تأثير ثقافة الدول على تصميم الأزياء عبر العالم؛ الثقافة والموضة أي علاقة

وفاء  العزيز
كاتبة حرة
نشرت:
وقت القراءة: دقائق

لا يمكن أن نعيش بمعزل عن انتمائنا وهويتنا، تلك الهوية التي طُبعت في قيمنا ومشاعرنا وتصرفاتنا، كذلك رسمت على ردات فعلنا على مجموعة من المواقف والأحداث اليومية، نجدها مترسخة في جذورنا، ومرسومة على وجوهنا، تشدنا إليها كلما ابتعدنا أو حاولنا الابتعاد، تلك الهوية هي التي تجعلنا نحِن إلى أصولنا ومنبعنا رغم البعد والمسافات.

فعلى الرغم من سيطرة ما يصطلح عليه بالعولمة - التي فرضت على سكان العالم التمازج والاختلاط وجعلت من العالم قرية صغيرة بفعل التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال المتطورة - إلا أن المجتمعات حافظت على هويتها الثقافية، ولم تستطيع الانسلاخ عنها أو التفريط فيها، فتلك الثقافة هي البيئة المجتمعية التي تجعل أفرادها مرتبطين فيما بينهم عبر سمات مشتركة ومميزة عن باقي أنساق الثقافات في المجتمعات الأخرى؛ كاللغة والدين والقيم والسلوكيات والتاريخ والتقاليد والعادات، وكما تتحكم الثقافة المجتمعية أيضا في تصميم الأزياء المحلية ونمط الحياة، فكيف تؤثر الثقافة في تصميم الأزياء عبر العالم؟ وما هي مميزات أزياء الشعوب المختلفة؟ وهل يمكن أن تتمازج المجتمعات المختلفة لتتفق على ثقافة فرعية موحدة؟

امرأة عربية بلباس تقليدي ترقص على انغام الموسيقى امرأة عربية بلباس تقليدي ترقص على انغام الموسيقى

الأزياء انعكاس الثقافة على المجتمع

"من لباسك يعرفك الناس" إلى أي مدى يمكن اعتبار هذه المقولة صحيحة، في مختلف الفعاليات الدولية من معارض فنية ومهرجانات سينمائية وغير ذلك، نجد مجموعة من المشاركين يحبون أن يظهروا بملابس تظهر خلفيتهم الثقافية، ويحاولون بذلك إبراز هذه الهوية الثقافية عبر لباسهم، كأن كل واحد منهم يقول بلسان حاله: "أنا أنتمي لهذه الثقافة وأفتخر بذلك"

ثقافة المجتمع هي الرواية الحية التي تروي عنه للأجيال القادمة، وهي الميراث الحقيقي للشعوب عبر الأزمان المتعاقبة، تلك الثقافة هي التي تساعد الإنسان على تشكيل طريقته الخاصة في فهم محيطه والتعايش معه، لهذا فهو دائما ما يبحث عن الانتماء لقبيلته وعشيرته أو حتى دولته، فيجد في ذلك الدفئ والشغف الجماعي، والاشتراك مع الأخرين في سمات مميزة تعبر عن أصوله المتعمقة في جذور التاريخ، فأي علاقة تجمع "تصميم الأزياء" مع ثقافة الشعوب؟

علاقة تصميم الأزياء مع ثقافة الشعوب

إن الأزياء التي نرتديها في المناسبات أو حتى في حياتنا اليومية ما هي إلا انعكاس واضح للإرث الثقافي المحمل داخلنا، نجعل من الهوية الثقافية خلفية لاختياراتنا في نمط الأزياء واللباس الذي نرتديه سواء في المناسبات الاحتفالية (زواج، أعياد دينية، مناسبات شخصية...) أو حتى في حياتنا اليومية، فهو يبرز شخصيتنا وانتماءنا الثقافي ويمكن أن يلخص للأخر فكرة واضحة عن هويتنا التي نحاول إبرازها والتفاخر بها.

تواكب الأزياء التغيرات الثقافية والمناخية للمجتمعات، وفي جانب تصميم الأزياء دائما ما يراعى الجانب الحضاري للأمم؛ من خلال تطور تصاميم اللباس وخامته (نوع الأقمشة المستخدمة) وتراعي أيضا التطور التكنولوجي من حيث طرائق التصنيع المتطورة، كما أننا نلاحظ أن المناخ السائد في كل منطقة يفرض على سكانها نمطا معينا من الخامات لتصميم أزيائها.

إن الأزياء مرآة أيضا لمستوى تطور الحضارة، فقد تتسم بالبساطة أحيانا أو الترف والفخامة أحيانا أخرى، وذلك يعكس المستوى الذي ينتمي إليه الشخص، لكن غالبا ما يكون النصيب الأكبر في اختيار نمط الأزياء هو الوازع الثقافي والانتماء القبائلي، ليكون الاختيار منبعث من شغف بالثقافة والانتماء، ويعبر عن الهوية الشخصية متماشيا مع المحيط الاجتماعي والأفكار السائدة، لنخرج بتصاميم تقليدية مع بعض التعديلات في الخامات وطرق التصنيع، وعدم الخروج عن المألوف.

مجموع نساء بلباس محتشم محجبات مجموع نساء بلباس محتشم محجبات

أمثلة للأزياء الثقافية في مختلف بقاع العالم

الزي الثقافي هو الزي التقليدي الشعبي الذي يتميز به كل مجتمع عن أخر، ويتفرد به أفراد ذلك المجتمع عن باقي المجتمعات الأخرى، غالبا ما يتميز من حيث التصميم والشكل والخامات المصنعة له، وكذلك طريقة صنعه، ولكل مجتمع إنساني خلفية خاصة يعتمد عليها في اختيار طريقة اللباس والألوان المميزة لكل تصميم، ولذلك اعتبارات عدة تتحكم فيها؛ منها المناخ السائد، والخلفية الدينية، والموروثات الثقافية من قصص وروايات وأساطير مروية، والفئة المجتمعية.

صورة لأنواع الساري الهندي صورة لأنواع الساري الهندي

الساري من الألبسة التقليدية الأنيقة الأكثر شيوعاً في شبه القارة الهندية. فهي قطعة من القماش غير مخيط تتراوح بين أربعة وتسعة أمتار في الطول، قماشها مصنوع غالباً من الحرير وهو ما يفضله الكثير من نساء مومباي التي تعتبر واحدة من عواصم الموضة في الهند. كذلك يعتبر اللباس التقليدي في بعض أجزاء قرى الهند وبنغلاديش ونيبال وسريلانكا وبوتان، بورما، وماليزيا، وباكستان. يكون الساري عادةً ملفوفا حول الخصر، مع نهاية واحدة ثم يلف على الكتف مع تعرية الحجاب الحاجز.

  • الكيمونو الياباني
الكيمونو الياباني باللون الابيضالكيمونو الياباني باللون الابيض

هو اللباس الياباني التقليدي الطويل الذي يلبسه الرجال والنساء والأطفال، ومن المعروف عن الكيمونو منظره الجميل وألوانه الزاهية خصوصاً الكيمونو النسائي. الكيمونو هو عبارة عن ثوب على شكل حرف T يصل طوله إلى الكاحل وله ياقة وأكمام عريضة.

صورة لقفطان مغربي أبيض مميزصورة لقفطان مغربي أبيض مميز

القفطان المغربي هو الزي المفضل للمرأة المغربية في جميع المناسبات (عرس أو حفل أو مناسبة خاصة) لم يزعزعه عن عرشه أرقى علامات الموضة العالمية لفساتين السهرة، وظل دلالة على مشهد أناقة المرأة المغربية. وهو عبارة عن ثوب طويل بأكمام طويلة يعتمد في صنعه على أقمشة فاخرة كثوب البروكار، الموبرا أو المخمل، الحرير، جوهرة والثلجية المغربية ويتم تفصيلها على شكل لباس فضفاض ملكي وتزيينها بالتطريز اليدوي المغربي.

  • اللباس الإفريقي " الكانجا"
نساء بلباس افريقي مميز زاهي الألواننساء بلباس افريقي مميز زاهي الألوان

هي ملابس تتلألأ بألوان زاهية وجميلة ، وبأشكال مختلفة بألوان متدرجة خطت عليها رسائل باللغة السواحلية . يطلق على تلك الملابس اسم " الكانجا" وهي جزء من الحياة اليومية للنساء في شرق أفريقيا ، خاصة في كينيا وتنزانيا. ترتدي النساء المتمسكات بالتقاليد تلك الملابس في شكل عباءات أو أغطية للرأس وتظهرهن أنيقات وجميلات بتلك الألوان الباهية.

لاباس المرأة الإماراتية التقليديلاباس المرأة الإماراتية التقليدي
الزي التقليدي للرجل الامراتيالزي التقليدي للرجل الامراتي

الزي التقليدي الإماراتي النسائي يطلق عليه اسم "العباءة" أو "الجلابية"، وهي عبارة عن رداء طويل فضفاض أسود اللون، بالإضافة إلى شال أسود لتغطية الرأس، ويعد البرقع الذي يوضع على الوجه أكثر ما يميز الملابس التقليدية في الإمارات النسائية فهو يقوم بتغطية الحاجبين والأنف والفم.

تأثير ثقافة الدول على تصميم الأزياء عبر العالم؛ الثقافة والموضة أي علاقة

يتمثّل الزي الرجالي بثوب أبيض مصنوع من القطن، يطلق عليه اسم "الدشداشة" أو "الكندورة"، يتكون من قطعة واحدة من ثوب فضفاض وطويل يصل إلى الكاحل، بالإضافة إلى "الغترة" وهي عبارة عن شال أبيض يغطي الرأس، يكتمل الزي الرجالي "بالعقال" الذي يُستخدم لتثبيت "الغترة" يكون عادة باللون الأسود.

رجل عماني يلبس زي تقليدي رجل عماني يلبس زي تقليدي

تميزت الأزياء الرجالية في سلطنة عمان بالبساطة والتكيف مع البيئة المحيطة، يتكون من ثوب طويل يسمى "الدشداشة" ذات عنق مستدير، يحيط بها شريط يختلف لونه عن لون الدشداشة، فيما تتدلى على الصدر(الفراخة أو الكركوشة) كما تسمى محلياً، وهي عادةً ما تفوح بالعطور والبخور، أما لباس الرأس فهو العمامة ذات الألوان المتعددة، ويرتدي الرجل العماني "كمة" وهي طاقية مطرزة باليد بأشكال وزخارف جميلة، كما يتزين الرجال بالخنجر العماني، والذي يعد من أهم سمات الأناقة الذكورية، وهو مصنوع من الفضة الخالصة، وأحياناً يلف شال حول الوسط فوق حزام الخنجر وهو من نفس نوع ولون العمامة.

الثقافة الفرعية وعلاقتها بالموضة

أزياء مختلفة بخلفيات موسيقية أزياء مختلفة بخلفيات موسيقية

الثقافة الفرعية هي الأفكار السائدة بين مجموعة من الأفراد يشتركون في شغف موحد لهم جميعا، رغم اختلاف أعراقهم وأصولهم المجتمعية، فتسيطر هذه الثقافة على نحو كبير في اختيار مظهرهم والأزياء التي يرتدونها، وغالبا ما تكون هُوِيات المجموعات الثقافية الفرعية بمثابة تمرد على المجتمع، ويتم تعزيز أفكارهم بأذواق معينة في الموضة والموسيقى من ذلك: الهيب هوب والأحذية الرياضية، الجينز الممزق، موضة الروك...

مصادر

ART AND FASHION: HOW THEY INFLUENCE OUR CULTURE

الأَزْيَاء مِرْآة الثَّقافة

اقرأ ايضاّ