إعلان

صعود المتجر الالكتروني للكتاب وهبوط دار النشر التقليدية

Alan Dawud
كاتب ومحرر
وقت القراءة: دقائق
صعود المتجر الالكتروني للكتاب وهبوط دار النشر التقليدية

كيف تنشر كتابك في عالم الكتب اليوم؟ سؤال يهم الكتاب ودور النشر على حد سواء. وخاصة في ظل التغييرات التكنولوجية والاقتصادية الهائلة التي تلت دخول التجارة الالكترونية وأدواتها إلى عالم الكتب، ما يبشر بتغييرات كبيرة ستسود قطاع نشر الكتب حول العالم.

دار النشر الذكية أم دار النشر التقليدية؟

هل حان وقت ظهور دار النشر الذكية؟ بالتأكيد. إذ تحمل أدوات التجارة الالكترونية والذكاء الاصطناعي بوادر نوع جديد من دور نشر الكتب، ليس هذا فحسب، سيختلف شكل الكتاب، وشكل نشره، وطريقه توزيعه وبيعه وتسويقه، بل أن ذلك يحدث منذ سنوات.

ويمكننا القول إن القراء والناشرون على حد سواء يودعون الشكل التقليدي القديم لدار النشر التي تفسح المجال لشكل أكثر رقياً وتطوراً بتأثير العديد من العوامل، مثل التصاعد الهائل في التطور التكنولوجي، وظهور المنظومات الذكية والمنصات الحديثة والتطبيقات السريعة التي تستطيع أداء مهمة نشر الكتب وتوزيعها وتسويقها وبيعها على نطاق العالم بشكل أسرع من إمكانيات دار النشر التقليدية البطيئة التي تراجعت إلى درجة أدنى في عالم الكتب.

وسبب انخفاض مبيعات دور النشر التقليدية والمكتبات التقليدية انخفاضاً في قدرة دور النشر الصغيرة على العمل والبقاء، بل أن هذه القضية كانت كارثية جداً عندما بدأت أشهر المكتبات حول العالم بإغلاق أبوابها، حيث صنفت بريطانيا _ على سبيل المثال لا الحصر _ وفق إحدى وسائل الإعلام، من أكثر البلدان التي تعرضت لانخفاض مبيعات الكتب. وأغلقت المكتبات أبوابها وتكدست الكتب في مستودعات دور النشر!

أما ما يخص دور النشر العملاقة والشركات الكبرى، فقد استطاعت النجاة عبر اللجوء إلى التجارة الالكترونية، واستطاعت تعويض فقدان الأسواق السابقة بتوسعها إلى أسواق جديدة بفعل أدوات التجارة الالكترونية والذكاء الاصطناعي.


اقرأ ايضا

    عانت اليابان أيضاً من هذه المشاكل، وكذلك البلدان العربية، ففي دمشق، بدأت تختفي المكتبات الشهيرة التي كانت تزود القراء بالكتب طوال عقود. وتراجعت مبيعات دور النشر التي صارت تعتمد على المعارض العالمية والعربية عن طريق الاتحادات التعاونية التي بدأت تظهر بفعل الأزمة التي حدثت، وصرنا نشاهد اشتراك عدة دور نشر في استئجار جناح واحد في المعرض! ولكن دون أن يسعفها هذا الإجراء كثيراً. وخاصة في ظل ظهور المكتبات الالكترونية الكبرى التي توفر الكتب المجانية!

    وفي الصين على سبيل المثال، ظهر نوع جديد من دور النشر التي تعتمد على وجود الموقع الالكتروني والمتجر الالكتروني الذي يعرض الكتب الصادرة والموجودة للبيع. ومن ناحية أخرى، انخفضت طباعة الكتب وتكديسها في المستودعات بشكل كبير، فالطباعة هنا تجري فقط في حالة الشراء أو المشاركة في المعرض بكمية محددة، واختفت الحاجة بالتالي لوجود مستودع دائم. كما انتفت الحاجة إلى وجود مكتب أو مبنى في كثير من الأحيان لأن دار النشر التي تعتمد على التجارة الكترونية قد تضم فريقاً من 5 محترفين في 5 مدن موزعة بين بلدان العالم. إذا يستطيع هؤلاء الـ 5 القيام بجميع مهام نشر الكتب من الإخراج والإصدار والتدقيق اللغوي والكتابة والتسويق. ويشهد هذا النوع الجديد من دور النشر صعوداً في الانتشار وارتفاعاً في المبيعات منذ الوباء الماضي وحتى اليوم.

    انشر كتابك في المتاجر والتطبيقات

    انخفضت تكاليف نشر الكتاب الكتروني أو حتى نشر كتاب مطبوع باستخدام أدوات التجارة الالكترونية التي وفرت الوقت الثمين للكتاب والناشرين والقراء، وسهلت بالتالي جميع العمليات المرتبطة منذ لحظة تجهيز الكتاب حتى وصوله إلى القارئ.

    ومن هنا نقول إن أثمن نصيحة للكتاب والمؤلفين والمترجمين هي: انشر كتابك عبر منصات الكتب الرقمية أو تطبيقات الكتب ومواقع التجارة الالكترونية التي توفر خدمات النشر الكاملة مع تسهيلها مقارنة بوسائل النشر التقليدية.

    يمكن للباحثين عن دور النشر ومتاجر الكتب الالكترونية والتطبيقات الجديدة والمواقع الكبيرة تصفح قائمة واسعة جداً تختلف في أساليب عملها. فهناك من يسهل عملية النشر فقط، وهناك من ينشر الكتاب مع تخفيض تكاليف الإنتاج إلى الثلث فقط. وهناك أيضاً من يشارك الكاتب أرباحه لقاء النشر أو المشاركة في المعارض.

    مراحل الكتابة ونشر الكتب

    قبل 100 عام، كان الأمي من لا يعرف القراءة والكتابة، وقبل 50 سنة، صار الأمي من لا يملك شهادة دراسية، وفي وقت لاحق من لا يعرف لغة ثانية. أما اليوم، فإن هذا المقياس قد تغير كثيراً ليشمل من لا يعرف أدوات التجارة الالكترونية والذكاء الاصطناعي. وفي عالم نشر الكتب تحديداً، الأمي هو من يجهل هذ العالم ولا يدخله من أوسع أبوابه، حيث الثورة العلمية التكنولوجية الهائلة التي حملت معها تطورات واعدة باتجاه المستقبل. لذلك، سيخضع حتى الكتاب التقليدي المطبوع إلى التجارة الالكترونية، وسيتحدد دوره بشكل كبير، وقد بدأ ذلك يحدث بتسارع منذ سنوات.

    في الماضي، كان الكاتب أو المترجم يجلس قرب طاولة مكتبه، يحمل قلم الرصاص أو الحبر، ويبدأ الكتابة والترجمة.

    وفي وقت لاحق، ظهرت الآلة الكاتبة التي حددت دور القلم، ثم كان الحاسوب وثورة الاتصالات التي حددت دور الآلة الكاتبة. وصار الحاسوب يؤدي مهاماً كثيرة كانت تستعدي عدة آلات أو عدة أعمال يدوية.

    ومن خلال ما سبق، نستطيع القول إن تاريخ نشر الكتب في العالم قد مر بـ 3 مراحل رئيسية:

    · مرحلة الكتابة اليدوية (القلم أو ريشة الحبر).

    · مرحلة الكتابة الآلية (الآلة الكاتبة).

    · مرحلة الكتابة باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي (الحاسوب والأدوات الذكية).

    خيال علمي قد يتحقق

    لن أكون سريعاً في إطلاق الأحكام على المستقبل، ولكن أستطيع القول بناءً على التطورات الحالية الهائلة في العالم: ربما سيظهر في المستقبل الكتاب الذكي الذي سيكون كتاباً تفاعلياً يحتوي على الصوت والصورة والفيديو والكتابة والأشكال في عمل واحد.

    أعتقد لن يكون ظهور هذا الشكل من الكتاب صعباً على خبراء الذكاء الاصطناعي ولغات البرمجة. فهل سيتحدث ذلك حقاً؟ أن ان المستقبل يحمل تطورات أخرى لا نستطيع تصورها في الوقت الحالي.

    على كل حال، وفي الزمن الحالي، التجارة الالكترونية أداة رئيسية لناشري الكتب، ومن سيتخلف عنها، سيخرج من اللعبة لأن صوت التطور أعلى.

    Alan Dawud

    Alan Dawud

    كاتب ومحرر

    كاتب ومحرر في عدة منصات حول التقنية والعلوم والعمل عن بعد والتجارة الالكترونية مهتم بترجمة الكتب التاريخية والأدبية

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ