10 دروس من أرثر شوبنهاور قد تغير نظرتك للحياتك.. فيلسوف التشاؤم قد يقودك للسعادة!

آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

عندما قرأت للمرة الأولى عن أرثر شوبنهاور، الفيلسوف الذي أثّرت كتاباته في مجال الأخلاق وعلم النفس على عظماء مثل أينشتاين ونيتشه وفرويد وغيرهم، ظننت أن النظرة السوداوية ستطغى على جوهر أفكاره، خاصة وأنه يُعرف بلقب "فيلسوف التشاؤم". لذا، بدا لي أنه من غير الممكن أن توجد دروس في فلسفته قد تُسهم في تحسين حياتنا وإرشادنا نحو طريق السعادة.

 10 دروس من أرثر شوبنهاور قد تغير نظرتك للحياتك.. فيلسوف التشاؤم قد يقودك للسعادة!

لكنني سرعان ما اكتشفت أن تشاؤم شوبنهاور لم يكن نابعًا من منظور نفسي بحت، بل كان يُعتبر نهجًا منهجيًا يهدف من خلاله إلى تأسيس أسس جديدة للتفاؤل والحكمة العميقة الخالية من الأوهام لتحقيق السعادة. وتبيّن لي أن هناك العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من تعاليمه والتي لها القدرة على إحداث تغيير جذري في حياتنا للأفضل، دروس قد تُعلمها لنا الحياة نفسها ولكن بعد فوات الآوان. فما هو البرهان على أن شوبنهاور لم يكن متشائمًا كما شاع عنه؟ وما هي تلك الدروس التي يمكن أن نتعلمها منه والتي قد تُحدث تحولًا في حياتنا؟ سنكتشف ذلك فيما يلي:

من هو آرثر شوبنهاور؟

آرثر شوبنهاور (Arthur Schopenhauer) هو فيلسوف ألماني مرموق، وُلد في 22 فبراير 1788 وتُوفي في 21 سبتمبر 1860. يُعدُّ من أبرز الشخصيات في الفلسفة الغربية، وخاصة لمساهماته الفكرية الكبيرة في الفلسفة الميتافيزيقية، والأخلاق، ونظرية المعرفة. أسس شوبنهاور فلسفة تشاؤمية عميقة، محورها الأساسي مفهوم "الإرادة" كجوهر الوجود وسبب المعاناة الإنسانية، حتى انه عُرف بـ "فيلسوف التشاؤم".

 10 دروس من أرثر شوبنهاور قد تغير نظرتك للحياتك.. فيلسوف التشاؤم قد يقودك للسعادة!

وقد كانت أفكار شوبنهاور تتضمن تحليلات عميقة حول علم النفس، والفن، والأخلاق، وتأثر به العديد من الفلاسفة، والكتّاب، والمفكرين، بما في ذلك فريدريش نيتشه، وسيغموند فرويد، مما يجعله شخصية محورية في تاريخ الفكر الفلسفي.


اقرأ ايضا

    على عكس ما عُرف به.. شوبنهاور لم يكن متشائمًا!

    يُعتبر آرثر شوبنهاور في الأوساط الفلسفية كأحد أبرز المتشائمين، لكن الواقع يحمل نظرة أعمق وأشمل. يُسلّط الفيلسوف الفرنسي المعاصر، لوك فيري، الضوء على هذا الجانب، مُبيّنًا أن تشاؤم شوبنهاور لا ينبع من حالة نفسية، بل يستند إلى موقف فلسفي متأنٍّ. شوبنهاور، الذي لم يعانِ من الاكتئاب أو ضعف الأعصاب، كان يهدف إلى توضيح فكرة مفادها أن العالم يفتقر إلى المعنى ويسوده العبث، وهو ما أرسى له بأدلة عقلانية.

     10 دروس من أرثر شوبنهاور قد تغير نظرتك للحياتك.. فيلسوف التشاؤم قد يقودك للسعادة!

    ويُطرح لوك فيري السؤال، كيف يُصنّف شوبنهاور كمتشائم في حين أنه قدم لنا كتاب "فن السعادة"؟ ويُقارن تشاؤمه هنا بمنهجية ديكارت في الشك، حيث استخدم الشك كأداة للوصول إلى الحقيقة المطلقة. بالمثل، لم يكن تشاؤم شوبنهاور بالطابع النفسي، بل كان يُعتبر نهجًا منهجيًا يسعى من خلاله إلى تأسيس أسس جديدة للتفاؤل والحكمة العميقة التي تخلو من الوهم لتحقيق السعادة.

    بينما يُضيف سعيد توفيق، مترجم أبرز أعمال شوبنهاور "العالم كإرادة وتمثلًا" إلى اللغة العربية، بُعدًا آخر لفهم هذه الفلسفة، مُشددًا على أهمية تجاوز الشائعات الدارجة عن أن تشاؤم شوبنهاور سيكولوجي. ويؤكد توفيق على أن تشاؤم شوبنهاور يكمن في بُعده الميتافيزيقي وليس السيكولوجي، مما يُلزمنا بفهم مفهوم الإرادة كما يراه شوبنهاور لاستيعاب جوهر فلسفته.

    إذ يرى شوبنهاور أن الإرادة، هي الرغبة الخفية التي تحركنا، وهي مصدر التعاسة. إذ يجد الإنسان نفسه، حين يتبع دوافع الاستهلاك ويسعى لتحقيق رغباته، يفتقد القناعة بما يملك ويشتهي ما ليس في حوزته. ومن أجل الحصول على ما نرغب، نبذل جهدًا ونهدر طاقتنا في التخطيط وابتكار الحيل، ما يُورطنا في قلق دائم وتنافس مع الآخرين ويجر الإنسان إلى دوامة الألم والملل، مما يزيد من شعورنا بألم الفراق، وأحيانًا الفشل، والإهانة، واليأس. كل هذه العوامل تجعلنا نفهم لماذا يؤكد شوبنهاور على أن المعاناة هي جوهر الحياة، وأن هذا لا يعد تشاؤم سيكولوجي، خاصة أن شوبنهاور حاول البحث عن مخرج من سطوة الإرادة أو الرغبات هذه، وكتب كتاب "فن العيش السعيد".

    ما هي أبرز مؤلفات شوبنهاور ومقولاته؟

    خلّف آرثر شوبنهاور، وراءه إرثًا من المؤلفات البارزة التي شكلت معالم في الفكر الفلسفي. من أهم هذه الأعمال "الجذور الأربعة لمبدأ السبب الكافي"، وهي رسالته لنيل درجة الدكتوراه التي صدرت عام 1813، و"المشكلتان الأساسيتان في فلسفة الأخلاق"، الذي تم نشره في عام 1841. هذه الأعمال، وإن لم تحظ بالتقدير الواسع إلا في أواخر حياة شوبنهاور، فقد أصبحت فيما بعد نقاط محورية في دراسة فلسفته.

    كما يُعتبر كتابه "العالم إرادة وتمثلًا" من أهم أعماله، حيث يطرح فيه رؤيته الفلسفية التي تُركز على الصراع بين الإرادة والتمثلات المتنوعة في العالم. ويرى شوبنهاور أن السعادة الحقيقية والسلام يمكن تحقيقهما من خلال التحرر من الرغبات والإرادات التي تسبب الألم والمعاناة.

    أما فيما يخص مقولاته وفلسفته الاجتماعية، والتي تمتد أيضًا لتشمل نظرته للعلاقات بين الرجل والمرأة، فتتجلى في عدة مقولات مؤثرة تعكس جوهر أفكاره. حيث يقول شوبنهاور: "حياة الوحدة مصير كل الأرواح العظيمة"، مؤكدًا على أن العزلة هي مسار النبل والسمو، وأن الابتعاد عن الزحام يعد علامة على العظمة الروحية.

    كما يعبر عن فلسفته الخاصة بالأصالة والذاتية قائلًا: "يمكن للمرء أن يكون على طبيعته فقط عندما يكون وحده"، مشيرًا إلى أن الحياة الاجتماعية محفوفة بالنفاق والتظاهر، وأن الحقيقة الذاتية لا تتجلى إلا في العزلة. وأخيرًا، يشدد على قيمة التضحية والتجرد بقوله: "التضحية باللذة في سبيل تجنب الألم مكسب واضح"، مؤكدًا على ضرورة النظر إلى ما وراء المتع الزائلة وتجنب الآلام التي قد تترتب على ملاحقة هذه المتع.

    تعكس هذه المقولات العمق الفلسفي لشوبنهاور وتوجهاته الفكرية التي تعد دعوة للتأمل في معاني الحياة، والوحدة، والعلاقات الإنسانية، والتوازن بين المتعة والألم، مقدمةً بذلك رؤية شاملة لتحديات الوجود الإنساني وكيفية التعاطي معها.

    10 دروس في الحياة يمكن تعلمها من آرثر شوبنهاور

     10 دروس من أرثر شوبنهاور قد تغير نظرتك للحياتك.. فيلسوف التشاؤم قد يقودك للسعادة!

    على الرغم من أن بعض أفكار شوبنهاور تبدو متشائمة إلا أنه قد قدم أيضًا بعض الأفكار القيمة حول كيفية عيش حياة ذات معنى. وفيما يلي، سوف نستكشف 10 دروس في الحياة من شوبنهاور يمكن أن تساعدنا في التغلب على تحديات الحياة، وقد تغير حياتك للأفضل قبل فوات الآوان. وتشمل تلك الدروس:

    1- ابحث عن أهداف تحمل معنى لحياتك

    يُعلّمنا آرثر شوبنهاور في الدرس الأول من دروسه عن الحياة، أن البحث عن أهداف تحمل معنى هو أمر ضروري. حيث يرى شوبنهاور أن الوجود الإنساني قد يبدو خاليًا من المعنى في جوهره، ولكن يمكننا اكتشاف الهدف والمعنى في حياتنا من خلال سعينا وراء أهداف تتوافق مع قيمنا ومشاعرنا. كما يُعد تحديد أولوياتنا والعمل بجد لتحقيقها أمرًا فعّالًا لنعيش حياة تُشعرنا بالرضا. ويستلزم هذا منا الانخراط في التأمل الذاتي والاستعداد لمواجهة المخاطر المحتملة.

    2- تعاطف مع الآخرين

    أما في الدرس الثاني، يُشدّد آرثر شوبنهاور على أهمية التعاطف في تعزيز الروابط الإنسانية. حيث يُعتبر التعاطف، في نظره، أساسيًا لتطوير التفاهم المتبادل وتنمية العلاقات القوية مع الآخرين. يؤمن شوبنهاور بأن إمكانية تحقيق ذلك تكمن في قدرتنا على وضع أنفسنا مكان الآخرين، مما يستلزم منا امتلاك عقلية منفتحة والاستعداد للاستماع بتفهم دون الانسياق وراء الأحكام المسبقة.

    3- قدر الوقت الذي تقضيه بمفردك

    وفي الدرس الثالث، فيحثنا شوبنهاور على احتضان العزلة باعتبارها وسيلة للتبصر وكسب منظور أعمق. فقد كان شوبنهاور يقدر الوقت الذي يُقضى في الانفراد، معتقدًا أنه يُمكننا من التأمل في أفكارنا ومشاعرنا، مما يعيننا على فهم أنفسنا بشكل أفضل. ويُمكن للعزلة كذلك أن تكون مصدرًا للإلهام والإبداع.

    4- لا تُفرط في التَعلُق فالحياة دائمة التغير

    وفي الدرس الرابع، فيُلفت شوبنهاور الانتباه إلى حتمية التغير وعدم الدوام على نفس الحال في الحياة. حيث يُقرّ بأن الثبات ليس سمة من سمات الوجود، بما في ذلك وجودنا نحن البشر. محذرًا من أن الإفراط في التعلق بالممتلكات المادية أو اللحظات الزائلة يؤدي حتمًا إلى الأسى. ويُؤكد على أن التصالح مع هذه الحقيقة يُمكننا من تقدير اللحظة الراهنة واستغلال الزمن الذي نكون خلاله على وجه الأرض. كما يعتقد كذلك أن هذا الإدراك قد يساهم في تحررنا من التعلقات المُفرطة ويجنبنا الكثير من المعاناة غير الضرورية.

    5- نمي قوتك الداخلية وواجه التحديات بشجاعة ومرونة

    أما الدرس الخامس، فيسلط الضوء على أهمية تنمية القوة الداخلية التي يرى شوبنهاور أنها مصدر القوة الحقيقية. حيث يُؤمن بأنه يُمكننا اكتساب هذه القوة عبر مواجهة المخاوف والتحديات بشجاعة ومرونة، مع التأكيد على أهمية الخروج من مناطق الراحة ومواجهة القيود التي تحد من إمكانياتنا. فمن خلال الإصرار والعزيمة، نستطيع بناء الثبات النفسي والعاطفي الذي يُعيننا على تجاوز الصعوبات والتحديات.

    6- ركز على اللحظة الراهنة

    في الدرس السادس من تعاليمه، يؤكد آرثر شوبنهاور على أهمية التركيز على اللحظة الراهنة، معتبرًا إياها الثروة الحقيقية التي بحوزتنا. إذ يرى أن الانشغال بأحداث الماضي أو القلق بشأن مجهول المستقبل يُعد مصدرًا للقلق والشعور بالتعاسة. ويُمكننا، من خلال إيلاء كامل انتباهنا للحظة الحاضرة، تعزيز شعورنا باليقظة والوعي، مما يمكّننا من الانخراط بصورة أكمل مع تجاربنا الحياتية. لذا، يُشدد شوبنهاور على ضرورة إزالة الملهيات والتواجد بوعي كامل في الزمان والمكان الذي نعيشه.

    7- ابحث عن السعادة في التفاصيل اليومية البسيطة

    في الدرس السابع من دروسه، يسبر آرثر شوبنهاور أغوار الوجود الإنساني، معلنًا أن الحياة تتخذ شكل دورة لا تنقطع من الرغبات المتجددة والإخفاقات المتكررة. حيث نجد أنفسنا في سعي دائم وراء أهداف جديدة، غير أننا غالبًا ما نواجه الخيبة عند عدم تحقيقها. هذه الحقيقة، كما يعرضها شوبنهاور، تفتح لنا باب الإدراك لأهمية تقدير ما بين أيدينا والبحث عن السعادة في ملذات الحياة اليومية البسيطة، والعثور على الرضا في تجربة الحياة الراهنة، بعيدًا عن المطامح الزائفة والسعي وراء المتع المادية أو الإنجازات الخارجية. ويُعد هذا التحول في المنظور، من التوق للمزيد إلى التقدير لما هو متاح، خطوة أساسية نحو تعزيز معنى الحياة والشعور بالسعادة.

    8- اختر معاركك بحكمة

    أما في الدرس الثامن، يلخص آرثر شوبنهاور واحدة من أبرز الحقائق الحياتية؛ ألا وهي الأهمية القصوى لاختيار معاركنا بحكمة. فيقول: "فن الحكمة يكمن في إدراك ما ينبغي التغاضي عنه". إذ يدعونا شوبنهاور إلى التخلي عن الهواجس بالتفاصيل الدقيقة التي لا تستحق انتباهنا والتركيز بدلًا من ذلك يجب التركيز على ما هو جوهري وذو معنى. بتبني هذا المنظور، نتجنب الوقوع في العراقيل الصغيرة، ما يمكننا من رؤية واستيعاب الصورة الأوسع للحياة.

    9- تقبل المعاناة فهي جزء من التجربة الإنسانية

    وفي الدرس التاسع، يسلط شوبنهاور الضوء على حقيقة أن المعاناة تشكل عنصرًا لا يتجزأ من تجربة الحياة الإنسانية، مؤكدًا على ضرورة قبولها كجزء أساسي من وجودنا بدلاً من محاولة الفرار منها أو إنكارها. يشجعنا هذا الفهم على تبني المرونة في مواجهة الصعاب والبحث عن المعاني في مواجهاتنا.

    10- لا تجازف بصحتك في سبيل أي شيء

    أما في الدرس العاشر والأخير، يحذرنا شوبنهاور من أن من أعظم الأخطاء ما يقع فيه الإنسان حين يجازف بصحته طلبًا لأشكال أخرى من السعادة التي قد تبدو مغرية. إذ يؤكد على أن الصحة تمثل الثروة الحقيقية للإنسان، وبدونها تفقد جميع متع الحياة قيمتها. لذا، ينبغي أن نولي اهتمامًا فائقًا للحفاظ على صحتنا الجسدية والنفسية، لنضمن قدرتنا على الاستمتاع بكل لحظة في هذه الحياة.

    في النهاية، قد تبدو فلسفة آرثر شوبنهاور متشائمة للوهلة الأولى، إلا أنها تحمل في طياتها دروسًا قيمة للحياة تعيننا على التنقل وسط متاهات الوجود. وتذكرنا هذه الدروس بأهمية البحث عن الرضا الداخلي، وتعميق شعورنا بالتعاطف، وتقبل العزلة كفرصة للنمو، والتصالح مع عدم الثبات في الحياة، والاستمتاع بالمتع البسيطة. كما تعزز تعاليم شوبنهاور رحلتنا نحو استكشاف ذواتنا والبحث عن المعاني في عالم يبدو أحيانًا مليئًا بالفوضى والغموض.

    المراجع

    hobbyjoy

    medium

    medium

    منة الله سيد

    منة الله سيد

    صحافية

    صحافية مصرية، مهتمة بالصحة والعلوم والتكنولوجيا. أسعى لنشر المعرفة لأن المعرفة قوة.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ