تعرف على أخطر ظاهرة منتشرة بين الشباب الأن

Nermin Yousif
كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية
آخر تحديث:
وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

تعرف على أخطر ظاهرة منتشرة بين الشباب الأن

ظهر بين شباب هذا الجيل (جيل الألفينات) ظاهرة تسمى ب(التطجين) أو

(التطحين)، فماذا تعني هذه المصطلحات؟

يطحن لغويا من الطحن (كطحن الدقيق)، ويطجن لغويا بمعنى يفنن وينوع

بغرض الظهور وأن يبرز أكبر من حجمه الحقيقي. وهناك مثل شعبي يقول

(أسمع جعجعة ولا أرى طحنا) ويطلق هذا على الرجل الذي يُكثر الكلام ولا

يطحن الدقيق أي لا يعمل رغم كثرة كلامه، وتظاهره بالكلام بدون فعل حقيقي.


اقرأ ايضا

    وبعد أن تعرفنا على المعنى اللغوي لكلمة التطجين والتطحين، سنشير إلى وجوده

    بين شبابنا في طريقة حديثهم، وأصبحت من سمات العصر، ومن لم يطجن في

    الكلام، فهو ضعيف الشخصية ويتكالب عليه الشباب.

    الدراما وإنتشار التطجينالدراما وإنتشار التطجين

    فالشاب يطحن مَن أمامه بألفاظ وسباب وصوت عالي حتى لا يقوى الطرف

    الأخر على مجابهته، والشاب يطجن أي يفنن وينوع في أسلوبه بشكل مُلفت

    للنظر ليرى الناس أنه القوي الذي لا يقوى أحد على صده _ وهي صفة يختص

    بها الله عز وجل فهو القوي على كل شئ قدير_ فمن يتوهم بإنه قوي بأسلوب

    التطجين هذا فهو يناطح الله عز وجل في صفة من صفاته، وبذلك فهو على شفا

    جرف من الكفر، ولكم في فرعون عبرة عندما أستعلى على الله عز وجل.

    وضُرب مثل شعبي في هذا السياق (خذوهم بالصوت يغلبوكوا)، وساعدت

    الدراما على نشر هذا الأسلوب بين الشباب، وأصبح أسلوب التطجين والبلطجة

    هو السائد بين الشباب، فالأكثر تطجينا هو الشبح وزعيم شلة الأصدقاء، هو من

    يلتف حوله الناس لطحن أعدائهم، وأصبح الكل يُعلي على الآخر، وإن كنت شبح

    فأنا أشبح منك، وإن كنت زعيم فأنا إمبراطور، ونُحبس في دائرة نرجسية عفنة

    مغلقة تبدأ بأنت لا تعرف مع من تتحدث؟ وتنتهي بتناطح الثيران. وكل هذا

    التناطح متناسيين قول الله تعالى في سورة الإسراء : بسم الله الرحمن الرحيم ( ولا

    تمشِ في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً )، فالله عز

    وجل يُعرفك قدرتك مسبقا مهما بلغت من مقام أو مهما رفعت صوتك حتى

    تتواضع، فأنت لن تخترق الأرض ولن تصل للجبال، أنت لست سوبر مان أو

    بات مان اللذان اخترعهما الغرب ليس لشئ إلا لصناعة الوهم، والبعد عن ماهية

    وحقيقة الإنسان، ورحم الله إمرئ عرف قدر نفسه.

    تعرف على أخطر ظاهرة منتشرة بين الشباب الأن

    والحقيقة أن الإنسان الذي يستخدم هذا الأسلوب من التطجين في الكلام، فهو

    شخص لديه شعور عميق بالنقص والدونية والفراغ، ويحاول بهذا الأسلوب أن

    يُخفي هذا النقص أمام الناس، فيستعرض قوته بالألفاظ والسباب وارتفاع وغلظة

    الصوت، متناسيا قول الله تعالى في سورة لُقمان: بسم الله الرحمن الرحيم ( واقصد

    في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ). وقال

    تعالى أيضا بسم الله الرحمن الرحيم ( ولا تمشِ في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل

    مختال فخور). فالشاب الذي يتحدث بهذا الأسلوب لا يحبه الله، فإذا كنت تحظى

    بحب الناس بأسلوب التطجين فيجب أن تعلم إنك مكروه عند الله عز وجل،

    وأيضا لاحظ أن هذه الأيات القرآنية التي تتحدث عن طريقة الكلام كما يجب أن

    تكون، ذُكرت في سورة لُقمان! ومن هو لُقمان؟! فسيدنا لُقمان الذي خصه الله عز

    وجل بالحكمة ، قال تعالى ( ولقد آتينا لُقمان الحكمة). أترون كيف ربط الله عز

    وجل بين الطريقة المثلى للكلام والحكمة؟، فالشخص الذي يتحدث بصوت هادئ

    ورزين هو الشخص الذي يمتلك الحكمة ، أما الشخص عالي الصوت و يُطجن في

    الحديث فصوته كصوت الحمير، وهذا وصف القرآن الكريم له.

    الدراما أَعلت من شأن هذه الفئة التي تُطجن في الحديث، وتعرض مشاهد مطولة

    في الحارات بين أثنين من البلطجية والفتوات بعبارات عنجهية وتطاول وقافية

    سافلة، وتهليل لمتفرجي الحارة للأكثر منهم قوة وتناطح لا يخلو من أصوات

    الحمير، كما وصفه الله عز وجل من فوق سبع سماوات.

    تعرف على أخطر ظاهرة منتشرة بين الشباب الأن

    وبدلاً من أن تُربي وتثقف الطبقة المثقفة الطبقة الدنيا، فالدراما نقلت ثقافة الطبقة

    الدنيا للطبقة المثقفة، فأصبح الجيل الصاعد من أبناء الطبقة المثقفة يميل إلى هذا

    الأسلوب من التطجين والتعالي، خاصة مع تعالي الشعور بالنقص الناتج عن

    الفراغ الثقافي والديني، وإنشغال الأباء والأمهات، فما كان من الجيل الصاعد أن

    يلفت إنتباههم سوى بهذا الأسلوب وهذا التطجين، لإثبات قوة الشخصية

    وإظهارها، وهذا عكس ما علمه لنا ديننا الحنيف بأن قيمة الإنسان تأتي من

    حكمته وعلمه وعمله وعقله. أما الآن فلا وجود للحكمة مع إنتشار وسائل الترفيه

    المختلفة الشاغلة للفكر والعقل والساحبة للوقت فمن أين يأتي وقت للتدبر والتفكر

    الذي يُنتج الحكمة في القول والفعل. ولا وجود للعلم مع إرتفاع تكاليف التعليم

    وإنتشار فيديوز التفاهات ومحدودي الثقافة من البلوجرز أصحاب المحتويات

    التافهة وراغبي المشاهدات العالية. ولا وجود للعمل مع تصاعد الأزمات

    الإقتصادية. ولا وجود للعقل مع تحوله لسلة مهملات يُقذف به قاذورات الغرب

    والطبقات الدنيا.

    بل إن زيادة تضخم هذا الوضع أدى إلى شعور الإنسان المثقف الحكيم بإنه هو

    الضعيف المنبوذ رغم علمه وحكمته، فالعالم يحتفي بكل تافه وشاذ، ولابد ليوم أن

    يعتدل فيه الميزان ليعود المثقف لمكانته ويعود المطجن البلطجي لمكانته.

    المسئولية الكبيرة تقع على عاتق الأسرة ، الأب والأم عليهم أن يبذلوا مجهوداً

    أكبر في الوقوف ضد هذا السيل العرم من دراما وسوشيال ميديا ، وألا يتركوا

    أبنائهم لهذا السيل يغرقون فيه ويتشبعوا منه فيصبح جزءاً من كيانهم وطريقتهم

    وأسلوبهم. عليهم أن يكونوا قدوة ولا يستخدموا أسلوب التطجين في كلامهم في

    الحوارات العائلية ومع أصدقائهم، ويجب أن يحذر الأب والأم من أن ينفعلوا هم

    أيضا بتأثير الميديا عليهم، وعليهم أن يُقَوموا سلوكيات أبنائهم إذا لاحظوا في

    كلامهم تطجين واستعلاء، ولا يسمحوا لهم بإستكمال الحديث إذا استمر هذا

    الأسلوب في الكلام .

    أما الحل الثاني، فهو في يد صناع الدراما وطبقة المثقفين التي من المفترض ألا

    يقبلوا الهزيمة أمام الطبقة الدنيا وفرض سيطرتها عليهم، وهذا ينطبق أيضا تحت

    مسمى الجهاد، فنحن دائما في حالة جهاد مع النفس، وحرب مع الأفكار مثل

    الحرب مع الأعداء، ويجب أن تنتصر الحكمة والعقل على البلطجة والتطجين،

    فهذه معركتنا وعلى كل مثقف حكيم ألا يترك أرض المعركة وألا يرفع راية

    التسليم أمام تطجين الطبقة الدنيا، بل عليه الجهاد، قال تعالى في سورة البقرة

    )(كُتب عليكم القتال وهو كرهُ لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن

    تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون). فلا يترك كل كاتب ومثقف وصاحب محتوى هادف مجال المعركة لأصحاب الصوت العالي والعقول البالية، يجب أن يُكثر أصحاب المحتويات الهادفة من محتوياتهم من مقالات وفيديوز في كل وسائل السوشيال ميديا وأن يتواجدوا دائماً ويحاربوا بمحتوياتهم المثقفة والهادئة الراقية محتويات أصحاب النفوس الضعيفة من راغبي المشاهدات والشهرة.

    ويسعدني سماع تعليقاتكم على هذه الظاهرة الخطيرة ومشاركة المقال من منطلق نشر المحتويات الهادفة ونبذ العنف والتطجين وإصلاح شبابنا والنصر في معركتنا.

    Nermin Yousif

    Nermin Yousif

    كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية

    كاتبة وصحفية خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً . خبرة 17 عاماً كباحثة إعلامية في إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري. البحث والتدقيق في التفاصيل من أهم مراحل عملي لإنجاز المقالات ، لدي سهولة في استخدام اللغة العربية وكلماتها البديعية في صياغة المقال لخدمة هدف المقال، وقدرة على ترتيب الأفكار بشكل جذاب يشد القارئ للمحتوى دون ملل أو تطويل. لدي خبرة في كتابة المقالات وسيناريو مسلسلات للكبار والصغار.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ