أشعر بالضياع، هل هذا خطأ؟ لنتناول شيئاً عن هذا الشعور

رغد  حمزة
محامية، كاتبة، مدوِّنة
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

أشعر بالضياع، هل هذا خطأ؟ لنتناول شيئاً عن هذا الشعور

دعني أحدثك عن الضياع قليلاً، من وجهة نظر شخصية وبعض التجربة في أروقته، إنه ليس سلبياً تماماً كما تظن.

أين أنت؟!

- أين أنتِ الآن؟

- في غرفتي.

- لا، أعني أين أنتِ الآن في هذه الحياة؟

-..... لا أعلم.

توقفت عند ذلك السؤال وشعرت أنه صفعةٌ مباشرٌ لوجهي، من نوع الصفعات التي لا يمكنك الإشاحة بوجهك عنها، لأنها تقصد تماماً تلك النقطة التي تحاول الهرب منها. ولا أنكر ان مواجهته صعبة، والإفاقة بعده أصعب، لأنك تصبح كمن تلقّى العلاج الخارجي ويعلم تماماً أن الجزء المتبقي من خطة العلاج هي دوره هو، إذن... علينا مواجهة ضياعنا؟!

هل الضياع عار؟ هل هو شيء مُخجل يجب أن نخبئه ونحرص على أن نظهر وكأننا لم نكن من فرائسه يوماً؟

لا أبداً، بل أشعر أن الضياع كالأمل، كالوقود، كلما تجدد وشعرت به في مرحلة ما فهذا يعني أنك لست قابع في مساحة محددة دون محاولات، وإنه يدل على عزيمة العثور والإيجاد، فلا يمكن أن ترى بليداً متكاسل يشعر بالضياع في أيٍّ من أروقة الحياة، لأنه لا يفكر بأي تغيير ولا يسعى لأي نتاج، أما أنت، فكثرة الأفكار والتوقعات والظروف والمحاولات قد أخذت بك إلى طريق الضياع، وهو ما نواجهه بكثرة حالياً كفئة الشباب في كثير من البلدان العربية خاصة، لأننا نحارب ظروفاً أكبر من قدرتنا على التغيير، ونحاول مراراََ أن نجد نفقاً يجعلنا نتأقلم عليها دون خسارة أحلامنا، وهو أشدّ ما يمكن للمرء تخيله لشابّ مقبل على الطموح والأحلام، لأنه يشبه ما تريده بشدة، وما يبتعد عنك بشدة، وما يضغط عليك بشدة، وبين كل هذه العوامل أنت الفاعل الوحيد لخلق النتاح والإتيان بثمر، لكم هو متعب!

شعور الضياع مرهق، كيف نخفف من وزره؟

لا أرى بُدّاً من البوح بالضياع لأحدهم، ففي النهاية نحن كائنات خُلقت لتُشارك، لا لتبقى منزويةً بآلامها وأنّاتها، وقد لا تكون الطريقة الناجعة دوماً لحل المعضلة، إذ أن هناك شخصياتٌ لا يُفهم ألمها بسهولة، فتحاول الشكوى مثل الجميع لكن أحداً لا يُسهم في علاج آلامها، ليس السبب تقصير المستمع أو قلة احتوائه، لكن البوح ليس حلاً للجميع ببساطة، وبكل الأحوال على الشخص تجربته ثم الإقرار إن كان علاجاً مفيداً له أم لا.

هل أشعر بالضياع؟ حسناً

من هنا ومن موقعي هذا، أشعر بالضياع تماماََ وأتلمسه، يصبح الضياع أكثر تخويفاً لنا كلما زاد رقمنا العمري، لأننا لا يجب أن نبقى في أروقته طالما أن السنين تمر ويزداد عددها، فبمرورها يُفترض أننا نعثر شيئاً فشيئاً على كل ما نريد، أو... هذا ما قولبت عليه عقولنا المكررة للعقل الجمعي، فأصبح تفكيرنا منسوخ ومتطابق لفكر محدد نُشر وأصبح منقوشاً في الأذهان، دون وعي منا ولا إرادة. لذلك تراني أسأل نفسي الآن : هل من الخطأ أن أشعر بالضياع حقاً؟؟ الجواب قطعاً هو لا، فيجب أن نتحرك حتى نرى المسار، ويجب أن نضيع حتى نتحرك، يجب أن نشعر بهذا الشعور الذي يناقض السكينة حتى نعاود بحثنا عنها في المسار الجديد، في المكان الجديد والشغف الجديد. يتحرك نحوك الضياع حين ينتهي دورك في محطةٍ ما، فتتوقف السكينة ويحل محلها الشغب الداخلي وعدم الاستقرار، وحينها تبدأ رحلة البحث عن السكينة المفقودة حتى تجدها، تطمئن من جديد وتكمل، وهكذا هي الرحلة، تضيع، تبحث، تطمئن، وتعاود الكرة، تؤدي الدور الموكل إليك في تلك المحطة، وتعود من جديد في رحلتك.

رأي شخصي

أعتقد شخصياً أن للإنسان أكثر من دور في الحياة، في أكثر من ناحية ومجال، وأصبحتُ لا أخاف التغيير والتجديد في كل شيء، رغم أن ذاك الخوف يعتبر طبيعياً من المجهول واللا معتاد، لكننا لو نظرنا إليه من عين الحياة التي تمر، سنعرف أنها فرص رائعة لنعيش أشياء جديدة وتجارب مختلفة، تصيغنا وتجعلنا أكثر تنوعاً وانفتاحاً على العَيش. لا تخَف الضياع... بل استثمره وانظر علامَ يحثك؟ إلى أي اتجاه جديد يأخذك؟ إنه دليل لطريق جديد يوصلنا إليه بطريقته الخاصة.

رغد  حمزة

رغد حمزة

محامية، كاتبة، مدوِّنة

محامية شابة ، تخدم القلم والكتاب ✨🖋️📖

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ