
الإباحية: مخاطرها وسبل التحرر منها خصوصا في المجتمع العربي!
تعد الإباحية من أخطر الظواهر المنتشرة في عصرنا الحديث!
حيث أجتاحت وسائل الإعلام وشبكات الإنترنت بشكل واسع, حتى أصبحت في متناول اليد بضغطة زر واحدة. إن هذه الظاهرة ليست مجرد مشاهد عابرة كما يظن البعض, بل هي سم يتسرب إلى النفوس والعقول, ويؤثر سلبا على الفرد والمجتمع في جوانب نفسية, إجتماعية, أخلاقية, ومادية حتى. ومن هنا يصبح الحديث عنها ضرورة ملحة, ليس فقط للكسف عن أضرارها, وإنما أيضا لتسليط الضوء على طرق الوقاية و التحرر منها.
اولا: مفهوم الإباحية
الإباحية هي المحتويات البصرية أو السمعية التي تظهر العري والعلاقات الجنسية بصورة مبتذلة, تهدف في معظم الأحيان إلى إثارة الغرائز دون أي بعد قيمي أو إنساني. وبالرغم من أن البعض يحاول تبريرها تحت شعار "الحرية الشخصية", إلا أنها في الواقع تقوض إنسانية الإنسان, وتحط من كرامته إلى مستوى الغريزة الحيوانية.
ثانيا: أسباب إنتشار الإباحية
تتعدد الأسباب التي أدت إلى إنتشار الإباحية بشكل كبير في المجتمعات المعاصرة, ومن أبرزها:
1- سهولة الوصول:
بفضل الإنترنت والهواتف الذكية أصبحت المواد الإباحية متاحة في أي وقت.
2- ضعف الوازع الديني:

عندما يبتعد الإنسان عن تعاليم دينه, يصبح أكثر عرضة للوقوع في هذه الفتنة.
3- الفراغ العاطفي والجنسي:
غياب الأستقرار الأسري والعاطفي يدفع البعض إلى البحث عن بدائل وهمية.
4- التسويق التجاري:
كشف تقرير جديد صادر عن موقع Similar Web الأمريكي للإحصائيات عن اتجاهات الإنترنت لعام 2019ـ بالكامل، والذى سبط الضوء على المواقع الإلكترونية الأكثر زيارة في جميع أنحاء العالم في عام 2019، حيث كشف التقرير عن أفضل 10 مواقع شهدت "ما مجموعه 167.5 مليار زيارة شهرية في عام 2019، بينما شهدت المواقع الـ 90 المتبقية زيادة بنسبة 2.3٪ فقط،
إذ إن صناعة الإباحية أصبحت سوقا يدر أو يضخ مليارات الدولارات, مايدفع القائمين عليها إلى نشرها بشتى الطرق!
ثالثا: أضرار الإباحية على الفرد
1- الأضرار النفسية:
مشاهدة الإباحية باستمرار تؤدي إلى الإدمان, حيث يعتاد الدماغ على إفراز هرمونات معينة عند المشاهدة, فيصبح الشخص مهووسا بها, غير قادر على التحكم في رغبته. كما تسبب القلق والأكتئاب والشعور بالذنب.
2- الأضرار الإجتماعية:
يصاب مدمن الإباحية بعزلة إجتماعية, إذ يفضل الخيال على الواقع, ويفقد القدرة على بناء علاقات طبيعية وصحية.
3- الأضرار الجسدية:
الدراسات العلمية أثبتت أن الإفراط في مشاهدة الإباحية يؤثر سلبا على القدرة الجنسية, ويؤدي أحيانا إلى العجز أو البرود الجنسي.
4- الأضرار الأخلاقية:
الإباحية تميت الحياء في القلوب, وتجرد الإنسان من قيمه, مما يقوده إلى أرتكاب الفواحش والجرائم الأخلاقية.
رابعا:أضرار الإباحية على المجتمع
إن الإباحية ليست مجرد مشكلة فردية, بل هي قنبلة موقوتة تهدد المجتمع ككل. فهي تضعف الروابط الأسرية, و تؤدي إلى إنهيار في العلاقات الزوجية بسبب فقدان الثقة أو المقارنة غير الواقعية بين الشريك وما يعرض في الأفلام الإباحية. كما أنها تشجع على التحرش والأعتداءات الجنسية, وتساهم في أنتشار الإنحرافات السلوكية. وعلى الصعيد الأقتصادي, فإن الأنغماس في الإباحية يقتل الأنتاجية, ويقلل من كفاءة الأفراد في العمل والدراسة.
خامسا: كيفية التخلص من الإباحية
التحرر من الإباحية ليس أمرا سهلا, لكنه ممكن بالإرادة الصادقة والعزيمة القوية. وفيما يلي بعض الخطوات العملية للتخلص منها:
1- تعزيز الجانب الديني:
التمسك بالصلاة وقراءة القرآن والدعاء, لأن الإيمان يزرع في القلب الطمأنينة ويقوي الإرادة.
2- إشغال الوقت بما هو نافع:
ممارسة الرياضة, تعلم مهارات جديدة, أو الأنخراط في أنشطة اجتماعية تبعد الشخص عن العزلة والفراغ.
3- التقليل من أستخدام الإنترنت دون هدف:
عبر تثبيت برامج مراقبة أو حجب المواقع الإباحية, ووضع خطة واضحة لأستخدام الشبكة.
4- طلب الدعم النفسي أو الأجتماعي:
بعض الأشخاص يحتاجون إلى إستشارة مختص نفسي أو الأنضمام إلى مجموعات دعم لمواجهة الإدمان.
5- تذكير النفس بل آثار النفسية:

تدوين قائمة بالأضرار التي سببتها الإباحية على مستوى الشخصي, قراءتها عند الشعور بالرغبة في العودة إليها
6- الزواج الشرعي:
يعتبر الزواج الشرعي من أنجح الحلول العملية التي تلبي الغريزة بشكل مشروع وصحي.
سادسا: دور الأسرة والمجتمع في الوقاية

الأسرة تتحمل مسؤلية كبيرة في تربية الأبناء على القيم الدينية والأخلاقية, وتعليمهم كيفية التعامل مع التكنلوجيا بحذر. كما يجب أن يساهم الأعلام والمؤسسات التعليمية في نشر الوعي بخطورة الإباحية, وتوفير بدائل ثقافية وترفيهية صحية.
سابعا: نظرة دينية إلى الإباحية
جميع الشرائع السماوية حرمت الزنا والفواحش, والإباحية لا تخرج عن هذا الإطار, بل إنها تعتبر بابا واسعا يقود إلى المعصية. يقول الله تعالى:
بعد بسم الله الرحمن الرحيم:
(ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) [الإسراء:32].
فإذا كان الأقتراب من الزنا محرما, فإن مشاهدة ما يثير إليه تعد من أعظم المخاطر التي يجب إجتنابها.
ثامنا: الخلاصة ياصديقي!
إن الإباحية ليست مجرد تسلية أو وسيلة للترفيه, بل هي مرض روحي ونفسي يفتك بالإنسان والمجتمع. والتغاضي عنها يعني فتح الباب الأنهيار القيم والأخلاق وإنتشار الفساد. لذا, فإن مواجهة هذه الظاهرة تبدأ بكم ومن الوعي بخطورتها, ثم إتخاذ خطوات عملية للتحرر منها، مستعينين بالله تعالى, و بالإرادة الصادقة, والدعم الأسري والمجتمعي.
إن الإنسان خلق مكرما, ولا يجوز أن يهدر كرامته بملاحقة الشهوات الرخيصة. والطريق إلى العفة و الطهارة ليس مستحيلا, بل هو متاح لكل من أراد أن يحيا حياة نقية, مليئة بالإيمان, وقائمة على قيم إنسانية سامية.

عطاء الحموي
كاتب ومحللأنا كاتبٌ وباحثٌ أجد في الكلمة نافذةً للعقل والروح. أسعى في كتاباتي إلى الجمع بين دقّة التحليل وعمق الرؤية وسعة الاطّلاع، فلا أكتفي بعرض الأفكار مجرَّدة، بل أغوص في أعماقها لأستخرج جوهرها وأقدّمها للقارئ بأسلوب يجمع بين الصرامة العلميّة وجمال البيان الأدبي. أؤمن بأن للمعرفة رسالةً تتجاوز حدود الزمان والمكان، ولهذا أحرص على الربط بين الماضي والحاضر، واستشراف ما يحمله المستقبل. أكتب بعقلٍ ناقد وروحٍ متأمّلة، وأطمح دائماً أن تكون كلماتي نوراً يضيء العقول ويحرّك الوجدان.