صراع الاجيال.......
هل صراع الاجيال حقيقة ام مجرد مصطلح او كلمة نرددها من جيل لاخر هذا ماسنعرفة عزيزي القارئ :

( اهلي لا يفهمونني ولا يقيمون لرأي اي اعتبار )
( بابا وماما موضة قديمة وتفكرهم صعب )
( اهلي راجعيين وغير دمقراطيين وبفرضوا رأيهم )
كلمات وجمل كثيره كهذه يرددها أبنائنا دائما من وجهة نظرهم انها صحيحة ومن وجهة نظرنا انها قاسيه غير سليمه مائه بالمائه فهل هم محقون في ادعائهم ؟ هل هم مجني عليهم من قبلنا ؟ هل حقا الاباء مذنبون في حقهم والاهم هل هذه مشكله وليدة العصر ام قديمه ؟؟؟؟؟؟
هل هي مشكله قديمه :
ببساطه نعم هي مشكلة قديمة قدم الحياة البشرية فأبناؤنا ربما نجدهم اليوم يشكون من قلة تجاوبنا معهم أو فهمنا لهم لكننا إن رجعنا بذاكرتنا للوراء فسنرى أننا نحن أيضا بشكل أو بآخر مررنا في مرحلة ما من مراحل طفولتنا أو مراهقتنا بهذا الشعور نفسه وربما قدمنا هذه الشكوى نفسها التي يقدمها أولادنا اليوم نعم فهذه هي الحقيقة قد تختلف طريقة التعبير أو يختلف الأسلوب لكن الظاهرة تبقى واحدة وان اختلفت طرق التعبير عنها ومواجهتها لذلك لابد من التحلي بالصبر والمرونه في التعامل معهم واحتوائهم ومعرفة اسباب المشكلة .
أسباب الصراع :
اسباب كثيرة وتختلف من اسره لاسره وهذا يرجع لاختلاف الثقافات والعادات والتقاليد ولكن في بيئتنا العربية تتشابة الاسباب ومن اهمها :
- الاختلافات الثقافية والفكرية : أو ما يعرف (الفجوة بين الأجيال) والتي تعكس الفروقات في الاراء والقيم والاتجاهات والتصورات العامة عن الحياة والعلاقات بين الجيلين وخاصة بين الأجيال الشابة وكبار السن إذ إن كل جيل نشأ في ظروف معينة وتأثر بتجاربه وبالمجتمع الذي عاش فيه وبالثقافة التي تميز بها زمنه وبالرغم من أن الفجوة بين الأجيال ليست شيئ سلبي بالضرورة بل يمكن أن تكون مصدر قوة وتبادل ثقافي إلا أن سوء التعامل معها هو ما يؤدي إلى الصراع بين الأجيال .
- غياب الحوار : عدم وجود حوار غير فعال يؤدي الى عدم رضا كل جيل عن الاخر اذ يرى الجيل القديم ان اصحاب الجيل الجديد لا خبرة لديهم ولا يحترمون العادات والتقاليد واراء الكبار وانهم منفتحون جدا وفي المقابل يرى الجيل الجديد ان الجيل القديم متشدد ولا يتماشى مع تغيرات العصر الحديث مما يسبب الصدام والعدائية والنفور بين الجيلين .
- اختلاف الاراء : يرى علماء التربية والاجتماع أن السبب الرئيسي للصراع والخلاف بين الأجيال هو اختلاف الاراء بينهم وهذا الاختلاف يمكن أن يقودهم إلى صراع وخِلاف يظهر بقلة المرونة في التعامل وعدم تقبل الاخر ورفض إصلاح الأخطاء والتمسك بالعادات حتى وإن كانت خاطئة ورفض التغيير .
- النقد : ان النقد بصفه مستمره وغير هادفة يؤدي الى زيادة الفجوه والعند واللجؤ لمصدر اخر لكسب الخبرات .
- الثورة التكنولوجية : ادت الى زيادة الفجوة بين الاجيال فقد احدثت التكنولوجيا الكثير من التغيرات في كيفية التواصل فوجد الجيل الاصغر نفسه في البيئة التكنولوجية راحة في التعامل مع الاجهزة والمنصات الحديثة وصار يفضل استخدامها كوسيلة تواصل مع الاخرين بينما ظل الجيل الاقدم يميل الى التواصل المباشر وجها لوجة ولا يشعر بالراحة غالبا تجاه الاجهزه والمنصات الحديثة .

- وهناك الكثير من الاختلافات والمشكلات بين الجلين والجدير بالذكر أن صراع الأجيال بات يهدد علاقة الاباء بالأبناء وخاصة المراهقين الذين يمرون بمرحلة البحث عن الذات إذ يرغب الاباء عادة في تربية أبنائهم بالطرق التقليدية التي تربوا عليها لانهم يرون أنها الأفضل وأنها ستكون لصالح أبنائهم حتما إلا أن الأبناء يرفضون هذه الطرق لانها تقليدية في نظرهم وليست مواكِبة لعصرهم مما يصعب التوافق بين توقعات الطرفين .

وللأسف ففي بعض الأحيان يتعرض كل من الاباء والأبناء إلى ضغوطات الحياة وتحدياتها في هذا العالم المتسارع فيفشل كل منهما في فهم مطالِب الاخر ومع نقص التواصل والتوقف عن محاولة إيجاد الحلول تزداد الفجوة بينهما فيهتز كيان الأسرة وتظهر معالم الصراع بين الاجيال .
ولا يقتصر تأثير الصراع على الاسرة وحسب إنما يمتد إلى بيئة العمل أيضا فقد تتمسك الأجيال الأكبر سِنّا بالطرق التقليدية في العمل فتلتزم بالزمن والهيكلة الوظيفية الصارمة ونحوهما وتعتبرها أمورا هامة بينما تفضل الأجيال الأصغر سنا المرونة والتفاعل أكثر مع التكنولوجيا فيظهر الصراع بين الأجيال بقِلة التواصل والعمل الجماعي في أداء مهام العمل وسوء الفهم بينهما وبالتالي انخفاض الإنتاجية وصعوبة تحقيق الأهداف .
لذلك يجب وجود حلول تساعد في تقليل تلك الاختلافات والوصول الى فكر يرضي الجيلين .....
في البداية : ينبغي على الأجيال المختلفة إدراك أن لا جيل على حق أو خطأ بصورة مطلقة وأن الحل لن يكون بمحاولة تغيير الجيل للاخر بصورة جذرية وإنما من خلال بناء جسور التواصل والتفاهم بينهما فعلى كل جيل أن يفهم ويتقبل الاخر بالاستماع الجيد والتواصل البناء والحوار الفعال والإقناع ومحاولة حل المشكلات بسلام كما أن الأمر في بعض الأحيان قد يتطلب الوصول إلى نقطة توافق او حلول وسطية بين الاجيال المختلفة وهذا لعدم تنافر الجيلين من بعضهما لبعض .

ومن مسؤولية الاجيال المختلفة أيضا التعامل بحكمة وروية مع الفجوة بينها بملئها بالحب والمودة والثقة والتفاهم والتقدير المتبادل واحترام وجهات النظر المختلفة مع وضع الجيل الجديد وخاصة الأبناء في الاعتبار أن كبار السن وتحديدا الاباء غالبا ما يسعون إلى الافضل لابنائهم وأن كل ما يفعلونه هو في الحقيقة تعبير عن حبهم واهتمامهم بهم لذا ينبغي احترامهم والاستماع إليهم والتواصل معهم بحب وتوضيح الافكار والاراء لهم باحترام ويجب ايضا على الاباء اعطاء بعض المساحة لابنائهم في حرية التعبير عن ارائهم وقابلية التغيير الممكن ولكن بشرط ان يكون مناسب لديننا والعادات والتقاليد المتعارف عليها في مجتمعاتنا .
وسؤالٍ يدور في اذهاننا جميعا لماذا لا ينظر الافراد إلى الاختلافات بين الأجيال على أنها فرصة للتعلم والتطور بدلا من رؤيتها عقبات تقف امام حرياتهم أو تحقيق نجاحاتهم ولماذا لا يستمع كل جيل إلى غيره ويحاول أن يفهمه ويستفيد من الحكمة والخبرات التي يمتلكها حتى يجدوا أن في ذلك سلامتهم وترابطهم معا .
واخيرا ... وفي النهاية قد يكون سد الفجوة بين الأجيال ومنع صراعاتها تحديا صعبا وكبيرا إلا أن الحد منها أمر ممكن ببذل الجهود من قبل كل منهما لتحسين العلاقات سواء في الاسرة أو في العمل أو في أي مكان اخر فلا أحد بالتأكيد يريد العيش في بيئة يسودها الصراع والتوتر .