التفكير الكارثي.. كيف يمكنك التوقف عن توقع حدوث الأسوأ؟

نشرت:
وقت القراءة: دقائق

كل شخص لديه أفكار سلبية. لكن بالنسبة لكثير من الناس، الأفكار السلبية وتوقع حدوث الأسوأ هو نمط تفكير دائم. تخيل أن تعاني من ألم بسيط فتتوقع أنك مصاب بالسرطان وأنك سوف تموت، أو إذا فشلت في اختبار، فتتوقع أنك لن تتمكن من النجاح في المدرسة أبدًا، وأنك ستكون فاشلاً تمامًا في الحياة!.

بالتأكيد هذا النمط من التفكير يعد مدمرًا في حد ذاته، الأمر الذي جعل العلماء يطلقون عليه "التفكير الكارثي" أو "Catastrophic Thinking"، ذلك نظرًا لأن هذا النوع من التفكير وما ينتج عنه من قلق مستمر وغير ضروري يمكن أن يؤثر على الصحة البدنية والعقلية. فلماذا قد نفكر هكذا؟ وهل هناك فئات أكثر عُرضة للتفكير الكارثي؟ وكيف يمكننا التغلب عليه؟.. هذا ما سنعرفه فيما يلي:

ما هو التفكير الكارثي؟

التفكير الكارثي.. كيف يمكنك التوقف عن توقع حدوث الأسوأ؟

إن هذا النوع من التفكير يشبه كرة الثلج التي تتحرك أسفل جبل ثلجي. يبدأ الأمر بفكرة صغيرة، ثم تتصاعد إلى فكرة أكبر، مما يؤدي بعد ذلك إلى حالة من الذعر. على سبيل المثال، قد تقلق بشأن تعليق سلبي قاله لك رئيسك في العمل. وبعد ذلك، تبدأ في التفكير بأنك قد تُطرد من عملك. بعد ذلك، عليك أن تبدأ في القلق بشأن كيفية العثور على وظيفة. وتتخيل فجأة أنك سوف تكون مفلسًا ومشردًا وليس لديك مكان تذهب إليه. فتعاني من نوبة هلع، وقلبك ينبض ولا تستطيع التنفس. كل هذا نابع من فكرة واحدة حول تعليق سلبي واحد ربما لا يتذكر رئيسك في العمل أنه أدلى به.

وفي أغلب الأحيان، السيناريو الأسوأ لا يتحقق أبدًا. وحتى لو حدث ذلك، فإننا عادة نقلل من قدرتنا على التعامل مع الموقف. نحن نفترض أسوأ ما في أنفسنا ولا نعتقد أننا قادرون على إدارة الشدائد.


اقرأ ايضا

    هل هناك فئات أكثر عُرضة للتفكير بشكل كارثي؟

    التفكير الكارثي.. كيف يمكنك التوقف عن توقع حدوث الأسوأ؟

    بعد أن عرفنا ما هو التفكير الكارثي، ربما تتساءل الآن عما إذا كان أي شخص عُرضة للإصابة بهذا النمط من التفكير؟ للأسف نعم، يمكن أن يؤثر التفكير الكارثي على الأشخاص من أي عمر، ولكنه أكثر شيوعًا عند المراهقين والشباب والأطفال. كما أنه يميل إلى التأثير بقوة أكبر على أولئك الذين يعانون من القلق الكامن أو حالات الاكتئاب.

    وتشير الدراسات إلى أن التفكير الكارثي يكون أكثر وضوحًا لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق العام (GAD)، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطراب الوسواس القهري (OCD). ففي دراسة أجريت عام 2015، على سبيل المثال، تم تحليل 2802 من المراهقين، وتبين أن أولئك الذين يعانون من حالات القلق يميلون إلى التفكير الكارثي في كثير من الأحيان أكثر من أولئك الذين لا يعانون منها، مما يشير إلى العوامل العاطفية أساسية.

    لماذا نفكر بشكل كارثي؟

    هناك عدة أسباب للتفكير الكارثي، الخوف وتدني احترام الذات هما إحدى أسباب التفكير الكارثي. أولئك الذين يعانون من التفكير الكارثي يعتقدون أنهم غير قادرين على التعامل مع المشاكل ويتخيلون أنفسهم عاجزين. كما أنهم على الأرجح تعاملوا مع طفولة مؤلمة. ربما رأوا آباء يبالغون في رد فعلهم أو يشعرون بالذعر بشأن المواقف المتصورة. ربما كان آباؤهم أيضًا منشدين للكمال وانتقدوهم على كل خطأ.

    أو أن الطفل رأى أن الكثير من أسوأ الظروف تتحقق بالفعل، مثل فقدان الأم، أو فقد كلا الوالدين وظائفهما. ولأن هؤلاء الأفراد شهدوا الصدمة، فإنهم يتخيلون أنها موجودة في كل زاوية. إنهم ينظرون إلى الحياة على أنها مخيفة وخطيرة. وعندما تحدث أشياء جيدة لهؤلاء الأفراد، فإنهم يميلون إلى الشعور بالهلاك الوشيك. يقولون أن الأشياء الجيدة لا تحدث للأشخاص مثلي. وفي بعض الظروف، يقومون في الواقع بخلق واقعهم السلبي عن قصد، لأنهم يفضلون أن يكونوا مسؤولين عن حدوث موقف سيئ بدلاً من أن يباغتهم على حين غرة.

    الآثار السلبية للتفكير الكارثي

    التفكير الكارثي.. كيف يمكنك التوقف عن توقع حدوث الأسوأ؟

    كل شخص لديه أفكار سلبية. لكن حين يخرج التفكير السلبي عن نطاق السيطرة ولا يتناسب مع واقع الموقف. قد يصبح الخطأ المتواضع نسبيًا، أو خيبة الأمل، أو مصدر الإحراج (أو حتى احتمال حدوثه) في بعض الأحيان، في ذهن المرء، سببًا لخوف كبير أو يأس - باختصار، كارثة.

    يؤثر هذا النمط من التفكير على الثقة بالنفس ويقلل من الاستمتاع بالحياة ويُعيق تحقيق الأهداف، ويؤثر على الصحة النفسية والعقلية لمن يعاني منه، لأنه يؤدي إلى زيادة القلق والاكتئاب. كما انه قد يؤثر على الصحة البدنية أيضًا، فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من آلام مزمنة ويفكرون بشكل كارثي قد يعانون من آلام أكثر شدة.

    كيفية التغلب على التفكير الكارثي

    لحسن الحظ أن هناك طرق للتغلب على التفكير الكارثي، فمن خلال تعلم كيفية تحديد وإعادة صياغة الاستنتاجات المبالغ فيها في البداية، إلى جانب تقنيات أخرى، يمكن للأشخاص الذين يميلون إلى صنع جبل من التراب أن يسيطروا بشكل أفضل على أفكارهم السلبية وتفكيرهم الكارثي. وفيما يلي بعض أفضل الممارسات للتخلص من هذا النمط من التفكير:

    1. التفكير المتأني

    للتعامل مع التفكير الكارثي المتعلق بالمستقبل، قد يكون من المفيد التفكير في العواقب الأكثر منطقية لخطأ حقيقي أو متوقع، أو حادث، أو أي مصيبة أخرى. يمكنك أن تتساءل: ما مدى سوء الأمر حقًا؟ هل سيكون حقًا شيئًا لا يمكنك التعافي منه؟ يمكن أن تكون المشكلة المستقبلية لا ترقى إلى مستوى الكارثة. ومع المزيد من التفكير المتأني، قد يبدو التأثير السلبي المحتمل أقل حدة مما يبدو للوهلة الأولى. يمكنك أيضًا أن تتخيل نفسك تحاول التكيف مع ما تخشى حدوثه.

    2. اليقظة الذهنية

    اليقظة الذهنية تساعد المرضى على العودة إلى اللحظة الحالية الثمينة. يمكن تحقيق اليقظة الذهنية من خلال التأمل المنتظم وتصفية الأفكار والمشي في الطبيعة. لقد وجد الكثيرون أن الصلاة وسيلة للحث على اليقظة.

    3. العلاج

    العلاج النفسي، بما في ذلك أشكال العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، فعال في الوصول إلى السبب الجذري للتفكير الكارثي لدى كل من مرضى الألم المزمن والأفراد الذين يعانون من اضطرابات القلق. حيث يقوم المعالجون بتعليم المرضى طرقًا لضبط أنماط تفكيرهم ليصبحوا أكثر عقلانية.

    4. الأدوية

    إذا كان تفكير المريض الكارثي مرتبطًا بحالة صحية عقلية أخرى موجودة، فقد يكون الدواء خيارًا قابلاً للتطبيق. لقد كانت مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ومضادات الاكتئاب الأخرى أدوات مفيدة بالتزامن مع العلاج.

    في الواقع، يمثل التفكير الكارثي تحديًا حقيقيًا بالنسبة لأي شخص يعاني منه، لأنه يتسلل إلى الحياة اليومية ويُغلف العقل بالشكوك والقلق والتوقعات السلبية، ويُعرقل التقدم والنمو الشخصي، كما أنه من الممكن أن يؤثر على جميع جوانب حياة المرء، لذا، فمن الضروري أن نكون واعين لهذا النمط السلبي من التفكير وأن نبذل جهودًا فعالة للتغلب عليه.

    المراجع

    Why Do We Catastrophize? How to End Worst-Case-Scenario Thinking (straighttalkcounseling.org)

    Catastrophizing | Psychology Today

    منة الله سيد

    منة الله سيد

    صحافية

    صحافية مصرية، مهتمة بالصحة والعلوم والتكنولوجيا. أسعى لنشر المعرفة لأن المعرفة قوة.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ