إعلان

رحلة البحث عن السعادة.. كيف تجدها في زمن الضغوطات؟

علاء  أحمد
كاتب متنوع
وقت القراءة: دقائق

هل سألت نفسك يومًا ما هو تعريفك للسعادة؟ هل هي صحة، أمان، راحة، رضا، مال، إنجاز، شعور، قناعة، لحظة أم ماذا؟ نعم سؤال للوهلة الأولى يتبادر إلى الذهن ونتجاهله، أو نحاول أن نقنع أنفسنا بأنه ليس مهم، أو ربما نقول إنه من السهل الإجابة عليه ولكن في الحقيقة الأمر ليس بهذه البساطة.

رحلة البحث عن السعادةرحلة البحث عن السعادة

هذا السؤال حاول الكثيرون من الفلاسفة الإجابة عليه ولكن يبدو بشكل واضح أن هنالك تضارب في الآراء والأقوال، وهذا يعني أن لكل منا تعريفه الخاص للسعادة؛ لهذا قبل أن تكمل القراءة توقف للحظة من الزمن وحاول اكتشاف معنى السعادة بالنسبة لك ربما بعد ذلك ستتغير أولوياتك ونظرتك للحياة.

بعض الاقتباسات عن السعادة

" تكمن السعادة، أولاً وقبل كل شيء، في الصحة. "

- جورج ويليام كورتيس (صحفي وكاتب أمريكي)

" السعادة لا تقاس بما نملك، بل بما نستمتع به. "

- تشارلز سبورجون (واعظًا بريطانيًا)

" عندما يغلق باب السعادة يُفتح آخر، لكننا غالبًا ما نركز على الباب المغلق لدرجة أننا لا نرى الباب الذي فُتح لنا. "

- هيلين كيلر (أديبة ومحاضرة وناشطة أمريكية)

" لقد نسينا بأن السعادة ليست الحصول على ما لا نملك بل هي أن نفهم وندرك قيمة ما نملك. "

- فردريك كيونغ (تاجر وسياسي كندي)

" أكثر الناس سعادة هم الذين يعتمدون على أنفسهم لتحقيق سعادتهم، وهم الذين يتحكمون بأفعالهم ولا يجعلون سعادتهم مرتبطة بأفعال الآخرين، هؤلاء هم الناس المعتدلون الحكماء. "

- أفلاطون (فيلسوف يوناني)

" السعادة لا تأتي من الملذات الجسدية أو المال أو السلطة، بل من عيش حياة تتماشى مع قيمك الداخلية وتساعدك على تحقيق أفضل ما لديك. "

- سقراط (فيلسوف يوناني)

" السعادة سواء كانت ناتجة عن المتعة أو الفضيلة أو كليهما، توجد عادةً أكثر لدى الأشخاص الذين لديهم عقول راقية وأخلاق فاضلة، واكتفاء ذاتي من الأشياء الخارجية، وليس لدى أولئك الذين يملكون الكثير منها ويفتقرون إلى الصفات الحميدة. "

- أرسطو (فيلسوف يوناني)

" يجب أن نسعى وراء الأشياء التي تجلب السعادة، فإذا وجدت السعادة، وجدنا كل شيء، وإذا لم تكن موجودة، فجميع أفعالنا ستتجه نحو تحقيقها. "

- إبيكورس (فيلسوف يوناني)

" السعادة مفهوم مجرد يتكون من أفكار مختلفة للمتعة. فالشخص الذي يعيش لحظة من الفرح ليس بالضرورة سعيدًا، وكذلك الحزن اللحظي لا يعني البؤس الدائم. "

- فولتير (كاتب وفيلسوف فرنسي)

" وصفة السعادة: أن يكون لديك شيء تفعله، وشخص تحبه، وشيء تتطلع إليه. "

- إيمانويل كانت (فيلسوف ألماني)

" من السهل أن تكون سعيدًا إذا كنت تريد السعادة فقط. لكننا جميعًا نرغب أن نكون أكثر سعادة من الآخرين، وهذا صعب دائمًا لأننا نظن أن الآخرين أكثر سعادة مما هم عليه فعليًا. "

- مونتسيكو (قاضٍ ورجل أدب وفيلسوف سياسي فرنسي)

" لقد تعلمت أن أسعى وراء سعادتي من خلال الحد من رغباتي، وليس من خلال محاولة إرضائها جميعًا. "

- جون ستيوارت ميل (فيلسوف واقتصادي بريطاني)

ما هي مكونات السعادة

صورة تعبيرية عن مكونات السعادةصورة تعبيرية عن مكونات السعادة

هاجس البحث عن السعادة كان، وسيظل يشغل بال الجميع، فعندما نتحدث عن معنى السعادة، فإن البعض يتحدث عن مشاعرهم في اللحظة الحالية، بينما يتحدث الآخرون عن شعورهم بالحياة بشكل عام.

العلماء النفسيون والاجتماعيون يستخدمون عادة مصطلح "الرفاهية الذاتية" لوصف هذه الحالة العاطفية. فهذا المصطلح يركز على المشاعر الشخصية العامة حول الحياة في الوقت الحاضر.

المكونات الرئيسية للسعادة أو (الرفاهية الذاتية) كما أطُلق عليها هي:

توازن العواطف: الجميع يواجهون كلاً من المشاعر، والعواطف، والحالة المزاجية الإيجابية والسلبية، وترتبط السعادة بشكل عام بتجربة مشاعر إيجابية أكثر من المشاعر السلبية.

الرضا عن الحياة: يشير هذا إلى مدى شعورك بالرضا عن مختلف مجالات حياتك، بما في ذلك علاقاتك، وعملك، وإنجازاتك، والأشياء الأخرى التي تعتبرها مهمة.

الفيلسوف أرسطو والسعادة

تأتي تعريفات أخرى للسعادة من الفيلسوف أرسطو، الذي اقترح أن السعادة هي الرغبة البشرية الوحيدة، وأن جميع الرغبات البشرية الأخرى توجد كوسيلة للحصول على السعادة.

صورة تعبيرية عن الفيلسوف اليوناني أرسطوصورة تعبيرية عن الفيلسوف اليوناني أرسطو

كان يعتقد أرسطو أن هناك أربع مستويات للسعادة:

  • السعادة من الإشباع الفوري: هي التي تأتي من تحقيق رغباتنا اللحظية.
  • السعادة من المقارنة والإنجاز: هي التي تأتي من شعورنا بالتفوق على الآخرين أو تحقيق إنجازات مهمة.
  • السعادة من المساهمات الإيجابية: هي التي تأتي من مساعدة الآخرين أو تقديم مساهمات إيجابية في المجتمع.
  • السعادة من تحقيق الاكتمال: وهي أعلى مستوى من السعادة، وتأتي من شعورنا بالرضا عن حياتنا وتحقيقنا لأهدافنا.

اقترح أرسطو، يمكن تحقيق السعادة من خلال الوسط الذهبي، والذي يتضمن إيجاد توازن بين الإفراط والتفريط. فالإفراط هو القيام بأكثر مما يجب، والتسرُّع بينما التفريط هو عكسه أي القيام بأقل مما يجب، والتراخي.

فعلى سبيل المثال الشجاعة هي فضيلة تقع بين طرفي الجبن والتهور. فالشخص الجبان يفرط في الحذر، بينما الشخص المتهور يفرط في الإقدام. وبالمثل، فإن الكرم فضيلة تقع بين البخل والإسراف. فالشخص البخيل يفرط في الحرص على المال، بينما الشخص المسرف يفرط في إنفاقه.

وفقًا لأرسطو، فإن تحقيق السعادة في الحياة يتطلب منا أن ننمي الفضائل من خلال السعي إلى التوازن في جميع جوانب حياتنا.

علامات السعادة

على الرغم من اختلاف مفهوم السعادة بين شخص وآخر، إلا أن علماء النفس يعتمدون على بعض العلامات الرئيسية لقياس وتقييم مدى سعادة الفرد.

تشمل بعض علامات السعادة الرئيسية ما يلي:

  • الشعور بأنك تعيش الحياة التي تريدها: هل تشعر بأنك تسير على الطريق الصحيح وتحيا بالطريقة التي تحلم بها؟
  • التكيف مع مجريات الحياة والقبول بها كما هي: هل تملك القدرة على تقبل تقلبات الحياة والتعامل معها بمرونة؟
  • الشعور بأن ظروف حياتك جيدة: هل أنت راضٍ عن وضعك الاجتماعي والصحي والمادي بشكل عام؟
  • التمتع بعلاقات إيجابية وصحية مع الآخرين: هل لديك علاقات قوية وداعمة تمنحك الشعور بالحب والانتماء؟
  • الشعور بأنك حققت أو ستحقق ما تريده في الحياة: هل تشعر بالإنجاز أو بأنك تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافك؟
  • الرضا عن حياتك: هل تشعر بقبول ورضا تجاه مجمل حياتك؟
  • سيادة المشاعر الإيجابية على السلبية: هل تسيطر عليك المشاعر الإيجابية بشكل عام مقارنة بالمشاعر السلبية؟
  • الانفتاح على الأفكار والتجارب الجديدة: هل أنت منفتح على استكشاف أشياء جديدة وتجارب غير مألوفة؟
  • العناية بنفسك ومعاملتها بلطف وتعاطف: هل تهتم بصحتك النفسية والجسدية وتتعامل مع نفسك بلطف؟
  • الشعور بالامتنان: هل تقدر ما لديك من نعم وتشعر بالامتنان تجاهها؟
  • المعنى والأهمية في الحياة: هل تشعر بأن لحياتك معنى وهدف تسعى لتحقيقه؟
  • رغبة مشاركة السعادة والفرح مع الآخرين: هل ترغب في إسعاد من حولك ومشاركة الفرح والبهجة معهم؟

من المهم أن تتذكر أن السعادة ليست شعورًا دائمًا بالابتهاج والنشوة المستمرة. بل هي شعور عام بأنك تعيش تجارب إيجابية أكثر من السلبية.

الأشخاص السعداء يمرون أيضًا بكافة المشاعر الإنسانية، مثل الغضب والإحباط والملل والشعور بالوحدة والحزن. ولكن حتى في مواجهة الصعوبات، لديهم نظرة تفاؤلية بأن الأمور ستتحسن، وبأنهم قادرون على التعامل مع ما يحدث، وأنهم سيشعرون بالسعادة مرة أخرى.

أنواع السعادة

ميّز الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو بين نوعين مختلفين من السعادة وهما:

  • المتعة (Hedonia): تُستمد سعادة المتعة من الشعور باللذة. ويرتبط هذا النوع غالبًا بفعل الأشياء التي تُشعرك بالرضا، والعناية بالنفس، وتحقيق الرغبات.
  • الغاية (Eudaimonia): تُستمد هذه السعادة من السعي للفضيلة والمعنى في الحياة. وتشمل المكونات المهمة "لرفاهية الغاية" الشعور بأن لحياتك معنى، وقيمة، وهدف. وترتبط أكثر بتحمل المسؤوليات، والاستثمار في الأهداف طويلة المدى، والاهتمام بمشاركة الفرح مع الآخرين، والتركيز على الأشياء التي يمكنك التحكم بها، والعيش وفقًا للمبادئ الشخصية.

في الآونة الأخيرة، اقترح علماء النفس إضافة عنصر ثالث متعلق بالانخراط (Engagement)، وهي مشاعر الالتزام والمشاركة في مجالات مختلفة من الحياة.

السعادة الحقيقية تتطلب مزيجًا من الاثنين، فلا يمكن للمتعة وحدها أن تحقق السعادة الدائمة. فمع مرور الوقت، قد تصبح المتعة روتينية ومملة؛ مما يؤدي إلى شعور بالفراغ والضيق.

من ناحية أخرى، قد لا تكون الأنشطة ذات المعنى والغاية ممتعة دائمًا. فقد تتطلب جهدًا وتضحية؛ مما قد يؤدي إلى شعور بالتعب والإحباط. لكن عندما يتم دمج المتعة والغاية معًا، يمكنك بذلك تحقيق سعادة حقيقية.

تتضمن بعض أنواع السعادة التي قد تندرج تحت هذه الفئات الثلاث الرئيسية ما يلي:

  • الفرح: غالبًا ما يكون شعورًا قصيرًا نسبيًا يُشعر به في اللحظة الحالية.
  • الإثارة: شعور سعيد ينطوي على التطلع إلى شيء ما بتوقُّع إيجابي.
  • الامتنان: عاطفة إيجابية تتضمن الشعور بالشكر والتقدير.
  • الفخر: شعور بالرضا عما حققته.
  • التفاؤل: نظرة إيجابية ومتفائلة إلى الحياة.
  • الرضا: ينطوي هذا النوع من السعادة على الشعور بالرضا والقناعة.

السعادة ليست حظًا، بل خيارًا. تعلّم كيف تجدها

في عالم يتميز بتنوعه الشاسع، يبحث الناس دائمًا عن طرق لتعزيز مشاعرهم بالسعادة والرضا. هناك بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين الحالة المزاجية وزرع بذور السعادة الداخلية.

صورة تعبيرية عن طرق إيجاد السعادةصورة تعبيرية عن طرق إيجاد السعادة

1. اتبع أهدافًا جوهرية

بدء السعي نحو الأهداف التي تتسم بالأهمية الكبيرة بالنسبة لك يمكن أن يكون مفتاحًا لزراعة السعادة. بدلاً من التركيز على الوجه النهائية فقط، حاول الانغماس في الرحلة نفسها من أجل تحقيق الأهداف التي تساهم في نموك الشخصي وتقديم إسهامات إيجابية في مجتمعك.

2. استمتع باللحظة

لاحظت الدراسات أن الناس الذين يستمتعون باللحظة الحالية ويعبرون عن الامتنان للأشياء البسيطة في حياتهم يمتلكون مشاعر أعلى من السعادة. بدلاً من الركض في سباق محموم نحو تحقيق المكاسب المادية، حاول أن تركز على الاستمتاع بالتجارب اليومية البسيطة وتقدير النعم التي تمتلكها بالفعل.

3. إعادة صياغة الأفكار السلبية

عندما تجد نفسك محاطًا بالتفكير السلبي، حاول إعادة صياغة تلك الأفكار بطريقة إيجابية. من المعروف أن البشر يميلون إلى التركيز على الجوانب السلبية من الأمور، وهو ما يؤثر سلبًا على مشاعرهم بالسعادة. قم بممارسة التفكير الإيجابي والتركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة؛ مما سيساعدك على تحقيق التوازن والسعادة الداخلية.

كيف تصبح أكثر سعادة

يبدو أن بعض الناس لديهم مستويات أعلى من السعادة بشكل طبيعي. دراسة كبيرة شملت أكثر من 2000 توأم أشارت إلى أن حوالي 50% من الرضا الكلي بالحياة يعود إلى الجينات، و10% إلى الأحداث الخارجية، و40% إلى الأنشطة الفردية.

لذلك، وبينما قد لا يمكنك التحكم في "مستواك الأساسي" للسعادة، فهناك أشياء يمكنك القيام بها لجعل حياتك أكثر سعادة. حتى أسعد الناس يشعرون بالإحباط من وقت لآخر، وذلك لأن السعادة هي شيء يحتاج الجميع إلى السعي وراءه بوعي.

باستخدام هذه النصائح البسيطة، يمكن أن تقودك إلى حياة أكثر سعادة:

1. بناء علاقات قوية

العلاقات الاجتماعية الجيدة هي مفتاح السعادة. أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات إيجابية وداعمة يكونون عادةً أكثر سعادة ورضاً بحياتهم. لذا، حافظ على حياتك الاجتماعية، وصلة الرحم، وحاول تعميق العلاقات القائمة، بالإضافة إلى استكشاف فرص تكوين صداقات جديدة.

2. ممارسة الرياضة بانتظام

تمتلك الرياضة فوائد متعددة، ليس فقط للجسم ولكن أيضًا للعقل ويمكنها تحسين صحتك النفسية. يشير البحث إلى أن ممارسة النشاط البدني بانتظام يمكن أن يحسن المزاج ويساعد في الوقاية من الاكتئاب، حتى القليل من التمارين اليومية يمكن أن تساهم في زيادة مستوى السعادة.

3. الامتنان

تُبين الدراسات أن التعبير عن الامتنان يمكن أن يزيد من المشاعر الإيجابية ويحسن السعادة الشخصية. حافظ على قائمة بالأشياء التي تشعر بالامتنان لها في حياتك، وكن مستعدًا لتذكرها دائمًا.

4. العثور على معنى لحياتك

إيجاد هدف أو معنى في حياتك يمكن أن يُسهم بشكل كبير في زيادة السعادة والرضا. حاول استكشاف شغفك واهتماماتك، وابحث عن فرص للمساهمة بشكل إيجابي في العالم من حولك.

تغييرات صغيرة تحقق أثرًا كبيرًا

ختامًا، رحلة البحث عن السعادة قد تبدو طويلة، خاصة في زمننا الحالي الذي يمتاز بالضغوطات والتحديات. ولكن، كما رأينا، السعادة ليست حظًا فحسب، بل خيارًا واعيًا وخطوات بسيطة يمكننا اتخاذها.

تذكر أيضًا أن السعادة رحلة وليست وجهة، وأن الخطوات الصغيرة والثابتة هي التي تصنع الفارق الأكبر على المدى الطويل.

ابدأ اليوم، واختر أن تكون سعيدًا 😊..

المراجع

علاء  أحمد

علاء أحمد

كاتب متنوع

مهندس عاشق للكتابة، أبذل جهدًا كبيرًا لتقديم مقالات مميزة، وملهمة، وذو جودة عالية بهدف إثراء المحتوى العربي. إن إعجابكم ودعوتكم لي هو حافزي للمضي قدمًا في رحلتي ✨🖤.

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ