تعتبر نظرية النسبية التي قدمها ألبرت أينشتاين أحد أعمدة الفيزياء الحديثة والتي أحدثت ثورة في فهمنا للكون، حيث غيرت مفاهيم الزمان والمكان والجاذبية بشكل جذري و تضم هذه النظرية فرعين رئيسيين هما النسبية الخاصة والنسبية العامة، ولكل منهما مبادئه ونتائجه التي أثرت بعمق في مختلف فروع العلم.

أولاً: النسبية الخاصة:
ظهرت النسبية الخاصة عام 1905، وتعتمد على فرضيتين أساسيتين:
الفرضية الأولى:
أن قوانين الفيزياء ثابتة في جميع الأطر الانعزالية، أي تلك التي تتحرك بسرعة ثابتة دون تسارع.
الفرضية الثانية:
أن سرعة الضوء في الفراغ تظل ثابتة وغير مرتبطة بسرعة المصدر أو المراقب.
من هذه الافتراضات خرجت نتائج مذهلة منها:– تباطؤ الزمن: حيث يتباطأ مرور الزمن بالنسبة للأجسام ذات السرعات العالية مقارنة بالأجسام الساكنة، مما يعني أن ساعة الشخص المسافر بسرعة قريبة من سرعة الضوء ستسير أبطأ مقارنة بساعة شخص ثابت.– انكماش الطول: إذ يظهر أن الأطوال تقيس بأبعاد أقصر في اتجاه الحركة عند انتقال جسم بسرعات عالية.– تكافؤ الكتلة والطاقة: وهو ما تعبر عنه المعادلة الشهيرة E = mc²، والتي تدل على أن الكتلة والطاقة جسمان مترابطان يمكن تحويل أحدهما إلى الآخر، ما مهد الطريق لفهم أعمق لتفاعلات الطاقة والكتلة في الكون.
ثانياً: النسبية العامة:
في عام 1915، وسع أينشتاين نطاق نظريته ليشمل التسارع والجاذبية، فوضحت النسبية العامة طبيعة الجاذبية على أنها نتيجة لانحناء الزمكان، الذي يحدث بفعل توزيع الكتلة والطاقة في الأجرام السماوية. وقد أدت هذه النظرية إلى العديد من النتائج الرائعة التي ساهمت في فهمنا للكون، منها:– انحناء الضوء: حيث ينحني مسار الضوء عندما يمر بالقرب من أجسام ضخمة مثل النجوم والكواكب بسبب تشوه الزمكان؛ وقد تم تأكيد ذلك من خلال مراقبات فلكية دقيقة خلال كسوف الشمس.– تمدد الزمن في المجالات الجاذبية القوية: هناك اختلاف في مرور الزمن بين المناطق ذات الجاذبية القوية وتلك التي تعاني من جاذبية أقل، مما يستدعي تعديل حسابات الزمن في أنظمة دقيقة مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).– الثقوب السوداء: قدمت النظرية فكرة وجود مناطق في الفضاء ذات جاذبية مركزة بحيث لا يستطيع شيء، حتى الضوء، الإفلات منها. هذه النقطة فتحت آفاق بحثية واسعة في الفيزياء والفلك، كما أدت إلى تطوير نماذج جديدة لفهم تطور النجوم والكون نفسه.– تمدد الكون: ساعدت معادلات النسبية العامة في وضع الأسس النظرية لنماذج الكون الديناميكية، مما أدى إلى قبول نظرية الانفجار العظيم وتفسير كيفية تمدد الكون منذ نشأته.

وهل هذا يعطي تصورا لسرعة الملائكة والروح التي تحدث عنها القرأن الكريم حيث أنها تتجاوز سرعة الضوء بأضعاف؟
في قوله تعالى : ( وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ )
وقوله تعالى : (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ )
وقوله : ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ )
في النهاية:
لا يمكن إنكار أن نظرية النسبية ألبرت أينشتاين أثرت بعمق على العلم والفلسفة، حيث فتحت نافذة جديدة لفهم العلاقة بين الزمان والمكان وطبيعة الجاذبية و تطبيقاتها العملية الممتدة من الملاحة الفضائية إلى التقنيات المتقدمة مثل نظام GPS تشهد على مدى تأثيرها في مجالات الحياة المختلفة. إن هذه النظرية تظل حتى اليوم حجر زاوية في الفيزياء النظرية والتجريبية، وتستمر في إلهام العلماء لاستكشاف أسرار الكون الواسع.
https://saaid.org/Doat/assuhaim/fatwa/196.htm