"الطريقة للبدء هي أن تتوقف عن الكلام وتبدأ في الفعل" والت ديزني
المقدمة:
في طور إدارة المؤسسات والأعمال المختلفة والاهتمامات المتنوعة والتطوعية يبرز عنصر مهم لا تقل أهميته عن باقي العناصر المهمة في تشكيل وعمل المؤسسات كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والمتابعة والرقابة وإدارة وتنفيذ المشروعات والتقييم وحصر مؤشرات الأداء العام والأنشطة والفعاليات ... الخ، ألا وهو عنصر "المبادرة"، لهذا فإننا نوصي القادة والمدراء باتخاذ المبادرة بإحداث التغيير في مؤسساتهم واحداث نقلات نوعية في صعيد العمل بكافة أنواعه وتفاصيله وممكن أن يكون التغيير بسيطاً مثل تطبيق نظام جديد لرفع التقارير، أو معقداً مثل وضع هيكل تنظيمي جديد للشركة وكما يقول ميكافيلي: "ليس هناك شيء أكثر صعوبة في إنجازه، ولا أكثر شكاً في نجاحه، ولا أكثر خطورة في إدارته من بدء نظام جديد للأشياء".
فقد أصبح النجاح مرهوناً بالقدرة على تحقيق عنصر "المبادرة" في بيئة العمل وتجسيده واقعاً ملموساً بحيث يكون شغل الموظفين الشاغل وأن يُشعل الحماسة والمنافسة الشريفة والإيجابية في ميدان المؤسسة بحيث يتنافسون في تقديم الأفضل وتحمل المسئوليات واشغال المواقع الإدارية المختلفة والتقدم بثقة وهمة عالية لتحقيق المراد الشخصي واستثمار الفرص وأن يكون الموظفين على اختلاف مستوياتهم الادارية مثالاً يحتذى به وأيضاً السعي المتواصل لتحقيق أهداف وتطلعات المؤسسة والتي لا تتأتى إلا من خلال الموظف الذي هو عصب المؤسسة وعمودها الفقري يقول ريتشارد برانسون مؤسس مجموعة فيرجن، يرى أن: "العملاء ليسوا هم الأهم، الموظفون هم الأهم. إذا اعتنيت بموظفيك، فسوف يعتنون بالعملاء".
فالمبادرة ليست مجرد صفة فردية، بل هي ثقافة مؤسسية يجب أن تتغلغل في كل جوانب العمل من قمة الهرم الإداري إلى كافة مستويات الموظفين الإدارية، أي لا بد من إدارة المؤسسة اتخاذ خطوات استباقية لإحداث التغيير بدلاً من انتظار حدوثه تلقائياً.في واحدة من أفضل الدراسات للتجارب التطويرية الفعالة توصلت آنا فاليريو إلى أنه ليس هناك شيء أكثر تأثيراً على تطور القادة من إعطائهم مجالاً واسعاً من المسئولية في المهمة الحالية، والمسئولية الواسعة يمكن منحها أو توليدها ذاتياً جرب استخدام تكنولوجيا جديدة، أو تنفيذ إجراء جديد، او التطوع لعمل المزيد.
1. مبادرة المدير: القائد الذي يصنع الفرص يطلقها رغم كل التحديات:
المدير هو القائد الإداري في مؤسسته وهو حجر الزاوية في بناء ثقافة المبادرة، دوره يتجاوز مجرد الإشراف إلى كونه محفزاً وموجهاً. فالمدير المبادر لا ينتظر الأزمات ليحلها، بل يستشرف المستقبل ويستبق التحديات بوضع استراتيجيات جديدة، واكتشاف فرص غير مستغلة، إنه الشخص الذي يتبنى المخاطر المحسوبة ويشجع فريقه على التفكير خارج الصندوق يقول ليروي إيمز: "القائد هو الشخص الذي يرى أكثر مما يراه الآخرون، ويرى أبعد مما يراه الآخرون، ويرى قبل أن يراه الآخرون"
2. مبادرة الموظفين: المحرك الداخلي للنمو الفعال لتحقيق تطلعات المؤسسة:
لا يمكن للمؤسسة أن تزدهر إذا كانت المبادرة مقتصرة على الإدارة فقط، فمبادرة الموظفين هي التي تضخ الحيوية في المؤسسة، فالموظف المبادر لا يكتفي بأداء مهامه الموكلة إليه، بل يبحث عن طرق لتحسين العمليات، واقتراح حلول للمشاكل، وتقديم أفكار إبداعية، هذا الشعور بالملكية والمسؤولية يجعل الموظفين أكثر انخراطاً والتزاماً بأهداف المؤسسة.
3. ثقافة المبادرة: بيئة تحتضن الإبداع والابتكار والتفكير خارج الصندوق:
بناء ثقافة المبادرة يتطلب بيئة عمل آمنة ومُشجعة، فيجب أن يشعر الموظفون بالحرية في التعبير عن أفكارهم دون خوف من الفشل أو الانتقاد يقول نستون تشرشل: "النجاح ليس نهائيًا، والفشل ليس قاتلًا: الشجاعة للمضي قدماً هي ما يهم"، هذه الثقافة تُبنى عدة أسس وهي:
ـ الاستماع الفعال: تقدير آراء الموظفين وأخذها على محمل الجد.ـ تمكين الموظفين: منحهم الصلاحيات لاتخاذ قرارات في نطاق مسؤولياتهم.ـ الاحتفاء بالإنجازات: تقدير ومكافأة المبادرات الناجحة.ـ التسامح مع الفشل: اعتبار الأخطاء فرصا للتعلم والنمو.
4. التدريب: صقل مهارات المبادرة لتكون الدافع والمحرك لتحقيق التطلعات:
المبادرة ليست موهبة فطرية دائماً بل هي مجموعة من المهارات التي يمكن تطويرها من خلال التدريب، فيجب على المؤسسات الاستثمار في برامج تدريبية بحيث تركز على التالي:
ـ التفكير النقدي والإبداعي: كيفية تحليل المشكلات وابتكار حلول جديدة.ـ اتخاذ القرار: تعلم كيفية تقييم الخيارات واختيار الأنسب.ـ التواصل الفعال: كيفية عرض الأفكار بوضوح وإقناع الآخرين بها.ـ التخطيط الاستراتيجي: فهم الصورة الكبيرة للمؤسسة وكيفية المساهمة في تحقيق أهدافها.
5. التهيئة للمبادرات: هي حجز الزاوية لنجاح المبادرات وجعلها واقعاً معاشاً:
لضمان نجاح المبادرات، يجب التهيئة لها بشكل صحيح. وهذا يشمل:
ـ تحديد الأهداف بوضوح: يجب أن تكون المبادرة موجهة نحو تحقيق هدف محدد.ـ توفير الموارد اللازمة: التأكد من أن الموظفين لديهم الأدوات والمعلومات المطلوبة.ـ تحديد مقاييس النجاح: وضع مؤشرات واضحة لقياس تأثير المبادرة.ـ تقديم الدعم والتوجيه: مساعدة الموظفين في تجاوز العقبات وتقديم التغذية الراجعة البناءة.
الخاتمة:
المبادرة هي حجر الزاوية في بناء مؤسسات مرنة ومبتكرة وقادرة على المنافسة، إنها ليست مجرد كلمة بل هي فلسفة عمل تُحوّل التحديات إلى فرص والأفكار إلى واقع ملموس وتقود المؤسسات نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
التوصية:
المبادرة هي قلب المؤسسة النابض والدافع لتحقيق التطلعات والأهداف، وتخلق مجتمعاً من الموظفين قادر على تحقيق آمال وطموح المؤسسة والارتقاء الذاتي واكتساب مهارات جديدة تساعد بناء فرقاً مهنية متخصصة مبدعة تعمل في بيئة تعاونية محفزة ودافعة ومستقرة.