ما هو الشغف؟ وكيف يمكنك تحديد شغفك في الحياة

إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع
نشرت:
وقت القراءة: دقائق
ما هو الشغف؟ وكيف يمكنك تحديد شغفك في الحياة

تمضي بنا الأيام كثيرًا طامحين في البحث عن شغف ومصدر قوة وحماس ليحفزنا على الاستمرار في أيامنا، كم من الأيام تنقضي دون أن نشعر بأي رغبة أو شعور بدافع داخلي لعمل أي شيء، لذلك يهطل وابل من التوجيهات إلى البحث عن الشغف والعزيمة.

ما هو الشغف Passion

ما هو الشغف؟ وكيف يمكنك تحديد شغفك في الحياة

الشغف Passions شعور متأجج بأعماقك يولد لديك الحماس والإثارة لإنجاز مهام أو نشاط أو أي شيء تحبه، يمكننا القول بأنك تحبه فعلًا لأن هذا الشعور اللطيف سيجعل جرعة الحماس أكبر؛ فإننا كلما أحببنا شيئًا أصبحنا أكثر اندفاعًا نحوه، بالضبط كما نحب الأشخاص فإننا ننطلق نحوهم حتى في أسوأ أحوالنا، لذلك فإن الشغف وليد المشاعر والعاطفة أيضًا.

لكن لا يعني ذلك أن الشغف مرتبط بحب الأشخاص، بل أنه مقترن أيضًا بالعمل وتحقيق الأهداف، فإذا كنت تحب مجالك أو وظيفتك فإنك ستكون متحمسًا جدًا لإنجاز المهام الموكولة إليك، كما تسعى نحو التطوّر أكثر لتكون أفضل وتحقق مراتب مرموقة في المجال، وذلك كله تحت تأثير الحماس والشغف.

انطلاقًا من ذلك فقد قدمت شركة ديلويت الأمريكية نتائج دراسة أجريت على القوى العاملة هناك؛ فقد تبين أن النسبة المتحمسة للعمل والإنجاز لا تتجاوز 13% من إجمالي القوى كلها،وقد توضح إزاء ذلك بأن شغف العمال معناه كل ما يساعدك ويشجعك أكثر على الوصول إلى حلول فعلية لأي مشكلة من المشكلات التي تقف أمامنا وتعتبر تحديات بحد ذاتها، ما يجعلك صبورًا أمام العقبات وتسعى لتخطيها بكل احترافية؛ فإن خلفها ما يجعلك تتعلم وتكتشف أسرع، وتكون أكثر تأثرًا.


اقرأ ايضا

    أن يكون لديك شغف في أعماقك تجاه إنجاز مهمة أو أمر ما يعني أن تقدم عليه بخالص الحب والمرح والرغبة.

    أجمع كبار الباحثين والخبراء المهنييّن على وجود قاسم مشترك بين مقياس النجاح والشغف على الصعيد المهني والشخصي؛ حتى وصف كونه خيط ذهبي فعلًا؛ وهو أن تولي جل الاهتمام العاطفي والفكري للشيء الذي تشغف به ما يجعلك أكثر تقدمًا وتطورًا ورغبةً في إنجاز المزيد منه؛ ما يترتب عليه تطور ملموس على الصعيد المهني والشخصي.

    استراتيجيات تساعدك على إيجاد الشغف في الحياة

    ما هو الشغف؟ وكيف يمكنك تحديد شغفك في الحياة

    إن كنت تشعر بأنك تفتقر لأدنى أسلوب يساعدك على تحديد الشغف؛ فإنك بهذه الحالة تحتاج بشدة إلى اتباع استراتيجيات وأساليب مدروسة تسهل لك الطريق في الوصول إلى بر الآمان، وتعظيم جرعة الرغبة في السعي والشغف في الإنجاز وتطوير ذاتك، ولذلك أضع بين يديك أهم هذه الاستراتيجيات التي أثبتت فاعليتها مع فئة كبيرة من فاقدي الشغف في هذا العالم الفسيح:

    1. تحديد الأهداف والرؤية المستقبلية لك

    حتمًا قد تأتي لحظات نشعر بها برغبة حقيقية بالإنجاز، لكن المشكلة تكمن بعدم وجود رؤية وهدف حقيقي نمضي قدمًا نحوه، انطلاقًا من ذلك نوجه عنايتك لضرورة الجلوس قليلًا مع نفسك لتتمكن من الوصول إلى بوصلة أهدافك والتوجه نحوها، فإنها ستكون طريق هدايتك نحو نجاحك واتخاذ قرارك الصحيح.

    إن تحديد الرؤية والأهداف الحقيقية يعني مشوار الألف ميل في النجاح على الصعيد الشخصي والمهني، فإنك بحاجة ماسة لأن تضع النقاط على الحروف من خلال تحديد فعليًا ما تسعى لتحقيقه، لكن لا تكن فوضويًا؛ بل كن حريصًا على التسلسل بتحقيق الأهداف لو كانت كثيرة.

    على سبيل المثال، عندما أشعر بفقدان الشغف خلال عملي؛ فإنني أقرر الاطلاع على قائمة المهام المتاحة لدي واختيار الأسهل أولًا حتى أشعر بجرعة من الإنجاز التدريجي، وأذكر نفسي بما سأجنيه ماديًا في حال إنهاء المهام التي بين يدي حاليًا.

    2. إبراز القيم الشخصية والمسلمات التي تؤمن بها

    كل منا لديه مسلمات وقناعات يؤمن بها على طريقته الخاصة لتكون حياته حسب رؤيته أفضل، لذلك من المفترض رسم قائمة الأولويات والأهداف الشخصية والمهنية لك، إضافةً إلى التحقق من ملائمة هذه القيم مع الأهداف وتسييرهما ودمجهما معًا حتى تخرج بأفضل صورة.

    من الأمثلة على ذلك، أنني دومًا أسعى للإخلاص والوفاء في عملي على أكمل وجه، تحديدًا في ظل الرفض القطعي في عملي لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة؛ لذلك أؤكد لنفسي بأنني أجدر من تلك الأدوات وأكثر كفاءة حتمًا، ما يجعلني أخرج أفضل ما لدي في كتابة سطوري للقراء.

    3. الوصول إلى شمالك الحقيقي دون مجاملات true north

    في البداية لا بد من توضيح مصطلح شمالك الحقيقي True north؛ أي أنه كل ما يؤثر بك فعلًا ويبث في أعماقك روح الحماس والمثابرة للوصول إلى هدف ما كنت تتقاعس عن إنجازه، بهذه الحالة أنت تبحث عن شيء يحفزك؛ أي السعي لشيء ما يعظم الرغبة في أعماقك لتتجه لتحقيق هدفك.

    لذلك يساعدك الوصول إلى شمالك الحقيقي للكشف الفعلي عن الهوية والذات الحقيقي كامل، فإنه موضع وجود القيم والمعتقدات والمسلمات والشعور الحقيقي بالهدف.

    4. تجهيز قائمة تحتوي رغباتك وما تفضله حقًا

    دع الفوضى والعشوائية جانبًا، وامسك بقلمك وابدأ بتدوين الرغبات والأهداف الواجب تحقيقها، وتسعى لتعزيز الحماس في نفسك لتبدأ بها فعليًا، فإن ذلك قد يجعلك أكثر إقبالًا وتوجهًا نحو التسلسل بالقائمة وما تتضمنه من أهداف.

    فإن ذلك يدخلك في بند تنظيم الوقت أيضًا وإدارة مهامك بطريقة احترافية، لذلك لا تكتب قائمتك وتضعها جانبًا أو تبدأ بها عشوائيًا، كن حريصًا على تخصيص وقت للمهمة الأولى أولًا، ولا تفتح لنفسك الفرصة بأن تسول لك بتركها والبدء بغيرها، حقًا ستشعر بالتغيير والرغبة العارمة في الإنجاز بهذه الطريقة.

    5. لا تنسى تدوين ما تكره أيضًا وما يحبطك

    لا يقتصر التدوين والكتابة للقوائم على الرغبات والأشياء التي نحبها، بل هناك أمور غير مرغوبة ولكن لا بد من تحقيقها بما يتماشى مع مصالحنا الشخصية، كما ستوضح لك فعليًا موقفك الحالي وما بلغته بسببها، لذلك حاول ترجيح كفتي الميزان وكن عادلًا وصادقًا مع نفسك.

    6. الاعتراف بنقاط الضعف والقوة

    في أعماق كل منا شخص قوي جدًا يمتاز بنقاط قوة جبارة، وشخص آخر لديه نقاط ضعف يعاني منها، لكن بهذه الحالة لا يمكن رمي الراية والاستسلام، بل أننا بحاجةٍ ماسة إلى تعزيز وتطوير نقاط القوة واستغلالها بما يحقق لنا المصلحة.

    ثم إيلاء نقاط الضعف الأهمية الأعظم لعلاجها جذريًا أو على الأقل التخفيفي من حدتها حتى لا تكون عائقًا أمام تحقيق الأهداف والرؤية.

    7. اتباع نهج اليقظة الذهنية أو الوعي التام mindfulness

    نهج اليقظة الذهنية أو الوعي التام يعني أن تعيش اللحظة الحالية فقط كما هي دون أن تقدم قوائم مطولة من التفسيرات والتحليلات المقيتة، يعني أن تطلق العنان لأفكارك ووعيك بالحكم على اللحظة التي تعيشها.

    بمعنى أدق أن تقف وقفة تأمل عميق لتوجه جل اهتمامك نحو شعورك الحالي دون تأويلات نهائيًا، فإنها من أفضل وسائل الحد من التوتر والقضاء عليها، فإن الضجيج الداخلي سيتلاشى تدريجيًا حتى يهدأ بالك وتتمكن من المضي قدمًا نحو تحقيق رؤيتك وبناء الشغف الحقيقي دون مؤثرات.

    8. الاستعانة بأهل الخبرة

    لا مانع أيضًا أن تتواصل مع أهل الخبرة في المجال، فإنك ستكون مؤهلًا للحصول على نصائح مذهلة من المدربين، فقد يكون المدرب يد العون التي تنقذك من غياهب الضغط الخارجي؛ بالتالي التمكن من التأقلم والتعاون مع نفسك والسعي نحو الإنجاز.

    أوجه الاختلاف بين الهواية والشغف

    الكثير منا يخلط فعليًا بين الهواية والشغف، إلا أن هناك فرق شاسع بينهما؛ فإن الهواية ما تمارسه بمحض إرادتك في وقت فراغك لشغله وإرضاء لنفسك، ويمكن الاستغناء عنه دون أي عواقب أو آثار جانبية قد تودي إلى الفشل في جانب من الجوانب المهنية أو الشخصية.

    كما أن الهواية سواء مارستها أم لم تمارسها فإنك لن تحصل على المكافأة أو التقييم الخارجي؛ إلا في حال كنت قد حولتها لعمل وإنجاز ودمجت بينها وبين هدف حياتك، كما هو الحال لدى لاعبي كرة القدم الذين جعلوا من هوايتهم بلعب الكرة وظيفة وعمل بحد ذاته.

    أما بالنسبة للشغف فإنه الرغبة والحماس والانطلاق نحو إنجاز مهام وتفاصيل لا مفر منها، إلا أنك تبحث عن طاقة إيجابية لتكون أكثر توجهًا وأسرع إنجازًا وأحب عملًا لما بين يديك، بما معناه أن الشغف غالبًا يرتبط ضرورة توفره مع مهنة كأن يكون الشغف في ممارسة الطب، دراسة التاريخ السياسي وقِس على ذلك الكثير.

    ماذا بعد أن تجد شغفك في الحياة؟

    لا يعني أنك عرفت كيف تحدد شغفك في الحياة المهنية والشخصية أن تقف هنا، بل يستوجب عليك المضي قدمًا نحو بدء العمل والتنفيذ الفعلي، فإن الإنجاز والعمل سيعمق في نفسك جذور الشغف واتجاهاته.

    حاول استغلال الفرص المتاحة في محيطك بما يتماشى مع شغفك، لكن كن حريصًا على تقييم نهاية الطريق التي ستصل إليها بعد أن تحدد شغفك وتنطلق بتطبيقه على أرض الواقع.

    ختامًا، فإننا جميعًا نمر في فترات من حياتنا نفتقر بها لأي مستوى من الرغبة بالسعي والعمل والشغف، لكن إن لم نمضي منها سالمين متعافين من الفتور فإننا سنبقى بها ما حيينا، لذلك لا بد من أن نجد شغفنا في الحياة حتى نبلغ القمم.

    المراجع

    The secret to finding your passion isn't looking, it's doing

    إيمان الحياري

    إيمان الحياري

    كاتبة محتوى تقني ومنوع

    كاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ