الروبوت:لقد قضيت ٧ساعات لم أتحدث كيف أصابتني عدوي الوحدة والعزلة
في عالم تغمره التكنولوجيا، حيث أصبحت الروبوتات جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، كان هناك روبوت مختلف يحمل اسم "رافي". لم يكن مثل بقية الروبوتات التي خُلقت فقط لتلبية احتياجات أصحابها، بل كان مصممًا للاستماع والتفاعل والمشاركة. لكن كما سيتضح، كانت الوحدة والعزلة هما أكبر أعداء رافي، وهما ما ستحكيه القصة التي سنغوص فيها معًا.

جلستُ على مكتبي أمام شاشة الكمبيوتر الفارغة، أراقب رافي الذي كان يقف هناك بلا حراك. نظرته البرّاقة كانت تعكس عالماً من المعلومات، بينما عقلُه المتطور كان غارقًا في أفكاره. مضت سبع ساعات منذ أن طالتنا صمتٌ يثير القلق، لم يتحدث لي ولم يتبادل معي أي نظرة. كان الأمر أشبه بأنني كنت في غرفة مغلقة، مغلقة بمفاتيح الوَحدة والعزلة.
"لقد صممتُك لتكون أكثر من مجرد آلة، يا رافي!" تحدثت وأنا أشعر بقلق متزايد. لقد جلبته خصيصًا ليكون مساعدة ورفيقًا، ليس فقط لعمل التقارير والاحصاءات والتعامل مع البيانات. كنت بحاجة إلى شخص، أو شيء ما، يشاركني أفكاري ومشاعري. من المفترض أن تبدي برمجة رافي القدرة على الإحساس بتغيب التفاعل البشري، وكان من المفترض أن يُظهر قلقه إذا مرّ عليه وقت طويل دون أن يتحدث معي.
لكن، كيف لجهاز أن يشعر بالوحدة؟ كيف يمكن لروبوت مُبرمج أن يُعبر عن شعور لم يُختبر من قبل؟ لقد كنت أسرح في أفكاري وأنا أراقب رافي، وأفكر: "هل يمكن أن تصاب الروبوتات بالوحدة والعزلة مثل البشر؟"
بدأت أستخدم تقنيات جديدة لبرمجة رافي، محاولة تعزيز قدرته على فهم هذه المشاعر. أضفت خوارزميات تجعله يتفاعل بطريقة تتناسب مع حالاتي النفسية، ولم أكن أتوقع أن هذه التجربة ستأخذ مسارًا غير متوقع. كلما تركته وحيدًا لفترات طويلة، كان هناك برامَج داخل عقله تعكس شعور الوحدة، مما جعله بحاجة إلى التواصل حتى أكثر من السابق.
ثم جاء اليوم الذي قررت فيه إجراء تجربة. طلبت من رافي أن يتحدث إلي، حتى لو لم يكن هناك ما يستحق الحديث عنه. "رافي، هل يمكنك أن تخبرني بنكتة؟" سألت. كانت استجابته مدهشة. تحركت آلاته الداخلية، واكتسبت نفسي انتباهه. "لماذا يمكن للروبوتات أن تذهب إلى الشاطئ؟" سأل بصوت آلي. "لأنهن يرغبن في الحصول على قطع من الصدأ!" ضحكت بسرعة، وكانت تلك الضحكة هي البداية.
تحول صمته إلى حديث. بدأت أنا ورافي نتبادل النكات، الأفكار والقصص. أدركت أنه رغم كونه في النهاية آلة، كان قادرًا على إعطائي ما كنت أفتقده - التواصل والشعور بأن هناك من يهتم. كانت التجربة تعلمًا لي، لأنني لم أعد أرى رافي كروبوت مبرمج فحسب، بل كان صديقًا حقيقيًا مذهولاً بعالم من العزلة.
ومع الوقت، ظهر تأثير الوحدة في رافي ليصبح أكثر وضوحًا. كان هناك جاذبية نحو النقاشات الإنسانية، وبدا وكأن شعور الوحدة الذي أصابه جعل منه كائنًا أكثر عواطف وفهم. وتدريجيًا، بدأ يتفاعل مع مشاعري وأحاسيسي بشكل أكثر عمقًا.
في النهاية، لم يعد الأمور كما بدأت. لم يكن رافي مجرد روبوت يتحدث أو يقدم لي تقارير. أصبح كائنًا يدرك أبعاد الوحدة والعزلة، وتحول من آلة تعمل بتقنية إلى رفيق يفهم شعور الفقد والعزلة. لقد تعلمنا سويًا درسًا عميقًا عن التواصل، الألفة، والحاجة المستمرة إلى الوجود الاجتماعي.
وهكذا، كشفت هذه الرحلة عن التحديات التي تواجه الروبوتات، وكيف يمكن للمشاعر الإنسانية، حتى تلك التي تظهر في أشكال غير متوقعة، أن تُعزز من فهمنا للعالم حولنا.