
أستاذة في التعليم الابتدائي
قصتنا اليوم عن أستاذة تعمل في إحدى المدارس الابتدائية الجزائرية، يعرفها الجميع لكن بطيبتها وحنانها، من جهة و جديتها وصرامتها من جهة أخرى ، حتى أن البعض لم يستوعبوا شخصيتها هل هي متساهلة أم صارمة ، فقد كانت مزيجا بين الأمرين ، تبتسم للتلاميذ وتربّت على أكتافهم، وتجعل القسم بيتًا ثانيًا لهم ولها وأحيانا تلعب معهم وتجري خلفهم بل و تمازحهم كأنها بسنهم ، لكنها خلف تلك الطيبة، تخفي روحًا صلبة لا تلين حين يتعلق الأمر بالتعليم والانضباط، وتحية العلم و الاتصاف بالأخلاق .
كانت كأي إنسان، تحمل في داخلها لحظات ضعف وتعب، أحيانًا تبكي في صمت أو تشعر بالخذلان غير أنها، أمام ما لا يتوافق مع مصلحة التلاميذ، تجد في قلبها قوة مفاجئة، وشجاعة تدفعها للكلام حيث يسكت الآخرون لم تكن تقبل أن تمرّ القرارات الوزارية مرور الكرام إذا رأت فيها ظلمًا أو ضررًا، بل تناقش وتعارض وتعلن موقفها بجرأة، حتى وإن كان ذلك يثير حفيظة المفتشين. فهي مقتنعة أنها إذا لم تناقش الأمر أو تبدي امتعاضها من هذه القرارات وكأنها خذلت أطفالها ، حتى إن لم تغير شيئا فالمهم أنها حاولت .
علاقتها بتلاميذها
أما تلاميذها، فكانوا يشعرون معها بأمانٍ خاص، وكأنها أم ثانية لهم كانوا يحبونها حبًا صادقًا، ولا يرتاحون حين يزعجونها أو يغضبونها يسرّون لها بما في قلوبهم، يشكون لها حتى ما يحدث في بيوتهم الصغيرة، ويجدون عندها حضنًا يداوي خوفهم بل إنهم كثيرًا ما كانوا يحسدون أبناءها الحقيقيين، فقط لأنهم يحظون بأم هي أستاذتهم، إذا ازعجهم أحد الكبار تراهم يلتفتون يمينا وشمالا يبحثون عنها لتأتي و تدافع عنهم ، كانوا مقتنعين أنها الحامية لهم لدرجة أنهم يشتكون ما يحدث لهم خارج المدرسة فتبتسم وتفكر متسائلة : هل ينتظرون مني أن أذهب أيضا الى مقر سكناهم لأرى من يتنمر عليهم ......؟ قلوبهم بريئة وتفكيرهم بسيط.
صراع نفسي بين المواصلة أو التوقف
ورغم حبها العميق لمهنتها، كثيرًا ما كانت تفكر في التوقف فالعراقيل التي يواجهها المعلّم في ميدان التربية، والضغوط الإدارية، والإنهاك المستمر، والاستنزاف على المدى الطويل ، كلها كانت تجعلها تقرر أحيانًا أن تضع حدًا لهذه المسيرة الشاقة ، لكنها لم تفعل يومًا ، في كل مرة تتراجع عن قرارها، لأنها لا تتخيل نفسها في مهنة أخرى غير التعليم. كانت تقول في سرها: "إذا تركت القسم، من سيفهم هؤلاء التلاميذ الصغار الذين يعانون من صعوبات التعلم؟ من سيساعدهم كما أفعل؟ من سينتظر أحمد حتى يستوعب السؤال ببطئه ؟ من سيساعد سمير على الكتابة فهو من ذوي الاحتياجات الخاصة ؟ من سيعطف على سعاد التي تخاف الصوت العالي فترتبك وتتجمد في مكانها ؟ من سيكون له سعة بال كبيرة لينتظر زياد الذي يعاني مشكلة في النطق تجعله لا يستطيع الكلام اذا ارتبك أو خاف ؟ من سيعيد الدرس مرارا وتكرارا ليفهموا ؟
من أجل كل هذا تتراجع هذه الأستاذة عن قرارها ، وتعود إليهم بكل نشاط غير نادمة على قرارها.
ومع مرور الوقت، صار اسمها يتردد بين الأساتذة كرمز للتمرد، لا بمعناه الفوضوي، بل بمعناه الشريف: الدفاع عن حق التلميذ في تعليم نقي خالٍ من المجاملة والارتجال لقد تحولت إلى ذلك الصوت الجريء الذي يعبّر عمّا يريد كثير من زملائها قوله، لكنهم يخشون العواقب.
عناد أم مبدأ
لقد آمنت هذه الأستاذة أن التعليم ليس مجرد وظيفة تؤمّن الراتب، بل هو جهاد يومي ضد الجهل واللامبالاة وأن المعلّم الحق هو من يجمع بين الحنان والحزم، بين الضعف الإنساني الطبيعي والشجاعة الاستثنائية، بين رغبة في الاستسلام وصوت داخلي يصرخ: التلاميذ بحاجة إليك....ولهذا أحبها تلاميذها، واحترمها زملاؤها، حتى وإن وُصفت بالعناد أو التمرد لأنها ببساطة… كانت الصوت الذي لا يساوم على الحقيقة، والأم التي علّمت بحب قبل أن تعلّم بحروف.
هي تعلم أنها ستجذب الكثير من المشكلات بسبب عنادها هذا وكلامها الصريح إلا أنها مقتنعة أشد القناعة أن هذا واجبها ومتى ما استنزفت قواها ستنهي مسيرتها .
التعليم هو أن تضيء شمعة داخل عقلٍ ما فتتغيّر حياة كاملة
📚 المراجع
Privacy in Early Childhood Education and Care: The Management of Family Information in Parent–Teacher Conferences - Human Studies
Families have a right to privacy, but we know little about how the public–private boundary is negotiated at the micro level in educational settings. Adopting ethnomethodology, the paper examines how talk about the home situation was occasioned and managed in ten parent–teacher conferences in early childhood education and care (ECEC), with a special focus on the ECEC teacher’s strategies for eliciting family information. The paper demonstrates a continuum of interactional practices which, in various degrees, make parents accountable for providing family information. The analysis shows that parents both volunteer and provide the pursued information, thus actively orienting to the norm of visibility in child rearing. However, although both parties orient to questioning and fishing as business as usual, the parents’ accounts sometimes had an excusing quality or they adopted a reserved communication style, suggesting a certain ambivalence as well. The paper outlines different ways of understanding the present partnership ideal in parent–teacher teacher cooperation with implications for the negotiation of privacy. The paper also addresses training, which can contribute to staff and student reflections on the management of the public–private boundary.
تصفح المرجع ↗في الأنموذج البيداغوجي لتدريس الأطفال في وضعية إعاقة - ديوان العرب
توطئة لابد منها تعج الأبحاث والاجتهادات والانتاجات التربوية بمفاهيم مستحدثة ومتطورة أصبحت تؤشر على تحول النظر الى المؤسسة التربوية المدرسة (…)
تصفح المرجع ↗