من المفترض ان يكون هناك فارق كبير بين شهر رمضان و باقى الشهور الاخرى ، روحانيات و صلوات و تلاوات و عبادة بمختلف اشكالها ، اطعمة و مشروباتةمميزة ربما لا يتم تناولها الا في رمضان فقط ، و لكن هل ما زال رمضان الآن كما كان في السابق ؟ للأجابة على هذا السؤال دعنى استعرض لك يوما من شهر رمضان في عام ٢٠٠٠
يوم من عام ٢٠٠٠
فى عام ٢٠٠٠ كنت في الصف الرابع الابتدائى ، يبدأ اليوم الاول من رمضان عندما استيقظ تقوم والدتى بمتابعتى و اخوتى لنستحم و نرتدى ملابسنا و نغسل اسناننا و ما الى ذلك من العادات الصباحية ، ماعدا الافطار للأسف لأنه قد تأجل ألى اذان المغرب .
نذهب الى المدرسة مع زملائنا و سط الاحاديث و الضحك و الركض و المشي السريع حتى نصل الى الطابور و نستمع الى الاذاعة المدرسية بفقراتها الجميلة ثم ندلف الى الفصول .
مجموعة من الحصص الدراسية ننتظر ان تنتهى لنتكلم و نتواصل و نضحك في الخمس دقائق ما بين كل حصة و التى تليها ، و تأتى الفسحة التى ننتظرها على احر من الجمر لنلعب استغماية و ثبت صنم و صلح و عقلة و مضرب ، و هذه الأخيرة تشبه كثيرا لعبة البايس بول ، و السبع بلاطات ايضا التى كانت تقطع انفاسنا من كثرة الركض .
العودة الى المنزل
بعد الفسحة نحضر حصتين دراسيتين ثم نعود الى المنزل في مشهد المرواح الذى كان جرس المدرسة يزفه الينا كأسعد خبر ممكن ، لنأخذ الآن قيلولة صغيرة ، ثم نذهب الى الدروس الخصوصية و تحفيظ القرآن . و تأتى الساعة التى تسبق المغرب مباشرة ، وقت اللعب في الشارع مع اصدقاء الحارة ، كرة قدم او بالتيك ، و بالتيك هذه لعبة عنيفة و لكنها ممتعة ، و صدقونى ربما تستحق ان نخصص لها مقالة فيما بعد .

ليل رمضان
ندخل بيوتنا لنغسل و نتوضأ و نقوم بتجهيز السفرة و تنظيم الأطباق حتى نسمع صوت أذان المغرب ، الأذان الذى يطرب الآذان و البطون ايضا، نشرب الماء و عصائر رمضان المميزة مثل قمر الدين و التمر الهندى ، ثم نأكل الوليمة ، و نشغل التلفاز لنشاهد مسلسل بكار ، و فى اعوام اخرى قطقوط او قصص الانبياء او خيال الظل ، و كلها مسلسلات مفيدة و ممتعة ، و ليست بالطبع تافهة و فارغة مثل برامج المقالب و ما شابه ، بعد ذلك نصلى العشاء و التراويح المتبوعة بطبق مهلبية او جيلى او ارز بلبن ، لندخل في حلقة من السمر و الاحاديث الأسرية الدافئة ثم ننام ، نستيقظ للسحور و صلاة الفجر ثم ننام ثانية . كانت هذه الأجواء ساحرة و شاعرية و قائمة على التواصل و الالفة بين افراد الاسرة و المجتمع .
ماذا حدث بعد بداية الالفية
بعد هذا العام و رويدا رويدا و عاما بعد عام زاد التطور التكنولوجى ، ظهرت الهواتف الاندرويد ،و بدلا من ان كان الطفل ينتظر الاذن ليحظى بوقت مستقطع يشاهد فيه التلفاز او يلعب بالأتارى او يخرج الى الشارع ، اصبح في يده هاتف يحوى اى لعبة يريدها و اى فيلم يريده و به ملايين الفيديوهات المسلية ، فتقوقع كل فرد على نفسه سواء كبير او صغير ،و اكتفى بذاك الهاتف و استغنى به عن الافراد ، ليصبح حتى شهر مثل رمضان شهرا خاويا لا يعج بالروحانيات و الاجتماعات الاسرية و العبادات و ما شابه . اصبح مثله مثل ذو القعدة .
اخيرا اذكر لكم سبب تسمية المقال بهذا الاسم و سر مقارنة رمضان بذى القعدة بالذات ، و هو إيفيه شهير لنجاح الموجى عندما صفعه شخص يسمى رمضان على وجهه صفعة قوية ، فقال له ( هى حصلت يا رمضان ، دانا هقلبك ذو القعدة ) و كأن هذا التهديد رغم هزليته قد تحقق بالفعل .