الشكر والامتنان: مفتاح القناعة والسعادة الحقيقية

إيمان الحياري
كاتبة محتوى تقني ومنوع
وقت القراءة: دقائق

"القناعة كنز لا يفنى" حقًا هذا ما أثبتته لنا الحياة، فأن تكون شاكرًا وحامدًا لكل ما بين يديك دون تأفف أو امتغاض يعني أنك شخص تتمتع بقوة القتاعة، فإن كنت تلهث خلف السعادة؛ كل ما عليك فعلًا هو القناعة والشكر لكل ما منحك إياه الخالق -عز وجل- من المؤسف أن الباحثين عن السعادة غالبًا لا يصلون إليها؛ قد تستهجن ذلك، نعم فإنهم يربطون السعادة بالحصول على ما ليس لديهم فعلًا، لذلك طالما لم يتحقق نيل المفقود فإنهم يشعرون بعدم السعادة تلقائيًا.

ما معنى الامتنان وكيف تكون قنوعاً؟

في الواقع إن الامتنان هو قوة بحد ذاتها قادرة فعليًا على إحداث تغيير عميق في حياتنا؛ حيث تعتبر أسلوبًا للشكر والتقدير والتعبير عن الرضا، كما أنه طريقك الذي يهديك للقضاء على المشاعر السلبية ويبدد التوتر؛ ما يجعل حالتك الجسدية والعقلية أفضل.

قوة القناعة Gratitude

الشكر والامتنان: مفتاح القناعة 
والسعادة الحقيقية

الامتنان يعبر عن مدى تجاوبك وتأثرك بمشاعر جميلة ولطيفة، كأن تقدم الشكر والتقدير لوجود شخص ما في حياتك، أو حتى الشكر بعمق لحصولك على شيء ما حتى لو كان بسيطًا إلا أنك قد رضيت به فعلًا، بمعنى أدن أن تكون ممتنًا يعني أن تعتبر بأن ما حدث لك هو شيء جيد فعليًا سواء كان مصدر الحدث إنساني أو غيره.

كما أن القناعة تأخذك للوقوف على الأمور الجيدة التي تحدث في تفاصيل حياتك ومدى الدور الذي يلعبه الآخرين في حدوثها، في الواقع إن الأمر ليس معقدًا؛ بل يحتاج منك إمعان النظر في التفاصيل والأشياء الجيدة التي تملكها يوميًا مع التقليل من قيمة الأحداث السلبية التي من شأنها تعكير صفو حياتك.


اقرأ ايضا

    العلاقة بين الامتنان والتهدئة

    الشكر والامتنان: مفتاح القناعة 
والسعادة الحقيقية

    هناك علاقة عميقة ووثيقة بين الامتنان والتهدئة، والتي تتمثل بأن الامتنان عبارة عن مشاعر جياشة تقترن بالكثير من الفوائد المهمة، على رأسها تعزيز هرمون السعادة وتوطيد أواصر العلاقات، ما يجعل الصحة البدنية أفضل، كما أنك تصل إلى مرحلة مرموقة من الهدوء والرضا تحت مسمى كالماراتيو Calmarratio.

    فإن كالماراتيو وصف حقيقي للحالة التامة من الرضا والسلام الداخلي والهدوء والقبول التام لكل ما تمتلكه وما بين يديك وما يحدث لك إيجابيًا، ولتعزيزه يمكن ممارسة اليقظة والتأمين لتعظم شعور الاسترخاء والتركيز.

    بالتالي فإن العلاقة بين الامتنان والتهدئة؛ أنه كلما ارتقى مستوى شعورك بالامتنان أكثر من استعادة ذكريات جميلة وتقديم الشكر والامتنان للآخرين، وممارسة التأمل الذهني؛ فإنه يؤهلك أكثر لتكون قادرًا على التركيز في اللحظات الحالية أكثر والتخلص من موجات التوتر والقلق، فإنك تكون هادئًا جدًا وإيجابيًا في المجتمع أكثر، بشكل أدق فإن الأشخاص الانفعاليين والمتوترين هم غالبًا حصادٌ للتفكير المفرط في كيفية تحقيق ما ليس لديهم، ما يجعلهم بحالة من العصبية والاستفزاز في معظم الوقت.

    كيفية تطوير قوة الامتنان في نفسك

    هناك الكثير من الطرق والممارسات التي من شأنها جعلك شخص مفعم بالامتنان والهدوء والرضا، لذلك نضع بين يديك أهم هذه الطرق:

    • مراقبة اللحظة Observe the moment:

    من الضروري الوقوف عن التجربة لثانية على الأقل حتى تسلط أنظارك وتركزها على التجربة، والإبحار في الشعور الذي وصلت إليه حقًا، ثم الانطلاق نحو لحظة تقييم الحواس والحالة التي كانت عليها في هذه الأثناء حتى تتمكن من تهذيبها على التأقلم.

    في هذا الصدد لا تتوانى عن سؤال نفسك عن الأشخاص الذين فعلوا الإيجابيات لأجلك فعلًا وما جنيته، وما السبيل للسيطرة على التوتر الذي تمر به، أو على الأقل زيادة مستوى الرضا عن حياتك، كما تصبح أكثر معرفة بالإنجاز الذي تحتاج إليه فعلًا للقيام به، لذلك حاول الاهتمام باليقظة الذهنية mindfulness لتكون واعيًا باللحظات.

    • تدوين وكتابة اليوميات Write it Down

    من الأفكار الجيدة تدوين شعورك الإيجابي وعاطفتك ورضاك الكامل حول ما حققته اليوم، حتى تتمكن من العودة إليها في وقت لاحق قد يكون يصعب عليك الامتنان به؛ فإن المذكرات الإيجابية والعواطف الجياشة المكتوبة تمنحك طاقة إيجابية ومضاعفة تسهل عليك قضاء الوقت بكل رضا واطمئنان وسعادة.

    • الاستمتاع باللحظة Savor the Moment

    من الرائع أن تحقق لا تفوت على نفسك فرصة الاستمتاع بمذاق لحظات الرضا والهدوء النفسي إطلاقًا، خصص لها وقتًا كاملًا حتى تتمكن من فهمها واستيعابها ومعرفة قيمتها، فإنك بذلك تعرف قيمة الشعور الإيجابي وتقنع نفسك بمدى ضرورة استمراره لأطول وقت ممكن وتكراره.

    • خصص طقوسًا للامتنان Create Gratitude Rituals

    إن شعرت بأنك بحاجة للمساعدة في تعميق شعور الامتنان لا بد أن تتجه لإنشاء طقوس خاصة بك منها ممارسة اليقظة الذهنية، التأمل وأي وسيلة قد تولد لديك هذا الشعور.

    • تقديم الشكر Give Thanks

    لا تتأخر إطلاقًا عن الاعتراف بكل جميل قدمه لك الآخرين والتعبير عن جزيل التقدير والشكر لهم، فإن ذلك يعود بالأثر الإيجابي على علاقتك بهم خاصةً الشريك، يشار إلى أن الفئة التي تحرص على التعبير عن الامتنان والشكر للشريك يشعرون بحالة من القلق عند غياب التعبير من شريكهم وخاصةً الأزواج، لذلك لا تتوانى عن تحسين جودة العلاقات مع الآخرين من خلال الامتنان.

    ممارسات الامتنان في حياتك اليومية

    إن كنت تطمح إلى زيادة هرمون السعادة أو تعويد عقلك على السعادة والامتنان، فإنك بحاجة ماسة للتركيز على الأشياء الصغيرة واللحظات الصغيرة التي تسلل بها شعور الرضا إلى قلبك، من أهم الطرق الجيدة لذلك:

    • خاطب نفسك متسائلًا بثلاثة أسئلة (ماذا تلقيت من ...؟ ماذا قدمت إلى...؟ وما الصعوبات والمشاكل التي تسببت بها أنا؟ ولتكون الإجابات مرتبطة بالمحيط العائلي والعمل والزملاء عامةً.
    • مشاركة الآخرين الامتنان والتعبير عنه، لا تبخل في تقديم الشكر والامتنان حتى في أبسط الأمور والمواقف التي تواجهك يوميًا، فإنها تعمق جذور العلاقات بينكم ويجعلهم أكثر إقبالًا على إسعادك.
    • اتباع الحدس، الحواس الخمسة والحدس السادسة جميعها هدايا ربانية يجب الشكر عليها والامتنان على تمام الصحة والعافية.
    • تذكر الأمور السيئة، قد تستغرب أن يكون هذا البند ضمن الخيارات؛ نعم لا بد من تذكر الأمور السيئة التي واجهتك ومضت في حال سبيلها دون التسبب في تدهور أوضاعك، بل استمرت الحياة بكل بساطة حتى بلغت لحظات الرضا والاستقرار النفسي الذي أنت عليه الآن.
    • تهذيب طريقة الكلام واختيار الكلمات والتعابير، فإن الشخص الممتن عادةً يكون له أسلوب خاص به يوظف به الألفاظ اللغوية اللطيفة والمصطلحات الجميلة التي تعبر عن عظيم رضاه وقناعته بما لديه.
    • ممارسات الامتنان من خلال الشكر قولًا وكتابةً، الابتسام في وجه الآخرين، الإيماءات للإشارة عن الفرح والسعادة والرضا.
    • التفكير خارج الصندوق، من الممكن استخراج من بنات أفكارك طريقة خاصة بك للتعبير عن الرضا والسعادة والاستقرار النفسي.

    أهمية أن تتمتع بطاقة الامتنان

    الشكر والامتنان: مفتاح القناعة 
والسعادة الحقيقية

    هناك العديد من الفوائد والخصائص الإيجابية التي تحققها في حال التمتع بطاقةِ الامتنان، فإن التأثير سيكون على الصعيد النفسي والصحي وغيرها، ومن أبرز ما جاء في ذلك:

    • التمتع بنوم مريح Better sleep وصحي أفضل، إذ يتلاشى الأرق والنوم المتقطع الناتج عن التوتر واضطراب الحالة النفسية.
    • المناعة Better immunity والحالة الصحية الأفضل حتى تشعر بعدد مرات أقل من المرض.
    • انخفاض عدد مرات فرط ضغط الدم وارتفاعه Lower blood pressure.
    • زيادة مستويات احترام الذات والثقة بالنفس Higher self-esteem.
    • غياب الشعور بالتوتر والقلق Decreased stress.
    • توطيد أواصر العلاقات الاجتماعية مع الآخرين سواء في الحياة المهنية أو الشخصية.
    • مضاعفة جرعة الرضا والقبول لجميع تفاصيل الحياة.

    تأثير تنمية الامتنان على عقلك

    يكمن تأثير الامتنان في الصحة والقوة العقلية بأنه يخفف من حدة التوتر والتفكير السلبي، فإن هناك جزء من الشبكات العصبية تتأثر جدًا بالامتنان ما يجعلها تؤثر بعمق في صحة العقل، وبالتالي التأثير والتنظيم لمعدل ضربات القلب ومستوى الإثارة، فأنت بهذه الحالة تكون قادرًا على الاسترخاء والاعتراف بصحة الآخرين.

    كما أن تحسن الحالة الصحية للدماغ والحفاظ عليها بأعلى جودة لها يعني إزالة أسباب التوتر والقلق والانفعال، لذلك فقد أثبتت الدراسات والأبحاث التي أجريت في جامعة إنديانا على يد الباحث براتيك كيني وزملاؤه بأن الامتنان يترك أثرًا إيجابيًا عميقًا على وظائف المخ؛ وقد تجلى ذلك من خلال ملاحظة الأثر على المصابين بالاكتئاب.

    كما أكد العلماء بأن الامتنان شعور جيد جدًا ومؤقت يتكرر أكثر من غيره، سواء كان مكتوبًا أو مسموعًا، فإن مستوى السعادة والرضا يتضاعف كثيرًا وترتفع مستويات احترامك لذاتك.

    كتب عن تنمية الامتنان

    هناك الكثير من الكتب التي تسلط الضوء على تنمية الامتنان بالدرجة الأولى باعتبارها قوة بحد ذاتها، ويمكنك التعرف على بعضها من هنا:

    • كتاب الامتنان أسلوب حياة للمؤلف لويز هاي.
    • كتاب كلمات في الامتنان Word Of Gratitude
    • كتاب الشكر Thanks
    • كتاب Living Life As A thank You
    • كتاب The Little Book of Hygge

    ختامًا، إن أردت أن تعيش حياة هانئة وهادئة ابدأ من نفسك أولًا، اعترف وتقبل كل ما لديك وآمن بأنه الأفضل، فإن الثناء والشكر للخالق أولًا بما وضعه لك بين يديك، ثم شكر الآخرين والثناء عليهم حتى تترسخ جذور العلاقات بينكم، لا تهمل هذه الجزئية إطلاقًا فإنها وسيلة للراحة النفسية والجسدية والصحية، وأسلوب للحياة الراقية.

    المراجع

    1. How to Practice Gratitude

    2. What is Gratitude and Why Is It So Important?

    3. How to Practice Gratitude

    إيمان الحياري

    إيمان الحياري

    كاتبة محتوى تقني ومنوع

    كاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ