو زيادة عدد الوجبات الصغيرة قد يسهم في تقليص فرص زيادة الوزن أو حتى في فقدان الوزن على المدى الطويل.
وتُعرف خطة الصيام المتقطع الأخرى بنهج 5:2، حيث يُسمح بتناول الطعام بشكل طبيعي لمدة 5 أيام في الأسبوع، بينما يُقتصر في اليومين المتبقيين على وجبة واحدة تحتوي على 500 إلى 600 سعر حراري فقط. فلو اخترت، على سبيل المثال، الأكل بشكل طبيعي طيلة أيام الأسبوع ما عدا يومي الاثنين والخميس، فإن هذين اليومين سيكونان مخصصين لتناول وجبة واحدة فقط.
وتوجد أيضًا خطط صيام تشمل فترات أطول دون تناول طعام، كفترات الصيام التي تمتد لـ 24 ساعة أو حتى 72 ساعة، ولكنها قد لا تكون مناسبة للجميع وقد تحمل مخاطر محتملة. فالامتناع عن تناول الطعام لفترات طويلة قد يحفز الجسم على تخزين المزيد من الدهون كرد فعل للشعور بالجوع.
وتشير الدراسات إلى أن التأقلم مع نظام الصيام المتقطع قد يستلزم مدة تتراوح بين أسبوعين إلى 4 أسابيع. خلال هذه الفترة، من الممكن أن تختبر شعورًا بالجوع أو الضيق حتى يتأقلم جسدك مع الروتين الجديد. غير أن الأشخاص الذين يتجاوزون هذه المرحلة يميلون إلى الاستمرارية في اتباع الخطة بعد أن يلاحظوا تحسنًا في حالتهم.
كيف يعمل الصيام المتقطع؟
كما ذكرنا، هناك عدة طرق مختلفة للقيام بالصيام المتقطع، ولكنها جميعها تعتمد على اختيار فترات زمنية منتظمة لتناول الطعام والصيام. فبعد ساعات من عدم تناول الطعام، يستنزف الجسم مخزونه من السكر ويبدأ في حرق الدهون.
يسمى ذلك التبديل الأيض، حيث يتناقض الصيام المتقطع مع نمط الأكل الطبيعي لمعظم الذين يأكلون طوال ساعات استيقاظهم. فإذا كان شخص ما يتناول 3 وجبات في اليوم، بالإضافة إلى الوجبات الخفيفة، ولا يمارس الرياضة، ففي كل مرة يأكل فيها، فإنه يستهلك تلك السعرات الحرارية ولا يحرق مخزون الدهون لديه. بينما يعمل الصيام المتقطع عن طريق إطالة الفترة التي يحرق فيها جسمك السعرات الحرارية المستهلكة خلال وجبتك الأخيرة ومن ثم يبدأ في حرق الدهون.
ماذا يمكنك أن تأكل أثناء الصيام المتقطع؟
خلال أوقات الصيام المتقطع التي لا تتناول فيها الطعام، يُسمح بشرب المياه والمشروبات الخالية من السعرات الحرارية مثل القهوة السوداء والشاي. أما خلال فترات تناول الطعام، يمكنك تناول الطعام بشكل طبيعي وصحي وباعتدال. حيث تُظهر الأبحاث أنه من غير المرجح أن تفقد الوزن أو تصبح أكثر صحة إذا قمت بتعبئة أوقات تناول طعامك بالوجبات السريعة ذات السعرات الحرارية العالية والأطعمة المقلية كبيرة الحجم والحلويات.
كما يَعتبر معظم خبراء التغذية أن النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط هو مخطط جيد لما يجب تناوله، سواء كنت تحاول الصيام المتقطع أم لا. فمن الجيد أن تختار الخضروات الورقية والدهون الصحية والبروتينات الخالية من الدهون والكربوهيدرات المعقدة غير المكررة مثل الحبوب الكاملة.
ما هي فوائد الصيام المتقطع؟
اكتسب الصيام المتقطع شعبية كطريقة لإنقاص الوزن، وتتواصل الجهود البحثية لاستكشاف منافعه وأضراره، كما هو الحال مع العديد من الأنظمة الغذائية الأخرى المتاحة. وقد بيّنت الدراسات الأولية، التي شملت كلاً من البشر والحيوانات، وجود إمكانات لفوائد متعددة تتجاوز مسألة فقدان الوزن وحدها. من بين هذه الفوائد:
1- خفض الالتهابات:
يُشير أندرو وانغ، أستاذ علم الأحياء المناعي بكلية الطب في جامعة ييل، إلى أن حالة الصيام تجعل احتياطيات الجلوكوز بالجسم قريبة من النفاد، ما قد يساهم في تقليل الالتهاب المؤلم. وبتطبيق الصيام لفترات طويلة، يستهلك الجسم كل مخزون الجلوكوز، المصدر الأساسي للطاقة، ويدخل في حالة تُعرف بالكيتوزية، حيث يُستخدم الكيتون كوقود بديل، مما ينتج عنه التهاب أقل مقارنةً بحرق الجلوكوز.
2- الوقاية من الخرف:
يُعد التقدم في العمر عاملاً يزيد من فرصة تعرض الأعضاء لالتهاب مزمن يُمكنه أن يُسهم في التدهور المعرفي وزيادة خطر الإصابة بالخرف، نتيجة لتراكم الترسبات في الدماغ. لكن الصيام يُمكن أن يلعب دورًا في مواجهة هذه المشكلة بواسطة تقليل الالتهاب.
3- تنظيم مستويات السكر في الدم:
يُمكن للصيام المتقطع أن يُساعد أيضًا في تنظيم مستويات السكر في الدم، مما يُعد أمرًا حيويًا للوقاية من الأمراض المرتبطة بعدم تحمل الجلوكوز، مثل مرض السكري من النوع الثاني. ويُلاحظ وانغ أن مستويات السكر في الدم ترتفع بعد تناول الطعام، لكنها تنخفض طبيعيًا أثناء الصيام.
4- تحسين صحة القلب:
بالرغم من محدودية الأبحاث حول هذا الموضوع، يمكن القول أن الصيام المتقطع قد يُحسن صحة القلب عن طريق خفض الالتهاب والحماية من مرض السكري، وهما من عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
5- خفض ضغط الدم:
في دراسة صغيرة أُجريت عام 2018، لوحظ أن الرجال الذين يعانون من مقدمات السكري والذين اتبعوا نظام الصيام لمدة 18 ساعة يوميًا لمدة 5 أسابيع، شهدوا انخفاضًا بمقدار 10 نقاط تقريبًا في ضغط الدم الانقباضي والانبساطي.
6- تسهيل إصلاح الخلية:
يُساعد الصيام الجسم على إصلاح خلاياه عبر عملية تُعرف بالالتهام الذاتي، حيث تقوم الخلايا بتفكيك الأجزاء التالفة وإعادة تدويرها إلى مواد جديدة وصحية. وعلى الرغم من محدودية الأبحاث البشرية في هذا المجال، فقد أثبتت الدراسات على الحيوانات أن الصيام المتقطع يُعزز من عملية الالتهام الذاتي، مما يُعد واعدًا لاستجابة مماثلة لدى البشر.
7- تحسين الأداء البدني:
أظهرت الدراسات أن الشباب الذين صاموا لمدة 16 ساعة قد فقدوا دهونًا بشكل فعّال دون أن يتأثر ذلك بكتلة العضلات. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسات أخرى أن الفئران التي تم تغذيتها في أيام متناوبة تمتلك قدرة أفضل على التحمل أثناء ممارسة الجري.
8- الوقاية من السرطان:
يُمكن أن يُسهم الالتهام الذاتي الصحي والمثالي في قمع نمو الورم، بينما يُمكن للالتهام الذاتي غير المنظم أن يُساهم في تطور السرطان، وفقًا لورقة طبية نُشرت عام 2018. وبناءً عليه، فلا يُعد مفاجئًا أن يدرس العلماء إمكانية أن يُساعد الصيام المتقطع في الوقاية من السرطان أو إبطاء تقدمه، خاصةً عند استخدامه بالتزامن مع علاجات مكافحة السرطان كالعلاج الكيميائي.
هل الصيام المتقطع آمن؟
يحاول بعض الأشخاص ممارسة الصيام المتقطع للتحكم في الوزن، ويستخدم آخرون هذه الطريقة لمعالجة الحالات المزمنة مثل متلازمة القولون العصبي وارتفاع الكوليسترول أو التهاب المفاصل. لكن الصيام المتقطع ليس مناسبًا للجميع. فقبل تجربة الصيام المتقطع (أو أي نظام غذائي)، يجب عليك مراجعة طبيب الرعاية الأولية الخاص بك أولاً. إذ أنه هناك بعض الأشخاص الذين يجب عليهم الابتعاد عن تجربة الصيام المتقطع، وهم كالآتي:
1- الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الأول والذين يتناولون الأنسولين:
ففي حين أظهر عدد متزايد من التجارب السريرية أن الصيام المتقطع آمن للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2، في حين لم تكن هناك دراسات على الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول. إذ أنه نظرًا لأن المصابين بداء السكري من النوع الأول يتناولون الأنسولين، فهناك قلق من أن نمط الأكل أثناء الصيام المتقطع قد يؤدي إلى مستويات غير آمنة من نقص السكر في الدم خلال فترة الصيام.
2- الأطفال والمراهقون تحت سن 18 عامًا.
3- النساء الحوامل أو المرضعات.
4- الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل.
لكن الأشخاص الذين لا ينتمون إلى هذه الفئات والذين يمكنهم القيام بالصيام المتقطع بأمان يمكنهم الاستمرار في النظام إلى أجل غير مسمى. حيث يمكن أن يكون تغييرًا مستمرًا في نمط الحياة وله فوائد. لكن من الضروري أيضًا الانتباه إلى أنه قد تكون للصيام المتقطع آثار جانبية مزعجة كالجوع، والأرق، والصداع والغثيان، والشعور بالإرهاق، لكنها تختفي بعد مرور شهر.
خذ في عين الاعتبار أن تأثيرات الصيام المتقطع قد تختلف من شخص لآخر. لذا، إذا أصبحت تعاني من أعراض غير عادية مثل القلق، أو الصداع، أو أي أعراض أخرى بعد بدء الصيام المتقطع، يُنصح بالتحدث مع الطبيب.
في الختام، يظهر الصيام المتقطع كخيار غذائي محتمل يحمل العديد من الفوائد الصحية المحتملة كما ذكرنا. ومع ذلك، يجب أن نعترف أن هذه النتائج مستندة بشكل رئيسي إلى الأبحاث الحيوانية والدراسات السريرية الصغيرة، ومن المهم إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد فوائد الصيام المتقطع بشكل أكبر وأكثر دقة، بالإضافة إلى فهم التحديات التي قد يواجهها الأفراد أثناء ممارسة هذه النظام الغذائي. في النهاية، يجب على كل فرد استشارة الطبيب قبل بدء أي نظام غذائي جديد، بما في ذلك الصيام المتقطع، لضمان أنه مناسب وآمن لحالته الصحية الفردية.
المراجع
منة الله سيد
صحافيةصحافية مصرية، مهتمة بالصحة والعلوم والتكنولوجيا. أسعى لنشر المعرفة لأن المعرفة قوة.
تصفح صفحة الكاتب