
الطفولة هي المرحلة الأهم في حياة الإنسان، فهي تشكل الأساس الذي تُبنى عليه الشخصية، وتحدد مدى قدرته على مواجهة الحياة بثقة وسلام نفسي. عندما يحظى الطفل بطفولة آمنة، فإنه يكبر وهو يشعر بالاستقرار والطمأنينة، مما ينعكس على سلوكه وتفاعله مع المجتمع. لكن، ما الذي يجعل الطفولة آمنة؟ وما دور الأسرة والمجتمع في تحقيق ذلك؟
الطفولة الآمنة تعني أن ينشأ الطفل في بيئة خالية من الخوف والاضطراب، حيث يجد الحب والاهتمام من والديه وأفراد أسرته، ويتمتع بحقوقه الأساسية في الغذاء، التعليم، الرعاية الصحية، واللعب. فالطفل الذي يشعر بالأمان في بيته ينشأ أكثر قدرة على الاستكشاف والتعلم، وأكثر استعدادًا لبناء علاقات صحية مع الآخرين.
يلعب الوالدان الدور الأكبر في توفير هذه البيئة الآمنة. فالتربية القائمة على الحوار والتفاهم، بدلًا من العنف والتوبيخ المستمر، تعزز ثقة الطفل بنفسه وتشعره بأنه مقبول كما هو. كما أن التعبير عن الحب والدعم العاطفي يساعد الطفل على بناء شعور داخلي بالقيمة الذاتية، مما يحميه من المشكلات النفسية مستقبلاً.
لكن الأمان لا يقتصر على الأسرة فقط، فالمجتمع المحيط بالطفل له تأثير كبير. بيئة المدرسة، الجيران، والأصدقاء جميعهم يساهمون في تشكيل تجربته الحياتية. عندما يعيش الطفل في مجتمع يحترم حقوقه، ويعزز لديه قيم التعاون والاحترام، فإنه يكبر ليصبح شخصًا متوازنًا ومسؤولًا. في المقابل، إذا تعرض الطفل للتنمر أو الإهمال في المدرسة أو الشارع، فإن ذلك قد يترك آثارًا نفسية تدوم طويلًا.
لا يمكن الحديث عن الطفولة الآمنة دون الإشارة إلى مخاطر التكنولوجيا الحديثة. رغم أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي توفر للأطفال فرصًا للتعلم والترفيه، إلا أنها قد تشكل تهديدًا لسلامتهم النفسية والجسدية. لذا، فإن توعية الأطفال بمخاطر الإنترنت، ومراقبة المحتوى الذي يتعرضون له، يساعد في حمايتهم من التأثيرات السلبية.
إن تحقيق طفولة آمنة ليس مسؤولية فردية، بل هو واجب مشترك بين الأسرة والمجتمع. فالطفل الذي ينشأ في بيئة آمنة لا يكون سعيدًا فقط، بل يصبح فردًا إيجابيًا في المستقبل، يساهم في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وازدهارًا. لذا، علينا جميعًا أن نسأل أنفسنا: هل نوفر للأطفال من حولنا بيئة يشعرون فيها بالأمان والحب؟
محمد ناجي الهميس
محمد ناجي الهميس
كاتبكاتب يمني له العديد من الكتابات والمقالات المنشورة في كثير من المواقع الإعلامية والإخبارية والثقافية