تعلّم اللغة الإنجليزية ذاتيًا بين الواقع والأوهام

آية  محمد توفيق
كاتبة مقالات ومترجمة
نشرت:
وقت القراءة: دقائق

بعد دراستي لعدة لغات ومن خلال تجربتي في استخدام طرق متعددة للتعلم، توصلت إلى استنتاج أن أفضل طريقة لتعلم اللغة الإنجليزية هي عدم التعلم بالمعنى التقليدي. فبدلاً من الحفظ المكثف للكلمات ودراسة القواعد بشكل مفصّل، يمكنك تطبيق ما تعلمته في حياتك اليومية تطبيقًا عمليًا وممتعًا.

ولقد لاحظت أيضًا أن هناك مشكلتين رئيستين يقع فيهما بعض المتعلمين وتمنعهم من الوصول إلى أهدافهم، المشكلة الأولى هي الاعتقادات الخاطئة عن تعلم اللغات والتي من شأنها أن تعوق تقدمك، والمشكلة الثانية هي عدم تحديد الهدف الأساسي من تعلم اللغة وهذا الأمر يجعلك تشعر بالضياع والتشتت. وبناءً على ذلك فإن تعلم اللغة ليس الخطوة الأولى التي يجب أن تتخذها ولكن التغلب على مخاوفك وتحديد أهدافك هما حجر الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء وإلا ستظل عالقًا في نقطة البداية.

تعلّم اللغة الإنجليزية ذاتيًا بين الواقع والأوهام

المفاهيم الخاطئة عن تعلُّم اللغة الإنجليزية

أحيانًا تكون المشكلة ليست في تعلم اللغة نفسها وإنما في التصورات الخاطئة التي تدور حولها والشكوك التي تراودك بشأن حقيقة إتقان اللغة بنفسك، وهذا من شأنه أن يمنعك من التقدم واتخاذ خطوة حقيقة نحو التعلُّم. لذلك من الضروري أن تتغلب على مصادر القلق وتطرد الأوهام من دماغك للانطلاق في رحلتك بثقة، ومن ضمن تلك المفاهيم الخاطئة:

ضرورة الحصول على شهادة

قد تراودك الكثير من الشكوك بأن التعلُّم الذاتي غير كافِ ولا بد من الحصول على شهادة معتمدة من إحدى المراكز التدريبية لإثبات إتقان اللغة الإنجليزية، وذلك لأن هناك اعتقاد سائد بأن الدورات والمراكز التعليمية هي المصدر الأساسي لتعلم اللغة، وأن الشهادة ستعزز فرص قبولك في أي وظيفة بغض النظر عن مهاراتك الفعلية في اللغة. والحقيقة أنك سواء أخذت دورة تدريبة أم لا فإن المقياس الوحيد لقبولك في أي عمل أو منحة هو مدى إتقانك للغة بصرف النظر عن مصدر التعلُّم. بالإضافة إلى أنه لا وجود لأي شهادات معتمدة لتعليم اللغة الإنجليزية غير شهادة الآيلتس أو التويفل وتُطلب فقط عند العمل أو الدراسة في الدول الناطقة باللغة الإنجليزية.


اقرأ ايضا

    السفر إلى دولة أجنبية

    بالتأكيد السفر إلى دولة تتحدث الإنجليزية سيساعدك كثيرًا على تعلم اللغة بسرعة ولكنه ليس شرطًا أساسيًا ولا يوجد أي ضمان أنك ستتحدث اللغة بطلاقة إذا انتقلت إلى بلد أجنبي، لأن هناك عوامل أخرى مهمة غير البيئة المحيطة لاكتساب اللغة. والآن بفضل التكنولوجيا أصبح من السهل إجراء محادثات مع أشخاص من جميع أنحاء العالم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو تطبيقات تبادل اللغات، مثل litalki وSpeaky وHello Talk، فلا تجعل موقعك الجغرافي يقلل من حماسك أو يقيد طموحك.

    حفظ كلمات كثيرة

    أول ما بدأت تعلم اللغة الإنجليزية أيام الدراسة كنت أظن أنني إذا حفظت الكثير من الكلمات سوف أتحدث بطلاقة وأستطيع فهم أي نص أقرأه، وبدأت بحفظ كلمات عديدة في مختلف التخصصات وما إن انتهت الدراسة لم أتذكر إلا الكلمات التي اعتدت على استخدامها. وبذلك أدركت أن هناك عدد معين من الكلمات يتكرر في المحادثات اليومية وهذا يعني أنني لن أستخدم أكثر من تلك الكلمات الشائعة فضلاً عن الكلمات الخاصة بمجال دراستي،فلا حاجة لي بحفظ الكلمات والمصطلحات المتخصصة في مجالات الطب والهندسة والسياسة وغيرهم.

    لا معنى لتعلم اللغة في وجود التكنولوجيا

    لماذا أبذل الجهد والوقت في تعلم لغة جديدة في حين أن برامج الترجمة الآلية يمكن أن تترجم كل ما أريد بسهولة؟ حسنًا، لا بد أن تعلم أن هذه الأدوات مثلها مثل القاموس يقتصر استخدامها على معرفة معنى كلمة أو عبارة جديدة فقط. ورغم تطور هذه البرامج بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة لكنها لا يمكن أن تحل محل الإنسان في التواصل البشري وإجراء محادثات باستخدام لغة بشرية طبيعية. وذلك لأن اللغة تنقل معاني مركبة ودقيقة لها دلالات ثقافية لا تستطيع الآلة أن تفهمها بشكل كامل، وكذلك لا تستطيع أن تتترجم أشياء أخرى كلغة الجسد ونبرة الصوت وإيماءات الوجه.

    التعرض للسخرية

    من أكثر المشاكل التي تواجه المتعلمين هو الخوف من التحدث ظنًا منهم أنهم سيكونون عُرضة للسخرية، مع أن من الطبيعي أن يكون الشخص غير قادر على التحدث بنفس لكنة المتحدث الأصلي في البداية. تذكر دائمًا أن المشكلة ليست في أن تخطئ بل في طريقة تفكير الأشخاص الذين يحاولون أن يهزوا ثقتك في نفسك، فعلى الأقل أنت تحاول أن تطور من نفسك وتتعلم لغة جديدة أما الشخص المتنمر ماذا يفعل سوى السخرية!

    ماذا أريد من اللغة الإنجليزية؟

    قبل أن تخوض رحلة التعلم اسأل نفسك عن السبب الأساسي لدراسة هذه اللغة، فإن تحديد الأهداف يختصر عليك نصف الطريق.

    وتتمحور معظم أهداف تعلم الإنجليزية حول الدراسة أو الهجرة أو الحصول على وظيفة أو العمل في تدريس اللغة الإنجليزية. وعلى هذا لأساس تختلف مسارات التعلُّم باختلاف الأهداف، مثل:

    اللغة الإنجليزية للأعمال

    تُعرف في أوساط العمل بــاسم "Business English" ويتخذ هذا المسار من يريد الدخول إلى سوق العمل والحصول على وظيفة أو من يعملون عن بعد مع أشخاص من بلدان أخرى. وفي هذا المسار تتعلم طريقة التواصل والتفاوض مع زملائك وكتابة التقارير اليومية ورسائل البريد الإلكتروني باللغة الإنجليزية. ومن المواقع المهمة التي تقدم محتوى جيد في هذا المسار:

    Business English Lessons, Courses and Apps by Business English Pod

    شهادة الآيلتس

    إذا كنت تفكر في الدراسة أو العمل في إحدى الدول الناطقة بالإنجليزية فستحتاج إلى شهادة الأيلتس لقياس مدى كفاءتك في اللغة. وللحصول على هذه الشهادة لا بد من اجتياز اختبار شامل لمهارات اللغة الأربعة لذلك عليك التحضير الجيد لأداء هذا الاختبار. ويمكنك متابعة قناة دليلك للآيلتس لعبد الرحمن حجازي الذي يساعدك في معرفة خبايا وأسرار الاختبار وطريقة المذاكرة الصحيحة.

    شهادة CELTA

    إذا كان هدفك احتراف مهنة التدريس دوليًا يمكنك تعزيز قدراتك بشهادة CELTA وهي شهادة معتمدة من جامعة كامبريدج تهدف إلى تدريس اللغة الإنجليزية للكبار غير الناطقين بالإنجليزية. للتسجيل في هذه الدورة يجب أن يكون مستواك في اللغة الإنجليزية فوق المتوسط كتابة وتحدثًا.

    التعلم الذاتي

    يعتبر التعلم الذاتي للغة الإنجليزية خيارًا شائعًا للأشخاص الذين يرغبون في تحسين مستواهم في اللغة وتوسيع مهارات التواصل.

    في هذا المسار يمكنك استخدام مجموعة متنوعة من الموارد التعليمية المتاحة، مثل الكتب والمواقع الإلكترونية وتطبيقات التعلم، لتعزيز فهمك للغة الإنجليزية وتحسين قدرتك على القراءة والكتابة والاستماع والمحادثة.

    كيف أتعلم الإنجليزية ذاتيًا؟

    تعلّم اللغة الإنجليزية ذاتيًا بين الواقع والأوهام

    أعلم جيدًا أن مصادر تعلُّم اللغة الإنجليزية تملأ الإنترنت وقد تصيبك كثرتها بالتشتت والحيرة وأنا هنا لست بصدد أن أزيد حيرتك، لذلك سأكتفي بوضع واحدًا فقط عند الحاجة لأن الهدف من التعلم الذاتي أن يكون تعلم اللغة الإنجليزية أسلوب حياة وليس منهجًا دراسيًا أو خطة تعلم.

    1- التأسيس الصحيح

    إن البناء الجيد يثمر عن عمل ناجح، ومهما كان هدفك ففي هذه المرحلة لا غنى عن معلِّم محترف يجاوب عن أسئلتك ويساعدك على فهم أساسيات اللغة. ومن أفضل معلمي اللغة الإنجليزية العرب أستاذ إبراهيم عادل صاحب قناة "ذي أميريكان إنجلش" أكبر قناة لتعليم اللغة الإنجليزية على اليوتيوب، حيث تجاوز عدد المشتركين فيها 9 مليون مشترك ولها تطبيق أيضًا على الأندرويد والآيفون. وما يميز هذه القناة أنها تبدأ معك من الصفر تمامًا إلى الاحتراف من خلال عدة مستويات مبنية على أسس علمية كما أن جميع الأسئلة التي تدور في بالك يجيب عليها أستاذ إبراهيم في فيديوهات منفصلة لتستمتع بتجربة تعليمية مكتملة.

    zAmericanEnglish - YouTube

    2- الاستماع المكثف

    تذكر عندما كنت طفلاً عندما كنت تتعلم التحدث باللغة العربية، هل كنت تحفظ الكلمات وتسمّعها؟ بالطبع لا، بل كنت تستمع إلى حديث أبويك وإخوتك رغم أنك لم تفهم شيئًا وكنت تحاول أن تقلدهم فتغلط وتتلعثم وتتعلم، وبمرور الوقت أصبحت قادرًا على التحدث بطلاقة، وعلى هذا النحو يمكن تطبيق هذه الطريقة على أي لغة جديدة. لذلك إذا أردت أن تتحدث اللغة الإنجليزية ابدأ بالاستماع أولاً ودرّب أذنيك على أصوات اللغة وطريقة النطق الصحيحة.

    وفي حال كنت مبتدئًا ولا تستطيع تمييز الكلام باللغة الإنجليزية فلن تجد أفضل من كورس"Power English" ليساعدك على فك شفرات الأصوات ويضعك على بداية الطريق؛ إذ يتم تدريس هذا الكورس في حوالي 25 دولة حول العالم بفضل محتواه الفعال والأسلوب الشيق الذي يعتمده دكتور Aj Hoge في سرد القصص وشرح المفردات.

    04.Power.English.traidnt.net - Google Drive

    3- التحدُّت مفتاح التعلم

    قد ينجح البعض في إتقان جوانب اللغة الأخرى كالاستماع والقراءة والكتابة ولكنهم يجدون مشكلة كبيرة في التحدث بسبب الخوف من ارتكاب الأخطاء، لأنهم يعتقدون أنه يجب التحدث بنفس لكنة المتحدثين الأصليين، مما يعرقل تقدمهم ويقيد قدرتهم على التواصل بثقة. ولكن الأخطاء هي جزء لا يتجزأ من عملية التعلم وهي عبارة عن فرصة للتحسين والتطوير.،فعندما نرتكب أخطاء، يتحفز عقلنا على التعلم والتصحيح مما يساهم في تحسين قدراتنا اللغوية.

    وأفضل طريقة للتغلب على الخوف من ارتكاب الأخطاء هو التحدث يوميًا حتى لو لم تمتلك حصيلة كلمات كبيرة. واعلم أنه لا يوجد شخص مثالي في استخدام اللغة، حتى الناطقين الأصليين يرتكبون الأخطاء أحيانًا. المهم أن تجعل التحدث عادة يومية، يمكنك اللجوء إلى الموارد التعليمية مثل تطبيقات المحادثات والممارسة مع الأصدقاء أو المعلمين المتحدثين باللغة الإنجليزية حتى لو 5 دقائق في اليوم ستجد الفرق في مستواك وستكسر حاجز الخوف وسيتعود لسانك على التحدث بتلقائية دون معاناة.

    4- استمتع باللغة

    لا تتعامل مع اللغة كمادة دراسية تذاكرها فقط لكي تنجح ثم تتجاهلها طوال فترة الإجازة، هذه الطريقة لن تجدي نفعًا لأن اللغة في الأساس تعتمد على الممارسة والتفاعل مع من حولك، لذا حاول أن تدمج اللغة الإنجليزية في روتينك اليومي بشكل غير مباشر.

    على سبيل المثال، إذا كنت تكتب يومياتك أو تحب القراءة، جرب أن تقوم بهذه الأنشطة باللغة الإنجليزية. يمكنك أيضًا استخدام اللغة الإنجليزية عند البحث عن أي موضوع ترغب فيه على الإنترنت بدلاً من البحث باللغة العربية. فكّر في الأشياء التي تستمتع بها مثل الألعاب أو مشاهدة الأفلام أو الاستماع إلى برامج البودكاست، وابحث عنها باللغة الإنجليزية لتطوير لغتك بشكل ممتع ومن دون أن تشعر بالملل. الفكرة الأساسية هي أن تجعل اللغة الإنجليزية جزءًا من حياتك اليومية، فعندما تمارسها وتتفاعل معها بانتظام ستلاحظ تحسنًا مستمرًا في مهاراتك اللغوية.

    خاتمة

    بحر اللغة لا نهاية له وأحيانًا لا يتطلب منك أن تكون طليقًا في اللغة بقدر ما تأخذ منها القدر الذي يفيدك في حياتك الشخصية والعملية، وكذلك هناك الكثير من المعوقات والمفاهيم الخاطئة التي تقف حائلاً دون تعلمك اللغة فعليك الانتباه لها ولا تجعلها تؤثر على تحقيق أهدافك. ومن أفضل الطرق التي تكتسب بها اللغة هي الانغماس في اللغة وليس تعلمها وأن تجعلها جزءًا من حياتك اليومية بدلاً من أن تكون عبئًا عليك.

    آية  محمد توفيق

    آية محمد توفيق

    كاتبة مقالات ومترجمة

    منذ صغري أرى الحروف تتلألأ على الورق مثلما تتلألأ النجوم في السماء، أهوى اللغات وأعشق الكتابة، ففي الكتابة أجد نفسي في عوالم مختلفة وعندما أمسك بالقلم أشعر أنني أتحكم بمجرى حياتي.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ