في ظل ارتفاع جلسات العلاج النفسي.. هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحل محل الطبيب النفسي؟
اكتسبت روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT شعبية كبيرة مؤخرًا، وأصبحت ملجأ لكثير من الأشخاص الذين يستخدمونها في مهام عديدة مثل الإجابة على الأسئلة، وترجمة الكلمات أو الجمل، وتقديم مقترحات والحصول على أفكار وغير ذلك، حتى أنها وصلت أيضًا إلى المجال الطبي، وأصبحت أداة لتقديم الاستشارات النفسية!
كيف يستخدم الأشخاص روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي؟
بدأ بعض الأشخاص بالفعل في استخدام روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي كمعالجين مؤقتين، وذلك من خلال تقديم أسئلة أو أزمات تتعلق بالصحة العقلية إلى التكنولوجيا، ومن ثم الحصول على المشورة. وغالبًا ما تكون نصيحة مجانية دون الحاجة إلى إنفاق الوقت أو المال على جلسات العلاج.
قد يكون من الصعب تخيل الشكل الذي قد تبدو عليه جلسة العلاج باستخدام الذكاء الاصطناعي. ولكن بالنسبة لمعظم المستخدمين عبر الإنترنت، فهذا يعني ببساطة المراسلة باستخدام برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، والذي يسمح للأشخاص بطرح أسئلة محددة وشخصية في كثير من الأحيان.
ورد موقع ChatGPT بأنه: "هنا لدعمه وتقديم النصائح"، ذلك قبل طرح أسئلة متابعة حول مخاوف منشئ المحتوى وتقديم الحلول الممكنة.
مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي كطبيب أو معالج نفسي
من الواضح أن هناك بعض الأشخاص المتحمسين إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي، والذين يقومون أيضًا بتشجيع غيرهم لاتخاذ نفس الخطوات، لكن هذا الاستخدام له العديد من المخاطر التي يحذر منها مقدمي الرعاية الصحية الذين يركزون على الصحة العقلية، وتشمل هذه المخاطر:
1. تحيزات البيانات تنتج معلومات ضارة
لا تزال تحيزات الذكاء الاصطناعي موجودة، فجميع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية عرضة للتحيزات. إن ضعف التدريب ومجموعات البيانات المحدودة ونماذج اللغة غير المتطورة تجعل روبوتات الدردشة تقدم استجابات نمطية لم يتم التحقق منها.
2. يمتلك الذكاء الاصطناعي معرفة محدودة بالعالم الحقيقي
تتمتع معظم الأدوات التوليدية بمعرفة محدودة بالعالم الحقيقي. على سبيل المثال، قامت OpenAI بتدريب ChatGPT فقط على المعلومات حتى عام 2021. وبالنظر إلى هذه القيود، فإن الاعتماد المفرط على روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي يجعلك عرضة لنصائح قديمة وغير فعالة. تحدث الابتكارات الطبية بشكل متكرر، لذلك فأنت بحاجة إلى متخصصين لإرشادك خلال برامج العلاج الجديدة والنتائج الحديثة.
3. المستخدمون يثقون في الذكاء الاصطناعي ثقة عمياء
تشير نظرية تسمى "تحيز الأتمتة" إلى أن الناس أكثر عرضة للثقة في نصيحة الآلة مقارنة بالإنسان، حتى لو كانت خاطئة. ومن ثم فإن بعض الخبراء يشعرون بالقلق من أن تلك الثقة قد تأتي بنتائج عكسية، خاصة إذا لم تكن روبوتات الدردشة دقيقة. تقول إيفي آن فان ديس، باحثة في علم النفس السريري في جامعة أمستردام الطبية بهولندا: "حتى لو كان هذا هراءً جميلاً، فإن الناس يميلون أكثر إلى قبوله".
4. القيود الأمنية تحظر موضوعات معينة
يضع مطورو الذكاء الاصطناعي قيودًا أثناء مرحلة التدريب. تمنع المبادئ التوجيهية الأخلاقية والمعنوية أنظمة الذكاء الاصطناعي غير الأخلاقية من تقديم بيانات ضارة. وعلى الرغم من كونها مفيدة، إلا أن المبادئ التوجيهية تعيق أيضًا الأداء الوظيفي وتعدد الاستخدامات. خذ Bing AI كمثال. القيود الصارمة التي تفرضها تمنعها من مناقشة المسائل الحساسة.
ومع ذلك، يجب أن تكون حرًا في مشاركة أفكارك السلبية، فهي حقيقة بالنسبة للكثيرين، قمعها قد يسبب المزيد من التعقيدات. لذا فهذه الأنظمة قد لا تصلح للعلاج.
5. الذكاء الاصطناعي لا يمكنه وصف الدواء
توفر روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي تفاصيل أساسية حول برامج العلاج التي يخضع لها مرضى الصحة العقلية، لكن لا يوجد تطبيق يمكنه كتابة الوصفات الطبية. حتى لو كنت تتناول نفس الأدوية لسنوات، فستظل بحاجة إلى وصفة طبية من الطبيب. فالأطباء النفسيون المرخصون فقط هم الذين يصفون الأدوية.
6. روبوتات الدردشة تقدم معلومات عامة
يجيب الذكاء الاصطناعي على أسئلة المعرفة العامة حول الصحة العقلية. يمكنك استخدامها لدراسة خيارات العلاج الأساسية، وتحديد الأعراض الشائعة، والبحث عن حالات مماثلة. فالبحث المناسب يساعدك على بناء الوعي الذاتي، وسيكون التعافي أكثر سلاسة إذا فهمت حالتك العقلية ومحفزاتك العاطفية.
لكن لاحظ فقط أن الذكاء الاصطناعي ينتج معلومات عامة، بينما سيذهب الطبيب أو المعالج المحترف إلى ما هو أبعد مما يقترحه الذكاء الاصطناعي. يمكنك استخدام مخرجات الذكاء الاصطناعي كنقطة بداية لفهم المجلات الأكاديمية والأوراق البحثية بشكل أفضل، ولكن تأكد من إجراء بحث أعمق أو استشارة أحد المتخصصين.
7. نادرًا ما يكون التشخيص الذاتي دقيقًا
يتيح الذكاء الاصطناعي التشخيص الذاتي، فبدلاً من دفع تكاليف العلاج، يطلب المرضى من روبوتات الدردشة تقليد المتخصصين في الصحة العقلية. إنه أسرع وأرخص من حجز الاستشارات. لكن على الرغم من أن ذلك مريح، فإن مخاطر التشخيص الذاتي للأمراض العقلية تفوق بكثير الفوائد. حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بسحب المعلومات من مجموعات البيانات الخاصة به فقط، ولن تقوم روبوتات الدردشة بتحليل أو تشخيص حالتك نظرًا لأنها تحتوي على معلومات محدودة حول صحتك العامة.
كقاعدة عامة، تجنب التشخيص الذاتي تمامًا، لأن اتباع خطة علاجية خاطئة أو تجاهل الأعراض سيسبب المزيد من المضاعفات.
8. لا يستطيع الذكاء الاصطناعي الوصول إلى سجلاتك الطبية
أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل ChatGPT تتعلم من المحادثات . يستخدمون الذاكرة السياقية لتذكر التفاصيل التي ذكرتها، وبالتالي تحسين دقة الإخراج وأهميته. فمع وجود سياق كافٍ، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبدأ في تقديم خطط مخصصة. لكن المشكلة تكمن في أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية تتذكر فقط كمية محدودة من البيانات.
وتختلف الحدود الدقيقة لكل منصة، حيث يبدأ Bing Chat محادثات جديدة بعد 20 دورة، بينما يتذكر ChatGPT آخر 3000 كلمة من المحادثات. ولكن في كلتا الحالتين، لن تستوعب أي أداة جميع سجلاتك الطبية. في أفضل الأحوال، لا يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية إلا أن تجمع معلومات محددة معًا، مثل التشخيصات الحديثة أو مشاعرك الحالية.
9. الآلات لا تستطيع التعاطف معك
يلعب التعاطف دورًا حاسمًا في العلاج. إن فهم أهداف المريض واحتياجاته وأسلوب حياته وصراعاته الداخلية وتفضيلاته يساعد المتخصصين على تخصيص خيارات العلاج، فلا يوجد نهج واحد يناسب الجميع فيما يتعلق بالصحة العقلية.
لسوء الحظ، الآلات عديمة المشاعر، والذكاء الاصطناعي بعيد كل البعد عن الوصول إلى التفرد، على الرغم من التقدم الكبير الذي حققته النماذج اللغوية في السنوات الماضية، لكن الذكاء الاصطناعي يحاكي التعاطف فقط. عند مناقشة الصحة العقلية، فإنه يستشهد بموارد مفيدة، ويستخدم لغة واعية، ويشجعك على زيارة المتخصصين. إنه تبدو لطيف في البداية، لكن مع تقدم المحادثات، ستلاحظ عدة نصائح متكررة واستجابات نموذجية.
10. الذكاء الاصطناعي لا يتتبع تقدمك
تتضمن إدارة أعراض الأمراض العقلية العلاج والمراقبة على المدى الطويل، فلا يوجد علاج سهل لحالات الصحة العقلية. ولهذا السبب يجب عليك طلب المساعدة من المتخصصين المتعلمين والمتعاطفين بدلاً من نماذج اللغة المتقدمة.
ابحث عن الأشخاص الذين سيدعمونك طوال رحلتك، الذين يتتبعون تقدمك، ويجب عليهم تقييم خطط العلاج الناجحة، ومعالجة الأعراض المستمرة، وتحليل محفزات صحتك العقلية. فلا يمكنك استبدال المشاورات بروبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي.
في نهاية المطاف، يمكنك استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية فقط للحصول على الدعم الأساسي. اطرح أسئلة عامة حول الصحة العقلية، وادرس خيارات العلاج، وابحث عن المتخصصين الأكثر شهرة في منطقتك. يمكنك أيضًا أن تستكشف المنصات الأخرى المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والتي توفر دعمًا للصحة العقلية. حيث يحتوي Headspace على مقاطع فيديو للتأمل، ويتتبع Amaha حالتك المزاجية، ويعلمك Rootd تمارين التنفس. لكن لا تتوقع من الذكاء الاصطناعي أن يحل محل المشاورات والمعالج النفسي تمامًا.
المراجع
https://www.health.com/chatgpt-therapy-mental-health-experts-weigh-in-7488513
https://www.makeuseof.com/factors-consider-before-using-chatgpt-mental-health/
منة الله سيد
صحافيةصحافية مصرية، مهتمة بالصحة والعلوم والتكنولوجيا. أسعى لنشر المعرفة لأن المعرفة قوة.
تصفح صفحة الكاتب