الذكاء الاصطناعي يقرأ الفنجان؟

منة  ادريس
مترجمة من الإنجليزية إلى العربية/ كاتبة محتوى علمي
نشرت:
وقت القراءة: دقائق
الذكاء الاصطناعي يقرأ الفنجانالذكاء الاصطناعي يقرأ الفنجان

بعد أن سرق الذكاء الاصطناعي مختلف الوظائف والتخصصات من العامل والطبيب والمترجم والسائق والمزيد، يبدو أنه في طريقه لإرسال المنجمين وقارئي الفنجان إلى ضيعاتهم أيضا.

مؤخرا، ظهر بحث جديد يقدم وعودا كبيرة لقراءة المستقبل بدقة متناهية والتنبإ بجوانب الحياة خاصة تاريخ وفاة أي شخص. فما هي الأسئلة الأخلاقية والمخاوف الإنسانية التي سيطرحها؟

ما هي الطرق التقليدية للتنبإ بالمستقبل؟

ترتكز بعض الطرق الشائعة لقراءة الطالع على علم الفلك وعلم التنجيم و قراءة البندول و الكف والفنجان.

يرفض النقاد قراءة الطالع باعتباره تفكيرًا سحريًا ونوع من الخرافات. إضافة إلى ذلك، فالكهانة وكيفية عملها تثير العديد من الأسئلة و تعتمد هذه أساليبها إلى حد كبير على ظواهر عشوائية.

فيعتقد المنجمون مثلا أن حركة النجوم في السماء يمكن أن يكون لها آثار على حياة الإنسان. ومع ذلك، هناك نقص في الأدلة التي تدعم سبب تأثير مثل هذه الأشياء على حياتنا.


اقرأ ايضا

    هل هناك فكرة علمية أكثر واقعية؟

    منذ عقود من الزمن، اعتمد العلماء على استخدام الخصائص الديموغرافية والصحية للتنبؤ بنتائج الحياة بما في ذلك معدل الوفيات. وهناك وعي قوي في الأبحاث العقلية والجسدية بأن تلك العوامل لها تأثيرات عميقة على النتائج الصحية.

    كما تؤثر أشياء مثل الجنس والحالة الوظيفية ومستوى التعليم و تأثير تشخيصات مختلفة على احتمالية الوفاة المبكرة.

    وحتى أكثر برامج الكمبيوتر بدائية يمكنها تقديم بعض التنبؤات ذات المغزى بناءً على هذه العوامل الاجتماعية أيضا.

    على سبيل المثال، تتتبع شركات التكنولوجيا سلوكنا على الشبكات الاجتماعية لتصفنا بدقة شديدة، وتستخدم هذه الملفات الشخصية للتنبؤ بسلوكنا والتأثير علينا ليس إلا.

    أهم الطرق المتوفرة حاليا لتحسين التوقعات

    يعد التنبؤ بالأحداث المستقبلية مهمة معقدة تتطلب فهم العوامل الأساسية التي تؤثر على الحدث. إليكم بعض الأساليب التي تُسْتَخدم لتحسين التوقعات:

    - رأي الخبراء: باعتبارهم يملكون إدراك عميق لمسببات الوقائع.

    - المحاكاة: هي بناء نماذج حاسوبية تحاكي التفاعلات بين العوامل المؤثرة والحدث مثل حالة الطقس والهندسة والاقتصاد.

    - تخطيط السيناريوهات: عملية استخدام السيناريوهات المستقبلية المنطقية لتوجيه عملية صنع القرار مثل تصرفات قادة العالم.

    - مراقبة التوقعات: لأن المستقبل يتغير باستمرار فمن المهم مراقبة المعلومات الجديدة وتحديثها.

    الذكاء الاصطناعي يقرأ الفنجان؟

    هل القيود قوية بما يكفي لجعل التنبؤ بالأحداث المستقبلية أمرا مستحيلا؟

    من الصعب القول ما إذا كان من المستحيل التنبؤ بالأحداث المستقبلية أم لا، لأن غموض المستقبل وعدم اليقين فيه يجعل من الصعب تقديم تنبؤات دقيقة. إضافة إلى وجود بعض القيود التي تشمل:

    - تعقيد المهمة: بعض الأحداث بطبيعتها أكثر تعقيدًا من غيرها. على سبيل المثال، هنال عوامل مختلفة تؤثر على أسعار الأسهم و الأوراق المالية.

    - أحداث لا يمكن التنبؤ بها: يصعب التنبؤ ببعض الأحداث مثل الكوارث الطبيعية لأنها تحدث بسبب عوامل لا يمكن توقعها.

    - من الصعب نمذجة السلوك البشري: فمثلا، قد يكون التنبؤ بنتيجة الانتخابات أمرًا صعبًا لأنه العوامل التي سيعتمد عليها الناس في التصويت تعد شخصية للغاية.

    ماذا عن التنبؤات باستخدام التعلم الآلي(ML ) والذكاء الاصطناعي( AI )؟

    في الوقت الحاضر، تُرى التنبؤات باستخدام ML وAI في مختلف المجالات؛ في مجال التمويل، تُسْتخدم الخوارزميات للتنبؤ بأسعار سوق الأوراق المالية بدرجة عالية من الدقة.

    في مجال الرعاية الصحية، تُسْتخدم للتنبؤ بخطر إصابة المريض بمرض معين. و في الكوارث الطبيعية، تُستخدم للتنبؤ باحتمالية حدوث فيضانات أو إعصار.

    ومع ذلك، فإن هذه التوقعات ليست دقيقة دائمًا وهناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها.

    إلى أي حد يعطي البحث الجديد وعودا لقراءة الفنجان أو التنبإ بالمستقبل؟

    في الدانمارك، طور العلماء نموذجًا للذكاء الاصطناعي مشابها لـ ChatGPT أطلق عليه إسم life2vec، و يتضمن الخصائص والسلوكيات الصحية لستة ملايين شخص دنماركي.

    وترتكز بيانات البرنامج التي تعود إلى أكثر من عقد من الزمن على تفاصيل ديموغرافية مثل السمات الوظيفية بما في ذلك الراتب والوظيفة، وكذلك السجلات الصحية بما في ذلك المرض المشخص وعدد زيارات الطبيب.

    من خلال التدريب على اكتشاف الأنماط في أحداث الحياة الماضية للمشاركين، يمكن أن يقدم البرنامج تنبؤات مفيدة حول ما سيأتي في المستقبل.

    الذكاء الاصطناعي يقرأ الفنجان؟

    كيف يتفوق هذا البرنامج الجديد على البرامج الذكية الأخرى؟

    كانت المفاجأة الكبرى للبحث هو إمكانية التنبؤ بتاريخ الوفاة خلال إطار زمني محدد، حيث وصلت دقة البرنامج إلى تحديد احتمالية وفاة بعض الأشخاص خلال السنوات الأربع القادمة.

    وزعم الباحثون أن الدقة الإجمالية لأساليبهم في التنبؤ بحياة البشر كانت أكبر نسبة مقارنة بأي نموذج آخر. وسلطوا الضوء على عوامل مثل الأدوار القيادية وارتفاع الدخل المرتبط بزيادة فرص البقاء على قيد الحياة.

    علاوة على ذلك، وُجد أن كونك ذكرًا أو ماهرًا أو لديك تشخيص لحالة عقلية ما كان مرتبطًا بارتفاع خطر الوفاة.

    ما هي أهم المخاوف المترتبة عن مثل هذا الاكتشاف؟

    مثل الكثير من الأخبار حول الذكاء الاصطناعي، يمكن النظر إلى هذا الاكتشاف بالطبع على أنه مثير للقلق.

    وهناك العديد من القضايا الأخلاقية المهمة التي أقرها الباحثون أيضًا. فتتبادر إلى الذهن أسئلة: ماذا لو طور النموذج تحيزات شبيهة بالتحيزات البشرية؟

    و إذا كان من الممكن التنبؤ ببعض أحداث الحياة أو بشكل أكثر خطورة تاريخ وفاتنا بدقة متزايدة، فهل هذا شيء نرغب في معرفته؟

    هناك خط رفيع بين الوعي العام بأننا إذا مارسنا المزيد من الرياضة وأقلعنا عن التدخين فسنضيف سنوات إلى حياتنا، مقابل المعرفة المحددة بأننا من المحتمل أن نموت في عام معين في المستقبل.

    وإذا تم تحسين الذكاء الاصطناعي إلى درجة أنه يمكنه حقًا "رؤية المستقبل" بموثوقية مذهلة، فكيف سيغير ذلك طريقة تفكيرنا في حياتنا واستقلاليتنا ؟

    أخيرا، يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيتمتع بالقدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نقوم بها بالتنبؤات مستقبلا، ولكن من المهم أن نقيد حدود هذه التنبؤات وعدم الاعتماد عليها بشكل كبير من أجل الحفاظ على معتقداتنا الدينية.

    المراجع:

    https://www.sciencedaily.com/releases/2023/12/231218125850.htm

    https://www.thenationalnews.com/world/2023/12/21/could-an-ai-tool-accurately-predict-when-each-of-us-will-die/?outputType=amp

    https://www.psychologytoday.com/intl/blog/friendship-20/202312/can-artificial-intelligence-predict-your-life-and-death?amp

    https://www.kdnuggets.com/2023/06/forecasting-future-events-capabilities-limitations-ai-ml.html

    منة  ادريس

    منة ادريس

    مترجمة من الإنجليزية إلى العربية/ كاتبة محتوى علمي

    اعتمادا على المصادر العلمية الموثوقة أكتب في مختلف المجالات و ذلك من أجل جعل العلم يصل إلى بيتنا العربي بطريقة بسيطة جدا يفهما عامة الناس.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ