مقدمة عن التداول: ماذا يعني ؟ أنواعه، حلال أم حرام؟ ونصائح للمبتدئين

الكاتب

Rachid Allali

متابعة

كاتب

مقدمة عامة حول التداول :أصبح التداول من أكثر المواضيع انتشارا في السنوات الأخيرة، حيث تزايد عدد الأشخاص الذين يرغبون في دخول هذا المجال طمعا في تحقيق أرباح سريعة أو بحثا عن مصدر دخل إضافي. غير أن التداول ليس طريقا سهلا كما يُصوَّر في بعض الإعلانات أو الفيديوهات المنتشرة. في هذا المقال، سنسلط الضوء على مفهوم التداول، أنواعه، حكمه في الشريعة الإسلامية، وسنقدم نصائح عملية لكل من يفكر في دخول هذا العالم. كما سنكشف بعض الخدع المتداولة في قنوات التليجرام، وسنوضح حقيقة المنصات التي تدعي أنها تقدم حسابات إسلامية.

1. ما هو التداول؟التداول هو عملية شراء وبيع الأصول المالية، مثل الأسهم والعملات والسلع والعقود، بهدف تحقيق أرباح من تغيرات الأسعار. يتم التداول غالبا عبر منصات إلكترونية تقدم خدمات وساطة للمستثمرين والمتداولين. يُعتبر التداول أحد أركان الأسواق المالية الحديثة، وله أشكال متعددة تختلف حسب نوع الأصل وطريقة التداول وأهداف المتداولين.2. أشهر أنواع التداول :رغم تنوع أساليب التداول، إلا أن هناك أربعة أنواع رئيسية تُعد الأكثر شهرة وانتشارا:
•شراء وبيع الأسهم: ويُقصد به الاستثمار في أسهم الشركات المُدرجة في البورصة، حيث يشتري المتداول سهما في شركة معينة ويبيعه لاحقا عند ارتفاع سعره.
•تداول الفوركس (سوق العملات الأجنبية): وهو أكبر سوق مالي في العالم، يتم فيه تبادل العملات مثل الدولار واليورو والين. يتم التداول هنا عادة بنظام الأزواج (مثل: EUR/USD).
•تداول العملات الرقمية: ويشمل بيع وشراء العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثريوم. ينقسم هذا النوع إلى:
✓التداول الفوري: حيث يشتري المتداول العملة فعليا، ويجب أن تكون العملة مشروعة وأن لا يكون التداول بدافع المقامرة.
✓العقود الآجلة: وهي صفقات لا يُمتلك فيها الأصل الحقيقي بل يتم المضاربة على السعر، وتشبه الرهان.
•تداول الخيارات الثنائية: وهو نوع من التداول يعتمد على التوقع بأن يرتفع أو ينخفض سعر أصل معين خلال وقت محدد. ينتشر هذا النوع في الإعلانات الوهمية، ويعد من أخطر الأنواع لأنه يشبه القمار.

3. حكم التداول في الإسلام :مسألة حكم التداول في الإسلام مسألة معقدة وتحتاج إلى تفصيل بحسب نوع التداول:
-حكم شراء وبيع الأسهم: إذا كانت الشركة التي يتم تداول أسهمها لا تعمل في مجالات محرمة ولا تتعامل بالربا، فيجوز شراء أسهمها وبيعها.
-حكم تداول الفوركس: حرام شرعا، لأن المتداول لا يمتلك الأصل فعليا، بل يتعامل بنظام الهامش، مما يؤدي إلى وجود ربا فضل وربا نسيئة، وهو ما يسمى "ربا اليد".
-حكم تداول العملات الرقمية: وهي نوعان
✓العقود الآجلة: حرام، لأنها لا تملك الأصل وهي عبارة عن قمار (رهان على حركة السعر).✓التداول الفوري: يجوز بشروط، أهمها أن لا يكون مشروع العملة مخالفا للشريعة، وأن لا يدخل المتداول السوق دون دراسة أو بدافع الطمع.
-حكم الخيارات الثنائية: هذا النوع لا يختلف عن القمار، لأنه يعتمد على التوقع لا على التحليل، وهو من صور المعاملات المحرمة.

4. كذبة الحسابات الإسلامية في منصات التداول :كثير من منصات التداول تروج لما يسمى "الحساب الإسلامي"، وتدعي أنها تراعي أحكام الشريعة من خلال إزالة الفوائد الربوية من الصفقات الطويلة. لكن الحقيقة أن هذا مجرد أسلوب تسويقي. فهذه المنصات غالبا ما تعوّض الفائدة بطرق أخرى، مثل زيادة الفروقات السعرية أو فرض رسوم خفية، ما يجعل الحساب في جوهره غير إسلامي. لا يوجد شيء اسمه "حساب إسلامي" حقيقي في منصات تتعامل بالفوركس أو العقود مقابل الفروقات.

5. خدعة التوصيات في قنوات التليجرام :

في السنوات الأخيرة، انتشرت قنوات على تليجرام تدّعي تقديم توصيات تداول ناجحة. يزعم أصحاب هذه القنوات أنهم يملكون خبرة طويلة أو أدوات تحليل احترافية. لكن الواقع مختلف تماما: يحققون أرباحا من اشتراكاتك المدفوعة في قنوات VIP. يبيعون لك صفقات وهمية على أنها ستحقق أرباحا تتجاوز 5000%. ينشرون نتائج مزيفة لإغراء المبتدئين. يدفعون الناس للتسرع دون دراسة. التوصيات ليست علما ولا نصيحة شرعية، بل أسلوب تلاعب بمشاعر الناس.

6. الأسواق تتأثر كثيرا بالأخبار والأزمات :

تُعتبر الأسواق المالية حساسة جدا للتصريحات والأخبار. فمثلا، أدت تصريحات للرئيس الأمريكي الحالي بفرض رسوم جمركية جديدة إلى انهيار كبير في السوق، وتراجعت قيمة البيتكوين من أكثر من 109 آلاف دولار إلى أقل من 80 ألف دولار في وقت وجيز. كذلك فإن تصريحات من مؤثرين مثل إيلون ماسك تؤثر بشكل مباشر، حيث سبق له أن غيّر اسمه وصورته الشخصية على منصة X إلى اسم وصورة إحدى العملات الرقمية، مما أدى إلى ارتفاع تلك العملة بنسبة كبيرة جدا خلال ساعات قليلة. مثل هذه التحركات تؤكد أن السوق يمكن أن يغير اتجاهه كليا سواء بالانهيار أو الانتعاش بمجرد خبر أو تغريدة.

7. البيتكوين والعملات الرقمية كاحتياطات دولية :

لم تعد العملات الرقمية مجرد أدوات للمضاربة الفردية، بل أصبحت بعض الدول والشركات الكبرى تعتمدها كجزء من احتياطاتها أو استثماراتها الإستراتيجية. على سبيل المثال، قامت السلفادور باعتماد البيتكوين كعملة رسمية إلى جانب الدولار، كما تمتلك خزينة وطنية من البيتكوين. من جهة أخرى، استثمرت شركات كبرى مثل تسلا بقيادة إيلون ماسك، ومايكروستراتيجي بقيادة مايكل سايلور، في شراء كميات ضخمة من البيتكوين كنوع من التحوط ضد التضخم وضمان قيمة أصولها على المدى الطويل. وهذا يدل على أن العملات الرقمية لم تعد فقط للمضاربين، بل أصبحت تلعب دورا في الاقتصاد العالمي.

8. الجانب النفسي في التداول :من أخطر الجوانب في التداول هو العامل النفسي. السوق لا يرحم من يدخل دون وعي أو بخلفية عاطفية. أبرز التحديات: الخوف من الخسارة، الطمع عند الربح، الندم على صفقات سابقة، الإدمان على دخول السوق. ينبغي لكل متداول أن يراقب حالته النفسية باستمرار، وأن يتعلم متى يتوقف.

9. نصائح ذهبية للمبتدئين في التداول :إذا كنت حديث العهد في هذا المجال، فإليك بعض النصائح:
-تعلم قبل أن تتداول: خذ وقتك في التعلم النظري قبل أن تخاطر بأي مبلغ.-لا تثق في التوصيات المجانية: حلل بنفسك وافهم السوق.
-لا تستثمر كل ما تملك: لا تدخل السوق بأموال لا تتحمل خسارتها.-اختر منصة مرخصة وموثوقة: وتجنب تلك التي تدعي تقديم حسابات إسلامية.-راقب حالتك النفسية باستمرار: التداول ليس مغامرة، بل خطة وانضباط.

10. خاتمة وتوصيات :التداول ليس وهما، لكنه ليس طريقا للثراء السريع. يحتاج إلى علم، فهم، وصبر. ويجب التفريق بين الترويج المضلل والواقع الصعب الذي يواجهه المتداول. إذا كنت تسأل: ما هو التداول؟ فاعلم أنه عملية مالية ذات مخاطر، يجب دخولها بعلم وتخطيط. وإذا كنت تسأل: هل التداول حرام؟ فاعلم أن الإجابة تختلف بحسب النوع، وقد فصلناها أعلاه. في النهاية، النجاح في التداول لا يقاس بالأرباح المؤقتة، بل بالقدرة على البقاء في السوق بأقل الخسائر.